قيس سعيد يريد إلغاء الماضي كاملا … دون أن يصنع حاضرا يقيه من غضب ناخبيه !!!
نشرت
قبل 3 سنوات
في
نحن الشعب الذي يعشق “تغطية عين الشمس بالغربال” كما يقال…فهل تساءل بعضكم لماذا وصلنا إلى هذا الحال؟ هل حقّا النهضة وغيرها من الأحزاب هم فقط من أوصلونا إلى ما نحن فيه؟ هل وقع تخريب البلاد عن سوء نيّة وبسابقية الاضمار والترصّد أم هو الغباء وأشياء أخرى أوصلتنا إلى القاع؟ هذه الأسئلة لا أحد تطاول على العقل والمنطق ليسألها علانية وأمام الجميع خوفا من تبعاتها، فماذا وقع بالضبط لتصل البلاد إلى ما هي عليه اليوم؟ وهل حقّا نعيش اليوم صراعا بين الخير والشرّ، كما يزعم بعض الذين يروّجون اليوم أنهم هم أصحاب الخير؟
ماذا كان شعار من يلقبونها بــ”الثورة” وسعدوا كثيرا لمجيئها؟ ألم يكن شعار الحراك الذي اشعلت فتيله قارورة خمر وبضع علب من الجعّة…أقول ألم يكن شعار هذا الحراك المخمور “شغل… حرية… كرامة وطنية”؟ ماذا حقّقنا من هذا الثلاثي المقدّس لجميع من خرجوا رافعين “ارحل” في وجه من كان يحكمنا، ومن حمّلوهم مسؤولية ما وصلت إليه البلاد حسب ما يزعمه أتباع “السكّير”؟ الإجابة في غاية البساطة لا هم، ولا نحن، ولا أحد غيرنا جميعا حقّق ضلعا واحدا من ثلاثية الشعار المرفوع…إذن ماذا وقع بالضبط؟
الحقيقة هي أن الجميع قفز على ظهر الحمار دون بردعة عفوا “الثورة” والجميع زعم أنه من قادها ومن احتضنها…فحراك الحرية انقلب إلى حراك مطاردة كل من انتموا وخدموا المنظومة السابقة، فالحرية هي فقط لمن لم يكونوا في الحكم والسجن لمن حكموا، وحراك التشغيل انقلب إلى المطالبة بالزيادة في الأجور وتسوية الوضعيات ورفع المظالم “المزعومة” أغلبها، وعدم الالتفات إلى أي مشروع أو برنامج لتشغيل العاطلين، وحراك الكرامة الوطنية انقلب إلى استبداد وتفرقة عنصرية وتصفية حسابات وثأر وانتقام … فمنذ اليوم الأول بعد مغادرة الرئيس بن علي البلاد قاصدا مناسك الحجّ والعمرة وموكب الدفن، قفز اتحاد الشغل من شمال البلاد إلى جنوبها مع ثلة من الخارجين عن القانون ومن انضمّ إليهم من الذين تلوّنوا من عناصر المنظومة السابقة وأعلنوا ولادة رابطات حماية “الثورة” وانطلقوا في تهديم كل البناء.
ففي كل مدينة وقرية خرج هؤلاء “الوندال” الجدد لطرد كل المسؤولين الذين تركتهم منظومة بن علي رحمه الله، فلم يبق من كفاءات تلك المرحلة إلا البعض ممن “شفع” فيهم بعض أعضاء الرابطات بكفالة لا أحد يعلم مبلغها أو حجمها أو طبيعتها، أو بعض من أعلنوا الولاء والبيعة لقيادات الفوضى والخراب، فأصبح الكتاب العامون الجهويون لاتحاد الشغل يتحكمون في مفاصل السلطة في ولاياتهم، إلى درجة أنهم كانوا يطردون أي مسؤول لا يناسب ميولاتهم وأطماعهم، وصولا إلى إغلاق كل مؤسسات جهاتهم لفرض خياراتهم واختياراتهم، وما وقع في قفصة خلال الأيام الأولى بعد 14 جانفي مثلا، خير دليل على ما ذكرت فوالي قفصة المعيّن حينها أطرد بشكل مؤلم وموجع ومهين، ولا يليق بدولة جاوزت النصف قرن من الاستقلال…فنفس ذلك الوالي “المطرود” يومها نجح بعد حكم الترويكا في قيادة ولاية بنزرت لأكثر من أربع سنوات، بعد نجاحه الكبير في إدارة مؤسسة بيئية في ولاية صفاقس خلال حكم الترويكا وحكم المهدي جمعة…
خلاصة ما وقع في الأشهر الأولى بعد خروج بن علي رحمه الله هو أن الرغبة في الانتقام والإبادة الشاملة للمنظومة السابقة غلبت الرغبة في الإصلاح، وانتصرت على كل الشعارات التي كان أتباع السكير يرفعونها في مسيراتهم من شمال البلاد إلى جنوبها…ورغم وصول الباجي قايد السبسي رحمه الله إلى القصبة فإنه لم ينجح في درء الخراب الذي حصل بالبلاد، ولم ينجح أيضا في كبح جماح المطلبية المشطّة، بل انخرط دون أن يضمر ذلك، في عملية الهدم من خلال نزوله عند رغبة كل من اعتصموا بحبل الفوضى جميعا، طبعا وليس بحبل الله…فكل من أغلقوا مواقع عملهم ومواقع الإنتاج الهامة والاستراتيجية، وكل من اعتصموا بمداخل مؤسساتهم، وكل من أضربوا وكل من دقّوا باب القصبة مطالبين بالزيادة في الأجور، وبمنح ما أنزل الله بها من سلطان وجدوا ضالتهم في السبسي الكبير رحمه الله فلم يحرمهم من ذلك بل أغدق عليهم بكل ما يطلبونه تحت شعار “أعطه ألف درهم وقبّل راسه وسيسكت” وكان ذلك طبعا بتواطؤ من الاتحاد وقيادات الاتحاد، فهي التي كانت تشعل فتيل الحراك المطلبي ثم تجلس مع الحكومة لتطفئ النار، وتصبح في عيون الشعب ومن تمتعوا بتلك الزيادات من قواعدها الملاك الحارس الأمين للشغالين…
حوالي التسعة اشهر وقع فيها قطع كل الشرايين الرئيسية التي تربط مدن البلاد ببعضها البعض، شخصيا وقعت في فخّ قطع الطريق أكثر من أربع مرّات، هكذا عاشت تونس السنة الأولى خراب…وفي سنة واحدة انتفخت كتلة الأجور إلى أكثر من 40 بالمائة مما كانت عليه، بسبب ما ارتكبه الاتحاد في حقّ العاطلين عن العمل، وفي حقّ كل من كانوا يمنُّون النفس بمورد رزق يحفظ لهم كرامتهم ويمتعهم بحريتهم…ولم يجد السبسي الكبير غير الانصياع لرغبة رابطات حماية “الثورة” وقيادات الاتحاد والنقابات الأساسية وغيرها من التشكيلات المدنية التي نبتت على أرض تونس كالفقاع في ظرف زمني وجيز أتت على الأخضر واليابس…وانساق وراء مطلبيتهم بترضيات سخيّة شملت كل القطاعات تقريبا…
وساهم وزير التربية حينها الطيب البكوش في عملية التطهير الإداري بإقدامه على إعفاء أكثر من ألف مدير معهد ثانوي من خطتهم…إضافة إلى إبعاد أكثر من ثلثي الإطارات الجهوية والمحليّة من مواقعهم بأمر من رابطات حماية “الثورة” ومن معها من قوى التخريب والهدم…كما أقدم فرحات الراجحي الذي وصف بالسيّد “نظيف” على عملية إبادة لأغلب الكفاءات من الإطارات الأمنية العليا، إضافة إلى إرجاع الآلاف ممن أطردوا بسبب أو بآخر من المنظومة الأمنية في عهد بن علي رحمه الله…وهو الأمر الذي ساهم إضافة إلى تبعات العفو التشريعي العام في الانتفاخ الكبير وتدلّي بطن كتلة الأجور وتجاوزها كل حدود المعقول …في سنة واحدة…
جاءت الانتخابات وكشفت حقيقة الحقد الذي استوطن صدور البعض من الذين خرجوا علينا بعد 14 جانفي…ونجحت النهضة في استغلال “تسونامي” الحقد الذي استوطن قوى اليسار تجاه المنظومة السابقة ليفتح الغنوشي ذراعيه ويقول للتجمعيين والدساترة: “من دخل بيت الغنوشي فهو آمن” فكانت نتيجة انتخابات 2011 مذلّة لكل قوى اليسار بعد أن رفعوا شعارات تفرقة وانتقام وإبادة جماعية ضدّ كل من انتموا إلى منظومة بن علي رحمه الله، ونجح الشيخ في ضمّ أكثر من نصف مليون صوت تجمعي ودستوري إلى ناخبيه، وصنعوا له بذلك ربيع حركته، لتفوز بأغلبية المجلس التأسيسي ولتحكم البلاد مع من قبلوا بأن يكونوا شركاء معها…
تفاخرت النهضة بشقّيها (أصحاب الشرعية السجنية وشرعية المنفى) ومن معها طويلا بانتصارهم التاريخي على اليسار والقوميين في موقعة أكتوبر 2011 وسعدت كثيرا بإهانتها لليسار والمنظومة السابقة…إلى درجة أنها لم تفكّر كيف ستدير شؤون البلاد وتصوّرت أن الأمور ستكون هيّنة، وستنجح في قيادة البلاد إلى ما تريده وتطمح إليه بأغلبيتها الساحقة صحبة حليفيها في المجلس التأسيسي، لكنها اصطدمت بواقع مغاير عمّا كانت تتصوره وتنتظره، فالحكم ليس بالبساطة التي كانوا يتصورونها، وليس بالسهولة أن تدير دولة فقدّت كل هيبتها التي كانت تفاخر بها…خاصة وأن لا شيء مما كان يطالب به أتباع السكّير تحقّق…ولا شيء مما وعدت به مكوّنات المشهد السياسي الجديد أنجز، فالسنة الأولى بعد من يسمونها الثورة تميّزت بالتخريب الممنهج للدولة، وخيانة اتحاد الشغل لكل الشعارات التي رفعت قبل 14 جانفي ولكل ما كان يدعو إليه، فالاتحاد لم يفكّر يوما واحدا في من خرجوا يطالبون بالتشغيل فهم ليسوا من قواعده التي قد تضمن له البقاء في مواقعه في قادم المحطّات، بل فكّر في إرضاء مكونات قواعده من خلال الانصياع ومسايرة المطلبية المشطّة في الزيادات وتسوية الوضعيات…
سقطت النهضة تدريجيا في فخّ الأحقاد وتصفية الحسابات، خاصة أن الاتحاد وكعادته وللمحافظة على مكاسبه وسلطاته التي افتكها خلال حرب السكّير الأولى، لم يقبل بأن يعود كما كان في عهد بن علي، يأخذ نصيبه تحت الطاولة وفي جنح الظلام…بل أصبح يريد الشراكة الكاملة في الحكم…وبدأت عملية خنق كل القطاعات وإيقاف عجلة الاقتصاد بغلق شرايين الإنتاج الحساسة والهامة…فانساقت النهضة في نفس التوجّه الذي اختارته المنظمة الشغيلة وأعلنت حملات “تطهير” في كل المؤسسات من بقايا النظام السابق، ذهب ضحيتها في غزوة تطاوين الشهيد لطفي نقض…وأقدمت النهضة بالشراكة مع الاتحاد ومن معها من أحزاب الموالاة على عملية تطهير واسعة، أبعدت من خلالها كل الكفاءات التي نجحت في الإفلات من حملات التطهير الأولى التي عاشتها البلاد أيام جلوس قايد السبسي في القصبة، وخيّرت النهضة في خيار غبي وأحمق الاكتفاء بتشغيل أتباعها ممن خسروا مورد رزقهم وسجنوا أيام حكم بورقيبة وبن علي ولم تفكّر في بقية العاطلين، وهو الأمر الذي زاد من أوجاع كتلة الأجور التي أصبحت تعاني من السمنة المفرطة…ولم يسكّن من أوجاع من أثثوا الحراك الذي جاء بهم إلى الحكم…ولم يُسكت أصواتهم…
السمنة المفرطة التي عانت منها كتلة الأجور ساهم فيها أيضا علي العريّض خلال اشرافه على وزارة الداخلية بإطلاقه لحملة تسوية وضعيات واسعة شملت كل أعوان وإطارات جميع الاسلاك التي تخضع لإشراف وزارته، وأرهق بذلك كاهل الميزانية، وهو الأمر الذي طالبت به أيضا أغلب القطاعات الأخرى، فعاشت البلاد حملات واسعة وممنهجة من تسوية وضعيات رفعت مستوى الكوليسترول والشحوم في جسد كتلة الأجور لتصل إلى ثلثي حجم ميزانية سنة 2010 في سبع سنوات فقط …
اكتفت حكومة الجبالي أو حكومة النهضة و”صويحباتها” الأولى بتضميد الجراح التي خلفتها السنة الأولى “سبسي” وتسمين كتلة الأجور بأعلاف غير صحّية، ثم جاءت حكومة العريّض لتكتفي بتضميد جراح حكومة الجبالي التي وقع تفكيكها إثر اغتيال الشهيد شكري بلعيد، وتواصل حمق قيادات النهضة بتراخيهم في فكّ شفرة الاغتيال الأول لشكري بلعيد، ثم التزام الصمت حين وقع اغتيال الشهيد محمد البراهمي، فالنهضة لم تعرف كيف تفكّ شفرة الاغتيالين بل ورّطت نفسها في تبعاتهما سياسيا بالصمت عن كشف حقيقتهما، فلا أظنّ أن كفاءات المؤسسة الأمنية لا تعلم ما وقع بالضبط وهي التي لها من الخبرة الكثير، فقرار الصمت وعدم الإفصاح عن حقيقة الاغتيالين كاملة، ودون إخفاء لأية جزئية ولو كانت بسيطة كان سياسيا خوفا من تبعاته السياسية وربما الديبلوماسية، وهو الذي يكلّف النهضة غاليا اليوم، وهو أيضا ما جعلها في مرمى سهام كل خصومها من كل التيارات اليسارية والقومية، وحتى البعض ممن تحالفوا معها سابقا…ثم جاء اعتصام الرحيل، ووصول المهدي جمعة إلى القصبة، فجمعة جاء دون أن يُضمر ذلك لينقذ النهضة من ورطة وضعت نفسها فيها بحمق وغباء قياداتها في تلك الفترة الحزينة من تاريخ البلاد…
بعد لقاء باريس واتفاق الشيخين على تقاسم كعكة الحكم والسلطة والتعايش المشترك، عاد من انتخبوا النهضة ومن لبوا دعوة الغنوشي من قواعد المنظومة السابقة في انتخابات أكتوبر 2011 إلى قواعدهم وأوصلوا نداء تونس إلى سدّة الحكم ليتحالف رسميا وعلنا مع النهضة…وليعود اليسار إلى موقعه سالما …خاسرا…فاليسار رفض الحكم والمشاركة فيه فخسر كل رصيده، لكن اليسار لم يصمت كلّيا بل اختار التموقع في مفاصل اتحاد الشغل لينغّص حياة التوافق بين الشيخين من خلال مواصلة الاتحاد لصعلكته المطلبية طيلة عهدة التوافق، فالاتحاد لم يقبل بمهادنة حكومات التوافق كما لم يقبل بمهادنة كل الحكومات التي سبقتها، ونجحت نقابات التعليم في أن تصبح “وجعا” في جسد عهدة التوافق، ولتفتك في الأخير حوالي نصف حجم كتلة أجور رجال المؤسسة التعليمية وارغام حكومة الشاهد على التخلّي عن ناجي جلول وتقديمه قربانا لها ولرجال التعليم ليلة عيد الشغل، ورغم ذلك فإن الاتحاد واصل صعلكته ولم يقبل الإمضاء على وثيقة قرطاج 2 مطالبا بتحوير حكومي يذهب بالشاهد أيضا…وتواصل بعد انتخابات 2019 التعويل على العلف المركّب لتسمين كتلة الأجور بعدم مهادنة اتحاد الشغل للحكومة من خلال مطلبية مشطّة دورية انتهت بنا إلى ما نحن فيه اليوم… وبغلق مواقع الإنتاج الحساسة والهامة سببت شللا اقتصاديا تاما بالبلاد أوصلنا حافة الإفلاس …
نعيش اليوم نفس مشهد 2011 فنسبة الحقد ارتفعت إلى ما لا يمكن قبوله…وكأن من نجح اليوم في الوصول إلى كرسي قرطاج درس جميع الأوضاع، وقرر منذ يومه الأول استغلال ارتفاع منسوب الحقد على من حكم قبله لصالحه من خلال خطاب تقسيمي حاد يرفض فيه كل قديم…دون أن يصنع شيئا للحاضر ودون أن يخطّط ما يجب للمستقبل…فساكن قرطاج استغل فشل المنظومة التي سبقته في حكم البلاد وقرأ حجم الكره الذي أصبحت تعيشه المنظومة التي حكمت قبله وتشاركه الحكم جزئيا، للمطالبة انتخابيا أولا ثم شعبيا بإبعادها رغم أن أكثر من ثلثي من انتخبوه هم من يريد اليوم ابعادهم نهائيا عن المشهد، وهم اليوم الذين يتهمهم بكل أنواع الفساد والإفساد… وهو بذلك يأتي نفس ما أتته النهضة ورابطات حماية الثورة بإعفاء وابعاد كل من انتموا إلى عهدة التوافق رغم علمه بأن أغلبهم ليسوا من النهضة ولا علاقة لهم بالائتلاف، يعيش ساكن قرطاج اليوم شكّا وريبة في كل من سبقوه في الحكم، ويحاول إطالة فترة حكمه والتمديد فيها من خلال إلهاءات لا علاقة لها بواقع البلاد، طمعا في تحقيق بعض المكاسب وإنجاز بعض الوعود التي قد تعيد إليه أمل الجلوس مرّة أخرى على كرسي قرطاج…
فالصلح الجزائي المزعوم لن يحقّق شيئا للبلاد وللعباد ولا حتى لأتباعه…والاستشارة كشفت عن افلاسها وافلاس محتواها من خلال عدد الذين زاروها…والتشكيك في مآلات بعض القروض والهبات لن يأتي بشيء جديد، وستكون تبعاته في غير صالح ساكن قرطاج…كما أن صبر أتباعه وأنصاره لن يطول أكثر مما طال فهم اليوم يريدون نتائج ملموسة لما وعدهم به من انتخبوه واستعدَوْا أكثر من ثلثي سكان البلاد لأجله…فأغلب أتباعه هم ممن لم ينتفعوا بشيء من شعارات حراك 17/14 من سنتي 2010 و2011 …هؤلاء لن يكسبوا شيئا بإبعاد منظومة التوافق وأحزابها وقد يخرجون عن صمتهم يوم يكتشفون أنهم يهرولون وراء سراب لن يخرجهم مما هم فيه منذ أكثر من عشر سنوات…فساكن قرطاج لن ينجح أبدا في تشغيل كل هذا العدد من العاطلين باستعداء بقية مكونات المشهد السياسي…
خلاصة ما عاشته وتعيشه البلاد…جاءت النهضة ومن معها فألغوا الماضي وبنوا حاضرهم ونسوا حاضر البلاد…وحاولوا بناء مستقبلهم، ونسوا التخطيط لمستقبل البلاد والعباد…واليوم جاء قيس سعيد ليعيد نفس ما صنعوه…فهو يريد الغاء الماضي…دون أن يصنع حاضرا يكفيه شرّ خصومه وشرّ أتباعه…ولم يفكّر في المستقبل لأن حاضره لا شيء فيه…وقد يلقى بذلك نفس مصير من سبقوه … فهل يعي خطورة ما يأتيه عليه وعلى أتباعه قبل فوات الأوان…فالاكتفاء بإرضاء نصف مليون من الناخبين لن يقيه غضب أكثر من عشرة ملايين استعداهم وابعدهم عن حاضر لا يريد غيره وغير أتباعه فيه؟؟