جور نار

معركة استرجاع الوطن

نشرت

في

تونس أصبحت استثناء في محيطها من حيث أنها حققت إنجازا غير مسبوق في مجال الديمقراطية و الحرية….جواب ألفناه و حفظناه عن ظهر قلب من المنتمين إلى كتلة الحكم مند عشر سنوات،

<strong>محمد الواد<strong>

ما ينبغي أن تفهمه من هذا الجواب أن ما أتاه القوم هو منة و فضل منهم على الشعب الكريم . كلام يبدو في ظاهره مسكنا للغبن الذي عانى منه الشعب طيلة هده العشرية، أما حين نتعمق فيه فسنكتشف كما هائلا من المغالطات و من القفز على الحقائق . فحين يدّعون أن الإنجاز ما كان ليتحقق لو لا عملهم و دورهم فهم يتناسون أن الديمقراطية و الحرية كانتا مطلبا شعبيا ثابتا و راسخا منذ حكم بورقيبة و حين يرددون هذا الكلام فكأنما يقولون إن علينا أن نختار بين الرفاه و تحقيق مطالب الشعب في حياة كريمة و بين خوض تجربة الديمقراطية أي أن علينا أن نسقط إحداهما من حساباتنا.

و هنا تحديدا أسأل أهل هذا الطرح هل تعتقدون حقا أن تونس دخلت نادي الدول الديمقراطية الجديرة بهذه التسمية ؟؟؟ و سيقولون طبعا نعم …لكن عليهم أن يتوقعوا أسئلة اخرى من نوع هل احترمتم الدستور و لم تؤوّلوه بما يتنافى مع مقاصده و مع المبادئ الكونية هل حرصتم أم عرقلتم إرساء المحكمة الدستورية ؟ هل عندكم قناعة بأن سنّة الديمقراطية تقتضي القبول بمبدإ التداول على السلطة تنفيذا لإرادة الشعب أم استعضتم عنها بخدعة التوافقات و البيع و الشراء من وراء ظهر الشعب ؟

هل أسستم ديمقراطية قوامها التنافس على خدمة الشعب عبر طرح البرامج و الحلول و السهر على مكاسبه و أمنه و مستقبل أولاده أم أشعلتم فتن الهوية و دفعتم أبناء الوطن الواحد إلى مهلكة التباغض و التناحر؟ هل حرصتم على سمعة البلاد و هل ضمنتم سيادتها و النأي بها عن التطاحن الإقليمي المدمر أم جعلتموها لقمة سائغة في متناول طرف يريد أن يعيد تونس إلى مربع الإيالة و تقبيل يد الخليفة العثماني المقيت ؟

أسئلة في بواطنها الأجوبة و لا تحتاج إلى شروح بما أن الوقائع و تصرفات من تحملوا الأمانة تغني عن كل تعليق. أما ما ضحينا به لقاء كل هذا فلا يقع تحت حصر و يكفي أن ننظر إلى ما آلت إليه حال الدولة و كيف تهالكت مقوماتها و كيف تحولت إلى هيكل عاجز تعتريه الثقوب من كل جانب و يتطاول عليه الأقزام و المنحرفون دون وجل أو خوف .فمادا فعل أصحاب الأمانة إزاء الانتهاكات و الإهانات غير غرس الرؤوس في الرمل و التخفي خلف مبررات منافقة و مسايرة لمنطق الاستقواء على الدولة بالسخاء في العطاء و مكافاة الكسالى و المعتدين على مكتسبات الشعب وإعدام كل قطاع منتج .

يكفي أن نعاين هدا الطوفان من المطلبية المجحفة في كل القطاعات تقريبا و غير المكترثة لحالة الهوان التي نخرت الميزانية و للغرق الفاحش في الديون. يكفي أن ننظر إلى حال مدارسنا و مستشفياتنا و طرقاتنا و مؤسساتنا العمومية لنستنتج أن القوم يسيرون البلاد بمنطق …أعطيني اليوم و غدوة الله لا يرد فاس على هراوة… و أين الشعب المسكين من كل هذا؟ هل هو مبتهج مزهو بإنجازكم الديمقراطي المغشوش و المنافق؟

و كأن كل هذا لم يكف المتلبسين بالحكم فعندما تتاح لهم المنابر يتحولون إلى بكائين مشفقين على أحوال العباد و البلاد يختلقون الأعذار السخيفة و يتبنون طروحا جديدة في الإصلاح بل فيهم من يتوعد الشعب بسوء المآلات في صورة تولي آخرين مقاليد الحكم و التسيير في البلاد. لكل ذلك أكاد أزعم أن حبل الكذب بلغ منتهاه و أن محاولات إعادة الخلطة بنفس المكونات لن تنتهي إلا بإعلان الإفلاس في البلاد…إفلاس شامل و عام. اليوم نحن أمام مواجهة واقعنا بكل شجاعة و شعور بالمسؤولية و الحلول يجب أن تكون جذرية فالمعركة أصبحت معركة استرجاع وطن ضاع منا . معركة الاحتكام إلى مؤسسات دستورية قوية و فاعلة في ظل ديمقراطية العقلاء و ليس السفهاء و أعداء الدولة …

نحن في حاجة إلى نواب شعب و مسؤولين قادرين على الانكباب على ما ينفع الشعب و في حاجة إلى كنس الرعاع و السفلة و مبيضي الإرهاب و المستكرشين عبدة الكسب غير المشروع و إذا اقتضى الأمر إجراء انتخابات سابقة لأوانها فليكن فأفضل أن نبادر إلى هذا الحل قبل الأوان على أن نلتجئ إليه مكرهين …بعد فوات الأوان

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version