“وافق مجلس الوزراء المنعقد بقصر الحكومة أمس الخميس 4 جانفي 2024 على مشاريع أوامر تتعلق بإحداث الديوان الوطني للأعلاف وبضبط تنظيمه الإداري والمالي وطرق تسييره، نظرا للإشكاليات المتعلّقة بتوريد الأعلاف وبإنتاجها على المستوى المحلي والاخلالات المسجلة على مستوى منظومة التوزيع”.
الخبر ـ كما نرى ـ جد في جد، وهو لو نظرنا إلى واقع فلاحتنا وخاصة على مستوى تربية المواشي، لا يمكن إلا أن نقول آمين … ففي كل عيد كبير، يبرر الجميع تقريبا الارتفاع المجنون لأسعار الأضاحي بغلاء العلف وندرته سواء كان العام أجدب أوممطرا … وفيكامل السنة وكلما طاف طائف منا بمحلات الجزارة ولحم الدجاج وصعقته التعريفة المتصاعدة دون كهرباء، تسمع أيضا تعليلة أو تعليلتين عن العلف ومشاكله … ويمر ذلك حتما إلى الحليب ومشتقاته، هنا أيضا يجد الباعة والمروجون والمنتجون نفس “السبّة” (بكسر الباء) ليقنعوك أن زيادة السعر واجب وطني …
إذن قد يكون هيكل كهذا من باب قطع باب المهرب على من يلعب بالأسعار ببراعة لاعبي السيرك … ولو أن في جراب هؤلاء الحواة أكثر من حيلة أخرى حتى لو انفضّ مشكل العلف تماما … فسيعود الحديث عن سرقة الأغنام، وتهريب الأبقار، وموسم الإخصاب، وتكاثر السكان، ولهفة المستهلك إلخ … كما أن التوجّس لا يمكن أن يفارقنا ونحن نرى إدارة جديدة تضاف على الركام الإداري الذي نرزح تحته بلا فائدة … بل ربما كان الضرر من هذه الدواوين المتكاثرة أكبر من نفعها … فعندنا بعدُ ديوان للزيت بلا زيت، وديوان للحبوب ولا حبوب، وديوان تجارة فاقم أزمة القهوة والسكّر، وديوان لمساكن أعوأن التربية، ونحن نلحظ رجال التعليم ومعظمهم بين سكنى الكراء والقروض العقارية القاتلة …
ولكن بما أن الشيء بالشيء يذكر، وبما أننا والبقر صنوان، فهلاّ التفت ديوان الأعلاف هذا إلى حالنا نحن البشر … هو يعلم جيّدا أننا منذ مدة طويلة نكاد نرفس بعضنا البعض في طوابير المخابز التي تفتقد موادها الأوّلية … وبحدة … وهناك محلات أغلقت وهناك دقيق يباع ويشترى في السوق السوداء بأضعاف ثمنه، وهناك نخالة لا تجدها إلا نادرا وهناك وهناك … بل لا هنا و لا هناك …
لذا … على الديوان الجديد أن يعدّ نفسه من الآن لقراءة حسابنا في ما سيقع تحت يديه الكريمتين من شعير وفول وقطانية وقصيبة وسداري ونخالة ونفلة وبرسم وكتان و شوفان وحلبة وتريتيكال وكرع دجاجة … والله لا يضيع أجر المحسنين …