جور نار

“كلام أخوك الكبير لازم يصير يا حسنين…” !!

نشرت

في

هل يمكن حلّ مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بنشر الخوف بين صفوف الشعب؟ ما تعيشه البلاد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا يمكن حلّه بطرق أخرى دون الحاجة إلى خلق الرعب في صفوف الشعب…فبعض جهابذة التنظير والتفكير السياسي يروّجون أن الخروج من أزمتنا لن يكون بغير وجود رجل قوي يمسك عصاه ويرغم الشعب على الانصياع لأوامره حفاظا على الدولة…وهل يمكن الحفاظ على الدولة بترهيب شعبها وإلزامه بالانضباط لأوامر السلطان الأوحد؟

<strong>محمد الاطرش<strong>

هؤلاء المنظّرون للسلطان يريدون إلغاء الآخر وكل من يعارض مخططاتهم خدمة لمصالحهم واجنداتهم، ويحاولون بما يروجونه ويكتبونه ايهام الشعب بان انقاذ البلاد يمرّ أولا بصناعة زعيم قوي يهابه الجميع ويعيد إلى الدولة هيبتها، فهم يؤكدون أن إعادة إنتاج الاب والقائد الأوحد هو الحلّ الأسلم والوحيد القادر على إخراج البلاد مما وصلت إليه…وللوصول إلى أهدافهم يحاول هؤلاء الجهابذة في علوم ترهيب الشعوب اللعب على وتر قلق الشعب ونخبه وتخويفها من مصير مجهول إن لم تقبل بأب جديد يكون وصيّا على البلاد والعباد ويكتب التاريخ من جديد بصياغة لا يغيب فيها اسمه واسم من هم حوله…يمدحون…

محاولات التلاعب بمشاعر المواطن واللعب على خلق القلق في نفوس الشعب تمرّ أولا بالالتفاف على مطالبه والتغطية على فشلهم عبر الترويج إلى تعرّض البلاد إلى مؤامرات تخريبية لتجويع العباد وإدخال الفوضى على البلاد…ونسوا أن افتعال أمور كهذه أو حتى الايهام بها سيكون محلّ تندّر من الشعب يوم تؤكّد الأحداث أن لا شيء مما يقال وقع او تمّ أو يمكن اثباته بأدلّة موثّقة…

القائمون على شؤون البلاد يدركون جيّدا حقيقة الأوضاع في البلاد، ويعرفون جيّدا من المسؤول الأول والحقيقي عن الأزمة وما وصلت إليه البلاد من اختناق سياسي واجتماعي واقتصادي ينذر بتطور الأمور إلى ما لا أحد يريده سواء كان من الشعب او من الطبقة السياسية التي وقع التنكيل بها وابعادها من المشهد…فسبب ما نحن فيه لا يعود إلى اليوم أو إلى الأمس القريب بل يعود إلى 2011 حين تركنا الحبل على الغارب وقبلنا بالحكم بالشراكة مع منظمة لا تفقه شؤون الدولة وإكراهات الحكم وأعطيناها رقبتنا لتذبحنا من الوريد الى الوريد…فمن كان وراء انتفاخ كتلة الأجور…ومن كان وراء انخفاض معدّلات الإنتاج والنمو؟ ومن كان وراء هروب المستثمرين الأجانب إلى بلدان شقيقة وصديقة؟ ومن قضى على القطاع السياحي بنشره لفوضى المطلبية والاضرابات والاعتصامات العشوائية؟

أظنّ أن القائمين على شؤون الحكم والدولة اختاروا المنهجية الأضعف للتغطية على فشلهم…فهم عوّلوا ويعوّلون على نعمة النسيان التي أوجدها الله في الانسان …ويتعاملون بنظرية التغطية عن كل حدث بحدث أهمّ وأكبر فاليوم وكل يوم يغطّي القائمون على شؤون تسيير شؤون البلاد على الفشل بفشل أكبر عوض البحث عن نجاحات للتغطية على هفواتهم وفشلهم المتواصل منذ سنوات…والغريب أنهم كمن سبقهم يرمون بأسباب فشلهم ووصول البلاد إلى ما هي فيه وعليه على من سبقهم في تسيير شؤون الحكم… لكن هل سنكتفي بجلد كل من حكموا قبلنا وضربهم على قفاهم لنخرج من أزمتنا عوض العودة إلى العمل والبناء وتحفيز الناس على ما ينفع الناس…؟؟

والسؤال الأهمّ، ألم يصرخوا طويلا بأنهم جاؤوا وانفردوا بمفاصل الحكم من أجل إصلاح حال البلاد والعباد، فلا موجب إذن للتعلل بمسؤولية من سبقهم في الحكم فهو جاؤوا لإخراج البلاد مما هي فيه فليفعلوا دون النظر إلى الوراء فالاكتفاء بالنظر إلى الوراء سيجعلهم يخطئون الطريق ويسلكون طريقا وعرة قد تكلفنا غاليا وتزيد من تعميق الأزمة وما نحن فيه…

اليوم يحاول جهابذة الترويج والتسويق لمن يسيرون دواليب الحكم فرض الصمت على كل من يخالفهم الرأي ويرى في ما يـأتونه عوجا وعرجا وإخفاقا…فبعض “أبواق” المرحلة يصرخون عاليا في بعض المنابر الإذاعية والتلفزية بأن المسؤول اليوم معصوم من الخطأ وبأنه لا يجب أن يُمس وأن ينقد وأن يُلام…وعلى من يعارضون السلطة القائمة أن يحترموا أنفسهم وألا ينساقوا أو يتمادوا في الحديث أو نقد أو حتى كشف مساوئ الحكومة والحكم عموما في ظلّ الازمة التي تعيشها البلاد…هؤلاء نسوا أنه دون نقد وكشف أخطاء من يحكم لا يمكن إصلاح الأوضاع وتعديلها…ونسوا أيضا ان من يصرّ على أنه ديمقراطي عليه أن لا يقع في خطأ تغليب المزاج الشخصي في تطبيق القانون وآليات الحكم…وعليهم ان يعوا جيّدا ان إعادة هيبة الدولة ومعالجتها لا يكون بالعودة إلى “الله واحد الله واحد وسيدنا ما كيفه حدّ…”…

الدولة القوية والحاكم الذي يطمح ويريد حقّا إخراج البلاد من أزمتها وتسجيل اسمه في تاريخها الناصع لا يجب ان يسمح لمن هم حوله بالإساءة له ولشعبه ولحكمه عبر إرهاب شعبه ونشر الخوف في صفوفه وإذلال بعضه لإخافة بعضه الآخر، من أجل البقاء في الحكم رغم فشله او اخفاقه في ما جاء من أجله للحكم، فالاعتراف بالفشل والإخفاق أقلّ خطورة ووطأة من نشر الخوف بين الناس وترهيبهم لإدامة الحكم وإطالة عمره…فهل المطلوب اليوم من الشعب ان يكون جبانا وألا يفتح فمه في غير عيادة طبيب الاسنان…وأن يقبل بالإذلال ليصنفه من هم حول “السلطان” بأنه مواطن صالح مساند للمسار…هل المطلوب منّا أن نصبح مخبرين كشعوب بعض دول الشرق الأوسط ونراقب بعضنا البعض ليلا نهارا لإرضاء من هم حول الحاكم …

وهل المطلوب من الشعب ان يخاف كل من يعارضون الحكم إرضاء للحاكم والتسليم بما روّجه عنهم وحولهم من أنهم جميعا خونة وعملاء للخارج دون استثناء وأنهم مشروع “مؤامرة” مؤجلة التنفيذ؟؟ هل يعي من هم حول “السلطان” ويروجون لنظرية ومنهجية الخوف أن نشر الخوف بين الناس هو أول طريق الاستبداد، فهل يرضى الحاكم بأمره بما يفعله به وبمستقبله السياسي من هم حوله، وهل يقبل بان يصبح في نظر الشعب مستبدا، فقط لان من هم حوله استبدوا نيابة عنه ؟؟

خلاصة الأمر هل ستعود بنا الحياة إلى أحداث مسلسل “غوايش” وما جاء في هذا الحوار: “كلام أخوك الكبير لازم يصير يا حسنين…ليه يا بوى؟ علشان أخوك الكبير يا ولدى…”

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version