وطني هو المكان الذي تنتهي فيه كلّ مُحاولاتِي للهروب !
آخر محاولاتي للهروب منك…
آخر محاولاتي للهروب منك أتت بي إليك …
أتيت إليك بعجزي و حيرتي و تشردي …
أتيت إليك ميتا أيها البلد الحزين…
إن الموت ليس الخسارة الكبرى ( كما يقول الماغوط ) …
بل الخسارة الأكبر هي أن يموت فينا كل شيء و نحن على قيد الحياة…
أعطينا عجائزنا للدعاء و النساء للزغاريد و ألسنة ساسة الآباد للخطب و الضحك على شعب أعزل .!
ماذا فعلنا بأنفسنا ؟!
ماذا فعلنا .؟!
لم أمهل قلبي كثيرا حتى تعرّف على ملامح قاتله و تقاطعات ملامحه و تقاسيم حقده المكنون…
لم أمهله كثيرا حتى صرخ و قال هذا هو قاتلي…
هذا من تكفّل بتحقيق أمنية تاريخي المنهك المتهالك إرثا ثقيلا …
طافحا بالسقطات …
هو من خاض حروب أعدائي نيابة عنهم…
هو من أعاد شروق بلدي نصف قرن إلى الوراء…
هذا من موّل خرابه و شرّد أصابعه و أسقط ظلّه و شتت عيون القلب عن آخر ظلمات النفق الميت…
حتى في جدار من خشب…
أو من طين لابد من وجود منفذ ، نقول منه للحياة نحن هنا…
مازلنا على قيد الحياة و الحب و الوطن و أشياء أخرى أصبح من البذخ قولها في هذا الزمن الكلب !
وحدهم الذين عادوا من “تيتانيك” الانكسار الكبير ناجين أو مدمَّرين، بإمكانهم أن يقصّوا علينا عجائبه، ويصفوا لنا أهواله، و أن ينبّهونا إلى مخاطره و مصائبه…
هم وحدهم من يتكلّمون !
هم آخرُ إرث هذه الأرض الباكية…
هم وحدهم من قال إن الابتسامة هي جهدٌ مرير لتجاوز طعم الغياب…