مِنْظ ... نار

ملحقو الإعلام … أيّة مهمّة ؟

نشرت

في

“كلّما أعلمنا أفراد الشعب بما يجري، كلّما جعلنا البلاد في مأمن من الأخطار” أبراهام لينكولن (1809 ـ 1865)                                                               

مارغريت هوكسي سوليفان…اسم قد لا يعني شيئا للكثيرين، لكنّنا نحن أمام واحدة من أكبر المستشارين في المجال الاتصالي الحكومي في العالم، فالمرأة تتمتّع بخبرة كبيرة و درّست الاتصال في معاهد و جامعات أمريكيّة كثيرة و اشتغلت في مناصب عليا بالبيت الأبيض الأمريكي و بوزارة الخارجية … ما يهمّنا حول هذه المرأة ليس سيرتها الذاتية أو شخصيتها و مميّزاتها بقدر ما يهمّنا خبرتها الواسعة والتي وضعتها في كتابين صدر الأول سنة 2002 و عنوانه ” مسؤول الإدارة الإعلامية. دليل المبتدئين ” و الثاني صدر سنة 2012 و عنوانه ” مسؤول الإدارة الإعلامية في عصرالرقمنة ” و تمّت ترجمة الكتابين إلى حوالي ثلاثين لغة حول العالم و تحصّلا على جوائز عديدة.  و في الكتابين تشرح المؤلّفة دور الملحق الصحفي أو لنقل الناطق الرّسمي من النّاحية المهنية في علاقته بالمسؤول الأوّل أو في علاقته بمختلف وسائل الإعلام، لتبيّن أن المهنة تطوّرت في عصر الرقمنة و التكنولوجيا لتضاف إليها أشكال اتصاليّة أخرى أكثر سرعة و محامل…

<strong>مولدي الهمامي<strong>

 لقد جرّني الحديث عن الموضوع ما لاحظته من غياب شبه كلّي للمعلومة من قبل صانعيها أي أصحاب القرار أنفسهم إلاّ في حالات قليلة و ربّما بمبادرات شخصية أملتها ظروف المهنة الصحفيّة بالنسبة إلى المؤسّسات الإعلامية أو الظروف السياسيّة بالنسبة إلى المسؤول … وفي كلتا الحالتين نحن نقف أمام اجتهادات و تصوّرات و ليس أمام سياسات إعلامية محكمة و استراتيجيات اتصالية تحرص على أن تصل المعلومة في وقت قياسي إلى المتلقّي دفعا للشائعات و الأخبار المغلوطة التي ستشغل الفراغات لا محالة، وهي إن وضعت رحالها يصعب دحضُها بسرعة، و حتى و إن تمّ ذلك فإنها تترك آثارا سلبيّة لدى المتلقّي عموما الذي سينزع إلى الشكّ و التردّد في تصديق الرواية الرسميّة الجديدة للوقائع، بعدما أمطرتة وسائل التواصل الإجتماعي على وجه الخصوص و الكثير من المواقع الإخبارية على النت بوابل من المعلومات المتنوّعة يقبل بها جميعا تقريبا لأنّه لا يملك الوقت للغربلة و لا الأدوات التي تساعده على التمييز بين الحقيقي والزائف. 

 المتواتر عندنا أن المسؤول نادرا ما يغادر مكتبه إلاّ عند الضرورة القصوى و نادرا ما ينظّم لقاءات مع أهل الصحافة و هي لقاءات باتت ضروريّة تحتّمها الرغبة المتزايدة لدى الجمهور في الحصول على المعلومة في وقت قياسي … إنّ معظم مؤسّساتنا الرسميّة مثل الوزارات و غيرها يوجد ضمن هيكلتها ما يعرف بإدارة الإعلام أو مصلحة الإعلام يشرف عليها و كما أعلم الكثير من أبناء مهنة المتاعب و الذين يتمتّعون بخبرة واسعة في مجال الاتصال و مع الأسف فإن مهمّتهم تكاد تكون محدودة جدّا بالمقارنة مع رحابة الحقل الذي يعملون فيه.  

 هذه المهمّة، كما تقول “مارغريت سوليفان”، تسير في اتجاهين متوازيين تتمثّلان في أن المؤسّسة الإعلامية هي في حاجة إلى  ملحق صحفيّ فعّال و موثوق به، يساعدها على فهم السياسات الحكومية … والملحق الصحفي بدوره هو في حاجة إلى المؤسّسة الإعلاميّة لإعلام المواطنين و إخبارهم بعمل و مخطّطات الحكومة. و السؤال الذي يطرح هنا هو كيف ننجز هذه المهمّة التي تبدو في ظاهرها سهلة و ممكنة.

مصادر خبر، أم أبواق دعاية؟

 لقد تبيّن من خلال الواقع أنّه يجب الارتقاء بمهمّة الملحق الإعلامي ليتحوّل إلى ناطق باسم المؤسسة الرسميّة التي ينتمي إليها … فالمسؤول الأوّل لا يملك دائما الوقت الكافي للظهور في كل المناسبات و الحديث إلى النّاس … و نحن و من خلال التلفزيون نشاهد جيشا من الناطقين الرسميين باسم البيت الأبيض و وزارة الخارجيّة و كذلك البنتاغون و الكونغرس، والذين يظهرون بصفة دوريّة لمدّ الصحفيين بمعلومات حول جديد سير الإدارات الحكوميّة التي ينتمون إليها، والإجابة عن أسئلة الصحافيين …

هؤلاء الأشخاص عادة ما يمتّعون بثقة رؤسائهم و يملكون الفصاحة واللّباقة و أيضا الإطلاع الواسع على الملفّات التي تشمل مجال تدخّلاتهم … يجب أن يكون الملحق الصحفي قريبا من مركز صنع القرار، يحضر الإجتماعات المغلقة و يقدّم تصوّراته للخطّة الإعلاميّة الواجب اتباعها حالة بحالة وموضوعا بموضوع … ولا يسقط في مهمّة تلميع صورة المؤسّسة التي ينتمي إليها أو التركيز على الشخص أكثر من الفعل، أو في ما تقول عنه مارغريت سوليفان “أن يتحوّل إلى ساحر قادر على تغيير فعل أو برنامج فاشل إلى عمليّة ناجحة” ǃ  

 إنّنا نعيش  في عصر المعلومة و تلك المعلومة عليها أن تصل إلى الجمهورالعريض  سواء من قبل المسؤول نفسه كلّما سمحت ظروفه بذلك، أو يبلغّها بالشكل المناسب عن طريق الملحق الصحفي الذي يجب أن يجعل الأشكال التقليدية واحدة من طرق التبليغ وليست هي التبليغ كلّه.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version