مع بداية 2011 تصورنا أن الثقافة ستعرف طفرة لا مثيل لها نظرا لانتفاء الخطوط الحمراء نتيجة هامش الحرية الذي صرنا نتمتع به..
كان أملنا كبيرا في أن يصبح الراب صوت المهمشين و المظلومين بعد أن كان الرابورات يعملون في الخفاء و بأسماء مستعارة.. و لكن تاه ولد الكانز و غاب فيبا و خصص الجينيرال كل وقته لمقهاه بصفاقس و غير أيمن قريسة النشاط و هاجر صهيب كازي و انسحبت ميدوزا.. و بقيت قلة قليلة تصارع المشهد و تحاول أمثال وليد فايكينغ.. و انتظرنا هجمة شعرية و أدبية لكن بقيت الإصدارات شحيحة مخجلة: ربما لارتفاع تكلفة النشر الذي يسيطر عليه بارونات هم أقرب للمقاولات منها للثقافة..
و حتى عندما أتيحت الفرص لبعض الشعراء كي يتحفونا بالجديد لم تحفظ الذاكرة إلا (أحب البقرة لأنها تعطينا الحليب..) للمنصف ألمزغني.. و كأننا أمام مخطط لتهميش الثقافة و المثقفين.. ألم يهملوا أكثر من عشرين عنوانا لمؤلفات المرحوم محمد الطالبي و اختزلوه في (يحبوا يقتلوني..)!!
الغناء نفسه لم يسلم من التهميش حيث انساق أغلب مطربينا للمزود و في أحسن الحالات عاودوا جمروا البايت و سخنوه على أساس أنه إعادة توزيع لأغاني قديمة.. حتى لطفي بوشناق الذي عودنا بأغان راقية كلمات و ألحانا استهواه الفن الشعبي و بعد خذوا المناصب و المكاسب بس خلولي الوطن و نزل للمزود ليغني لنا كيف شبحت خيالك..
و لم يشذ المسرج عن القاعدة إذ هرب أشهر ممثلينا للمنوعات الإذاعية و التلفزية للعمل ككرونيكارات على غرار الصادق حلواس و نعيمة الجاني و حنان الشقراني و جميلة الشيحي أو التجؤوا للتنشيط كما فعل لطفي العبدلي و جعفر القاسمي.. أولا تبقى الصورة موجودة (يحير اسمو باستمرار) و ثانيا لضمان مورد رزق محترم و متواصل بأقل مجهود..
و من صمد منهم اكتفى بالوان مان شو للتهريج: لا رسالة و لا تثقيف بل مجموعة نكت مسروقة من الفايس بوك مجمعة بركاكة.. مع كلمات مبتذلة فيها إيحاءات جنسية مقحمة إقحاما لا مبرر له..