كتب / محمد الزمزاري
قال بورقيبة رحمه الله مستشرفا الخوف على مستقبل تونس ما معناه ” إن أية مضرة لهذا الوطن لن تأتيه إلا من أولاده” ….اليوم و نحن نجر خطواتنا جرا متعبا نحو مشارف 2021 في ظل أوضاع شعب مفقر و جائع يئن جراء معاناة دامت أكثر من عشر سنوات و أيضا و خاصة جراء خيانات موصوفة و انتهازيات و وصوليات و إرهاب و حرائق زرع و غابات و مخابىء أسلحة تم الكشف عنها و لا ندري إن لم يكن ذلك إلا جزءا من الشجرة التي تخفي غابة وراءها …
تحمل هذا الشعب المسكين أوزار كل الأغلاط و الخيانات و الانتماءات المريبة و المافيات السياسوية و الاقتصادية و أجهز عليه الوباء لتنطفئ أمامه بقية قبس إنعاش … و يزيد في ثقل المصائب التي لم يعشها الشعب منذ الاستقلال، وباء الكوفيد الذي يبدو أنه وجد أخيرا تربة خصبة و مستقرا … كيف لا و خلال هذه الأيام فقط نشرت جريدة الانوار ملفا أول يفضح دخول نفايات خطرة و أطنانا من المواد الملوثة و ربما المشعة مسربة من إيطاليا لتحمل إلى هذا الشعب البائس الموت، حمولات تم قبولها بميناء سوسة كما تقبل حمولات الموز و الحبوب مت تركيا..
أسالت هذه الفضيحة الثقيلة كثيرا من الحبر كما ركب على هذا الخبر “فرسان” آخر زمن ضاربين عرض الحائط بأخلاقيات المهنة الصحفية و هذا موضوع آخر … و قد أثارت جريمة “توريد” النفايات السامة حيرة و تساؤلا و غضبا، استنادا إلى أن هذا العمل اللا وطني و اللا إنساني المتمثل في زيادة تلويث تونس الخضراء يرتقي إلى مستوى الخيانة العظمى طبقا لأمن البلاد القومي … و منذ أيام قليلة نشرت نفس الجريدة ما أحدث صدمة كبيرة للرأي العام و السلطة الحاكمة بل و حتى بعض الدول الشقيقة و الصديقة و هو فضيحة جديدة تتعلق باختفاء 120طنا من مادة “الأمونيتر” أهم تركيبة تفجيرات من مستودعات بقابس … و سارعت السلطات بتأكيد الخبر و التصحيح بأن الكمية “لا تتجاوز” 6,7 طن و ليس 120 ، و كأن الكمية الثانية ليست كافية لتخريب بلد كامل!! ..
إن هذه الجريمة بقدر ما تثير الحيرة و الغضب، فإنها تستوجب معالجة علمية ميدانية، و منها أولا : إيفاد عديد الفرق الأمنية إلى قابس من استعلامات داخلية و خارجية و فرقة مقاومة الإجرام و المخابرات العسكرية، و عدم الرجوع الى تونس إلا بعد كشف كل أسرار هذه الجريمة و خاصة مد الشعب بأجوبة واضحة عن الأسئلة التالية :
من يقف وراء هذه السرقة الضخمة التي تهدد أمن البلاد مباشرة؟؟.
ما هي الأطراف التي ساعدت من قريب أو بعيد في هذه العملية؟
ما هو مآل هذه الكميات بعد سرقتها؟
إلى أين تم إيصالها، و أين تم تخزينها؟
ما هو الهدف من تهريبها من مخازن قابس؟
إن عملية كهذه لن تتطلب عصابة مافيا أو مضاربي تجارة بيع الأمونيتر للفلاحين، بل أجهزة متكاملة التنظيم و التخطيط و الإرهاب… إنها أيضا صفعة أخرى لكيان الدولة إن لم يتم و في وقت وجيز الكشف الدقيق عنها و عن قضية النفايات بسوسة و إزاحة الستار عن كل الحقائق أمام شعب تم رفسه تحت أرجل الأوغاد.
هذه أوبئة جديدة ذات ثقل أكثر خطر ا من وباء الكورونا … وباء يبدو أنه انطلق من سوسة معرجا على قابس فأين ستنتهي السياحة الإرهابية ؟؟