الان بامكاننا ان نعلن على رؤوس الملا ان تونس صارت الموديل الصارخ للدولة الفاشلة .كل شيء فيها موكول للقدر ولا شيء غيره وكل الناس تقريبا صاروا يرددون هدا الكلام قبل التسبيح والدعاء على من كانوا سببا في ما يجري.الكل يعيش يومه وهو واثق ان الغد لن يكون افضل بعد ان خبر الحاكمين وعانى من صلفهم وحمقهم وتصرفاتهم ونال من التنكيل ما يعجز الد الاعداء عن فعله .
اما ما يصرح به الاخرون وما يوردونه في تقاريرهم فهو انكى وادهى وبالامس مثلا ولا حصرا اعلمت شركة الخبراء المحاسبين العرب (وهي من مراجع الحث على الاستثمار) الدوائر المالية الاستثمارية بان لا شيء يعمل في تونس…وهي تقصد لا تعرضوا اموالكم للتهلكة. والمؤكد عندي ان متابعي مثل هذه التقارير وهي كثيرة ومتطابقة لم يعودوا في حاجة الى التفاصيل والادلة لان مجرد القاء نظرة على الوضع السياسي يكفيهم للاحساس بالنفور والاشمئزاز.
هؤلاء لا ولاء لهم الا للدولار ومردوديته ولا يفضلون بلدا على اخر الا بما يتوفر فيه من ضمانات و اولها على الاطلاق استقرار البلد وقدرته على الايفاء بتعهداته.وحين يرون بالعين المجردة ان تونس غير قادرة على تقديم اسم يتكلم ويلتزم باسمها فانهم سيديرون وجوههم وينصرفون الى الاشياء الجديرة باهتمامهم.
هذه الحقيقة فهمها المهربون فاستغلوا ضعف الدولة وسهولة اختراق ابواب المسؤولين ليقيموا مماليك في شبكات انتشرت في البلاد طولا وعرضا بل لم يكتفوا بذلك حيث زرعوا من يمثلهم في البرلمان ومن يدافع عنهم في وسائل الإعلام الى ان اصبحوا اكثر نجاعة من الدولة نفسها.. لقد نجحت عصاباتهم في ابعاد الدولة عن احتكار السجائروحولوا دوائر القرار فيها الى مجرد وسيط يساعدهم على الاستيلاء على مسالك التوزيع وضمان هوامش ربح فاحشة كما حولوا المواطن المستهلك الى مجرد دافع ضريبة مباشرة للمهرب والوسيط تحت انظار من كلفوا بامانة الرقابة انفسهم.
وبنفس الاسلوب تقريبا صار المحتكرون في قوت الشعب اليومي يفرضون سلطانهم بين اروقة المساحات الكبرى ومنها الى باقي الحوانيت والمتاجر على كامل تراب البلاد . وهذا الواقع بامكان المستهلك ان يكتشفه بنفسه وليس يطلب منه ان يكون خبيرا في الاقتصاد او التجارة.فقط يكفيه ان يحمل رورقة وقلما ويسجل تطور اسعار بعض المواد الغذائية الاساسية وسيكتشف دون عناء ان المصنعين في قطاعات مثل الاجبان والزيوت النباتية والطماطم والهريسة المعلبة ومواد التنظيف والتجميل وغيرها قد استبدلوا قاعدة التنافس في ما بينهم بقاعدة التحالف والتضامن لامتصاص دم المستهلك الى ابعد درجة ممكنة .
ويقوم تفاهمهم على فرض ترفيع في الاسعار جماعي وتدريجي ولا يخافون من تبعات جرائمهم المنصوص عليها في قانون المنافسة والاسعار بعد ان وضعوا غيمة على عين المراقب ورئيس العون المراقب. وقس على ذلك في مجال مراقبة سلامة المنتجات والالتزام بالشروط الصحية المفترض احترامها اثناء الصنع او العرض للعموم .
كل هذا يحيلنا الى التقرير الذي استنتج فيه الخبراء المحاسبون العرب ان لا شيء يعمل في تونس. ولسائل ان يسال ومن حقه ان يسال …اذا كانت الادارة غائبة او متواطئة فاين الاعلام الموكل اليه فضح هده الممارسات وهده التجاوزات الخطيرة ؟؟وهنا تحديدا ساكتفي بالزعم بان عيوب وعاهات الاعلام انكى واخطر ..اعلام يعمل في معظمه خارج الاطر القانونية بدءا بالترخيص وانتهاء بالدعاية المكشوفة والولاء السياسي المخجل والمسابقات الوهمية او الخارجة عما نصت عليه القوانين .
وخلاصة القول ان العمل بقاعدة التهريب بشتى صنوفها اصبحت هي التي تحكم البلاد واما الحكام فقد انصرفوا الى معاركهم الدون كيشوتية و يتسابقون من اجل مزيد تخريب البلاد وتفقير شعبها ولم يكفهم دلك حيث انضافت اليوم لغة التهديد والترهيب الى درجة ان بعضهم لم يعد يتورع عن طرح فرضية الاقتتال كاحد الحلول و بمعنى اخر فهو لن يتردد في تاديب من يعارضه او يحاول ان يحاسبه .. لانه وبكل بساطة لم يعد له اي استعداد للتخلي عن الحكم