جور نار

منظومة 25 جويلية تدخل غرفة الماكياج !

نشرت

في

مسافة شاسعة بين ما قاله ساكن قرطاج صباح أول أمس حين التقى العميد الصادق بلعيد، والعميد محمد صالح بن عيسى والأستاذ أمين محفوظ، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة…وبين ما قاله خلال اجتماع مجلس الأمن القومي…فخطاب التخوين وشيطنة الخصوم واتهام بعضهم…ورفض أغلبهم…أصبح خطابا يحثّ على التعايش ويقبل بالجميع… ويطالبهم بعدم الانسياق وراء الإشاعات والقبول بالآخر… فلا مجال لبثّ الفتنة…والسؤال…هل كان اجتماع مجلس الأمن القومي مبرمجا لذلك اليوم قبل أن يقع ما وقع بمقرّ حركة النهضة؟

<strong>محمد الأطرش<strong>

الواضح أن عديد الأمور جعلت ساكن قرطاج يغيّر اتجاه بوصلته في سويعات قليلة…فالحديث عن أن دستور 2014 أصبح غير صالح للاستعمال، ولا يليق بهذه المرحلة، سيكون عند كل ما يعارضون ساكن قرطاج وكل المجتمع الدولي بمثابة الانقلاب الكامل الشامل على المنظومة التي كان هو أحد أهمّ أطرافها، و لكن ها هو يبشّر بقرارات قادمة غير تقليدية وقد تكون عنقودية تمنعها كل المواثيق الدولية…فالدستور الذي تحدّث عنه ساكن قرطاج بتلك الطريقة هو نفسه الذي أقسم على احترامه، فهو الذي أتى به إلى حيث يجلس اليوم، وإن أصبح اليوم غير صالح فكيف سنفعل بمن جاء بهم ومن أعطاهم شرعية الموقع الذي يتربعون عليه والكرسي الذي يجلسون عليه…فإن ألغي الدستور يُلغى كل ما أتى به ذلك الدستور، هكذا يتعامل الجميع مع مثل هذه الأمور… فانتخابات 2014 والتي جاءت بعدها سنة 2019 وجميع ما جاء بعد الإعلان عن جمهورية دستور 2014 يصبح لاغيا في نظر الجميع منطقيا، وهنا استثني من يتعاملون مع ما يقع في البلاد مزاجيا وعاطفيا…

والسؤال الذي يطرح نفسه ما الذي وقع حتى يغيّر الرئيس خطابه بتلك الصفة…فبين دستور غير صالح…والدعوة إلى تعايش الجميع تحت سقف هذا الوطن مسافة كبيرة…وبين “لا مجال للخروج عن القانون” التي قالها الرئيس مساء في اجتماع مجلس الامن القومي وما قاله صباحا عند التقائه بأساتذة القانون “المستقبل يحدده الشعب التونسي”  تلميحا لما يريد أن يقرره في قادم الأيام، مسافة شاسعة أيضا…فهل تفطّن يا ترى ساكن قرطاج إلى أنه سلك طريقا موحشة مزروعة بالألغام، وعليه اليوم أن يعود إلى طريق الوطن الواحد الذي يجمع الجميع تحت سقفه، أم أنه غيّر من كان يهمس له في أذنه أن افعلْ هذا وستجد هذا…فمن همس في أذن ساكن قرطاج أول أمس يا ترى؟…وهل سيكون لما وقع أول أمس ونعلمه، وما وقع ولا نعلمه، تأثير على ما ستقرره مراسيم ساكن قرطاج بمناسبة الاحتفال بــ”حلحزة” موعد الاحتفال بما يسميها البعض “ثورة” إلى تاريخ حرق البوعزيزي لجسده…

فهل سيكون موعد 17 ديسمبر مخالفا لما وقع التكهن به والترويج له من أتباع ساكن قرطاج أم أن للرئيس رأي آخر بعد ما وقع يوم الخميس؟ وكأني بساكن قرطاج سيعود مسافة كبيرة إلى الوراء … فالوضع الاقتصادي وصل نقطة اللاّعودة…وجانفي “الحراك الاجتماعي” على الأبواب…وكل إجراء غير دستوري قد يجعل ساكن قرطاج في حرج مع الداخل والخارج…فحلّ الهيئات الدستورية سيكون بمثابة الإعلان عن وفاة دستور 2014 وقد يُقرأ كآلية من آليات “الانقلاب”…وحل مجلس النواب يجب أن يكون متبوعا بالإعلان عن انتخابات سابقة لأوانها ووجب توفير مبرراته التي لا يمكن تأويلها إلى “انقلاب” مقنّع خارج لتوّه من غرفة “الماكياج”…فهل وصلت منظومة 25 جويلية إلى طريق مسدودة وايامها أصبحت معدودة كما يلمّح البعض في بعض وسائل الإعلام…

لكن وبعد ما وقع أول أمس، هل ستدخل منظومة 25 جويلية غرفة الماكياج ثانية لتخرج علينا في شكل آخر…وبخطاب آخر…ويعود الودّ بين الجميع…خاصة أن بين البلاد والجوع والإفلاس المعلن رسميا مسافة صغيرة جدا أصغر من أصغر لقمة يأكلها فقراء البلاد…وهل ستلوّن منظومة 25 جويلية شعرها بلون آخر…وتضع أحمر شفاه مستوردا من بلاد الماما أو باريس عاصمة أحمر الشفاه الذي لا يذهب مع أول قبلة…وأي حضن سيثير رغبة هذه المنظومة يا ترى؟ أم أن شيوخ القانون الدستوري سيواصلون الإفتاء بغير ما يجب به الإفتاء…فينقطع حبل الودّ بين الجميع…ويسقط السقف فوق رؤوس المطيع وغير المطيع…؟؟

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version