يحاول بعضهم التخفيف من وطأة الترقيم السيادي الذي أحالنا إلى وضع قد لا نخرج منه دون أضرار جسيمة…ويحاول بعضهم ببعض الخطب المهدئة التي تتطاير من هنا وهناك ايهامنا بأن الأمر عادي ولا خوف على البلاد منه ولا يحزنون…أقول هل أنتم على وعي مما تقولون وبما تروجون؟
هل ستفيدنا تطميناتكم يوم نجوع…هل سيستفيد من لا عمل له من تطميناتكم …هل ستفيدنا تطميناتكم يوم تغلق المصانع وتغلق المدارس وتعرف البلاد شللا تاما…هل ستفيدنا تطميناتكم يوم لا نجد دواء للمريض ولا قمحا للمخابز…هل ستفيدنا يوم لا نجد كهرباء نضيئ بها ليالينا… أليس من الواقعية اليوم أن تعترفوا بأنكم فشلتم…وأنكم خدعتم…وأنكم خسرتم كل رهاناتكم…الواقعية اليوم هي أن تعترفوا أمام الشعب بأنكم أخفقتم…وأن لا بدائل لكم…والواقعية اليوم هي أن تعترفوا أنه لا دخل للمنظومة السابقة ليوم مجيئكم وأقصد منظومة ما قبل 14 جانفي في فشلكم وفي إخفاقكم وفي ما أوصلتم البلاد إليه كما روّجتم وزعمتم وتزعمون…
لا تقولوا لنا إن بن علي رحمه الله كان يعرقل أعمالكم…وكان يفرغ خزائنكم…وهو الذي تركها في حال تقارنون به اليوم حالكم، ولم تصلوا ربع ما وجدتموه عليه… لا تقولوا لنا إنكم لا تسعدون يوم تقتربون من أدنى رقم حققه بن علي رحمه الله ورجالاته… لا تقولوا لنا إن بورقيبة كان يخرج كل ليلة من قبره ليعرقل مساعيكم في الإصلاح…و إن بن علي رحمه الله كان يزوركم كل يوم ليمسك بيدكم ويعرقل نشاطكم، ويحبط أعمالكم ويفسد عليكم نواياكم…
ألم تعِدوا الشعب بجنات عدن تجري من تحتها أنهار من الخيرات والنعيم وعدالة وكرامة وتشغيل لكل العاطلين؟؟ فماذا وجد يا ترى؟؟ لم ير شيئا غير جنات غدر تجري من تحتها المأساة والمعاناة…فالشعب قبلكم لم يكن بهذا الجهل…ولا بهذا الفقر…ولم يكن بهذا الحقد والكراهية…الواقعية اليوم تلزمنا أن نسأل…ألم تستلموا أنتم زمام أمور البلاد…وشؤون البلاد والعباد… فماذا فعلتم؟؟ استلمتم الأمانة…فماذا بقي من الأمانة؟؟ لا شيء بقي منها غير الألم والوجع والمعاناة…كنتم تصرخون أنكم عنوان الوجع والمعاناة حين كان بن علي رحمه الله في الحكم…واليوم أتدرون أنكم أصبحتم صُنّاع تلك المعاناة وأنكم من غرس الخنجر في جرح الوجع… ووجع الجرح…فهل كانت فعلا منظومة بن علي رحمه الله بهذا الحجم من الفساد الذي عنه تتحدّثون ولرجالاته تتهمون…وهل عانيتم حقا هذا الحجم من المعاناة التي اليوم لها تنشرون وبها تتحدثون؟؟
لا تخدعوا هذا الشعب ولا تضحكوا على الذقون…فتونس وشعب تونس، وكلاب الشعب، وقطط الشعب، ودجاجات كل الشعب لم يكونوا بهذا الفساد…ولم يكونوا بهذا الحقد…ولم يكونوا بهذه العنصرية التي بها حكمتم وتحكمون…لم يكونوا أبدا كما تزعمون…لم يكن من المنصف أن تتهموا من حكم قبلكم بالفساد والاستبداد…فأنتم بعد 14 جانفي اشدّ استبدادا بما فعلتم وما تفعلون…وأنتم بعد ذلك اليوم أكثر عنصرية مما كنتم عمن حكم قبلكم تروّجون…أتدرون أنكم عنوان كل مأساة… وكل ألم …وكل وجع لهذا الشعب منذ مجيئكم…فلا تحمّلوا الشعب ما وجب أن تحمّلوه لأنفسكم…فأنتم من حكم ومن يحكم ومن يضغط على رقاب الشعب منذ دخلتم عليه خلسة ذات يوم من أيام جانفي 2011…
واليوم وقد سحب مولانا ساكن قرطاج من تحت أقدامكم البساط وأنتم تنظرون، وهو من نفس منظومتكم التي لها تنتمون…فهل سيفعل يا ترى ما كنتم تفعلون…وهل سيروّج لما كنتم له تروّجون…وهل سيزعم ما زعمتم لسنوات وإلى يومنا تزعمون…وهل سيتّهم منظومة بن علي كما كنتم أنتم تتهمون…وهل سيهرب من تحمّل تبعات فشله إن فشل غدا، كما هربتم من تبعات فشلكم، وإلى يومنا هذا تهربون…وهل سيحقّق ومن معه ما وعدوا به وما إلى ساعتنا هذه به يعدون…وهل سينجح حيث أخفقتم بخطابه الناسف والمشحون… ألا يعلم مولانا أن الله وحده فقط يقول للشيء “كُنْ”…فيكون…