لا أدري إن كانت تلك العجوز التي فاهت على إذاعة موزاييك يوم أمس تتكلم بجدّها، أم تبحث عن فضيحة، أم في وعيها، أم شربت حربوشة بالخطأ … و لكن الذي أدريه أن هناك قانونا يمنع تحريض المواطنين على ضرب بعضهم البعض …
و أوّل الضرب في خليقتها هي … نعم، كانت المرأة تلك أو شبه المرأة البارحة، على درجة عالية من السفه … و كان أيضا هناك ملايين التونسيين ممن شعروا بأن سفاهتها استفزّتهم بأقصى الدرجات … و شعروا بأن من حقهم إجابتها و بما هو أعنف أيضا إن لم يروها و يسمعوا بها مسلسلة مقتادة ذليلة على الفور، إلى حبس منوبة للنسوة الجانحات … لقد شتمت هذه الزبالة بالإسم أبناء و بنات جندوبة، و شتمت كذلك بالإسم أبناء و بنات جلاص … و لو طالت بها الفرصة لتطاولت على ما بقي في البلاد من ماجر و فراشيش و همامّة و وسلات و رياح و لن يسلم أحد من الإثني عشر مليونا …
ثاني الضرب في السلطات المائعة التي أولا قوانينها متسامحة مع الخطابات العنصرية تسامحها مع التكفير و التسفير و جهاد النكاح … نحن دولة تقمع من يعتدي على الأفراد خاصة إذا كانوا في الحكم … و لكنها لا تقمع من يعتدي على عموم الشعب أو فئات واسعة منه، و لا تقمع من يسبّ البلاد و يتبرّأ منها علنا، و من يستبدل جنسيتها بجنسية ثانية، و من يعوّض علمها النبيل بأية خرقة خارجية … دولة ما زالت تغمض العينين عمّن يرون أنفسهم سليلي أرستقراطية كاذبة، بل تخشاهم و تكرّمهم و تدعم إنتاجهم و تفتح لهم أبواقها كل يوم …
و على ذكر الأرستقراطية … من المضحك أن هذه اللفظة التي انطبقت على الأسر الحاكمة في أوروبا المتقدمة، و في الصين القديمة ربما و بلاد فارس … يستوردها عندنا كل جاهل متخلّف، ينظر إليه الأجانب على أنه همجيّ صغير بالكاد خرج من طور الشمبانزي … و يستغربون غاية الاستغراب حين يرونه يتكلّم و لو لغة مكسّرة، و لا يتجول عاريا تماما، و يمشي على قدمين بدل القفز من شجرة لشجرة … و لكنهم يعاملونه بكثير من الحيطة، واثقين أنه ما يزال على عهد أجداده من أكلة لحوم البشر …
الآخرون يحتاطون من هذه الفئة و يعدّون لها السوط و العصا … أما نحن، فإننا نغفل عنهم و لا نجرؤ حتى على إنفاذ القوانين فيهم على محدوديتها … و هذا لن يطول كثيرا، فقد يتولى شارعنا الصبور أمر تأديبهم أو رميهم بالمشطة خارج حدودنا، و ليذهبوا وقتها إلى البلدان التي يدّعون الانحدار منها … هذا إن رضيَتْ بهم …