ليست مشاريع لإصلاح إدارة أو صحافة … بل لضرب الدولة يا سي هشام
نشرت
قبل 4 سنوات
في
…المبادرة التشريعية التيي تقدمت بها كتلة ائتلاف الكرامة خلال جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي لتنقيح المرسوم 116 ، وجدت كما نعلم دعمها قويا و مفاجئا من رئيس الحكومة المشيشي … و قد ذهبت جل التعليقات إلى أنها تدخل ضمن مناورة تستهدف ضرب أحد أهم المكاسب التي تحققت بقصد أو من غير قصد غداة حراك 2010 ـ 2011 …
هذه الحرية كانت نتاجا لولادة عسيرة قيصرية و حقا لم يأخذه شعبنا و نخبه إلا بعد صراع قاس استمرّ عقودا و راح فيه رجال و نساء رفاقا للسجون أو سمادا لمقابر الشهداء … و لا أدري إن كان “مؤلفو” هذا المشروع و أنصارهم ـ لو وُجدوا ـ يعرفون شيئا عن تلك المعاناة و خاصة عن معاناة أشنع حين نعود الى مربّعنا الأوّل و نصبح رهائن في أيد آثمة و سوقا يحكمه المجهول …
كنا و كان أحرار هذه البلاد عامة، يعتبرون أن الحرية التي اكتسبناها هي مكسب منقوص يتطلب المزيد من الدعم و التنقية … و يستلزم تخليصه من مخالب المافيات السياسوية و الاقتصادية، و تنظيم تدفق الإشهار العمومي الذي ضاع دمه بين القبائل النافذة … كنا ننتظر إصلاح من شأن الإعلام العمومي، و تمكينه من التطوّر و إخراجه من وضع البوق الذي ظل يلازمه من أول الخليقة … كنا ننتظر أن يقع دعم إعلامنا أو مساعدته و لو بالسكوت…
و لكن الذي حدث في اليومين الأخيرين و ضرب حريتنا و إعلامنا في مقتل، هو دعم رئيس الحكومة لمشروع عدواني فوضوي كهذا … و سحبه لمبادرة كانت أعدّتها حكومة الفخفاخ من قبله و تركته على طاولته، و كانت عبارة عن مشروع لتقنين المرسوم 116 الذي تمخض عن ثورة 2011، و تثبيت المكاسب التي وردت فيه و تعزيزها … لم يراع المشيشي حتى مبدأ استمرارية الدولة، و نسي أنه كان عضوا ـ و عضوا مهمّا جدّا ـ في الحكومة السابقة … و بدل أن يضيف للبلاد التي تنتظر منه حلولا لمشاكلها، ألقى بالمبادرة الحكومية في سلة المهملات، عسىأن يحصل على “حزام سياسي” من نواب اثبتت الايام و الاحداث و التحالفات انهم يتلونون طبقا للمتغيرات و لاجنداتهم
في نفس اليوم الذي طرحت فيه المبادرة المذكورة تم طرح مبادرة اخرى لا تقل خطورة، و لكنها مرت مر الكرام … و هي التي تصب في خانة ضرب مكاسب الموظفين و المتقاعدين المدنيين والعسكريين … و تتمثل في تنقيح بعض فقرات القانون عدد 12/85 ومن فصوله المتعلقة خاصة بالجرايات … مثل حذف التقاعد الوجوبي و الذي تقدمت به نفس الكتلة المذكورة تحت ذريعة انقاذ الصناديق الاجتماعية وتقليص خساءرها وافلاسها الذي يعرف الجميع اسبابه …
….إن المبادرتين التشريعيتين توجهان رسالة واضحة مضادة لكل قيم الديمقراطية وركائز الدولة المدنية … رغم ما تسوّقه الأطراف لاستبلاه عامة شعب بدأ يكشف وجوههم و يملّ من صراخهم المشبوه، يدرك الفرق بين الطيب و الخبيث … و يعي بأن بعض القوى الخطرة تسللت إلأى مؤسساتنا السيادية لنسف أسس الدولة المدنية من إعلام و إدارة و اقتصاد وطني و فكر و ثقافة و تعليم …
و المؤسف حقا … أن هذه “الدولة المدنية” برموزها سواء في عهد المرحوم الباجي قائد السبسي، أو في عهد قيس سعيّد … هي التي تساعدهم على ذلك …