جور نار

نحنُ و الانتخابات الأمريكية…

نشرت

في

و نحن نُتابع الانتخابات الرئاسية الأمريكية مشدودين لفعالياتها و كأننا أمريكيين “من قاع الخابية” ننام على نتائج الاقتراع في أوكلاهوما ونفيقُ على نتائجها في بنسيلفانيا… نتناقشُ فيما بيننا حول “محاسِن” جو بايدن و”مساوئ” دونالد ترامب و كأنّ هذه الانتخابات تهمّنا مباشرة و كأنّ الفائز فيها سيرفع مقدار الأجر الأدنى المضمون في بلادنا أو سيُخفّض من فاتورة الستاغ التي تكوينا كلّ شهرين … و ننسى أنّ كلّ رؤساء أمريكا -جمهوريين أو ديمقراطيين- لا يختلف الواحد منهم عن الآخر إلاّ في السياسة الدّاخلية أمّا السياسة الأمريكية الخارجيّة فالجميع يأتمرُ بأوامر اللّوبي اليهودي و ليس للرئيس -أيًّا كانَ- إلاّ الخضوع لأوامره وتحقيق مطالبه.

<strong>محمد الهادي البديري<strong>

و رغم هذا نجدُ أنفسنا مشدودين للإنتخابات في بلد العم سام…لأنّ قوّة أمريكا الحقيقية تكمنُ في إحترامِ قادتها  لمبدإ التداول السلمي و الدستوري على السلطة (رغم تعنّتِ آخر رؤسائها الملياردير دونالد ترامب) و احترام القانون و تقديس العَلَم و المحافظة على وحدة أمريكا… فيما كان “زعماء” العرب و لا يزالون (بإستثناء تونس منذ 2011)  لا يعرفون معنى التداول على السلطة و لا يفهمون العبارة الغريبة “إحترام القانون” فهُم القانون و الدولة و السلطة و حماة الحِمى و الدّين…

يكفي أن نعلم أنّه منذ 1961 (على سبيل المثال و التذكير فقط) تعاقب على حُكم أمريكا  أحد عشر رئيسًا : كينيدي و جونسون و نيكسون و فورد و كارتر و ريغان و بوش الأب و كلينتون و بوش الإبن و أوباما و ترامب… في حين  لم تعرف الدول العربية إلاّ إسم رئيس واحد أو رئيسين.. أما إذا وصل العدد لثلاثة فذلك يعني أنّ الرئيس الثاني قد مات موتا طبيعيا أو قُتِل قتلا طبيعيا.. نحن كعربٍ لا نفهمُ هذا “التداول على السلطة” سواء كان ذلك في أمريكا أو في الدول الغربيّة و لعلّه يرقى لمرتبة “الكراكوز” السياسي لدينا…

فتونس عرفت 23 سنة بن علي، و ليبيا 43 سنة قذافي،  و الجزائر 20 سنة بوتفليقة و السودان 30 سنة البشير  و مصر 30 سنة مبارك و سوريا 20 سنة بشّار و اليمن 34 سنة عبد الله صالح (اليمن الشمالي ثمّ الموحّد)..و بعد هذا يسألنا البعض لماذا تتابعون انتخابات أمريكا أو فرنسا بكلّ هذا الشغف؟ أو ماذا ستربحون من متابعة إنتخابات “الكُفّار” ؟؟و الجواب بكل بساطة سنربحُ دروسا في الديمقراطية حيثُ يُقارعُ الناس بعضهم البعض بالحُججِ و الأرقامَ بالإثباتات و الوعود بالإنجازات… في حين يُقارع عدد منّا الحديث بالشتم و الوعد بالكذبِ و الحُجج بالزلاّط، أو بسلاحٍ أعتى و أشدّ فتكا..

فهلاّ تكفي هذه الحجّة؟

تعليق واحد

صن نار

Exit mobile version