محمد الأطرش: نظامنا متّهم بانتحال صفة… “ديمقراطي”…
نشرت
قبل 4 سنوات
في
يصنِّفُ بعضنا و خاصة من يقدّمون أنفسهم بأبناء و صُناع و حاضنة الثورة (أحزابا و منظمات) نظامنا الحالي على أنه من الأنظمة الديمقراطية، فهل هم على حقّ في هذا التصنيف، أم هم يحلمون بذلك فقط؟ فما أعرفه شخصيا عن النظام الديمقراطي أنه عمل جماعي يشعر فيه و من خلاله كل مواطن أنه جزء لا يتجزأ من فريق عمل واسع، لا يستثني فردا من أفراده، فكل نجاح لأي عمل يقوم به هذا الفريق سيُحسب على الجميع و أي إخفاق أو فشل في أي عمل تقوم به المجموعة هو فشل يحسب على الجميع…فهل نجح نظامنا الديمقراطي المزعوم أم فشل بعد عشر سنوات من ولادته كما يزعم من يروجون لهذا النظام؟
هل حقّا نحن نعيش اليوم نظاما ديمقراطيا؟ لا أظن ذلك أبدا…فهذا النظام الديمقراطي المزعوم ألغى أهمّ عنصر أساسي في العملية الديمقراطية، ألغى المواطن …فماذا كسب المواطن من ديمقراطية هؤلاء؟؟ و ماذا تغيّر في حياة الناس؟؟ و هل أوفت ديمقراطية هؤلاء بعهودها و أنجزت كل وعودها؟؟ إذن فنحن أمام نظام يعيش انفصاما في شخصيته…نعيش نظاما يروّج خارجيا بأنه نظام ديمقراطي لكن داخله لا علاقة له بالديمقراطية…فالديمقراطية لا يمكن أن تكون مجرّد شعارات، و لا يمكن أن تقتصر على هراء و خطب جوفاء …
فحقيقة ما تعيشه البلاد فعلا لا يمت بصلة للديمقراطية، فالتنكيل الإداري…و المظالم….و التمييز…و الاستثناءات…و العقوبات الحقدية…و التمييز الانتمائي في الانتدابات…..و التمييز في الترقيات…و رفض الآخر…و عدم القبول بالاختلاف…و العقوبات بالمناولة…هي الخبز اليومي لمؤسسات الدولة…فأغلب القائمين على شؤون هذا النظام اليوم لا يؤمنون كما يزعمون بالديمقراطية، فالديمقراطية عند هؤلاء هي بدلة نزعوها يوم جلسوا على كراسي الحكم…فاليوم يعاقب الإعلامي والمدون والمواطن المدون والموظّف وكل من لا يصفّق لهذا النظام الأعرج بالمناولة بطريقة غير مباشرة …
هذا ما يفعلونه…والأغرب أن لنظامنا الديمقراطي جدا شركاء لا يؤمنون بالديمقراطية ويطعنون شريكهم من خلف…كما يطعنون الوطن منذ عشر سنوات…فنحن إذن أمام معضلة غريبة وعجيبة أمام أناس يدّعون جهرا الديمقراطية ولا يمارسونها…ويروجون جهرا أنهم ضدّ الاستبداد ويمارسونه سرّا…وهؤلاء لم يتعودوا على الفعل الديمقراطي، وربما لا يريدون التعوّد على هذا الفعل لأنهم في حقيقة الأمر تنكروا لشعاراتهم، وما كانوا له يروجون بعد أن اعتلوا كراسي السلطة، وذاقوا حلاوتها وجاهها وسلطتها…فنظامنا الديمقراطي المزعوم أوصل من لا يؤمنون حقّا بمبادئ الديمقراطية إلى كراسي الحكم فأصاب الدولة ومؤسساتها بالشلل التام.
أمام هذا الوضع الغريب في نظام سياسي لقيط انتحل صفة لا أثر لها في ما يأتيه، علينا أن ندرك أن زمن الثورية و الخطب و الشعارات والصراخ ولى وانتهى وأن المرحلة اليوم تقتضي أن يكون خطاب ساستنا أكثر عقلانية واعتدالا، وألا نجعل من مجلس باردو بؤرة لتوترات قد تعيدنا إلى مربّع العنف الذي عشناه خلال السنوات الأولى من هذه العشرية السوداء، ففي جميع الأنظمة الديمقراطية تتولّى الأغلبية الحكم و تسيير جميع مؤسسات الدولة وأجهزتها وتجلس الأقلية على مقاعد المعارضة، وهو ما لا نراه اليوم فاليوم يلعب بعض الأطراف دورا مزدوجا فنراه أحيانا مع من يحكمون وأخرى معارضا شرسا …فهلاّ حاولنا أن نغيّر ما بأنفسنا حتى يغيّر الله ما بنا وما بيننا… في الختام يقول كونفوشيوس:” لا تغضب عندما لا تستطيع أن تغير الآخرين ليكونوا كما تريدهم، لأنك في الواقع تجد صعوبة في أن تغيّر نفسك لتكون كما تريد..” فهلاّ تغيرتم…قبل أن يغيّركم من أوصلكم إلى حيث أنتم اليوم؟؟