دواء السكري (غلوكوفاج، أماريل) مقطوع هذه الأيام في الصيدليات، و ربما هذه الأسابيع و الأشهر دون أن ندري … أسعار بعض المواد الأساسية تباع بأربعة أضعاف ثمنها الاعتيادي، أنت لا تحكي عن لوز أو جوز، بل عن الطماطم و الفلفل … إذا لم تكن هذه أساسية فما هو الأساسي؟ زيت الصبة مثلا؟ الذي يجده منكم فليجئني به كما قال الباجي عن القناصة … الماء ينقطع عن أحياء و مدن دون موجب، في الصيف في الشتاء في الخريف في الربيع … إنتاج الحوض المنجمي و حقول النفط منقطع أكثر الوقت، بفعل مجموعات صغيرة لا تفهم حقيقة ما تريد …
تسأل أو يسأل مكانك مذيع قبض على مسؤول و حشره أمام كاميرا وقحة لا ترحم … فيفعل الضيف المستحيل لكي “يسلك” من ذلك الموقف بكل الطرق … الكميات متوفرة … لهفة المواطن … شح الأمطار… مسالك التوزيع … انخفاض الإنتاح في مثل هذه الفترة من السنة … أزمة الكامور كلفتنا 800 مليار … و خاصة تلك الجملة المفتاح: الله غالب، أنتم تعرفون الظروف الصعبة …
أية ظروف و أية صعبة؟ … فاللهفة أنتم سببها بتخبّطكم و عدم انتظام التزويد حتى فقد المستهلكون الثقة في اليوم و الغد و كل شيء
الأمطار موجودة منذ شهرين … و قد رأينا مؤخرا فيضانات في شوارع مدنين
مسالك التوزيع … لسنا في اليمن أو الصومال أو شيكاغو منذ مائة سنة … بل ما تزال لدينا أجهزة رقابة و قوة عامة و جيش و أمن يحكم في البلاد … و الدليل شنقال السيارات الذي لا يتوقف، و رادارات الشرطة التي تنصب الكمائن و تصطادنا واحدا واحدا و في كل يوم
انخفاض الإنتاج … و هل أنتم تشتغلون بالحاضر كل يوم بيومه كما يقال؟ ألا توجد مخازن تبريد بالمئات و بإمكانها توفير العنب في الليالي و البرتقال في نجمة أغسطس …
ثم لماذا لماذا أتينا بكم؟ و لماذا تقبلون تلك المناصب و تقتلون النفس لأخذها و البقاء أطول مدة؟ و لو حلّفنا كل رؤساء الحكومة منذ 2011 عن أسوإ يوم في حياتهم لقالوا يوم عُزلنا من تلك الخطة … و في المقابل، يقيني أن المشيشي عاش أسعد يومين في حياته: يوم تم اختياره، و يوم تخلص من وزير الثقافة…
إذن من يأخذ ذلك المنصب و يمسك ذاك المقود عليه بحلّ المشاكل لا بالانخراط أمامنا في نوبة بكاء و تبرير … يمكنك أن تفعل ذلك كمواطن خانس، يتكلم من بيته في تلفون الإذاعة … لا أن تولْول فوق رؤوسنا و عندك أجهزة دولة بحالها، و قوانين موروثة منذ أكثر من قرن تعطي للحاكم كل الصلاحيات و الأولويات … لديك شرعية الدولة، لديك حق احتكار القوة المسلحة، لديك جهات رقابة و تفقّد كثيرة و بإمكانك تعزيزها … لديك مصالح ضرائب و جمارك في كل شبر من البلاد لديك محاكم و سجون … لديك بوليس تبارك الله يحسن الاختباء متربّصا وراء شجرة دفلى بجانب الطريق بدل الإعلان عن نفسه و الافتخار بخدمة الجمهورية التونسية …
وسائل الدولة في كل مكان من الدنيا هي الوسائل الأسطع و الأنجع و الأوفر موارد و لو بالكريدي … و لا عذر لمسؤول ساكت عن تهريب المهربين و احتكار المحتكرين و انفلات الباندية … لا عذر لرئيس إدارة لا يتحكم في إدارته و يتركها تعبث بالمواطنين كما تريد … و لا علاقة لهذا بالنظام البرلماني و لا باللوبيات لا بالحزام السياسي و لا بهذه اللغة المضروبة التي فرضوها علينا في السنين الأخيرة …
للحكومة ركام قوانين كافية لحمايتها و حماية المواطنين و المرافق العمومية … و هي لا تحتاج إلى مجلس النواب إلا مرة في السنة عند عرض قانون المالية … و قانون المالية بالذات لا يمكن للنواب أن يرفضوه أو يماطلوك فيه أو يساوموك عليه، بل هم أجبن من ذلك … ماذا بقي؟
يقي أن تسمع فاشلين أبناء فاشلين … يأتون لك و يقلبون شفاههم قائلين باقتناع تراه تامّا: لن يتركه أحد يفعل أو “ما ينجّمش” … و هنا تتخيل أن المعني بالأمر إمّا يداه بالحنّة، أو يقصدونه بتلك العبارة الشهيرة في فيلم “محامي خلع” …
يا أخي هات نتائج نافعة واضحة يراها الناس و لو كانوا ناقصي نظر … و إلاّ “شد دارك”، أحسن ضمان لك و لنا في فترة الخطر الكوفيدي هذه …