– ” من المواقف الشهيرة في الأفلام الكوميدية، أن يُتهم البطل بالجنون، أو يشكون في أمره ويدخلونه مستشفى المجانين .. عندها يحاول إثبات أن عقله سليم، غير أن هذا بالضبط هو التصرف الذي يجعله يبدو أكثر جنونًا. إنه يقول كلامًا مختلطًا عن (مصطفى الذي جاء به هنا)، وعن (محاسن التي تنتظره في الخارج)، هنا يهز الطبيب النفسي رأسه في فهم ويغمغم: «طبعًا.. طبعًا.. مصطفى.. نعم . محاسن.. بالفعل.. هي تنتظرك ..»
الجريمة التي أثارت دهشة مصر منذ أعوام، والتي تبعث على الابتسام على الرغم من كل شيء، هي جريمة سائق سيارة إسعاف كلف بنقل بعض المجانين إلى مستشفى العباسية. أثناء الطريق شعر السائق بالحاجة إلى شرب كوب من الشاي وتدخين النارجيلة (الشيشة) هكذا توقف في مقهى ونزل ليعدل دماغه. عندما عاد للسيارة لم يجد مجنونًا واحدًا، وهذا يعني أن المجانين يجيدون فتح أبواب السيارات على الرغم من كل شيء.
لم يعرف ما يفعل ولا كيف يسدد الدفاتر في مستشفى العباسية. هنا خطرت له فكرة عبقرية هي أن يتوجه إلى أحد المواقف وينادي على الركاب: «واحد العباسية.. واحد العباسية !» كانت ساعة زحام والمواصلات شحيحة، هكذا جاء ركاب وركبوا في السيارة، وقد افترضوا أنه سائق سيارة إسعاف يحاول التحايل على الحكومة للظفر ببعض المال.
انطلق السائق إلى مستشفى الأمراض العقلية فأفرغ حمولته وحصل على إيصال التسليم، وما يثبت أنه سلم حمولته الثمينة للمستشفى ثم فر. طبعًا ما حدث بعد هذا جدير بأن يكتب في الأدب العالمي.. الركاب بينهم المعلمة والموظف والمحاسب والتاجر يؤكدون للممرضين والأطباء أنهم عقلاء، وأن خدعة قاسية جاءت بهم هنا.. لكن محاولتهم هذه هي بالضبط استعراض للجنون على أعلى طراز.. «كنا نعتقد أنها سيارة نقل عام».. «طبعًا .. طبعًا.. سيارة نقل عام تبدو كسيارة إسعاف .. جميل جدًا»
استغرق الأمر أسبوعًا حتى عرف الجميع الحقيقة ، وقد تم تقديم فيلم سينمائي كوميدي عن هذه القصة. كما قلت لك: أصعب شيء في العالم أن تثبت أنك عاقل عندما يفترض الآخرون أنك مجنون، والنصيحة الوحيدة لك هي ألا تركب سيارة إسعاف يتظاهر صاحبها بأنها سيارة نقل عام ! .. “