“سلّمتنا يا قلبي ليه سلّمتنا..
لعيون خذتنا و ذوبتنا في الآهات..
و تعبتنا مع قلب عمرو ماكان لنا..
و لا فات لنا غير بس أصعب ذكريات…”
غنّاها هاني شاكر و سلّمها لي…
سأكتفي بهذا القدر من الخسائر…
سأكتفي !
سأترك الأيام للأيام…
تلك هي كل الحكاية…
حكايتي مع الصحافة…
بدأت بنقطة لاوعي ..
و ٱنتهت بنقطة لا عودة ! …
و لأنني لم أكن لأجتاز هذا الإختيار بغير حد أدنى من الحب لمن زجّوا بي في هذا الأتون الرهيب من حريق الكلمات…
لم أستطع أن أستمر في خداع نفسي و خداع رموز ظلوا على ٱمتداد سنوات عديدة واقفين كالأشجار الوارفة شموخا و عنفوانا…
بقي قلبي يخاتلني هروبا و خديعة…
و يحرضني على التراجع ..
لكن دون جدوى…
كانت عينا حبيبتي تلاحقاني بلا هوادة تحرضني على العشق و مزيد العشق لوجه حبيبتي التي تركتني إليها…
كانت الكتابة آنذاك عملا انتحاريا و مشيا موجعا على شظايا الزجاج المكسور…
كان مجرد الالتفاف لالتقاط خطواتك و أنفاسك يكلّفك خبزك اليومي…
و مع ذلك كان بركان الصحافة يلهب كل الاتجاهات عنفوانا و كبرياء…
و كنا سعداء بذلك…
الآن…
و بعد أن نزلنا من أسطح المنازل ..
و لملمت صحافة “الرجال” جراحها…
و ودعت ضحاياها…
يقف إعلام اليوم و بدون خجل..
يستعرض سيرة القاصرات و قصص سماسرة “البوز” و أخبار أشباه المسؤولين الذين يحكمون قطاعهم كما يستعبدون نساءهم !
لم يعد لا الوقت ولا البلد يسمحان بمزيد من الخطأ و الخسائر لم يعد بإمكاننا السماح لمزيد من إحصاء العثرات و الانكسارات …
هذا الزمن لم يعد يسمح بالجلوس أو شرب قهوة أو قراءة صحيفة…
أو حتى لتقبيل أبنائك…
إنه يترك لك الوقت الكافي فقط لارتكاب الحماقات…
و مزيد الحماقات…!
إنه إعلام الماريشالات …
أصحاب الأوسمة و النياشين و البطولات الكاذبة…
كم أصبحت تقنعني حماقات هذا الميدان…
كم تحلو تونس بكاراكوز هذه الحماقات…!