لاشك ان السلطة السياسية السابقة واللاحقة كلتاهما واعية بحدة غلاء المعيشة و انهيار القدرة الشرائية للمواطن. الفرق يظهر في الحرص على تخفيف تلك الحدة من قبل رئيس جديد يشعرنا باحساس جديد ايضا لأننا تونسيون ننتمي لهذه الرقعة من العالم.
و لكن اشعرنا الحكام المتعاقبون إثر 2011 رئاسات حكومات و رئاسات جمهورية أننا رهائن لصراعات سياسية و إرادات تغول و أننا لا نتعدى مكانة قطع الشطرنج. …و كلهم لعبوا معنا لعبة الوعود الكاذبة وترتفع موجات تلك الوعود أثناء فترات الحملات الانتخابية ثم تندثر للعودة من جديد الى توافقات و تنازلات و بيع ذمم و بلطجة و عنف و هرج على حساب شعب ابتلاه الله بمنظومة جمعت فاوعت من كل ضروب التلاعب باحلام شعب تواق الى الشغل و الحرية و الكرامة.
و حلمنا بـ”المهدي المنتظر” يأتي و يفعل شيئا يتجاوز به خطوط التذمر و يحاول تشريح. المرض والعلل كل مرة في انتظار توفير تلقيح ضد الاوبئة … و قد جاءت البوادر و القرارات مؤخرا في مستوى التطلعات، بل يمكننا القول انها تجاوزت حتى التطلعات الشعبية وبعض تخمينات أو احلام معارضة محتشمة… و تناول الرئيس قيس سعيد عديد المتطلبات التي تشغل بال المواطنين مثل ضرورة حشد اكثر جهود لمقاومة الكوفيد19، و توعد مافيا المضاربات و المتلاعيين بالقانون، واكد على ضرورة الضغط على الأسعار…
و لكن ان نظرنا الى هذه القرارات من ناحية براغماتية، فإننا نرى انها لا تتعدى الحلول المرهمية و الظرفية. لأن تلاعب راس المال يتجاوز الدعوات الصادقة اذا لم تكن مصحوبة باجراءات محددة، مثل منع الربح الخلفي الذي تمارسه زيادة عن مجال ربحها العادي (تاريخ الخلفي يصل الى 30في المائة على الأقل كتخفيض مفروض على تاجر الجملة أو الموزع أو المنتج المتعامل مع المساحات التجارية الكبرى )يضاف إليه الربح من المواطن الذي يتعدى 40 بالمائة أي ان هذه المساحات تملا حساباتها بهامش ربح يفوق السبعين بالمائة أو حتى اكثر !
ومن الممكن ان نفرض على الأقل على المساحات التجارية التقليص من الأسعار المعروضة للمواطن بنسبة 20 المائة. ليكون الربح الاجمالي في حدود لا تتعدى 50بالمائة و هي نسبة محترمة جدا … و ساعتها يمكننا أن نفتخر فعلا بالضغط على الأسعار، علما بأن معظم البلدان الاوروبية منعت المساحات التجارية الكبرى من الربح الخلفي المذكور