جور نار

محمد الزمزاري: مأزق سلطة ومأساة شعب

نشرت

في

وصلت حدة الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ عشر سنوات متواصلة الى وضع لا تسعه النعوت و تجاوز انهياره كل الخطوط الحمراء وادى الى احتقان اجتماعي لا يبشر بأي خير او يرسل اشارة أمل قريب في تجاوز المازق…

<strong>محمد الزمزاري<strong>

وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني خفضت منذ يومين الترقيم السيادي لتونس من صنف “أ” الى صنف “ب” سلبي 3. و ما كان يهمنا ذكر هذه الوكالة العالمية او تصنيفها لو لم تجرّ معها جملة من المصائب الاضافية التي ستزيد حتما في اغراق الاوضاع الغارقة اصلا. وسترفض كل البنوك والمؤسسات المقرضة التعامل مع بلد وصلت حالته المالية الى هذا التصنيف.. و هذه الجهات الممولة لم تعد تأمن على ديونها ولم يعد لها اي استعداد للاستجابة او اسداء قروض لتونس بما فيها البنك الدولي الذي سيضاعف شروطه المجحفة اصلا و يشترط مزيدا من الضمانات و فرض اوامره وهو ما يذكرنا بسنوات 1880..

علما بأن حاجة تغطية المصاريف العادية لسير الدولة خلال ميزانية 2021 تتطلب قروضا اضافية بعشرات المليارات لمواصلة خلاص اجور الموظفين و سير دواليب الدولة دون الدخول الى مطبات مصاريف تنمية منهارة منذ 2011 او مشاريع منتجة او مشغلة.. بل ان الامر تجاوز كل ذلك اذا عرفنا ان عديد المشاريع الحيوية المبرمجة قبل 2010 قد عرفت التاخير و التعطيل بسبب سياسات رعناء و انعدام الكفاءات السياسية التي تمخضت عن اساليب حكم فاشل اتسم بالنهب و لم تكن مصالح الشعب تهمه قدر اهتمامه بالوصولية و التغول… فشلت كل الحلول المرهمية وانهارت قوائم الاقتصادانهيارا شبه كامل بسبب:

-انعدام برامج اقتصادية او خارطة طريق نحو فتح افاق او ايجاد حلول لمشاكل البلاد. و ان كنا نرى ان حكومة المشيشي رغم أنها فاشلة فهي لا تتحمل كامل وزر هذا الفشل … و من الموضوعي ان نذكر بالاغلاط الاستراتيجية الفادحة التى ادت الى زيادة الاحتقان الشعبي والمتمثلة في تحريك النعرة الجهوية و التعاطي السلبي مع عديد القضايا مثل “الكامور” ثم مواجهة الشعب بالعنف و التاخر عن الوفاء بالتزامات الدولة واتفاقياتها

– غياب برامج اقتصادية و اجتماعية من شانها ارسال اعادة الثقة مع الشرائح الاجتماعية المتعددة.

– غياب مبادرات تقارب ايجابي مع ليبيا لرسم افاق تعاون وثيق ممكن جدا ان يساهم في التقليص من البطالة المتفشية و تحريك الدورة الاقتصادية

– انه لمن المضحكات المبكيات ان يعقد رئيس الحكومة لقاء مع السفير التركي “لمناقشة سبل التعاون لاعمار ليبيا”! ودون النبش في من دفع المشيشي الى البؤرة التركية يتوجب التذكير بأن اول ما قام به الاتراك بليبيا هو القضاء على صادراتنا تجاه هذا البلد بنسبة 70 بالمائة و ابرام اتفاق اخواني متكامل لاعطاء الأولوية لتركيا من حيث تسويق سلعها و تمكينها من صفقات الإعمار . و بديهي أن هذه المممارسات لم تعد وليدة املاءات او سوء تحليل فقط بل تحولت الى اهانة لوطن كم تربطه من اواصر اخوة مع ليبيا فاذا به يناقش الاتراك حول مصير علاقاته !!.

اوضاع البلاد تتطلب انسحابا سريعا لرئيس البرلمان حتى لو لم يصل النصاب الى سحب الثقة منه لانه اصبح جزءا من المشكل و عائقا أمام اي حل ممكن … كما يستوجب الامر الاسراع بحل البرلمان و تنظيم انتخابات سابقة لاوانها و تقديم مبادرة تجمع عددا من الاقتصاديين ضمن ورشة يخرجون منها بخارطة طريق للملمة الاقتصاد الوطني وانقاذه من الانهيار التام و الافلاس، و أيضا تركيز حكومة تعتمد الكفاءة دون اي انتماء … وقد يكون تدخل رئبس الجمهورية لمحاولة طمانة الشعب و خلق سلم اجتماعية لمدة معينة مؤذنا بدفع انتاج الفوسفات و البترول و التقليص من ظاهرة الاضرابات.

لكن كل هذا يستوجب ضمان مصداقية السلطة تجاه شعب اصبح لا يؤمن الا بالحلول العملية بدل الشقشقات اللفظية التي يسمعها كل يوم.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version