في اواسط الثمانينات وبالتحديد وانا واحد من العصابة الجميلة لجريدة الايام . انذاك .كتبت مقالا عنونته بـ (ارجوكم لا تصدقونا بسرعة) وكنت صادقا مع مستمعيّ وقرّائي ..وملخّص هذا المقال كان هدفه: نحن لسنا انبياء عصرنا ..نحن مجرّد مجتهدين ونحن لا نساوي اشياء كثيرة امام عمالقة الصحافة الذين تعلّمنا عنهم بعض البعض من اشيائهم…
واليوم اردت العودة لهذا الموضوع ولكن في مجالات عديدة …ففي السياسة مثلا يطلع علينا البعض كالطاووس نافخا ريشه …وفي الاخير تكتشف انّه ولاشي …مثل هؤلاء الا يخجلون وهم يقرؤون السير الذاتية لعظماء السياسة عبر التاريخ . ؟؟ أهؤلاء قرؤوا شيئا عن غاندي وعن تشرشل وعن الالماني بيسمارك والصيني صن يات صن ؟؟ هل اعترضهم في الطريق شي غيفارا ومانديلا ؟؟ في الادب والشعر ، عادك بواحد وخاصة وحدة تكتب عقاب نصّ او عقاب قصيدة شعرية وليس فيها من الشعر الا الوبر ..وتنهال عليها التعاليق من صنف (ابداع يا سيذتي) … هكّة بكلّ قلّة حياء!
الى بائعي الكلمات ..اذا كان هؤلاء الغشاشر مبدعين فماذا نقول عن المتنبّي ودرويش والقباني وايليا ابي ماضي وابي القاسم الشابي ..؟؟…في كرة القدم هاكي عاد خلات وجلات ..عقاب لاعب يسجّل هدفا وفي عشر مباريات زادة يرجّعوه ميسي اذا من احباء البارسا وكريستيانو رونالدو اذا من احباء الريال ..وزيد عاد “خرونيكارات” الزمن التعيس ..جلّهم يدافعون عن الوان فرقهم وتبدا السلامية … لا والادهى والامرّ انّ مثل هؤلاء التعساء وفي توصيفهم للاعب فريقهم المفضّل يذوّب ويمحو اسماء اساطير الكرة … بيليه ومارادونا والظاهرة رونالدو دوليا .. والعقربي وطارق وعتوقة وغميض تونسيا …
وعلى ذكر عتوقة …تتذكروا هاكة الوليّد الدبشي نهار اللي غلط وشدّ ضربة جزاء امام الفريق الخصم الافريقي ويا ريتو ما شدّها وما عمل هاكي العملة ؟؟ الخرونيكارات متاع وذني رجعوه ياشين الحارس السوفياتي العنكبوت الاسود والحّوا صباحا مساء على وجوب دعوته للفريق الوطني …وبقية الخرافة تعرفوها ..واليوم تعود نفس اللوبانة لاخراج دحمان من قائمة المدعويين لحراسة عرين فريقنا الوطني ..انا معهم تماما في انّ دحمان هذه الفترة ليس مؤهّلا لحراسة مرمى المنتخب ولكن جماعة الخرونيكارات هدفهم تزليق حارس اخر وكلّ خرونيكور يحبّ يكون من فريقو المفضّل … يا حسرة على الطاهر مبارك المكشّخ للدم ولكنّه لم يهضم في مسيرته الاعلامية حقّ ايّ فريق .. ثمّ إن المعلقين على مبارياتنا الرياضية في تلفزتنا الوطنية حاليا ..ما يعرفوش الفارق بين التعليق والتأبين ..اللطف جنازة على حالها ..
في الفنّ ايضا هاكا حدّ ما قال لحدّ يادوب تعمل الفنانة جملة ونصف صحيحة اداء وتفوّحها بروبة اجيستي على بدنها وبضحكة دلّوعة وشبه رقصة ..حتى تصبح رقما صعبا ..
الفكرة التي اردت ايصالها هو انّ لكلّ زمن الوانه وعباقرته نعم ..ولكن علينا جميعا ودون استثناء ان نفهم انّه اذا كان الطموح والاجتهاد مفصلين هامين في الحياة … ومن لم يرم صعود الجبال، يعش ابد الدهر بين الحُفر .. بل ما هي قيمة الانسان ان عاش فقط على انتاج السلف .. الواحد باستطاعته ان يصبح مبدعا لانّ الابداع لو كان له ان يموت لمات مع المتنبّي ومن عاصره ..ولمات مع بيتهوفن ومن عاصره ..ولمات مع الست وعبدالوهاب والسنباطي وحليم وبليغ ومن عاصروهم ..العقل الانساني من جهة والموهبة لا يُحدّدان بزمن ما ولن يموتا ..ولكنّ النفخ في الرماد لن يولّد نارا ولو اجتمع الانس والجنّ على النفخ ..