قام مساعدو ساكن البيت الأبيض بإعادة صياغة “الاقتراح الصادم” الذي تقدّم به دونالد للقادة العرب الشهر الماضي تحت عنوان “طرد جميع سكان غزّة من القطاع وإخلاء المكان”..
مساعدو دونالد طلبوا من القادة العرب تقديم خطّة أفضل إن هم حقّا “قلقون” من خطة دونالد وما ستؤول إليه الأوضاع إن وقع تنفيذها… وأضاف مساعدو ساكن البيت الأبيض مخاطبين قادة الدول العربية المعنية بالمبادرة وبطرح رؤية بديلة “قدّموا خطّة أو قوموا بتنفيذ ما اقترحناه عليكم”… لذلك يحاول منذ الأمس قادة مصر والسعودية والأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة المجتمعون في الرياض، إيجاد خطّة ورؤية بديلة مخالفة تماما لما اقترحه ساكن البيت الأبيض وتمويل تنفيذها… الدول العربية المعنية بما اقترحه ترامب ستساعد على الإشراف وتمويل إعادة إعمار غزة، مع ضمان إبقاء سكانها في مكانهم… كما سيحاول قادة هذه الدول الحفاظ على مقترح قديم يهدف إلى التوصل في نهاية الأمر إلى إقامة دولة فلسطينية، وهذا ما تمّ إطلاع بعض الدبلوماسيين والمسؤولين من عديد الدول العربية والغربية في الرياض عليه.
من المنتظر أن تقترح مصر تشكيل لجنة من التقنيين الفلسطينيين وبعض القادة من المجتمع المدني غير المرتبطين بحماس لإدارة غزة بعد الحرب، وفقًا لدبلوماسيين عرب ومسؤول غربي كبير… ويعكف قادة الدول العربية الخمس على إيجاد خطّة تثبت لترامب أن مخطّط التهجير لن يكون الأنجع والأصلح لوضع سكان غزّة والقضية الفلسطينية، وأن خطتهم ستمكّن من إعادة إعمار القطاع دون الحاجة إلى تهجير سكانه… فترامب حسب بعض القادة العرب رجل عقارات، وحديثه ومخططه المقترح الشهر الماضي يهدف فقط لإعادة تطوير غزّة لغايات أخرى تستثني سكان غزّة الأصليين… وهم (أي القادة العرب) يريدون وضع خطة قابلة للتطبيق تظهر وتؤكّد لترامب أنه يمكن إعادة بناء غزة وتوفير مستقبل أفضل لمليوني فلسطيني، دون إجبارهم على مغادرة أراضيهم وتركها…
ويحاول العرب بقيادة مصر دعم السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا والتي كانت تدير غزة قبل سيطرة حماس على القطاع قبل نحو عقدين… لكن يبدو أن الرئيس محمود عباس متردد في قبول هيكلية حكم ما بعد الحرب لا تمنحه السيطرة الكاملة على كل الأراضي الفلسطينية المتفق عليها… علما بأن بعض مسؤولي حركة حماس صرحوا أخيرا أنهم مستعدون للتنازل عن السيطرة المدنية والإدارية على القطاع مع رفضهم حل جناحهم العسكري… وهو الأمر الذي ترفضه تل أبيب وساكن البيت الأبيض فتل أبيب تريد وتسعى إلى نزع سلاح حركة حماس مهما كلفها الأمر…
وهنا يكمن التحدّي الأكبر على قادة الدول العربية الخمس… كيف يجدون خطّة واقعية يمكن القبول بها من الفصائل الفلسطينية ويقبلها ساكن البيت الأبيض وتل ابيب… الأمر يبدو معقّدا إلى ابعد حدّ… والمطلوب من الدول العربية الرافضة لخطّة تهجير سكان غزّة إيجاد مخرج للمأزق يضمن تأمين القطاع مع المنع الكلي والشامل لحركة حماس من التحرّش أو مهاجمة بقية الأراضي المحتلة التي تخضع لسلطة تل أبيب… كما يطالب ساكن تل أبيب بتمتيع جيش المحتل بحرّية العمليات في القطاع على المدى الطويل وهو الأمر الذي لن تقبله الدول العربية أبدا… والسؤال الأهمّ، من سيدفع تكاليف كل الخراب الذي حلّ بغزّة ومن سيتكفل بإعادة الإعمار، وهل سيفرض ساكن البيت الأبيض تكفّل شركات الماما بإعادة الإعمار على أن يتكفّل العرب بدفع الثمن… غاليا …