محمد الأطرش: هل يختار ساكن القصبة سياسة التجاهل التام لساكن قرطاج … لفرض الأمر الواقع؟
نشرت
قبل 4 سنوات
في
تتواصل لعبة شدّ الحبل بين ساكن قرطاج وساكن القصبة بدعم من عديد الأطراف الأخرى…فساكن قرطاج مدعوم من جرحى حكومة الفخفاخ، وساكن القصبة مدعوم من الذين استثناهم الفخفاخ من حكومته إضافة إلى حركة النهضة …والأكيد أن لا أحد من طرفي الصراع أو النزاع مستعد للتنازل قيد أنملة واحدة عن موقفه…فساكن قرطاج يريد تأديب من أختاره للسكن بالقصبة ولسان حاله يقول “أنت من غدر بي فلن تسعد بما غدرت من أجله”…وساكن القصبة تأكد أن ساكن قرطاج يريد ترويضه ليكون خادمه في القصبة…
ما الحل إذن لهذه الأزمة؟ بالرغم من كل ما سبق، هل كان بإمكان ساكن القصبة التراجع عن بعض أسماء من اقترحهم لبعض حقائب حكومته نزولا عند رغبة وطلب ساكن قرطاج؟ وهل كان بإمكان ساكن قرطاج الاكتفاء بمن رفض مثولهم أمامه لأداء اليمين؟ أظنّ أننا أمام وضعية معقّدة ولا حلّ لها بمجرّد تنازل أحد أسباب الصراع، فكل طرف من طرفي الصراع يريد إلغاء دور الآخر تماما…فساكن قرطاج يريد دون أن يعلنها مباشرة استقالة ساكن القصبة وخروجه من شباك المشهد نهائيا…وساكن القصبة يريد إعادة ساكن قرطاج إلى حدود صلاحياته ومرجع نظر مشمولاته…
فهل يمكن أن يكون مجرّد لقاء ساكن قرطاج وساكن القصبة في غرفة مغلقة مخرجا مما آلت إليه أمور البلاد؟ لا أظنّ ذلك فساكن قرطاج عنيد إلى درجة يصعب التعامل معه أو مجرّد مناقشة ما يدور في رأسه، ولن يقبل أبدا في الجلوس مع ساكن القصبة وتدارس الأمر على انفراد وأصبح بالتالي أهمّ أسباب ما تعانيه البلاد….وساكن القصبة يدرك جيدا أنه سينتهي سياسيا لو تنازل قيد أنملة، فتنازله يعني ضمنيا أنه أخطأ في حقّ من اختاره لكرسي القصبة وأنه يعترف بما اقترفه في حقّه، وأنه سيضطرّ إلى تنازلات أخرى قد تنتهي في آخر المطاف بخروجه من المشهد وإعادة العهدة إلى صاحبها ….
كما أن ساكن القصبة لن يُقدم على الاستقالة أبدا في ظلّ هذا الوضع الذي تعيشه البلاد، وفي ظلّ طمأنة حزامه السياسي والبرلماني الموسّع وتمسكه العلني بالإبقاء عليه على راس حكومة القصبة…فهو يدرك أن لا أحد من كتل المجلس سيقدم أو سيغامر بطلب سحب الثقة منه تحت قبّة المجلس، فمجرّد الإعلان عن نية سحب الثقة سيخلط أوراق التحالفات من جديد بشكل غير مسبوق…كما أنه يدرك أن ساكن قرطاج لن يغامر بطلب عرض حكومة المشيشي على ثقة المجلس فقد يصل به الأمر إلى تقديم استقالته لو نجحت الحكومة في نيل ثقة المجلس للمرّة الثانية…
خلاصة الوضع لا أمل لساكن قرطاج في استقالة ساكن القصبة…ولا أمل له في وضع يده على حكومة النهضة ومن معها…ومجلس النواب لن يغامر بسحب الثقة من ساكن القصبة خوفا من عثرة في صياغة التحالفات وخروج البعض عن الصفّ وانفراط عقد الحزام السياسي لحكومة المشيشي…وساكن القصبة على بيّنة من كل هذه التفاصيل لذلك سيواصل عمله بما توفّر له من وزراء ولن يُقدم على خطوة أخرى تزيد طين الوضع بلّة في قادم الأسابيع مع الإبقاء على أمل أن يلين موقف ساكن قرطاج ويقبل بالأمر الواقع…
وقد يستفيد ساكن القصبة من هذا الشلل الذي يعيشه المشهد السياسي فقد يقع تأجيل اقتسام غنيمة الحكم وإرضاء كل مكونات الحزام البرلماني والسياسي … وهو الأمر الذي سيوفّر للمشيشي بعض الاستقرار في تفاصيل التسيير الجهوي، وقد يكتفي بسدّ بعض الشغورات المؤكّدة التي لا تتطلب أداء لليمين أمام ساكن قرطاج…فهل يدخل ساكن القصبة مرحلة التجاهل التام لساكن قرطاج في قادم الأيام؟