ضوْءُ نار

محمد الهادي البديري: الوزير الكذّاب.. وعبد الرحمن الهيلة “الأصلع”!

نشرت

في

الصدفة وحدها جمعتني بوزير سابق تولّى إحدى الحقائب الوزارية بعد الثورة، فقد كنت أتناول قهوة “إكسبريس” مع أحد الاصدقاء في أحد المقاهي التي تعجّ بها جهة المنازه (وليس في المنيهلة كما يفعل صاحبنا) حين وقف بجانب طاولتنا شخص عرفت من ملامحه أنّه “فلان الفلاني” الوزير السابق في إحدى الحكومات التسع التي عرفتها تونس منذ هروب بن علي،

<strong>محمد الهادي البديري<strong>

و بحكم معرفته بصديقي جذب كرسيّا و انضمّ إلينا (هكذا لا بالك لا وسّع). وبعد الحديث المألوف عن الكورونا وغلاء المعيشة وقيس سعيّد والبرامج التلفزيّة والخوانجيّة والمكالمات المسرّبة لسمير الوافي وذكرى اغتيال شكري بلعيد أمام العمارة التي كان يسكنها في المنزه السادس (العمارة كانت قبالتنا) تطرّق جليسنا للحديث عن الحكومات المتعاقبة والوعود الكاذبة التي قدّمها وزراؤها (وبطبيعة الحال إستثنى الحكومة التي شارك فيها حضرته) وكان يحكي بكلّ ثقة في نفسه وكأنّه يتحدّث مع “توريست” وليس مع من عايش تلك الفترات.

وكنت وصديقي “مزبهلّين” كما يقول زميلي الصحفي سالم حمزة. هذا الوزير السابق وأمثاله كانوا ولازالوا يكذبون على الشعب الكريم، ويتفنّنون في الكذب، بل ويجدون لذّة في ذلك، رغم علمهم بإنعدام الثقة فيهم، فقد ملّهم الناس منذ أصبح الوزير الذي يُفترض أن يخدم الشعب هو خائنه، والضاحك على ذقنه، والمتاجر بمعاناته وآلامه.. ولم يبق أمام هذا الشعب الذي أسلم لهم قيادة مصيره في فترة من الفترات إلا أن يسترجع زمام المبادرة لتحقيق رغباته وأحلامه في تونس الجديدة… وهو ما بدأنا نراه من خلال عودة الاضرابات والاحتجاجات (ولا أعني هنا البتّة ما يسمّيه بعض نوّاب الهانة بالاحتجاجات اللّيليّة والتي هي في الحقيقة عمليات نهب وسرقة وفوضى).

ومن عجائب هذا الوزير السابق أنّه كان يسهب في الحديث عن المشاريع التي أنجزها هو وزملاؤه في أكثر من جهة، ومدينة، وقرية، ودشرة،… من شمال البلاد إلى جنوبها. السيّد الوزير السابق ليس إستثناءً في الكذب و”التبلعيط”، فقد انتشرت هذه الممارسات في أوساط السياسيين، والبرلمانيين، والإعلاميين، والنقابيين ودعاة الدفاع عن حقوق الانسان، بشكل ملفت وخطير، حتى فقد المواطن التونسي كل ثقة في حكامه، ومسؤولي إداراته، ومتبنّي ملفاته الاجتماعية والاقتصاديّة وحتى الرياضية، وناشري أخبار بلاده.

نعم، إنهم يكذبون، فيقولون ما لا يفعلون، ويدَّعون ما لا يستطيعون، ويتظاهرون بالقدرة على تحقيق المشاريع، وتوفير مواطن الشغل للعاطلين، ويمررون كذباتهم في كلّ منبر، مستعينين حينا ببعض لباقةٍ وخفة دمٍ؛ وبإعلاميّين ساقطين خُلقا وأخلاقا أحيانا أخرى. ولا أدري كيف جرّنا الحديث عن المحامي والدّاعية الاسلامي الذي غادرنا منذ أيام قليلة إلى دار الخلد الاستاذ حسن الغضباني، ذاك الرجل الخلوق والمتوازن والصادق (رحمه الله وأجزل له العطاء)، فقد انبرى وزيرنا يتحدّث عن محام آخر عُرف بطلاقة لسانه وبدفاعه عن القضايا العادلة والحقوقية في زمن بورقيبة وبن علي وهو المرحوم الاستاذ عبد الرحمان الهيلة،

ومن خلال حديثه فهمت أن صاحبنا يحكي كذبًا عن شخص لا يعرفه ولم يقابله بتاتا ظنّا منه أنّنا أيضا لانعرفه.. فالمرحوم عبد الرحمان الهيلة حسب ماحكاه هذا المسؤول السابق شخص طويل القامة صاحب نظّارات طبيّة وله “صلعة” (متاع أغنياء حسب قوله)… لم أجب المتحدّث إكراما لصديقي الذي كنت أجلس معه والذي شعر بإحراج كبير، ولكنّي أنشر صورة أخذت بعد حوار صحفي في سنة 1985 لي مع المرحوم المحامي عبد الرحمان الهيلة صحبة زميلي الصحفي محمد الواد ولكم أن تُقارنوا بينها وبين الأوصاف التي ساقها صاحبنا، وستفهمون “الرّاطسة الكلبة” من الكذّابين والمحتالين الذين حكموا تونس من الثورة إلى اليوم

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version