لم تسلم الساحة الفنية من الاختراق و الوقوع في شرك الشد و الجذب السياسيين اللذين ازدهرت سوقهما خاصة بعد 2011 كما هو حاصل في معظم مناحي شأننا العام … من ذلك هذا اللغط الذي أثاره البعض حول زيارة النائب عبير موسي لمدينة الثقافة و التقائها بالنقابة المستقلة لمهن الفنون الدرامية، و اتهام هؤلاء البعض للنقابة بالاصطفاف وراء عبير موسي و حزبها و فيهم حتى من رمى النقابة بالحنين للنظام السابق …
و قد نفى جمال العروي الكاتب العام للنقابة هذه التهم جملة و تفصيلا واضعا الزيارة في إطار واجب برلماني قامت به نائب شعب تجاه مواطنين من سلك مهني يعاني عدة مشاكل … كما قال في بيان ننشره تاليا بأن عبير موسي هي التي زارات النقابة من تلقاء نفسها و دونما استدعاء، و أنهم في النقابة لا يطردون نائب شعب جاء لمساندتهم مهما كان فكره، و أن عبير موسي تضامنت مع النقابة في تحركها الاحتجاجي من باب رد الجميل على اشتراك فناني النقابة مع البرلمانية المذكورة في المعركة ضد ثقافة الإرهاب التي يروج لها اتحاد القرضاوي و المدافعون عنه …
و للتذكير، فقد قالت النقابة في ردها:
“بعيدا عن المزايدات و خطاب القيل و القال فإننا نود هنا الرد و التعقيب على عدد من الزملاء الفنانين ممن ساءهم حضور النائبة عبير موسي في اجتماعنا الأخير و التي تدخلت و تكلمت بصفتها النيابية لا الحزبية …نود الرد على كل الذين احتجوا على حضورها و اعتبروه تشويها لاجتماع نقابة مستقلة و تشويشا على مطالب الفنانين و توظيفا لا مبرر له لمحنة الفنانين لغايات سياسية انتخابية و تسويقا دعائيا للحزب على أنه حزب منتصر للفن و للثقافة و أهلها…
إلى كل الذين ساءهم ذلك ، إلى المسرحيين الأحرار و الشرفاء مناضلي الأمس و اليوم و إلى بعض المتمسرحين ثوار ربع الساعة الأخير نقول و نوضح مايلي…
.1 – نحن لم ندع عبير موسي لحضور الاجتماع و لم نوجه لها دعوة رسمية لا شفوية و لا مكتوبة و قد تفاجأنا بحضورها و بخطابها المساند للفنانين في محنتهم و هو من باب رد الجميل في الواقع ، باعتبار مساندة الفنانين لفكرة غلق مقر اتحاد علماء المسلمين و هو فرع وهابي من أصل إرهابي خطير على الدولة المدنية و يرأسه كما هو معلوم الداعية الوهابي يوسف القرضاوي ، و قد رأت السيدة عبير موسي أنه من واجبها إسناد الفنانين باعتبار هذا الوعي المشترك بضرورة كنس كل ما يشكل خطرا على الدولة المدنية ومكتسباتها….اذن نحن هنا امام حركة وعي مشتركة التقت حول فكرة واحدة …..
2 – عبير موسي حضرت بصفتها نائبة شعب عن دائرة تونس 1، و قد انتخبها سكان هذه الدائرة لتمثلهم و لتكون صوتهم في مجلس نواب الشعب و لهم عليها حق و من واجبها أن تتبنى كل قضاياهم و أن ترفعها إلى مجلس نواب الشعب سواء كانت قضايا اجتماعية أو ثقافية أو رياضية .. و نحن لا نرى مانعا في التواصل مع نواب الشعب بقطع النظر عن مرجعيتهم الفكرية و الإيديولوجية و إنما نتعامل معهم كسلطة تشريعية لها كل صلاحيات التشريع و نحن كفنانين في حاجة الآن إلى هذه السلطة لترتيب و تحيين النصوص القانونية المنظمة للقطاع .. و هنا نسأل بشكل عقلاني بعيدا عن الميولات العاطفية ، ما المشكل في أن يتبنى أحد ممثلي السلطة التشريعية و كتلته قضايا الفنانين و مطالبهم ألسنا حقا في حاجة إلى إسناد نيابي .. و لا اقول حزبي و لا سياسي ، ألسنا في حاجة إلى من يرفع صوتنا عاليا ؟.. و يوصله بالتالي إلى مجلس نواب الشعب .
نحن كفنانين لا ننتمي للمباني الحزبية و إنما ننتمي للمعاني و الأفكار الكبرى المتعلقة بالحريات و حقوق الإنسان و العدالة الاجتماعية … و كرامة الفنان و حريته من صميم هذه الأفكار الكبرى و هي أفكار لا تستدعي انتماءات حزبية ضيقة و إنما تستدعي إخلاصا حقيقيا و وعيا عميقا بضرورة النضال من أجل ترسيخ هذه القيم و المبادئ دون مزايدات و دون تخوين للمختلفين معنا و دون ادعاء لبطولات زائفة……..
4 – نحن لم نذهب الى عبير موسي ولم نقصد حزبها ولم نرقص ولم نغن في بيتها كما رقص الراقصون وكما غنى المغنون في بيت الشيخ و لا أحد احتج أو تكلم وقتها …. بل هي التي جاءت إلى بيتنا النقابي و عرضت خدماتها بصفتها نائبة شعب و هو ما أكدته بنفسها و قالت بأن ذلك من صميم واجباتها النيابية … لم نكن في جلسة سرية في غرف مظلمة أو خلف الأبواب نتدبر أمرا بليل ، بل كنا في اجتماع نقابي مفتوح نرحب فيه بكل من وفد علينا لمساندتنا و لا نطرده مهما كانت صفته ما دامت النوايا نبيلة و طيبة و غير تسويقية و غير دعائية و غير انتخابية مع العلم أننا لسنا في فترة انتخابية حتى نسيء الظن بالنوايا….
لم نخطئ و لم نقترف ما يدعونا للاعتذار وعلى ثوار ربع الساعة الأخير و مناضلي الحائط الأزرق، أن يستفيقوا من غيبوبتهم فقد طالت و لا مجال اليوم لبطولات زائفة و لا مجال لترويج الزيف و الأوهام فوضع القطاع بائس و متعب و ذليل يتسول فيه زملاء لنا قوت يومهم بعدما ركنوا رغما عنهم لبطالة قهرية فلا الرئاسة أنصتت لمطالبنا و لا الحكومة و لا مجلس الشعب ، و عليه فنحن مدعوون للنجاة بأنفسنا و لن يكون لنا ذلك ما لم نتحد و ما لم نوحد كلمة الحق بيننا و إعلائها في شكل خطاب عالي النبرة نهز به أركان اللامبالاة…..
كلمة اخيرة أوجهها إلى ذاك الصوت المخملي النشاز ، المتموقع بيننا باسم المسرح ..لهذا الكائن أقول… بأن وضعك المترف لا يشبه وضعنا المتعب ، لذلك ..رجاء ..ابتعد قليلا و اصمت…و لا تزايد علينا فلا ناقة لك و لا جمل و لا بعير لك عندنا”..