جلـ ... منار

من غزّة إلى شيكاغو… الحزب الديمقراطي والإرث الدموي

نشرت

في

صبحي حديدي

أحد أبرز الأسئلة التي ستواجه مؤتمر الحزب الديمقراطي المقبل في شيكاغو، اليوم 19 آب (أوت) 2024؛ سوف يكون الموقف من حرب الإبادة الإسرائيلية الراهنة في قطاع غزّة، على صعيد الحزب وقياداته وكوادره عموماً؛ ثمّ بلورة صياغات أوضح، ما أمكن ذلك بالطبع، لخيارات مرشحة الحزب كامالا هاريس خصوصاً.

وليس الأمر أنّ مفاجآت من أيّ نوع سوف تُنتظَر بصدد اجترار الإرث العتيق العريق ذاته، الذي طبع رؤية الحزب للعلاقة العضوية مع دولة الاحتلال، سواء من جانب الرئيس الأمريكي جو بايدن، أو هاريس نفسها. والحال ذاتها تسري على متحدثين كبار أمثال بيل كلينتون أو باراك أوباما، ضمن صفّ الرؤساء السابقين الديمقراطيين؛ أو متحدثين يهود أقلّ مقاماً مثل حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو، أو دوغ إمهوف زوج هاريس (الذي يحدث أيضاً أنه، بقرار من بايدن، يترأس لجنة عليا لمكافحة العداء للسامية).

الأسئلة، من جانبها، سوف تكون حاضرة مع ذلك، وبقوّة أيضاً؛ لاعتبارات شتى على رأسها أنّ فورة الحماس الديمقراطي العارم، التي أحاطت سريعاً بتخلّي بايدن عن الترشيح وصعود هاريس إلى رأس البطاقة، سوف ترتطم، بسرعة أكبر ربما، مع تغيير واضح تنتظره أغلبية في صفوف الحزب الديمقراطي تناهض خيارات الرئيس الأمريكي الحالي بصدد حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزّة؛ بمعدلات تتجاوز 44% من المستجوبين حتى الساعة، مرشحة للازدياد المطّرد.

اعتبار آخر يتصل بعشرات، والبعض يتحدث عن مئات، الآلاف من أنصار تحالف عريض يضمّ نحو 200 منظمة حقوقية سوف يحتشدون في الشوارع المحيطة بمركز انعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي، ولن تقتصر نوعياتهم الإثنية على أصول عربية أو مسلمة بل سوف تشمل الناخبين الأفرو ــ أمريكيين والآسيويين والهسبان، وعلى نطاق أغلبية أوسع في صفوف الشباب والطلاب الجامعيين.

اعتبار ثالث لعلّ مصادفات التاريخ شاءت فرضه على المؤتمر، وهو سلسلة الملابسات التي تجعل اليوم تذكرة مدهشة بوقائع يوم مماثل في سنة 1968 حين عمّت تظاهرات حاشدة شوارع شيكاغو ذاتها، احتجاجاً على مؤتمر الحزب ذاته، ضدّ انخراط حكومة الولايات المتحدة في حرب خارج أراضيها (كما هي حال البيت الأبيض اليوم، مع الاحتلال الإسرائيلي، مباشرة أو بالتواطؤ)؛ حين كان المرشح الديمقراطي (لسخرية الأقدار!)  هو روبرت همفري… نائب الرئيس ليندون جونسون، الذي خسر أمام ريشارد نيكسون.

وذات يوم غير بعيد كانت مرشحة أخرى ديمقراطية لمنصب الرئيس، هيلاري كلينتون، قد كتبت رسالة سرّية إلى حاييم صبان، الملياردير الأمريكي اليهودي وأحد أساطين الاستثمارات العملاقة في مسلسلات وأفلام هوليوود؛ تقول في بعض فقراتها: “يوم أكون رئيسة، سوف أمنح الدولة اليهودية كلّ الدعم الضروري، العسكري والدبلوماسي والاقتصادي والمعنوي، الذي تحتاجه للانتصار الفعلي على حماس ـ وإذا اقتضى ذلك قتل 200.000 من أهل غزّة، فليكنْ هذا”. وحين تسربت الرسالة، اكتفت حملة كلينتون بالتعليق التالي: هنالك خطأ مطبعي، 20,000 وليس 200,000!

هو الإرث ذاته، إذن، على امتداد سنين وعقود؛ مع فوارق أكثر انحطاطاً ودموية وتوحشاً…

ـ عن “القدس العربي” ـ

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version