جور نار

كيف تغلبت الانتهازية السياسية على قيادات هشة لأحزاب تقدمية؟

نشرت

في

18 أكتوبر عقلية انتهازية مستمرة

رفعت المرحلة التي عرفتها الساحة السياسية الوطنية إثر ثورة ‘البرويطة”، الغطاء عما كان يصدر من خطب ووعود وايضا عما كان يتزاحم في افكارنا و عقولنا حول العدالة الاجتماعية التقسيم العادل للثروات و ترسيخ الديمقراطية و حرية الرأي و الصحافة و الولوج للمعلومة و العيش في امن و امان و احترام خيارات الشعب …

<strong>محمد الزمزاري<strong>

و كنا مررنا بفترات صعبة على مستوى الحريات العامة و الخاصة … و كم عرف المناضلون اليساريون من ملاحقات و سجون من اجل التطلعات المذكورة، و ايضا كم عانى الاسلاميون السجون من اجل اهدافهم الاخوانية. و قد راينا بعض الانفراجات المرهمية مثل تلك التي وعدهم بها بن علي فترة ما كانوا بسمونه “عهد التغيير” السابع من نوفمبر 1987 لكن الحلول الترقيعية للقضايا المذكورة سرعان ما كشفت عن وجهها الحقيقي … وإذا كانت ثورة 2011 قد سأهمت فيها جل التوجهات السياسية وايضا جل الشرائح الشعبية التي اندمجت مع الأيدي الاجنبية في فرض سيطرة الاخوان على الحكم طوال العشرية الماضية، فإنه لا يمكن ان ننكر الفشل المتكرر الذي صبغ تموقع القوى التقدمية و سوء تنظيمها على المستوى النضالي و المنهجية التي كانت تتصور أنها ستقودها الى الحكم أو المشاركة فيه أو حتى الحضور المحسوس بالسلطة التنفيذية أو التشريعية …

لقد شهدت الساحة الوطنية فرصا سانحة امام اليسار مرت “مر الكرام” سواء كان ذلك بسبب غباء القيادات أو ضعف تكتيكي فادح في توجيه الأحداث و استشراف الممكن من مرحلة فراغ الساحة السياسية… و في رأيي، يعود انهيار شعبية عدد من الاحزاب التقدمية المترسخة عبر التاريخ وقبل بروز المد الاخواني بتونس، إلى سوء التحليل و ضعف الخطاب و الفقر التكتيكي الذي لم يصب إلا في مصلحة خصومهم الاخوان … مع العلم بأن هذه القوى التقدمية ببلادنا تزخر بالقواعد المنتظرة قيادة قادرة على فهم مطبات المرحلة و ايضا على اتخاذ المواقف التي تتماهى و إرادة الشعب و خاصة في ركائز ما كانوا ينادون به :

اليس الاستفتاء الشعبي لبنة و أساسا للديمقراطية؟ ..الم تكن جل القوى التقدمية بالبلاد تندب الفترة الظلامية التي عاشتها البلاد و برلمان البلطجة، و القضاء الذي تلاعبت به الايدي الخبيثة؟ ..الم تدفع هذه القوى ثمنا غالبا باغتيال بعض قياداتها و التهديد باغتيال اخرى؟ الم يواجه متظاهرو سليانة وابل الرش ؟ الم ينكر الإخوان وجود الارهاب في حين انه كان يستحكم بجهات بالبلاد؟ الم يتم الاعتداء على الصحفيين والفنانين و النساء الديمقراطيات و القناة الوطنية و الاتحاد الذي كانوا يتظللون بحيطانه؟ الم يعرف البرلمان (الذي ينادى اليوم بعودته الانتهازيون و بائعو ذممهم الاخلاقية و السياسية) اقبح صور السمسرة و العنف و التكفير و حضور وجوه النحس من المحكوم عليهم و المهربين و الجهلة،,,?? الم يسقط جنودنا و اعوان امننا و حتى رعاتنا ضحايا لجرائم الارهاب؟

تلك المرحلة الصعبة ذات الارث الثقيل الذي تركته العشرية السوداء اصبح بعض الانتهازيين يزيّنونه على حساب الرئيس قيس سعيد الذي حرك ماكينة موارد الدولة التي كانت مجمدة ان عجزا أو عنوة ( الفوسفات) و حلّ مجلس البلطجة و النوم على الكراسي و حلحل قطاع القضاء الحساس باتجاه محاولة أصلاحه و ضرب الفساد و المحاباة و الرشاوي ؟ …و لكننا نرى بعض القوى المحسوبة على التوجهات التقدمية و اليسارية خاصة، و هي تسقط مجددا في فخ الغباء السياسي، واذا كان البعض من قياداتها يرغب في “تحيير اسمه” بأي ثمن بعد أن خسر الساحة السياسية فإن مواقفه التي نلاحظها اليوم لا يمكن وصفها إلا بالانتهازية والتزاوج مع منظومة الاخوان …

و على عكس ما تظن هذه القيادات الهشة من ان تلك طريقة للتموقع و منهجية للاستفادة من المرحلة حتى على حساب المبادىء التي كانوا ينادون بها، فإن هذا السلوك الأحمق متضارب مع إرادة الشعب ولن ينتج عنه سوى مزيد من الفشل و ربما انتفاض قواعد تلك الأحزاب على قياداتها الرعناء و هناك من يصفها بما أشنع ..فرفض الحلول الديمقراطية كالاستفتاء و الانتخابات يطرح تساؤلا جديا إن كان القصد هو المناداة بفرض انتخابات نزيهة خاضعة للمراقبة دون توزيع حقق الطماطم و ارطال المقرونة وتحريك الاف الجمعيات باستغلال أصوات البؤساء من هذا الشعب، أم أن الرافضين معارضون لمفهوم و أهداف الانتخابات اصلا …

يبدو ان كورونا الاغلاط و الانتهازية ستؤول حتما إلى الإجهاز على بعض الاحزاب أو ما تبقى منها … والزمن كفيل بهذا …

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version