تابعنا على

جور نار

لا أحد يملك الحقيقة … ولا أحد يملك التاريخ !

“إذا أردت أن تهدم دولة، أن تهدم حضارة، فقل سأقطع مع الماضي وأبدأ” (محمد أحمد القابسي ـ برنامج أولاد التلفزة ـ حلقة ملعونة)

نشرت

في

رئيس الجمهورية لعواطف الدالي هذا زمن قبيح Tunisie Telegraph

لا يزال لقاء رئيس الدولة بمديرة التلفزة الوطنية يثير حبرا ونقاشا ولغطا من كل الجهات تقريبا وكيف لا يفعل ذلك؟ … فالكلام الذي قيل فيه ـ ومن جانب واحد ـ له أكثر من معنى، وربما يؤشر لسياسة رسمية سواء في التعامل مع الإعلام أو في تناول تاريخ البلاد …

عبد القادر المقري Makri Abdelkader
<strong>عبد القادر المقري<strong>

في البداية، لا بد من التوضيح أننا لسنا مع شيطنة كل ما يقوله أو يصنعه الرئيس، ولا يعنينا كثيرا هذا الصراع بينه وبين جبهة مّا، بل ونسخر طولا وعرضا ممن كذبوا مرتين … مرة حين مدحوه حتى التخمة، ومرة ثانية حين انخرطوا في ذمّه حتى التخمة أيضا … أقول هذا الكلام عن قيس سعيّد مثلما أقوله عن الخمسة رؤساء الذين سبقوه، وعن الذين سيأتون بعده … فلا شيطنة لأحد، ولا قدسية لأحد، خاصة إذا نظرنا إلى بلاد يمتد عمرها على ثلاثين قرنا وأكثر، عرفت خلالها زعماء وقادة وملوكا وأباطرة فيهم حتى من غزا شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وفيهم من امتلك البحر المتوسط، وفيهم من اقتسم العالم بالتساوي مع قوى أخرى … وفيهم أيضا من خان وباع وانبطح ووضعنا تحت كلكل هذه القوة الأجنبية أو تلك …

كلهم الآن راحوا في ذمة التاريخ أو في ذمّة خالقهم، ولكن الباقي هو هذه الرقعة المباركة من الأرض، وشعبها المديد الذي يختصره الأغبياء في البضعة ملايين بائس المحيطة بنا … والتي قصارى أملها أن تعبر البحر ولو سباحة إلى إيطاليا وتشتغل هناك حتى في جمع القوارير البلاستيكية … هذا شعب مرحلة، مثلما أولئك مسؤولو مرحلة لا أحد يعلم كيف سيكون ويكونون في المستقبل مع تقلبات الزمن …

انتهى التوضيح الطويل … إذن استقبل الرئيس السيدة عواطف الصغروني مديرة التلفزة ووجه إليها خطابا بل “مونولوغا” (كعادته) كانت تقابله بوجه جامد وعينين ثابتتين ثبات من يتلقى توبيخا أو إنذارا أو حكم محكمة … و لاغرابة في ذلك، فالكلام كان تعبيرا عن عدم رضى بل عن سخط شديد على أداء مؤسسة التلفزة … وفيه تلميحات قريبة جدا من التصريح، واتهامات مباشرة تمس المؤسسة ومديرتها والعاملين بها… وفيه أيضا تعريض وتشهير بمن حكموا البلاد قبل هذه اللحظة، كلهم لا استثناء، مع أوصاف هجومية ونعوت لم يسلم منها تقريبا أحد مهما كبر أو صغر … وتَعمّم ذلك بشكل يجعلك تقول كانت تونس طول عمرها تعيش في الظلم والظلمات … ولم يزرها العدل والنور إلا هذا اليوم …

كثير، كثير … فرغم أننا لا نؤمن بقدسية من حكمونا، إلا أن الإنصاف يقتضي أن نميّز بين الخطإ والإنجاز، بين الخسارة والمكسب، بين الهدم والبناء، بين القرار السيّء والقرار الصائب الذي ترك لنا إرثا جيّدا … يا سيدي بداية من تأسيس التلفزة نفسها، كوسيلة إعلام رافقت الرئيس في حملته الانتخابية التي صعد بها، وأعطته الفرصة كمنافسيه لكي يقدم نفسه للناخبين، وعرّفت به وقبلها لم يكن أحد يسمع باسمه … هذه التلفزة التي بعثها للوجود رئيس أسبق، ودعّم وجودها رئيس سابق، والآن يطعن في كيانها وعملها وعامليها رئيس حالي …

توضيح ثان … لم أكن راضيا طول عمرى رضى كاملا عن أداء تلفزتنا الوطنية وبرامجها، وقد أخذ مني ذلك قرابة الأربعين سنة ولكن … ولكن النقد شيء والنسف شيء آخر … أخطأت تلفزتنا كثيرا ولكنها في المقابل أمتعتنا وأفادتنا كثيرا أيضا، وخاصة في المرات التي تُركت فيه لشأنها دون تدخل أو ضغط أو ضرب أو حرمان … وآية ذلك ما حدث مباشرة بعد جانفي 2011، حيث اجتمع الصحفيون وراجعوا الخط التحريري بمهنية بعيدا عن حشر السياسة أنفها في عملهم … وأصبح المواطن همّهم الأوّل قبل رجال الحكم واستقبالات الحكومة … كانت فترة مزدهرة صالحت المشاهد مع إعلامه العمومي ودامت بضعة أشهر … قبل أن يهجم عليها برابرة لطفي زيتون، ويحاصروها حصار المغول، ويفرضوا عليها ما يشبه معاهدة باردو …

لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد مع السيدة عواطف الدالي الرئيسة المديرة العامة للتلفزة التونسية YouTube
<strong>عندما تُقهَر صحفية تونسية على مسافة أيام من عيد المرأة<strong>

ها أننا رجعنا للتاريخ … غضب الرئيس على ما يبدو كان من برنامج عنوانه “أولاد التلفزة” يتعرض لذاكرة المؤسسة إنتاجا وأشخاصا وظروفا وغير ذلك مما يتم عرضه في مثل هذه البرامج … وليلتها كان الضيف المدير السابق عبد الحفيظ الهرقام، أما الفترة فكانت بين سنتي 1991 و1997 حين تولى مهامه على رأسها … هي والإذاعة … شهدت الفترة تأسيس القناة الثانية، وإذاعة الشباب، وإذاعتين جهويتين بالكاف وقفصة … كما شهدت إنتاج أعمال بقيت بصمة خالدة في تاريخنا السمعي البصري، وأعطت الفرصة لوجوه شابة صارت اليوم من النجوم وفيهم من يحتل الشاشات العربية الكبرى … فأين الخلل، وأين “اللصوص” الذين تطرق لهم الرئيس؟

هل اللصوص مثلا هم ضيوف البرنامج ليلتها؟ هل اللصوص هم عبد الحفيظ الهرقام أم حمادي عرافة أم مختار المستيسر أم مختار العبيدي أم محمد أحمد القابسي؟ أم مقدمة البرنامج بسر الصحراوي؟ … هل اللصوص هم صالح جغام أم الصادق بوعبان أم دنيا الشاوش أم محمد عبد الكافي أم صلاح معاوية أم عبد العزيز قاسم أم رؤوف يعيش أم محمد الغنوشي أم صدّيق القطاري أم غيرهم من الأسماء التي ذُكرت ليلتها، موتى وأحياء؟

ثم ودون دفاع عن أحد … هل اللصوص هم من أنتجوا ملحمة تونسية بالغة الروعة مثل “الخطاب ع الباب” بميزانية تنفقها بعض قنوات الخليج على نشرتها الجوية اليوم؟ هل اللصوص من يحشرون قناتين تلفزيتين وثلاث إذاعات (وقتها) ومصلحة تيليتكست وآلاف العاملين … في بناية لا يزيد حجمها عن حجم مصحة من مصحات المركز العمراني الشمالي … المرخص لها والمدعومة بعد 2011 على حساب مستشفياتنا ومؤسساتنا العمومية؟

وقد شطح بي الخيال قليلا فرأيت في ما يرى المتخيّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يستدعي إلى مكتبه مديرة مؤسسة “فرانس تليفزيون” (التلفزة العمومية هناك) ليحاسبها على برنامج شبيه بـ “أولاد التلفزة” (بل هو الأصل) يبثونه هناك … وإذا كان برنامجنا لا يتجاوز البضعة أشهر، فالنسخة الأصلية الفرنسية تذاع منذ 1994 وتغطي رحلة التلفزيون الفرنسي طيلة 74 سنة … وهنا، تصوّرت الأخ ماكرون ينهال على المديرة السيدة “إيرنوت” (هذا اسمها) بوابل من التوبيخات لا على العودة إلى عهد رئيسين يتيمين، بل إلى ما لايقل عن تسعة بالتمام والكمال بين الجمهوريتين الرابعة والخامسة … مع العلم بأن في هؤلاء من حدثت في عصره جرائم، بل مجازر، وفضائح جُلّى، وأزمات خانقة، وانتفاضات، وهزائم، بل وحتى قضايا فساد وأحكام باتة بالسحن …

ولكن الخيال لا يجنح بعيدا … فمجرد التفكير في فعل كهذا لا أظنه يراود ذهن ساكن الإليزيه الراهن … لأنه بقطع النظر عن الطامّة التي ستحدث من صحفيي المؤسسة تضامنا مع رئيستهم وحمية على مهنتهم، ومن جمهرة وسائل الإعلام يمينها ووسطها ويسارها، ومن مجتمع مدني حقيقي، ومن مجتمع سياسي أنزه مليون مرة رغم هناته، ومن برلمان هو الأكثر تمرّدا في العالم منذ 250 سنة … بغضّ النظر عن هذا، فإن السيد ماكرون يجد أمامه على الدوام قرارا قصيرا ولكنه حاسم أصدره الجنرال ديغول ذات ثورة عليه: “لا يمكن إيقاف فولتير” …

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 89

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …

عبد الكريم قطاطة

وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…

وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..

قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …

لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …

وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …

سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…

عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..

وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …

ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم ..الورقة 88

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …

عبد الكريم قطاطة

وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..

في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…

اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…

اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…

لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…

في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…

عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…

اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

التقصي عن أمراض السكري وضغط الدم… وليس عن أعوان التلفزة!

نشرت

في

محمد الزمزاري:

انطلقت الحملة الوطنية المتعلقة هذه المرة بالتقصي حول الأمراض المزمنة وكان مرض السكري وأيضا مرض ضغط الدم هما المدرجان في هذه الحملة.

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

يشار إلى أن نسب مرضى السكري و ضغط الدم قد عرفت ارتفاعا ملفتا لدى المواطنين و بالتحديد لدى شريحة كبار السن مما يكسي اهمية لهذه الحملات التي تنظمها وزارة الصحة العمومية بالتعاون المباشر مع هيئة الهلال الأحمر التونسي.. وقد سنحت لنا الفرصة لحضور جزء مهم من الحملة في بهو محطة القطارات الرئيسية بساحة برشلونة، لنقف على تفاعل عديد المواطنين المصطفّين قصد الخضوع لعملية التقصي بكل انضباط وكان جل الوافدين طبعا من كبار السن، كما لوحظ تواجد عدد كبير من ممثلي الهلال الأحمر ومن الأطباء بمكتبين ويساعدهم بعض الممرضين.

الغريب انه لدى تغطيتى العارضة لهذه الحملة المتميزة التي تهدف اساسا إلى توعية المواطنين وحثهم على تقصي الأمراض بكل انواعها بصور مبكرة، بالاعتماد على كافة قنوات الاتصال وأهمها الإعلام الذي لن يكون الا داعما لهذا الهدف الإنساني لكن احد اعوان الهلال الأحمر فتح معي بحثا ان كنت من التلفزة الوطنية ملاحظا ان القناة المذكورة هي الوحيدة المسموح لها بالقيام بالتغطية ولم يكتف بهذا بل أكد ان الأطباء لا يحبون التصوير.

طبيعي اني لم اتفاعل مع هذا الجهل وضحالة المعرفة باهداف الحملة بالإضافة إلى عمليات التقصي الفعلي ..ولما تجاوز في الإلحاح طلبت منه الاستظهار بصفته هل هو منسق الحملة حتى يمكنني أن امر إلى المسؤول عنها بصفتي صحفيا ..وواصلت عملى أمام انكماش هذا العون التابع للهلال الأحمر حسبما يدل عليه زيه.

وبعيدا عن هذا، لا يفوت التنويه بالجهود الكبيرة التي يتحلى بها طاقم الاطباء و الممرضين و متطوعي الهلال الاحمر، الذين يجهدون انفسهم لانجاح هذه الحملة سواء داخل بهو محطة السكك الحديدية او عبر بعض الفرق التي تعمل على التعريف بجدوى التقصي حتى خارج البهو الكبير.

أكمل القراءة

صن نار