مِنْظ ... نار

مبروك إذاعة الشباب…اليوبيل الفضّي

نشرت

في

        احتفلت منذ أيام إذاعة الشباب بيوبيلها الفضي بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاما على تأسيسها كأول إذاعة متخصّصة تخاطب من خلال برامجها ومحتواها فئة هامّة من أبناء تونس وأعني الشباب. و لم يكن التأسيس بالأمر الهيّن على مستوى أسئلة محوريّة مفادها ماذا نريد من هذه الإذاعة ؟ ما هي رسالتها ؟ ما هي اللغة التي ستخاطب بها الشباب و الأسلوب المعتمد ؟ و تلقى هذه الأسئلة لزوميتها في أن الفئة المستهدفة لها خصائص و متطلّبات ومطامح،  و رؤية للمجتمع و للحياة ، و نزعة إلى الاندفاع و التمرّد، و ميولات فنّية و ذوقيّة كلّها تختلف عن السائد و عن الذي تعوّد عليه جمهور الإذاعة عموما.

<strong>مولدي الهمامي<strong>

 و قد أوكلت المهمّة إلى الإعلامي الكبير الأستاذ محمّد رؤوف يعيش المعروف و إلى حدّ اليوم بالصرامة و الجدّية و اعتبار تفاصيل التفاصيل إلى جانب ثقافته الواسعة و خبرته الكبيرة في المجال الإذاعي والتلفزي على حدّ سواء فكان الجهد الذي بذله مع الفريق الذي اختاره على امتداد أشهر من العمل الدؤوب في مستوى النتيجة المرجوّة، و تمّ وضع الشبكة البرامجية المنسجمة مع رغبات الشباب من خلال استبيان نظّم للغرض و عن طريق المناظرات تمّ اختيار فريق الصحافيين و المنشطين والمنتجين الذين سيحملون الإذاعة  الوليدة على بساط الاثير إلى الآفاق الأرحب .

وفي ظرف وجيز برزت أسماء لمنتجين ومنشّطين وهي كثيرة،  ومع الإعتذار لمن لم ترد أسماؤهم في المقال … أذكر محمد بوغلاب، كلثوم السعيدي ، كريمة الوسلاتي ، منذر الجبنياني ، ألفة الشرقي ، هندة العسكري ، سماح الفرجاني، المرحومة راضية بوعبان، سناء قطاط ، هالة التوايتي … و العديد منهم شقّ طريقه و بنجاح باهر في مسالك أخرى من العمل الإعلامي الإذاعي و التلفزي سواء في تونس أو خارجها و منهم الهادي زعيّم و حسّان بالواعر و كذلك علي ابراهيم، و عصام الشوّالي، و شادية خذير، و رازي القنزوعي . لقد كانوا شبابا من الجنسين، وجوههم تتّقد حيويّة و أظهروا قدرة على الخلق و التصوّر البرامجي في كلّ الاغراض تقريبا فوُجد نسق جديد و خطاب و أسلوب مختلفان، احتوتها العديد من العناوين البرامجيّة (بانوراما، موسيقى بلا حدود، شدو الحياة، نادي النوادي، مرحى مرحى يا أطفال …)، كما أعطت هذه الإذاعة الفتيّة الفرصة للكثير من الفنّانين للبروز أو لمزيد الإشعاع في الساحة الثقافيّة و حصلت الإضافة المنتظرة، و استطاعت و في ظرف وجيز أن تكون لها أرضية صلبة من المستمعين الأوفياء و أن تكون بالفعل صوتا مختلفا للشباب في مختلف أنحاء البلاد … و لا ننسى ما حصدته من جوائز على المستوى العربي في مهرجانات عديدة بفعل قيمة منتوجها و تنوّعه و ثرائه. 

<strong><em>عصام الشوالي<em><strong>
<strong><em>هادي الزعيم<em><strong>
<strong><em>رازي القنزوعي<em><strong>

وإلى جانب هذا الدور كانت إذاعة الشباب ولا زالت المنصّة التي قدّمت و تقدّم للإذاعة الوطنيّة و في أوقات مختلفة مجموعة من الإذاعيين الذين تشبّعوا بروح العمل الأثيري و كانوا بمثابة الدماء الجديدة التي يحتاجها كل جسم إذاعي لتزداد حيويته بأفكار هي في كل مرّة الإضافة المحمودة للإذاعة العموميّة عموما بفضل هدا التكامل والتنوّع في الأدوار.   

وبقدر ما تكون الذكريات جميلة و استحضارها هو محافظة على ذاكرة الإذاعيّة العموميّة والتي تزخر بالعديد من المحطّات المضيئة فإنّ المناسبة ليست للذكرى فقط أو للتقويم و النقد و قراءة في مسيرة هذه الأعوام، بقدر ما هي محاولة للفت الإنتباه إلى واقع الإعلام العمومي الإذاعي اليوم و الذي يتطلّب بالفعل تدخّلا سريعا حتى لا أقول عاجلا من الدولة، لإعادة هيكلته و تنظيمه على أسس تتماشى و التطوّر الذي يعرفه العمل الإذاعي في العالم عموما.

إنّ إعادة الهيكلة باتت مطلوبة اليوم في ظلّ التحدّيات التي تجابهها الإذاعة العموميّة وأولّها احتلال المقعد اللاّئق بها في المشهد الإعلامي الوطني، و هذا لا يتأتى فقط بعزيمة أهل الإذاعة العموميّة و جهودهم و تضحياتهم فهذه مسائل لا تحتمل أدنى درجات الشك، بل هناك في المقابل دولة ترعى و تتعهّد وتسهر على حلّ الإشكالات القائمة و مع الأسف فهي عديدة … فنحن اليوم أمام عائلة يعدّ أفرادها بالمئات يعيشون في خمس إذاعات على المستوى المركزي في بناية 71  شارع الحرية و خمس إذاعات على المستوى الجهوي وهي على التوالي صفاقس والمنستير وقفصة والكاف وتطاوين .

هذه المحطّات باتت في حاجة إلى وضع مختلف يمكّنها من الإنفتاح أكثر فأكثر على كفاءات جديدة تواصل حمل المشعل و تبعث في الإعلام العمومي نفسا مطلوبا في الوقت الحالي في ظلّ منافسة شديدة مع القطاع الخاص، و هي في حاجة أيضا إلى تنظيم إداري أكثر مرونة يمنح محطّات الإعلام العمومي حرّية أكثر في التصرّف في إمكاناتها و يحدّ و لو لمسافات قصيرة من ضرورة الرجوع إلى المركز في مسائل يمكن معالجتها على مستوى المحطة دون إخلال بالعمل الإداري والمالي … إلى جانب هيكلة تراعي خصوصيّة العمل الإذاعي بما في ذلك المسائل اللوجستيّة مثل وسائل النقل وأهمّيتها بالنسبة إلى الإذاعات الجهوية المدعوّة إلى مواكبة مختلف الأنشطة والتظاهرات في الإقليم المشمول بتغطيتها على وجه الخصوص … والقائمة المتعلّقة بالمعالجة و الإصلاح والتطوير “طويلة عريضة ” و يكفي أن نجلس مع أهل الدار حتى تُدرك النقائص و تُوضع الحلول المناسبة.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version