جور نار

نحن في دولة يتطاول عليها الجميع … ويقود معارضتها رئيسها !

نشرت

في

بعد عشر سنوات ويزيد من الفوضى والتطاول على الدولة من الجميع، وجب علينا اليوم وقبل أن تتآكل بقايا دولتنا، أن نضع من حفظ مقام الدولة هدفا استراتيجيا، فدون ذلك لن نقدر على إصلاح ما أفسده التتار وما خرّبه الوندال…

<strong>محمد الأطرش<strong>

فالدولة التي يمرّغ بعض الخارجين عن القانون من نواب، ومن حكّام، ومن معارضة، ومن أطراف أخرى، رأسها في التراب لا يمكن أبدا أن تخرج من أزمتها وأن ترفع رأسها بين الدول الأخرى…كما لا يمكنها أبدا أن تنجز وعدا واحدا من وعودها لهذا الشعب…ففي تونس اليوم انقلبت كل المفاهيم رأسا على عقب…فلم نعد نسمع تلك الأصوات التي كانت تطالب الدولة بالكفّ عن بعض الممارسات القمعية وتقييد الحريات فقط…بل أصبحنا نسمع العديد من الأصوات تطالب البقيّة بالكفّ عن “هرسلة” الدولة والتطاول على مقامها وليّ ذراعها…

فنحن اليوم أمام حكومة عرجاء لا أحد من أعضائها يعتبر من الأكفاء، ولا أحد من مستشاريها يمكن أن يُشفى من الغباء…ونحن اليوم أمام ساكن لقرطاج يقود المعارضة ويتطاول على دولة هو رئيسها…ونحن وهذا الأدهى والأمرّ في حضرة مجلس نيابي مصاب بالجنون …مجلس نيابي أخرج علينا نوابه كل مخزونهم وزادهم “اللاأخلاقي” ليتحدّث عنهم العامة والخاصة ولسان حالهم يقول “اللي سماك غناك”…

ولأننا نعيش عصر المزاج المتقلّب لبعض من خرجوا علينا مع دخول الليالي السود سنة 2011 فإننا سنبقى نراوح مكاننا بين من يطالب بوجود سلطة ودولة قوية تمارس دورها وفق متطلبات الانتقال الديمقراطي الذي يريده الجميع، وذلك من خلال عودتها إلى القيام بدورها كاملا في الإشراف المباشر على كل أجهزة الدولة، ومتابعة دور المنظمات والجمعيات غير الحكومية بحزم أكبر وفق قانون يضبط وينظّم العلاقة بين جميع الأطراف…وبين من يتمسّك بتقليص سلطات الدولة في إشرافها على عملية الانتقال الديمقراطي بحجة أن مكوّنات المجتمع المدني من منظمات وجمعيات قادرة لوحدها على الاضطلاع بدورها كاملا في ضبط وتنظيم وتقييم متطلبات الانتقال الديمقراطي….

لكن هل فكّر هؤلاء الذين اختاروا المراوحة في مكان واحد لا أمل في أن يأخذنا بعيدا في حلّ وسطٍ …أقول هل اختار هؤلاء حلاّ وسطا يرضي الجميع ويحفظ مقام الدولة، ومقام العملية الديمقراطية…؟؟ فعودة القوة لسلطة الدولة لن يكون حجر عثرة أمام أي تطوّر للانتقال الديمقراطي ومستقبله، بل قد يكون عاملا داعما وراعيا ضامنا الاستقرار لكامل عملية الانتقال الديمقراطي…لكن في المقابل سيكون ضعف الدولة حاجزا كبيرا أمام كل تطوّر في بناء العملية الديمقراطية ومستقبلها، وقد يغتالها في غفلة من الجميع لتحلّ الفوضى ونعيش المأساة التي اكتوت بنارها بعض بلدان ما يسمونه كذبا بالــــ”ربيع العربي”…

وخلاصة قولنا فإن كل عملية انتقال ديمقراطي تحتاج إلى دولة قوية منفتحة تضمن لها الرعاية والحماية طيلة مراحل تطوّرها…فقوّة سلطة الدولة لا تعني بالأساس الاستبداد وقمع الحريات فحين يرتفع مستوى الوعي السياسي وتنتشر قيم المشاركة في البناء الديمقراطي، سيصبح لدينا مجتمعا قويا ناضجا ومنفتحا سيدعم الدولة، ويكون أحد أهمّ عناصر قوتها وسلطتها التي ستصبح غدا الدرع الذي سيحمي كل العملية الديمقراطية من أي انتكاسة، ويوفّر لها كل عوامل الاستقرار والتطوّر…فبحفظ مقام الدولة…تحفظون مقام الشعب…والديمقراطية…ودون ذلك فأنتم تحرثون في الماء… ودون إيقاف لهذا التطاول على الدولة من أهلها وغير أهلها لن نخرج مما نحن فيه…فحكومتنا الحالية تعيش شللا سياسيا  جعلها تتخبط في قراراتها وتعجز عن القيام بأبسط مهامها وواجباتها تجاه الوطن والمواطن …

فحكومة لا تحترم المواطن تحرمه، وحكومة القصبة عاجزة اليوم عن تجميع اعضائها ونصفهم غير معترف به من ساكن قرطاج …فكيف لحكومة لم تنجح في جمع أعضائها يوما القيام بواجباتها ومهماتها المطلوبة تجاه المواطن… ومن الأجدى أن نخاف على مستقبل هذا الوطن قبل أن نخاف على مواقعنا وكراسينا…

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version