داخليا

لا تعطني سمكا … بل هات حقّي فقط، و انصرِفْ

نشرت

في

عين دراهم

تنشط الجمعيات شتاء في جهتنا ذات الطبيعة القاسية فنراها توزع التبرعات و الطرود و حتى بعض الأغطية و الأغذية … مما أصبح فولكلورا مهينا يستفزّ كرامة الأهالي الذين عبّروا أكثر من مرة عن رفضه بغضب شديد … لأن المفروض أن من يزور تلك المناطق أوّلا، هم مسؤولو الدولة في التنمية و التجهيز و الاستثمار لا الجمعيات الخيرية … و لأن منطقتنا ليست يدا سفلى و لا جهة منكوبة، بل هي أرض غنية بثرواتها و فرصها و خاصة شبابها و رجالها و نسائها … فقط هي تعاني من مشاكل لا يقدر عليها المواطن البسيط حيثما كان، و تتطلب تدخلا من الدولة دون غيرها … و ذلك واجبها الأدنى …

<strong>غنجاء عريضي<strong>

  سكان هذه المناطق يمكن أن نصنفهم إلى أقلية من الموظفين لا يختلف نمط عيشهم عن سواهم في المدن الأخرى … و صنف يمارس الفلاحة في مساحات كبرى  يكسبون منها ما يمكنهم من العيش الكريم … و صنف ثالث كتب عليه أن يتنقل بين المدينة و الريف ليكسب رزق أسرته حيث يترك للزوجة و الأولاد النزر من المال من حين الى آخر و زيارات حسب الاعياد و المواسم معتمدا على الزوجة في شؤون الاسرة … و هناك صنف آخر يتألف من سكان المناطق الجبلية الوعرة التي يصعب فيها الارتزاق و مصادر عيشهم تكاد تكون معدومة … فالإرهاب صار عائقا للاحتطاب و الرعي … كما أن كثرة الخنازير البرية و التهامها لكل ما يزرع او يغرس، و ندرة مياه الري إلى حد الانعدام، و فقر الأراضي، و تفشي سرقات الماشية … كل هذه العوامل حالت دون أي نشاط لطلب الرزق و جعلت العيش يكاد يكون مستحيلا … مما أدّى بالشباب إلى النفور من هذه المناطق النائية و النزوح إلى المدن الكبرى و من هنا تتولد مشاكل أخرى أهمّها الإقفار التدريجي لمناطقنا الجبلية …  و هذا خطر لا يقلّ جسامة عن الإرهاب و الانجراف و ضياع ثروات غابية لا تكاد تقدّر بثمن …

نتساءل أين الدولة في هذه المناطق، و أين الدولة في مساعدة المواطن على البقاء في ريفه و العيش فيه و استغلاله؟

 ألا يمكن مثلا العودة إلى برنامج البحيرات و السدود الجبلية الصغيرة، و تعميمها لمقاومة عطش الأراضي و تمكين الأهالي من الارتزاق بعرق جبينهم؟  

لماذا لا تقوم الدولة بتسييج الأراضي حماية لها من خنزير متكاثر مهدد للسكان  في قوتهم؟

 ألا يمكن أن تنشئ مسالك فلاحية تمكن من ترويج المنتوجات البيولوجية الوافرة في هذه المناطق، و المطلوبة بشدة في أسواقنا؟

لماذا لا تشجع هؤلاء السكان بإنشاء نقاط بيع و مجمعات يمكن عبرها تحويل المنتوج إلى المستهلكين الوافدين، أو أسواق المدن الكبرى، و حتى المساهمة في التصدير؟

متى الاستفاقة يا تُرى؟

و في انتظار ذلك … اتركوا تبرعاتكم و صدقاتكم في جيوبكم و عائلاتكم … و تعالوا اشتغلوا معنا و واجهوا الثلوج و الخنزير و الإرهاب معنا … و وقتها قد ندفع لكم أجرتكم على التعب، لا العكس … 

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version