تابعنا على

جور نار

“للّة البيّة” وحملها الكاذب… و”الزرير” الموعود المفقود…

نشرت

في

130+ Dessin Femme Enceinte Profil Photos taleaux et images

تزوج بودبوس من بيّة سنة 1987 سنة وعاشا معا سنوات سعيدة مليئة بالافراح والنجاحات والأزمات أيضا وأنجبا العديد من الأبناء اسمياهم استقرار وهو الولد البكر، وهيبة وهي البنت الكبرى، ودولة وهي البنت الوسطى، وتحوّل وهو الابن الأوسط، وأمان وهو أصغر الأبناء…

محمد الأطرش
<strong>محمد الأطرش<strong>

وفي سنة 2008 اشتدت الأزمة بينهما وكان بودبوس يأمل ان يسعد بمولود آخر يدعم روابط الاسرة ويسعد العائلة الكبرى ويحميها من التفكك…ورغم علمه بأن بيّة قد لا تنجب له ما يريد في سنّ متأخرة كان يتمنى المسكين أن تنجب له ولدا أو بنتا تسعده وتدخل الفرحة والسعادة إلى بيته والبيت الكبير للعائلة…انتظر طويلا…زار كل الأطباء …عانت بيّة من كل أمراض النساء…وزارت كل المختصين في العقم والانجاب…خلال شهر ديسمبر من سنة 2010 تنفست بيّة وبودبوس الصعداء بعد أن أعلمهم الدكتور المشرف على حالة بيّة وهو مختص في العقم والانجاب بأن هذه الأخيرة حامل وعليها ان تلتزم بما أمرها به الطبيب…وأن تبتعد عن الإرهاق الكبير حتى لا تعرّض حملها إلى خطر الاسقاط أو الاجهاض…خاصة أنه يعلم بأن في عائلة بودبوس هناك الكثير من الحالات التي عانت من اضطراب وراثي أو عيب خِلقي…

بعد مضي حوالي الشهر شعرت بيّة بأوجاع في عنق الرحم وتوترات أسفل البطن تطورت إلى نزيف حاد وهي في مراحل الحمل الأولى… استنجد بودبوس ببعض الأصدقاء ونصحوه بالعديد من الأطباء لكن الأمر تطوّر إلى الإجهاض وأجهضت بيّة ليلة الخامس عشر من جانفي وعاش بودبوس وبيّة أحلك فترات زواجهما…لم يدم الأمر كثيرا …وقرر بودبوس الانفصال عن بيّة بعد أن أخفقت في اسعاده بطفل جديد يحمل اسمه واسم عائلته…

واصلت بيّة العلاج بعد انفصالها من بودبوس وتزوجت توفيق خلال شهر فيفري من سنة 2011 بعد حوالي السنة من العلاج وزيارة الأطباء نزلت البشرى على توفيق الزوج الجديد لبيّة وتأكد من حملها خلال شهر أكتوبر من سنة 2011 فنصحه الأطباء بملازمة الحذر كل الحذر حتى موعد ولادتها…حاول توفيق الالتزام بنصائح وتوجيهات الأطباء لكنه عاش ويلات الشك والحيرة فبطن بيّة لم تنتفخ بما تحمله…ولم ينقطع الطمث عنها…احتار توفيق في الأمر وتأزمت بيّة نفسيا وبدأت تعاني من اكتئاب حاد جعلها تعيش ولمدّة تجاوزت السنة بشهر أو يزيد هبوطا حادا في كل أعضائها …ووصل الأمر إلى عدم القدرة على التنفس والمشي …والانقطاع التام عن الطعام في الكثير من الأحيان…نصح أحد أصدقاء توفيق بطبيب مختصّ من بلد شقيق…

عرض توفيق زوجته بيّة على هذا الطبيب خلال الأسبوع الأول من شهر فيفري سنة 2013 ويومها اعلمه بالخبر المفزع والموجع فقد ثبت من خلال التحاليل والصور والاشعة التي أجرتها بيّة أن الجنين الذي في رحمها ميت وانه علىها الخضوع إلى عملية جراحية والتخلّص من الجنين الميّت قبل فوات الأوان…عاشت بيّة أياما رهيبة من الألم والحسرة والوجع…وكادت تفقد سيطرتها على العديد من حواسها وكانت تجنّ وتدخل في دوامة أخطر من فقدانها لجنينها…لكن توفيق وبمساعدة بعض الأصدقاء القدامى وكبار عائلة بيّة نجحوا في إخراجها مما هي فيه وأعادوها إلى نسق حياة شبه عادي رغم بعض الاوجاع التي تزورها بين الفينة والأخرى…بعد ثلاثة اشهر من تلك الحادثة واكتشاف الجنين الميّت أعاد توفيق وبيّة محاولة الانجاب ونجح هذه المرّة توفيق في توفير كل الظروف النفسية والصحية لتحمل بيّة بصغيرها وتصل به إلى موعد الولادة في حالة صحية جيّدة…

نجحت بيّة في الحفاظ على جنينها حتى دخول شهر جويلية ووصولا إلى صباح يوم 25 جويلية من ذلك الشهر يومها أحسّت بيّة بأوجاع …وبألم شديد يمزّق أسفل بطنها…أسرع توفيق الذي كان خارج المنزل بنقل بيّة إلى أقرب مصحّة نساء، وهناك أعلموه أن بيّة اسقطت الجنين ميتا وأنهم وهذا الأهمّ نجحوا في انقاذها من تبعات ما حصل لها…

نصح الأطباء توفيق وبيّة بالتريّث وعدم التسرّع في محاولة أخرى للإنجاب قبل سنة على الأقل وتحت رعاية طبيب مختصّ اشرف على متابعة حالتها لمدّة سنة أو يزيد…كان الأمر كذلك حتى شهر أكتوبر من سنة 2014 حين أحست بيّة بأوجاع في اسفل بطنها فأخذها توفيق إلى أول مصحة لأمراض النساء فأعلموه أن بيّة حامل وأن الجنين بحالة صحيّة جيدة حسب تشخيص الطبيب المباشر لحالتها…أسعد الخبر بيّة وتوفيق وبقية أفراد العائلة …واستبشر الجميع خيرا بما سيأتي وتمنوا جميعا كل التوفيق لبيّة في انجاب مولود يعيد السعادة إلى والديه وكافة أفراد العائلة، خاصة أن توفيق فكّر عديد المرّات في الطلاق والبحث عن زوجة أخرى قادرة على ان تسعده بمولود أو أكثر يدخل الفرح إلى بيته وبيت عائلته…

بعد شهرين ونصف من اعلامهما بحمل بيّة أخذ توفيق زوجته وقصد احدى المصحات المختصّة في التصوير بالأشعة للتأكد من سلامة الجنين خاصة وأن بيّة التزمت بكل توصيات الدكاترة خوفا من أن يتعرّض الجنين إلى ما يعرضه لخطر الاسقاط أو الإجهاض…بعد حصة التصوير الأولى لم يتمكّن الطبيب من التأكد من الوضع الطبيعي للجنين فأرجا الأمر إلى موعد لاحق بعد شهر من الموعد الأول…وفي الموعد الثاني وبعد أن اجتمع الطبيب المختصّ مع كامل فريقه المصاحب والمساعد لدراسة الصور والتحاليل التي أجريت لبيّة …انفرد الطبيب بتوفيق ليعلمه بالخبر الموجع وربما الأسوأ الذي قد يسمعه توفيق في حياته، فقد ثبت للطبيب ومن معه من مساعدين أن حمل بيّة كان كاذبا وأن التشخيص كان خاطئا…صدم توفيق للأمر…وفقد وعيه…

علمت بيّة بالأمر فدخلت مرحلة خطيرة من الهستيريا نزفت خلالها العشرات من المرّات…وفقدت الكثير من دمها على مدى أكثر من اربع سنوات…علم أحد أقارب بيّة بأمرها ومعاناتها فأشار عليها بأن تخضع توفيق للتحاليل فقد يكون الخطأ منه وليس منها…وكان الأمر كذلك وكانت المفاجأة التي قلبت كل الأوضاع وكل الأمور…فقد ثبت بعد إجراء تحاليل كاملة وشاملة على توفيق مصاب بمرض افقده القدرة على الانجاب وانه يعاني من العقم ولا سبيل ان ينجب أبدا بالطريقة الطبيعية…

أحس توفيق بالوجع وقرر مصارحة بيّة بما يجول بخاطره وأعلمها بانه من حقّها ان تطلب الطلاق في صورة تمسكها بحقّها في الانجاب وأنه لن يغضب منها ولن يقاطعها إن طلبت الطلاق…وعرض عليها محاولة الانجاب عن طريق عملية طفل الانبوب، استشارت بيّة وتوفيق بعض الأخصائيين عن العملية فأعلمهم الطبيب بعد معاينة تحاليل توفيق التي جلبها معه، أنه من المستحيل ان يرزق توفيق بطفل فهو يعاني من عقم غير قابل للعلاج…

قررت بيّة طلب الطلاق وكان لها ذلك خلال شهر جويلية 2019 …وبعد أربعة أشهر من إعلان الطلاق تقدّم رجل اسمه عمر لخطبة بيّة فوافقت على الفور خاصة أنها تريد أن تشعر من جديد بإحساس وشعور الأمومة الذي عاشت بهما لعشرات السنين بعد تأكدها أنها قادرة على الانجاب من جديد ولا تعاني من العقم…وحدد يوم الزفاف ودخلت بيّة بيت زوجها الجديد عمر قبل موفى سنة 2019 وكانت سعيدة بهذه الزيجة رغم ما عانته من أوجاع في محاولاتها السابقة حين كانت زوجة توفيق …وكان عمر سعيدا بها وبما قد يحققانه معا…ووعدها بأن يعتني جيدا بها وبأولادها رغم أنهم ليسوا من صلبه…وسيعاملهم جميعا كأبنائه…وسيكون عادلا بينهم وبين أبنائه…

أحست بيّة بعد سنة ونصف من زواجها من عمر بأوجاع في أسفل بطنها وانقطع عنها الطمث لفترة تجاوزت الشهرين فأعلمت طبيبها المباشر والمشرف على حالتها فأمرها بإجراء كل التحاليل اللازمة ففعلت…ولم ينجح الطبيب في تشخيص ما تعانيه بيّة…وتعكرت حالتها…انتفاخ في البطن ونقص العديد من الفيتامينات…وقصور في بعض وظائف الكلى والكبد والقلب وعدم القدرة على المشي لمسافات طويلة…وبعد نصف سنة من معاناة التحاليل والتصوير بالأشعة أعلن الطبيب المباشر ان حمل بيّة كان كاذبا…فبكت بيّة طويلا…رغم مواساة أبنائها من بودبوس واهتمامهم الكبير بأمرها…فقررت أن تحاول الانجاب مرّة أخرى بعد سنة من اليوم…

هذه قصّة “للّة البيّة” كما رواها لي أحد أبنائها…فهل تنجح بيّة في تخطّي اوجاعها وهمومها ونسيان ما مرّت به من ألم ومعاناة في قادم السنوات وتشفى مما أصابها لتحتضن جميع أبنائها كما كانت ومن جديد…وقد تنجب من جديد ونسعد جميعا ونتمتع بالبسيسة والزرير…والخير الوفير…؟؟

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

ورقات يتيم… الورقة 92

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

الميدان التليفزيوني عشت فيه تجارب اخرى احداها مع الزميلة جميلة بالي كمخرج لبرنامجها البيت السعيد …والسيدة جميلة بالي هي بالنسبة لي من افضل من قدم هذه النوعية من البرامج والتي تهتم بالاسرة وبالبيت …

عبد الكريم قطاطة

حضورها تلفزيا كان دافئا وثقافتها بكل ما يهم الاسرة والبيت شاسعة… لذلك حرصت كمخرج ان اوظّف الديكور والاضواء وزوايا التصوير لابرازها بمواصفاتها… تجربة اخرى اعتز بها بل واعتبرها من افضل تجاربي كمخرج تلفزي… انها منوعة قناديل … هي منوعة ثقافية بالاساس اجتمعت فيها عناصر عديدة لتؤسس لنجاحها لدى المشاهدين… تلك العناصر تمثلت اوّلا في حذق منشطتها الزميلة ابتسام المكوّر وجديتها وعمق خزانها الثقافي… ابتسام بالنسبة لي وفي ذلك الزمن كانت تمثل واحدة من افضل المنشطات اذاعيا وتلفزيا، هي وهالة الركبي… حضور متميز… ثقافة واسعة… وقدرة فائقة على التحاور…

العنصر الثاني تمثّل في مشاركة الاستاذ رضا بسباس في الانتاج اوّلا وفي تناول الموضوع المقترح لكلّ حلقة… وما ميّز الزميل رضا بسباس البحث في جوانب طريفة عبر العديد مما كُتب في الموضوع وعبر الامثال الشعبية لنفس الغرض… العنصر الثالث وهو من العناصر التي اعطت رونقا خاصا لبرنامج قناديل والمتمثل في تكفّل الزميل والصديق محمد العود رحمه الله بالجانب الموسيقي للبرنامج… محمد رحمه الله كان شديد الحرص على الانتقاء الجيد لنوعية الاغاني الخالدة واعادة توزيعها، و على اختيار الاصوات المؤدية لتلك الاغاني… محمد رحمه الله كان من الفنانين القلائل الذين لا عاطفة لهم في اختياراته وهو كسمّيع جيّد للعزف والتنفيذ صعب المراس… لذلك جاءت نتيجة تفانيه في عمله موسيقيا جيّدة للغاية…

وحرصت من جانبي على ان اتماهى مع هذه المجموعة لاخرج برنامج قناديل في حلّة جميلة… وهنا لابدّ من تحية الفنان الاستاد لمجد جبير الذي تكفل بصنع الديكور كاوّل تجربه له في الميدان التلفزي… والزميل نورالدين بوصباح كمدير للاضاءة وكافة الفريق التقني الذي عمل معي بكل حبّ وجهد … البرنامج لقي صدى ممتازا لدى السادة المشاهدين مما جعل بعض التلفزات العربية (كالـ”ام بي سي”) تفكّر في شرائه… هكذا قيل لنا والله اعلم….

نهاية برنامج قناديل لم تكن سارّة بالمرّة … نعم … وهاكم الاسباب… انا وابتسام كنا ومازلنا صديقين علاوة على الزمالة …ربما لاننا نشترك في خاصيات عديدة في شخصيتينا ..ومن ضمنها النرجسية …اي نعم .. اليس كذلك يا ابتسام ؟؟… من هذه الزاوية ابتسام كانت حريصة جدا على انتاج حلقات قناديل في موعدها وهي مُحقّة في ذلك …لكن وبقدر حرصي كذلك وعلى امتداد حلقات عديدة كي انجز تلك الحلقات اخراجا ومونتاجا وميكساجا، بقدر ايماني بانّ عملي يدخل في خانة الفنّ وليس في خانة الوظيفة .. والفنان بالنسبة لي قد تعتريه اوقات يجد فيها نفسه غير مؤهل للعمل …فيؤجل القيام بعمله لايام افضل …حدث هذا الامر مرة واحدة لم استطع فيها القيام بواجبي لاحضار الحلقة في موعدها ..هنا ثارت ثائرة ابتسام ولم تقبل بالامر …وكعادتها عندما تكون غاضبة زمجرت في وجهي وبكلّ حدّة …

ولانّ نرجسيتي لا تقلّ عن نرجسيتها ..رفضت زمجرتها وبكلّ حدّة ايضا وقلت لها (مانيش صوينع نخدم عندك) وانسحبت من اخراج البرنامج …وطبعا كان موقفها (محسوب كان انسحبت توة نعيّط لسي بوبكر) وهي تعني الزميل بوبكر العش رحمه الله… و(طززز فيك) .. هي لم تقلها للامانة طززز فيك ولكن ذاك كان موقفها ضمنيا …وفعلا اخذ زميلي العش على عاتقه مهمة اخراج قناديل بتصور اخر وديكور اخر …لكنّ التجربة لم تعمّر كثيرا ..ليس قدحا في امكانيات المرحوم ابو بكر بل ولانّي اعرفهما بعمق كنت واثقا انّ التناغم بينهما لن يكون في اوجه ….

تجربتي الثالثة في الميدان التلفزي كانت في خانة اخراج المباريات الرياضية (كرة قدم)… هذه التجربة سبقها تدريب تكويني في الغرض بدمشق ولمدة 21 يوما بمركز تابع للاتحاد العربي للاذاعة والتلفزيون سنة 1996… بعد اتمام التدريب الذي كان على درجة متميزة نظرا لكفاءة المؤطرين، كلّفتني ادارة التلفزة باخراج بعض مباريات النادي الصفاقسي سواء في البطولة الوطنية او في المسابقات الافريقية … وكنت فيها فاشلا بكلّ المقاييس … نعم … نقل واخراج المباريات الكروية يتطلب عنصرين هامين… اوّلهما التركيز الكلّي على مجريات اللعب مع الحرص على اختيار زوايا مختلفة لتنويع المشهد… والحرص خصوصا على عدم التفويت في ايّة لقطة هامة في المباراة ..وهنا ياتي دور العنصر الثاني وهو سرعة رد الفعل للمخرج في اختيار الكاميرا المناسبة التي تصوّر اللقطة الهامة… هدف او ضربة جزاء او اعتداء لاعب على اخر كامثلة …

قلت اني فشلت فشلا ذريعا في اخراج هذه المقابلات اوّلا خوفي من تفويت اللقطات الهامة اجبرني على اختيار الكاميرا التي ينحصر دورها في تصوير المشهد العام Plan général ///ككاميرا رئيسية طوال فترات اللعب ..وهو ما يجعل اللاعبين اشبه بالذباب فوق الشاشة .. ثم انتمائي وعشقي للسي اس اس جعلني في احيان كثيرة اتماهى مع لاعبي النادي بشكل ذاتي وانسى دوري كمخرج …اي نعم لم استطع في عديد اللقطات التخلص من ذاتيتي… بل احيانا كنت اصفق وارقص عندما يسجل فريقي هدفا ما وكاني واحد من قوم الفيراج … ولانّي كنت وخاصة في ما يتعلق بالامور المهنية قاسيا جدا في الحكم على نتائج الاعمال، ..اعتذرت لادارة التلفزة عن مثل هذه الاعمال التي كانت رديئة فعلا بمنظار علمي ..وادارة التلفزة كان موقفها من قراري (الحمد لله جات منك يا ميضة انت ناشفة وانا تارك صلاة) …

التجربة الاخيرة في الميدان التلفزي كمحرج خضتها مع زميلي زهير بن احمد ..كان البرنامج يحمل عنوان (دروب وآفاق) ..وهو ايضا من النوع الوثائقي …تنقلنا فيه الى عديد المناطق في صفاقس وخارجها لتصوير دروبها وآفاقها … كان فيها الزميل زهير ذلك الصحفي الهادئ الرصين والمتمكن وبحرفية من عمله ..وكنت فيه المخرج الذي حاول قدر الامكان ان يجتهد في حدود ما يتطلبه الشريط .. ولعلّ ابرز الحلقات التي بقيت راسخة في ذاكرتي حلقة تناولت صفاقس الجديدة كمشروع… حيث وقع هدم القناطر الثلاث التي كانت موجودة انذاك بطريق تونس وقرمدة والعين ..وحيث وقع ايضا تصوير اوّل قطار يدخل لصفاقس بعد تحويل مساره من صفاقس الى قابس …

تلك كانت تجاربي في ميدان التلفزيون كمخرج وكمنتج احيانا والتي لا يمكن في باب تقييمها الا بوصفها بالمتواضعة جدا ..ودون ما كنت اطمح اليه …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

بطولة في السماء أم هزيمة على الأرض؟ (3)

نشرت

في

عبد القادر المقري:

نحتار حقا في توصيف ما جرى السنة الأخيرة في منطقتيْ شمال فلسطين وجنوب لبنان… ومبعث الحيرة هذا الدفق اللامتناهي من الدماء والدموع والشجن الذي يملؤنا ولا يترك وقتا ولا مجالا إلا للانحياز للمقتول ضد القاتل، وللمغتصب ضد الغاصب، وللمنزل الطائر شظايا ضد الطائرة الحاملة دمارا وعدوانا.

عبد القادر المقري Makri Abdelkader

الدافع الثاني للحيرة هو ما يمكن تسميته بجلال الموت… نعم، ليس هناك من دليل أعلى على صدق أحد وبطولته وصفاء نواياه من أنه يقدم نفسه فداء لقضية ما… لذلك رحنا نطلق صفة الشهادة على من نتفق معه وهو حي، كما نطلقها على من نختلف معه حتى كليا عندما كان من هذه الدنيا… لا، الآن وبعد أن أهدى روحه على ميدان المعركة، فلا تجوز عليه سوى الرحمة والإكبار والتعميد بصفة الشهيد البار… المشكلة أن هذا المنطق يصلح في آداب التعامل مع الموت، في التنفيس عن مشاعر حنق تجاه عدو رئيسي ووجوديّ مكين… يصلح أيضا في رومانسيات الحروب وفرسانها الذين يستبسلون في معركة ويتحوّلون إلى أيقونات أمام عيون الصغار ودروس التربية الوطنية ومعاني الوطن… والعَبرة التي نشرق بها ونحن ننشد لحن الوفاء له، كلما رفرف علم وخفقت جرّاءه قلوب وتنادت أفئدة…

وتكبر الحيرة حين تختلط مع الرحيق المقدس أوشابٌ وأتربة وتساؤلات… نعم … للأسف لا تخلو كأسنا التي نتجرعها من بعض العلامات التي تجعلنا نتردد والزجاج الناعم يقترب من شفاهنا… جاء التردد من استرجاع بعض الصور والذكريات القريبة والبعيدة التي تقول لنا حذار… انتظروا… فاللون الأبيض النقي هو لون السكّر والملح في آن واحد، ورعود السماء تأتي بالمطر الطيّب والصاعقة القاتلة لنفس المُزارع المنتظر تحت شجرة… والبحار الطامية هي خير وسمك وبركة للصياد وهي أيضا الهلاك والغرق… تتشابه الأشكال بين مواد عدة وظواهر، ولكن هل تطابقت دوما الظواهر والجواهر؟

وتتداعى التمثّلات… ولكن على الأرض ماذا نقول في من قتلوا أنفسهم في عمليات داعش، وقتلوا معها تلاميذ مدرسة أو متزاحمين في سوق أو مصلين في جامع؟ … وماذا نقول في سقوط إرهابي صريعا ذات مواجهة مع الشرطة ويداه ملطختان بدم شكري بالعيد؟… وماذا نقول في المئات ممن غُسلت أدمغتهم فصاروا يعتبروننا كافة دار حرب وأقسموا على تصفيتنا فرادى وجماعات وهم معنا بالحزام الناسف؟ … للعلم فلهؤلاء مفتون من فئة خميس الماجري وأبي عياض والمرحوم حسن الغضباني، يسبغون عليهم نعت الشهيد بابتسامة هانئة وقلب مستريح… بل وينضمّ إليهم مذيع تافه لا همّ له سوى الحفاظ على كرسيّ أمام الكاميرا وريع سمين تحت أرجل الكرسي …

نهتف حتما للأبطال الذين استشهدوا، مع حسرة على فقدانهم وأمنية بأن يقتلوا العدوّ لا أن يسقطوا صرعى… الشهادة لهم لكن لنا الهزيمة في آخر المطاف… وهزائم الحروب ليست إنشاء ولا شعرا ولا لعبا بالمصطلحات… هي حصائل باردة لواحد مع واحد يساوي اثنين… من الذي خرج من الميدان (ولو شهيدا) ومن الذي بقي حيّا يصول ويجول؟… وهنا لا ينفع التأبين ولا التعظيم ولا الخلود ولا قناة الجزيرة… منطق الحرب أن تعيش لا أن تموت، وهذه أهم توصية تصدر عادة عن القادة وهم يوجهون جنودهم في مهمة… وحتى إذا شاء القدر وترك الواحد حياته على ساح الشرف، فيكون في المقابل أوقع بأعداد وافرة من صفوف العدوّ قبل أن يبذل الدم والروح…

ولكننا في هذه الموقعة إلى أين وصلنا وكم خسرنا من أرواح وكم خسر العدوّ؟ وكم كانت كلفة 7 أكتوبر 2023 وماذا كسبنا خلالها وأية رقعة حرّرنا؟ … دائما بمنطق الحروب القاسي، هذا ما حصل… عشرات الآلاف من مدنيي غزة والضفة وجنوبي لبنان، أعداد من “العسكريين” شبه العزّل تختلف الأرقام في تقديرها بين المتحاربين، ولكنها في النهاية كبيرة وموجعة… ويكفي أنها حرمت المقاومة من أهم قادتها وحتى التالين في الأهمية… دون الحديث عن دمار شامل فعلا لمدن وقرى وبلدات ومبان ومرافق تعجز قوى عظمى عن إعادة إعمارها بسرعة لو تمّت على أراضيها إثر كارثة طبيعية… فكيف بنا ولا زلزال سُجّل في غزة أو إعصار ضرب جنوب لبنان…

الزلزال الوحيد الذي ضرب أهالينا هناك كان قرارا بحرب غير متكافئة، سيئة التوقيت والحساب… بل ويجعلك تتساءل بعد هذا العبث وذلك الدمار: لفائدة من كل هذا؟ ولماذا انتقلت القضية من هدف تحرير الأرض إلى المناشدة بوقف إطلاق النار؟ ومن يعوّض لمن تيتّم أو ترمّل أو ثكل؟ ومن يؤوي الذين تشرّدوا؟ أم نكتفي بآية “لا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله…”، وبمقولة ذلك القيادي في حماس عن مدى انشغاله بملايين المدنيين المعرّضين للقصف والموت: أولئك مسؤولية المجتمع الدولي؟!!!

أكمل القراءة

جور نار

هل حان فعلا، رد الدب الروسي على استفزازات الغرب؟؟

نشرت

في

محمد الزمزاري:

إثر تصميم الغربيين على تزويد اوكرانيا بصواريخ بالستية لضرب روسيا في العمق و تنفيذهم ذلك على الرغم من الإنذارات والتهديدات الروسية المتتالية التي يبدو اول الأمر أن الغرب لم يأخذها مأخذ الجد، كشف فلاديمير بوتين عن بعض نماذج من ترسانته العسكرية كما أدى زيارة هامة إلى كازاخستان خلال هذا الاسبوع مصرحا ان هذا البلد صديق لروسيا وشريك يعتمد عليه.

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

وتكتسي هذه الزيارة طابعا عسكريا اكثر من اي شيء آخر كما تخللها عرض لبعض من ترسانة موسكو العسكرية، و كذلك لما يعرفه الروس عن ترسانة الغرب بالتفصيل و بدقة متناهية و أماكن تركيزها وتحركاتها بالإضافة إلى مقارنة قدرات كل صاروخ بالستي فرنسي كان او ألماني او انكليزي او أمريكي بما يقابله من بالستي روسي… وأكد الرئيس الروسي ان مخزون بلاده من هذه الأنواع كاملة يفوق اكثر من عشر مرات ما تحويه ترسانة الغرب برمّتها، مما دفع الغربيين إلى وضعية جديدة من الاستنفار والاجتماعات المعلنة و السرية أيضا للناتو، هذا بالإضافة إلى ردود فعل حول تصريح فلاديمير بوتين الذي استشاط غضبا امام تحدي الغرب ووقاحته المتعمدة.

لقد ايقنت الدول الغربية اخيرا ان بوتين أنهى المزاح والتهديدات المحدودة ومر إلى قرارات وشيكة بالدخول في حرب للدفاع عن روسيا التي مثلت وتجسم اليوم إرث الاتحاد السوفياتي التي تم تدميره وها أن الناتو يرغب في الاجهاز على روسيا بدورها عبر استنزافها اقتصاديا واجتماعيا و عسكريا وفرض حرب بالوكالة من خلال “حصان اوكرانيا”. ويبدو أن الكريملين كان يفهم هذه المخططات ويحاول جاهدا الاستعداد لها جيدا باعتبارها محددة لمصير روسيا وصورتها التي ستثبت اما تأكيد قوتها و مكانتها الاستراتيجية او انحلالها وعلى الأقل اضعافها. ويتبين ذلك اعتمادا على مخطط حرب غربية واردة مع الصين التي تعتبرها الولايات المتحدة العدو الأكبر والأخطر على جميع الواجهات اقتصاديا خاصة وعسكريا أيضا. وكان لابد قبل ذلك من إزاحة روسيا من الطريق او القضاء على ترسانتها للتفرد بالغول الصيني.

فشلت الحرب الاقتصادية الغربية ضد الروس بل ان هؤلاء فرضوا وجودهم بالبلدان الافريقية ونجحوا في تخطي كل المعطلات لاقتصادهم و أسسوا تجمعا نقديا و اقتصاديا جديدا (البريكس) توسع وعلى بابه اليوم قائمة كبيرة من منتظري الانخراط. كل هذا بالإضافة إلى إبرام اتفاقيات تعاون عسكري مع إيران ودعم التقارب الوثيق مع كوريا الشمالية التي بادرت بإرسال اكثر من 10 آلاف جندي لمساعدة روسيا في حربها ضد اوكرانيا.

واذا رجعنا للحرب الروسية الاوكرانية التي دامت طويلا جراء الدعم غير المسبوق من الناتو لكييف، يستوجب الإشارة إلى ان روسيا لم تكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي منشغلة بالحروب الميدانية التقليدية قدر ما ركّزت على تنمية الاقتصاد ورفاه السكان الذي كان متدهورا. أما الجانب الذي لقي الأكثر عناية فهو الأبحاث العسكرية و تعزيز القدرات النووية التي يرى الروس انها اهم رصيد دفاعي او هجومي… كما بلغ الجانب الاستخباراتي أيضا أوجه ويكفي التذكير بان اعدادا وافرة من الكوادر السامية والقيادات المؤثرة ثبت زرعها في مواطن القرارات والأبحاث و الاستخبارات وحتى التاثير على الانتخابات بالغرب، وخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية…

بعد الانذار الاخير لبوتين استشعر الغربيون انهم لم يتركوا للدب المفترس اية فرصة غير الاستماتة في الدفاع عن عرينه. وفي هذه المرحلة الدقيقة التي تجسم قمة استعراض القوى بين غرب متخوف من عودة ساكن للبيت الأبيض لا يرغب كثيرا في إرهاق الخزينة الأمريكية لصالح الناتو او حرب اوكرانيا، وبين تهديدات تبدو جدية من ساكن آخر في الكريملين، نرى ان نتاج هذه الأوضاع ستكون حتما إما انهاء حرب اوكرانيا لصالح موسكو وربما يرفق ذلك بتنازل روسي طفيف عن جزء محدود من شرق اوكرانيا ووضع حد لكل التضييقات الاقتصادية الناتجة عن العقوبات المتتالية ضد روسيا، او التورط في حرب عالمية كان الجميع يستبعد وقوعها، اذا ما اختلط الغباء الغربي بالعقلية الكوباوية للرئيس الأمريكي القديم الجديد.

أكمل القراءة

صن نار