محمد الهادي البديري: نرجوكم ابدؤوا بتلقيح نوّاب الشعب … بلقاح داء الكلب!
نشرت
قبل 4 سنوات
في
مجلسنا النيابي الحالي الموقّر مولودٌ هجينٌ إلتقت فيه “النّطيحةُ و العرجاءُ و ما خلّف الضبعُ” … فالنوّاب الذين يُفترضُ أنهم يمثّلون الشعب لاعلاقة لهم بالشعب، و خصوماتهم ليست مِنّا و مشاكلهم ليست مشاكلنا و خلافاتهم فيما بينهم في المجلس هي إمتدادٌ لخلافاتهم الإيديولوجية و لا علاقة لها بما يعترضنا يوميا من مشاكل الحياة الصعبة.
و قد سبق أن لخّص ياسين العياري النائب عن حركة “عمل وأمل” ما يحدث في حرم مجلس نواب الشعب من عنف جسدي و لفظي بهذه الكلمات: “إئتلاف الكرامة يحاول منع إنعقاد لجنة المرأة بالقوة، ينجح في ذلك عبر تفشيخ راس نائب و يبرر ذلك بعبارة: هاو سبلي أمي… أنتم لا تحلمون! ليست عقاب سهرية في حانة، لا لا هذا مجلس نواب الشعب…كان النواب تتضارب و دمومات، أي رسالة يرسلونها للناس؟” و في باب التصرفات المتسرّعة أو غير المسؤولة، نتذكر النائبة بُشرى بالحاج حميدة عندما صرّحت أنّ طبيبة محجبة رفضت معالجة طفل في مستشفى الأطفال بالعاصمة فأثارت جدلا كبيرا حول علاقة التدين بالطب و مدى قدرة الطبيب على رفض تقديم الخدمة ثم اعتذرت عن خبرها الخالي من الصحة و المضر بها و بوزارة الصحة و بسلك الأطباء.
كما نتذكر مانشرته نائبة من أن إرهابيا قتل سائحتين في مدينة نابل قبل أن تطالعنا وزارة الداخلية بأن مريضا نفسيا لا يمت للإرهاب بصلة طعن سائحتين دون أن يتسبب في هلاكهما. و قبل ذلك أعلنت يمينة الزغلامي عن وفاة المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد و أوقفت زملاءها في المجلس ليقرؤوا الفاتحة على روح رمز حي يرزق ثم اضطرت لاحقا إلى الاعتذار من المناضلة و السفارة الجزائرية والشعب الجزائري كله.
و منذ أسابيع شهد اجتماع لجنة المرأة و الأسرة بالبرلمان، مناوشات بين نواب التيار الديمقراطي وكتلة ائتلاف الكرامة، وتطور النقاش بين نواب الكتلتين إلى تبادل للشتائم والعنف داخل بهو البرلمان. و قد أظهرت الصور و المقاطع المنتشرة عبر مواقع التواصل النائب عن التيار الديمقراطي أنور بالشاهد و هو ينزف من جبينه، فيما اتهم نواب التيار الديمقراطي ائتلاف الكرامة بـ”ممارسة العنف والإرهاب ضدهم”، و في المقابل نفى النائب عن ائتلاف الكرامة زياد الهاشمي ما تردد حول اعتداء نواب كتلته بالعنف على نائب التيار الديمقراطي أنور بالشاهد وأضاف أن “الأخير كال السباب و الشتائم لزميله و لأفراد من أسرته…
كما لا ننسى نواب كتلة الحزب الدستوري الحر الذين اعتصموا بمقرّ المجلس و عطّلوا جلساته و اجتماعاته و وصل بهم الأمر إلى النوم في قاعة الجلسات، مما جعل رئيس المجلس يستنجد بممثلي النيابة العمومية لمعاينة الاعتصام، عقب تقديم شكوى لدى المحكمة الابتدائية بتونس، تتعلق بتعطيل الكتلة للعمل الإداري و البرلماني و الاعتصام بقاعتي الجلسات العامة و اقتحام مكتب رئيس ديوان البرلمان.
إنّ الحالة العبثيّة التي وصلها مجلس النواب، جعل أعمال البرلمان تسير بخطى متثاقلة بسبب جائحة كورونا التي فرضت تدابير استثنائية من جهة، و من جهة أخرى بسبب تصاعد وتيرة الصراعات داخله، مما تسبب في تأجيل عديد القوانين و سحب عدد منها من قبل الحكومة، إضافة إلى صعوبة عقد الجلسات التشريعية للمصادقة على القوانين، و تأجيل تنظيم جلسات الحوار و الاستماعات للحكومة.
و على هذا الاساس، نذكر أن النائبة سامية عبو إعتبرت في تصريحات إعلامية منذ مدّة أن البرلمان أصبح يمثل خطراً على الأمن القومي للبلاد، مؤكدة تمسك كتلتها بالشكاية الجزائية ضد كل من رئيس البرلمان راشد الغنوشي و نائبته سميرة الشواشي و عضوي لجنة الإحصاء يمينة الزغلامي و شيراز الشابي بتهم “تدليس نتائج التصويت على التدابير الاستثنائية لعمل البرلمان خلال الموجة الثانية من جائحة كورونا”.
و للإشارة، فإن خطاب العنف والكراهية أصبح سمة مداخلات النواب تحت قبة البرلمان و في مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن الرغبة الجامحة التي تسكن الخصوم في البرلمان للمغالبة و التفوق تجاوزت الحدود و طمست بقية أعمال مجلس الشعب، و هو ماتجلّى في تسابق البرلمانيين لصناعة الإثارة و جلب اهتمام الرأي العام بأية تكاليف مما أثر سلبياً على عمل المجلس ونشاطاته، إذ أن خطابات غالبية النواب بعيدة عن الواقع الذي يعيشه التونسيون خصوصاً بتعمق الأزمة الصحية والاجتماعية والاقتصادية وتزايد خوف الشارع من تصاعد وتيرة تفشي الوباء وإفلاس الدولة وتجميد الأجور وفقدان فرص العمل.
ونختم بهذه الطرفة: “قالتلو حُبّي البلفيدير مسكّر، هزني لبلاصة أخرى فيها حيوانات .. فـ “هزّها” لمجلس النواب.”