وفاء سلطان:
كنت أستمع إلى مقابلة مع القاضية الأمريكية “جودي شيندلين”، صاحبة أشهر برنامج قضائي تلفزيوني في تاريخ أمريكا: “جادج جودي” (الرئيسة جودي).
سألها المذيع: ما سرّ نجاح زواجك الذي مضى عليه أكثر من نصف قرن؟
أطلقت ضحكة من أعماق أعماقها، وقالت:
تخف قدراتنا على السمع كلما تقدم بنا العمر““!
إنها لعمري من أجمل حكم الحياة،
فمهما كان سمعك حادا، عليك في كثير من المواقف أن تتظاهر بالطرش!
……..
عام 2008 كنت أستضيف حفلة كبيرة بمناسبة ما.
كان الوقت غروب الشمس، وحديقتي الخلفية تغص بالضيوف والموائد وصوت الموسيقا يملأ المكان، بينما كنت وزوجي الخدم الحقيقيين ننتقل من طاولة إلى طاولة لنتأكد من أن كل ضيف يحصل على ما يريد ليستمتع باللحظة.
همس زوجي في أذني:
وفاء، السيدة المسنة التي ترتدي كذا وكذا، وتجلس على الطاولة كذا وكذا، سمعتها تقول لأبنتها (التي هي صديقتي) كذا وكذا….
أقل ما يمكن أن أقول عما قالته أنه ليس حسنا بحقي!
وباستطاعتي أن أؤلف كتابا عن عبارتها
في بيتي وعلى مائدتي وتغتابني بخبث منقطع النظير،
لكنني دفنت عبارتها في اللحظة نفسها انطلاقا من قناعتي أن للناس خصوصيات، ومن المستحيل أن تعرف ماذا يقولون عنك في لحظاتهم الخصوصية!
بقيت على علاقة معهم، أدعوها واستضيفها بين الحين والآخر حتى رحلت، ومازالت علاقتي بأبنائها رائعة!
هذه أول مرة أنبش فيها تلك القصة من غياهب اللاوعي عندي!
……..
إي….إي…طنّش حبيبي طنّش
ولأنني طنّشت في مئات المواقف مازالت حياتي حفلة،
وما زالت موسيقاها تملأ المكان،
وتطغى على ثرثرات كل المغرضين