ما الذي سيأتي به 17 ديسمبر … بعد الفشل الكبير الذي جاء به 25 جويلية؟
نشرت
قبل 3 سنوات
في
وكأني بساكن قرطاج خسر كل رهاناته…ويستعد لأمر جلل قد يفرض عليه “رمي المنديل” إن ذهب في تنفيذ ما أوعز له به بعض من هم حوله ومواصلة سياسة الهروب إلى الأمام في قادم الأيام…والواضح أن خيارات قيس سعيد هي من أوقعه في فخّ سياساته الارتجالية…
فالرجل خرج علينا منذ استحواذه على كل مفاصل الحكم بقرارات تقييد للحريات غريبة وعجيبة مسّت العديد من الشخصيات السياسية والإعلامية في البلاد…فوصلة منع السفر فشلت…ووصلة الإقامة الجبرية فشلت أيضا…ووصلة مخازن الحديد وما صاحبها من حديث واتهامات فشلت هي أيضا…وكل ما قرره بعد ذلك فشل…ثم جاءت بعض الإيقافات العشوائية لبعض الشخصيات السياسية لتلقى نفس مصير سابقاتها …و لم يبق في السجن غير بعض الوجوه السياسية والنيابية التي لن يطول بها المقام هناك…حسب ما أكده ويؤكده بعض المحامين الماسكين لملفاتهم.
أما من ناحية الملف الاقتصادي فإن ساكن قرطاج فشل أيضا في كل مساعيه لجلب الدعم وتغطية العجز الذي تعيشه ميزانية الدولة… فقائمة الفقيد عبد الفتاح عمر لم تأت بشيء جديد ولا يمكن استعمالها لتنمية موارد الدولة… والأموال “المنهوبة” لا وجود لها إلا في خيال من كتب قصتها…والشركات الأهلية لن تجلب شيئا لموارد الدولة ولا للجهات التي ستنتصب فيها…فمن أين سيأتي ساكن قرطاج بما يخرج البلاد من أزمتها الخطيرة؟ فلا دول الخليج أنجدته بما يكفي لإخراجه من ورطة الوعود التي لم تنجز…ولا صندوق النقد الدولي رضخ لما يريده قيس سعيد…ولا حتى دول الاتحاد الأوروبي مدّت يد المساعدة إلى ساكن قرطاج…فماذا بقي لساكن قرطاج حتى يحافظ على شعبيته ولا ينفضّ من حوله أتباعه ومريديه؟ لا شيء غير مواصلة خطابه الرافض لكل خصومه وكل مكوّنات المشهد السياسي الذي كان يشاركه الحكم قبل 25 جويلية، وكل من لم “يبايعه” منهم…
قد يكون يوم السابع عشر من ديسمبر وإعلانه عيدا لــ”ثورة” 14 جانفي إضافة إلى ما سيتضمنه من قرارات وإعلان عن مواعيد الاستفتاء وغيرها من المواعيد التي ينتظرها الشارع السياسي، وإضافة إلى الإعلان الرسمي عن الجدول الزمني للخروج من التدابير الاستثنائية، أقول، قد يكون حافلا بالتهديد والوعيد والويل والثبور وعظائم الأمور لكل خصوم ساكن قرطاج …فقد يُقدم ساكن قرطاج على قرارات خطيرة وخطيرة جدا إن “أفتى” له أساتذة القانون الذين دعاهم في الأيام القليلة الماضية لجلسة توضيحية لمآلات قرارات محكمة المحاسبات حول النزاعات الانتخابية، وقد يلجأ الرئيس إن أفتى له أساتذة القانون باستعمال المراسيم قضائيا استنادا إلى الفقرة الثانية من الفصل 163 من القانون الانتخابي الذي ينصّ على أن أعضاء القائمة المنتفعة بالتمويل الأجنبي يفقدون عضويتهم بمجلس نوّاب الشعب وأن المترشح لرئاسة الجمهورية الذي تمتع بالتمويل الأجنبي يعاقب بالسجن لمدة 5 سنوات، وبذلك “يستبعد” ساكن قرطاج من طريقه جزءا هاما من خصومه والمعارضين لما أتاه بعد 25 جويلية الماضي. وبذلك يعود أيضا إلى دغدغة مشاعر “العداء الجماهيري” من أتباعه والبعض الآخر من مكوّنات المشهد السياسي لحركة النهضة وقلب تونس ومن حولهما، فالرئيس لن يصل به الأمر إلى حلّ حزبي حركة النهضة وقلب تونس ولا أظنّ أنه سيغامر بذلك، رغم أن بعض قيادات النهضة تحاول من خلال بعض خطبها تحويل وجهته إلى ذلك الخيار الخطير، وقد يكتفي بتقليم أظافر هذين الحزبين من خلال التخفيض من تمثيليتهما النيابية بإسقاط بعض قوائمهما الانتخابية وبذلك يضمن لنفسه مهلة أخرى من أتباعه الذين طال انتظارهم لموعد قطف ثمار دعمهم ومساندتهم لساكن قرطاج….وقد يقع تبعا لذلك تنظيم انتخابات برلمانية جزئية في أغلب مناطق البلاد تكسبها قائمات قيس سعيد ويتربع من خلالها على عرش البلاد الحاكم بأمره والواحد الأحد..
وفي سيناريو آخر أستبعده شخصيا، قد يفعلها ولا يكتفي فقط بتقليم أظافر الحزبين ويفاجئ الجميع بمرسوم حلّهما في محاولة منه، أولا، لإعادة شعبيته إلى أعلى مستوياتها، وثانيا لإجبارهما وخاصة حركة النهضة على الخطأ القاتل باللجوء إلى الفوضى والعنف وهو المبرر الذي قد يستعمله ساكن قرطاج لاتخاذ قرارات ردعية ضدّ العديد من قيادات النهضة وهو كذلك أيضا الأمر الذي سيكون أيضا في غير صالحه وقد تستعمله حركة النهضة في حملاتها الخارجية ضدّ سياسات قيس سعيد ومحاولاته “الضمنية” للانفراد بالحكم…
قرطاج وساحة محمد علي…”عيطة وشهود…”
استغرب بعض المتابعين للمشهد السياسي ما أتاه الطبوبي ومن معه بعد أن كانوا أكبر الداعمين لقيس سعيد في ما قرره يوم عيد الجمهورية…فالطبوبي انقلب على مواقفه الداعمة لسياسات قيس سعيد وأعلن رفضه لكل ما قد يعلن عنه هذا الأخير في قادم الأيام…لسائل أن يسأل لماذا هذا الانقلاب من المنظمة الشغيلة؟
الواضح أن الطبوبي لم يكن يبحث عن دعم ومساندة ساكن قرطاج في ما أتاه مجانا، بل كان يبحث عن البقاء شريكا في الحكم والحفاظ على موقعه خوفا من النبش في ملفات الاتحاد خلال عشرية الخراب فالطبوبي يدرك جيّدا أن الاتحاد لم يرأف بحال البلاد منذ جانفي 2011، وكان أبرز من ساهموا في الخراب الذي حلّ بالبلاد وباقتصادها…فلا عبد السلام جراد رحمه الله ومن معه هادنوا الدولة …ولا حسين العباسي ومن معه وافقوا على هدنة تسترجع بها الدولة أنفاسها…ولا الطبوبي ومن معه قبلوا بهدنة تصلح بها الدولة حال اقتصادها…فغلق مواقع الإنتاج…والفوضى التي أجبرت المستثمرين للهروب بجلدهم من تونس…والمطلبية المشطّة التي أغرق بها قيادات الاتحاد كل القطاعات وغيرها من عمليات لي ذراع الدولة في كامل عشرية الخراب ساهمت بنسبة كبيرة، وكبيرة جدا في الخراب الاقتصادي الذي أوصل البلاد إلى حافة الإفلاس… فالطبوبي لم يكن داعما لساكن قرطاج من أجل عيون البلاد ولا تاريخ حشاد والاتحاد…بل كان ذلك من أجل عيونه وعيون من معه…وانقلابه على موقفه الداعم وغير المشروط لقيس سعيد جاء مباشرة بعد الحكم الابتدائي الرافض لمخرجات المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي للاتحاد الذي أطال عمر بقاء الطبوبي على رأس منظمة ساحة محمد علي…
فهل يقرأ قيس سعيد الدرس جيدا ويكبح جماح إجراءاته ويعود إلى مكوّنات المشهد السياسي بحثا عن حلّ عقلاني ومنطقي يخرج البلاد مما هي فيه ويمكنّها من إيجاد بدائل مجدية تقيها خطر الانزلاق إلى ما لا تحمد عقباه، أم يواصل سياسة الهروب إلى الأمام ويتسبّب في شلل كامل بكل مفاصل الدولة والبلاد بعد أن فشل في كل ما أتاه وما قرره منذ 25 جويلية الماضي؟