وهْجُ نار

محمد الأطرش: اتركوهم … إنهم يعيشون ورطة الحكم !

نشرت

في

<em>الكرسي الفارغأين صاحبه<em>

لسائل أن يسأل أين ساكن قرطاج من كل ما يجري في البلاد، أم هل اختار الجلوس على كوكبه بعيدا عن كوكب يسكنه من اختاروه ليجلس حيث يجلس اليوم…هل خُدعنا جميعا في ساكن قرطاج كما خدعنا فيمن جاؤوا قبله جميعا؟

<strong>محمد الأطرش<strong>

جميعنا على بينة من أن ساكن قرطاج لن يكون قادرا على تغيير حال البلاد … و قيس ذاته يعلم أنه لن يقدر على تغيير شيء من معاناة شباب تونس…حتى و إن انتخبه شعب تونس بأكمله…فخطب قيس لن تخفض من ديون تونس الخارجية…و كلامه الموزون أحيانا و الخالي من كل المعاني لن يساهم في خفض عجز الميزانية…و لن يرفع نسبة النمو…و مخارج حروف لغة الضاد التي يستعملها لن تخفّض من نسبة التضخم…ففي تونس التي ينتظر شبابها معجزة من رئيس لا برامج له غير خطب يجيد فيها اللعب على مخارج الحروف و كأنه يقرأ إعلان حرب…

في دولة لا يسمح دستورها لرئيس الجمهورية بغير الجلوس على كرسيه في قرطاج و مشاهدة ما يجري و بعض أفلام الكرتون، ماذا يمكن أن ينتظر شبابها من ساكن قرطاج؟؟ لا شيء…فتونس تنتظر وصول الدين العمومي إلى أعلى مستوياته قريبا (89 %) قبل البدء في الانخفاض تزامنا مع الإصلاحات القادمة …فهل يكفي خطاب قيس سعيد و تصفيق من هم حوله لخفض العجز الذي تعانيه الميزانية بسبب نسبة النمو التي لم تصل إلى النسبة المتوقعة و بسبب الزيادة في أجور موظفي الوظيفة العمومية والقطاع العام، و ارتفاع نسبة الفائدة عند خلاص ديون البلاد…

سادتي نحن مطالبون بتنفيذ الإصلاحات العاجلة المتفق عليها مع الدول المانحة و صندوق النقد الدولي…فدون هذه الإصلاحات لن نحسّن مناخ الاستثمار ..و مناخ الاستثمار المحلي و الأجنبي لا يمكن أن يتحسن إلا باستقرار اجتماعي و أمني و هذا الاستقرار يرتبط أساسا بالإصلاحات المتفق عليها…لذلك لن نستفيد شيئا من خطب قيس و لا من نظافة يديه و صدق نواياه و جميعنا يعلم ذلك…و لن نستفيد شيئا من الأحزاب التي نجحت في حجز مقاعد في مجلس النواب…نحن في حاجة أكيدة إلى قيادة سياسية عقلانية رشيدة تظهر الكثير من الشجاعة و تتمتّع برؤية أعمق لتنفيذ الإصلاحات المتفق عليها، و التي ستكون وحدها الكفيلة باستعادة الاستقرار الاقتصادي و الاجتماعي الكلي…

فدون هذه الإصلاحات لن نصل إلى مرفإ الأمان أبدا…فلا نواب بعض الكتل…و لا صراخ الشباب السعيد بقيس سعيد سينقذون البلاد من وضع سيكون أسوأ بكثير مما نحن فيه اليوم…لذلك أنصح شباب قيس سعيد و قواعد الأحزاب التي تلهث جريا وراء كراسي السلطة أن يسألوا قيسًا و رؤساء أحزابهم ماذا ستفعلون غدا عند انخفاض احتياطي العملات الأجنبية… و العجز المالي الكبير …و المعدّل المرتفع للدين العمومي…و ارتفاع الأسعار…و ارتفاع معدّل الجريمة…و استفحال البطالة و توسعها على كل الفئات…و حالة الإحباط العام التي يعيشها الشعب …

و الأهمّ و الأخطر هل لهم الجرأة لأن يسألوه ماذا ستفعلون اليوم مع الوباء الذي استفحل و استوطن بلادنا و جعل منها بؤرة قاتلة… و الخوف كل الخوف أن يسقط من يمسكون بتلابيب السلطة للعهدة السياسية الحالية في ما سقط فيه الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي رحمه الله الذي انخرط سنة 2011 في حملة ترضية لكل من خرج صارخا في وجه الحكومة…فأغدق على الجميع بالزيادات في الأجور…و أسكت صراخ البعض الآخر بمنح خيالية …و سكت ضاحكا عن الفوضى و الاعتصامات و الإضرابات و إغلاق مواقع الإنتاج…و لم يفكّر يوما في التشغيل و الكرامة…بل كان همّه الوحيد كيف يجلس على كرسي بورقيبة ليذكره التاريخ…

و الخوف كل الخوف أن يفعل بعضهم كما فعلت الترويكا حين انخرطت هي أيضا في حملات واسعة لتسوية الوضعيات و الترضيات لكل الغاضبين بهدف استمالة الجميع إليها ..فما نعيشه اليوم ليس وليد اليوم بل هو من تبعات التخريب الممنهج الذي ساهمت فيه كل حكومات ما بعد 14 جانفي 2011…فمن جاؤوا بعد 14 جانفي كذبوا على كل الشعب…بشعارات خاوية…و وعود كاذبة…فهم حاولوا إسقاط البناء كاملا بنيّة إعادة بنائه حسب أذواقهم و أهوائهم و نواياهم…فسقطوا هم و بقي بعض البناء…جميعهم صدموا بواقع الحكم حين جلسوا على كراسي الحكم….و جميعهم فشلوا في تنفيذ بدائلهم التي صرخوا بها كثيرا…

و اليوم سيعيد التاريخ نفسه فهواة الصراخ الثوري عادوا إلى مراكز القرار بتسميات أخرى و بطاقات هوية جديدة و سيصطدمون بواقع أسوأ مما كان عليه سنة 2011 بألف ألف مرّة….لذلك أقول للجميع أتركوا من فاز يحكم…ألم يشيطنوا كل من مسك بالحكم قبلهم…ألم يُحمّلوا غيرهم تبعات كل الفشل الذي تعيشه البلاد…أتركوهم يغيرون ما يريدون في بناء هذه الدولة…و ترقبوا ما سيقع…و ما سيحدث…و دون ذلك لن يستفيقوا من حلمهم الذي طال…و أكاذيبهم التي خدعوا بها شباب البلاد…هم يقولون إن العشر العجاف مرّت…و أننا مقبلون على سِمانِهَا…و نسوا أن هذا الشعب دفع كل ما لديه و لم يبق لديه ما يخسره…

فالشعب عاني من الفقر و الجهل و الجوع و التهميش خلال سنوات حكم ما بعد الدولة، ما لم يكن يعانيه خلال سنوات كان فيها هواة الصراخ الثوري ضدّ الدولة…و الشعب سقط في فخّ من استلموا السلطة و هم من الذين كانوا ضدّ السلطة…فأولئك الذين كانوا يصرخون بعد 14 جانفي أنهم كانوا شركاء الشعب في المعاناة أصبحوا سببا في كل هذه المعاناة…و أولئك الذين كانوا يصرخون من كثرة الفساد أصبحوا هم رعاة الفساد…فمن كانوا ينعتون المنظومة السابقة بالفساد سقطوا هم أيضا اليوم في خندق الفساد…فعدد الفاسدين اليوم كثير…و عدد الساكتين عنه أكثر…

فلرئيس البلاد سعيد…ولرؤساء الأحزاب المتآلفة نواياهم …إنكم تعيشون الورطة… فاحذروا المسامير التي ستنبت قريبا فوق كراسيكم…فالوخز يقتل أصحابه أحيانا…

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version