جور نار

محمد الهادي البديري: نوّاب ونقابيّون وأعضاء هيئات…ينهبون آلاف الدنانير شهريّا !

نشرت

في

من نافِلِ القول إنّ العمل الذي لا يكون مقابله أي بديل مادي ويقوم به المرء من تلقاء نفسه دون إكراه أو ضغط يسمى العمل التطوعي. كما تُعرّف المعاجم العمل التطوعي على أنه: “جهد يبذله الفرد من نفسه دون إجبار، ودون انتظار مردود مادي منه، مهما كان نوع الجهد المبذول فكريًا أو ماديًا أو حتى اجتماعيًا”.

<strong>محمد الهادي البديري<strong>

فلا يسعى المتطوّع لكسب الرضاء من الناس، ولا الشهرة من الإعلام، ولا حتى الأجر والثواب من الله تعالى. كما إن العمل التطوعي يلعب دورًا مهمًا في تعبئة وقت الفراغ خاصة لفئة الشباب، بدلًا من استغلال هذه الأوقات في ما لا ينفع… فكم سُعدنا برؤية شبابنا في ساحاتنا وجهاتنا يجمعون القمامة ويجهرون الاودية وينظفون الشواطئ ويساعدون المحتاجين. في حين أنّ عددا آخر من التونسيين لا يعرفون أبدا معنى التطوّع… بل ويجتنبونه وكأنّه “رِجسٌ من عملِ الشيطان”.

لنتصوّر – مجرّد تصوّر – أن تتسرّب عدوى التطوّع لعدد من “المهن العرضيّة” التي نعرفها في بلادنا: فماذا لو أصبح العمل في البرلمان مجّانا، فهل سنرى التقاتل من أجل الحصول على كرسي تحت قبّة باردو؟ وهل سنواصل مشاهدة عنتريات عبير موسي ووقاحة سيف الدين مخلوف و”ترهدين” فيصل التبّيني و”صحّة رقعة” عياض اللّومي و”إسفاف” يامينة الزغلامي و”تكمبين” راشد الغنّوشي و”تبهبير” زُهير المغزاوي وتطاول منجي الرحوي؟؟

وماذا لو أصبح العمل في الهيئات العديدة التي تكاثرت وتناسلت بعد الثورة تطوّعيا؟ فهل سنرى مجدّدا التسابق للا نتماء لها والضرب تحت الحزام من أجل الفوز بعضوية إحداها؟ و للإشارة فإنّ هيئة الحقيقة والكرامة وهيئة مقاومة الفساد وهيئة مقاومة التعذيب وهيئة النفاذ للمعلومة وهيئة حماية المعطيات الشخصية وهيئة الاتصال السمعي والبصري وغيرها تُجزل العطاء للمنتسبين لها، فالمنح الشهريّة بها تفوق الثلاثة آلاف دينار للأعضاء وأكثر من أربعة آلاف دينار للرؤساء إضافة للسيارات ومقتطعات الوقود، والسفرات لمختلف بلدان العالم للمشاركة في اللقاءات والندوات، حتى وإن كانت ندوات حول تربية الحلزون.

وماذا لو أصبحت المسؤوليات في مختلف هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل تطوّعا، فهل سيتواصل التقاتل الخفيّ في الانتخابات القطاعيّة للصعود إلى لجامعات العامّة أو المكاتب التنفيذية الجهوية أو المكتب التنفيذي المركزي، وهل سيسعى الأعضاء الحاليّون للمركزية النقابية للإنقلاب على القانون الداخلي ومحاولة تعديل الفصل 20 منه لضمان البقاء مدة نيابية أخرى ولهف المزيد من الامتيازات ( التي تصل إلى آلاف الدنانير شهريا )؟ أجزم و”أبصمُ بالعشرة” أنه لو يصبح العمل في هذه الهياكل تطوّعا لهجرها أغلب المنتسبين لها حاليا ولن يبقى فيها غير الوطنيين الصادقين الذين يعملون للصالح العام و لا للصالح الخاص.

وخلاصة الكلام، إذا “كسّر رأسكم” أحد المنتسبين لهذه الهياكل أو شبيهتها بالكلام المنمّق عن التطوّع والوطنية وخدمة البلاد فأطلبوا منه التنازل عن الامتيازات التي يجنيها من “عمله الوطني جِدا” وسترونه يركض هربا منكم “ساقيه أعلى من راسو” وهو يلعنكم ويسبّ أصلكم وفصلكم.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version