دُمّـنار

من تعرض لنوبة قلبية أثناء تصوير مسلسل، ثم عاد فوْرًا للعمل … ألا يستحق التكريم ؟!

نشرت

في

لأول مرة في حياتي أطرح سؤالا كعنوان لمقال..يبدو ان الحمّى التي التحفت بجسدي جعلتني أهذي بفعاليات ايام قرطاج المسرحية التي انتهت اشغالها وقبض اصحابها مكافآتهم ومنحهم وحتى جوائزها صرفوها قبل تسلمها…

<strong>رضا العوّادي<strong>

الكل نسى الدورة وفيهم من تناساها و انا مازلت ألوك اللوبانة ..وابحث عن بعض التفاصيل التي ارهقتني لإنارة المتلقي … هكذا إذن لعبت بي الحمى كما لعبت الخمرة برأس صديقي ( ع..خ..) الذي يريد ان يعرف كيف يتم كاستينغ المحتفى بهم بالمهرجان… هل يتم اقتراح اسمائهم حسب مواصفات و تأريخ لأعمالهم و محطات احتراقهم بلهيب الخشبة ؟ ام لخبرتهم في التلون كالحرباء مع بعض الفاعلين في سلطة الاشراف؟ ام لأسباب أخرى من علم الغيب؟؟؟ اسئلة طويلة طول الحياة الثقافية ببلادنا..والجواب يبقى مسترابا كنوايا و أفعال من يشرفون على تظاهراتنا …

ولئن عاش المسرح التونسي في الماضي برجالات آمنوا بالعطاء و الإبداع دون مقابل خلال ما قدموه من روائع في اسبوع المسرح او في اليوم العالمي للمسرح…فإنه منذ ان تحول اسبوع المسرح لأيام قرطاج المسرحية..اسوة بشقيقته السينما…تحولت معه العروض والتتويجات والجوائز والتكريمات…الى ما يشبه الخرافة فاصبح يعتلي الركح من هب ودب..وغاب ابناء المسرح وحضر جماعة “البوز” و السلفي متنقلين بين بهو أفريكا و مدينة الثقافة ..و تم تهميش رجال و نساء هذا الفن النبيل الذين خدموه (و يخدمونه) على مدى عقود ..

من هؤلاء المنسيين (ذِكرا لا حصرا و ليعذرني البقية) نتساءل مثلا عن جمال ساسي.. فتحي مسلماني. جمال العروي..محمد قريع..علي الخميري..كمال العلاوي…عبد الحميد قياس..مصطفى قضاعي..كمال الغانمي، الشاذلي الورغي (رحمهما الله) .. الشاذلي بومعيزة.. علياء حرار .. فاطمة العربي…حليمة داود ..عزيزة بو لبيار … سعاد محاسن..ريم الزريبي..ابراهيم مستورة (برهوم هو من مؤسسي فرقة الحبيب الحداد بباجة،انحز عشرة اعمال مسرحية و جلب لتونس عديد الجوائز)…

في البدء قلت اني مصاب بهذيان الحمى..لذلك كاد يغيب عن خاطري أحد أعمدة المسرح التونسي ومن كبارات القوم… مراد كرّوت.. هذا الذي ولد بحمام الانف ودرس المسرح وتحصل على ديبلوم المسرح سنة (1965) … ومن اجل الفن الرابع سافر لجوهرة الساحل سوسة للتدريس ثم استقر هناك و استمد من مياه بحر بوجعفر القوة والمثابرة والإخلاص والهدوء لدرجة ان الاهالي تصوروا أنه ابن سوسة …

انخرط مراد في الفرقة القارة هناك و انجز اكثر من 50 عملا ..واخرج اكثر من 60 مسرحية من المسرح العالمي والمسرح العربي.. كما شارك في عديد الافلام الاجنبية و العربية.. و لكن عرفه الجمهور التونسي في المسلسلات التلفزية بدءا من الناس حكاية … إلى الخُطّاب ع الباب … إلى حسابات وعقابات .. مرورا بـ “وردة”…امواج…الحصاد….غالية…بنت الخزاف…خضراء و الكنز…و عودة المنيار..الذي تبثه القناة الثانية للمرة الالف…

و للذين يبحثون عن البوز…اثناء تصوير مسلسل “عودة المنيار” وفي احد المشاهد كان مراد يتلوى ألما من اوجاع بالصدر والظهر. و مع ذلك لم يشتكِ و لم يتوقف لانه يعلم ان يوم التصوير مكلف جدا الى ان سقط فوق البلاتوه .. فحُمل إلى أقرب مصحة حيث تم اسعافه وبقي اياما لا يغادر الفراش الا لتصوير ما تبقى من مشاهد المسلسل ..كان ذلك تحت مراقبة الطبيب وعيون المنتج والمخرج وبعض من الزملاء…

هكذا يكون العشق للفن و للخشبة و للكاميرا …و من اجل تقديم مادة ابداعية متميزة…مراد كروت…بسؤالنا عن حالته الصحية الآن يقول إنه بخير … و لكن يقول أيضا بأنه ليس من هواة السجاد الاحمر.. و بأنه بات غريبا عن هذا المهرجان (أيام قرطاج) وكانه من سكان المريخ.. وتعهد لنا بانه سيفتح قلبه يوما لكشف خبايا واسرار من يحاولون شطبه من الذاكرة المسرحية…لكنهم لن يفلحوا حسب تقديرنا..

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version