حكى لي أحدهم انه كان حاضرا في أحد الاجتماعات الكبرى التي أشرف عليها أحد وزراء بن علي.. يومها كان صندوق 26/26 حاجة جديدة و بن علي بعث الوزراء لينتشروا في البلاد: زعمة زعمة لشرح و تفسير أبعاد و أهداف هذا الصندوق..
المهم.. صاحبي قال لي: الوزير يتكلم و الجموع يصفقوا.. هو يقول صانع التغيير و الحاضرون يرددون: بالروح بالدم نفديك يا الزين.. و الحاضرات يزغردن.. الى أن جاءت اللحظة صفر و اختتم الوزير الاجتماع بقوله: (نحن كأبناء التجمع و أبناء بن علي يلزمنا نعطي المثال.. في آخر القاعة فمّا صندوق: كل واحد يتبرع بالمبلغ إلي يقدر عليه..) مخ الهدرة: و بدأت الجموع تتسلل.. يحلف صاحبي أن إلي خرجوا دون أن يتبرعوا أضعاف أضعاف من تبرعوا..
و العبرة في ما سبق: الشعارات ساهلة.. و بالروح بالدم نفديك يا هذاكا قلناها لبورقيبة و بن علي و للاتحاد و للنهضة و للنداء و لجماعة مخلوف و القروي.. و ها نحن نقولها لقيس سعيّد.. نحن شعب قوي و ممتاز و موهوب في الجانب النظري.. طيارات متاع كلام.. لكن كيف تشد بعضها: قليلون من يضحون و يمرون لمرحلة الفعل..
مثلا: موش أحسن لو عبرنا عن مساندتنا لقرارات الرئيس بالانتقال من عشر سنوات تكركير لثلاث سنوات عمل..!! يا سيدي ماناش طالبين نعملو كيف الألمان بعد الحرب العالمية الثانية عندما أصبح العمال و الموظفون يعملون اثنتي عشرة ساعة يومياً: ثماني ساعات بأجر و أربع بلّوشي للنهوض بالاقتصاد الألماني المنهار..
يا سيدي ما تتبرع حتى بدقيقة: فقط اخدم سويعاتك بقلب و رب.. خلّي مؤشرات الزرقوني تقول إلي الاقتصاد و الإنتاج والأسعار و السياحة و الصحة و قيمة صرف الدينار تحسنت.. خلّي الناس تقتنع إلي الفترة التي أخذ فيها قيس سعيّد المقود فترة إيجابية و ناجحة.. خلّي المواطن يتأكد إلي السنوات العشر العجاف التي أنهكتنا كانت بسبب الأحزاب و بسبب اختياراتنا السيئة..