أحيانا أتساءل: كيف لأجدادنا الأميين أن يتميزوا علينا ببعض السلوكات و الأخلاق..!! كانوا أقل منا حظا في الدراسة و التقدم العلم و التكنولوجيا و لكنهم كانوا يفوقوننا على مستوى الوعد … ألم يقولوا (اللي عطى كلمتو عطى رقبتو..) وفاؤهم أصبح عملة نادرة و هم الذين لم يعرفوا دفتر الصكوك و لا الاعتراف بدين و لا التعريف بالإمضاء..
و للاستدلال على ما سبق: أذكر أن الوالد رحمه الله اتفق مع أحد أصدقائه على تبادل قطعة أرض صالحة للبناء ببضع شجيرات زيتون.. تفاهما في جنح الظلام و لم يستشهدا لا شاهدين و لا رجلا و امرأتين … لم يكتبا و لم يمضيا … كان ذلك في أوائل السبعينات .. فبنينا و كبرنا و تزوجنا و زوجنا أبناءنا في منزل مبني على أرض ملكيتها باسم الغير … حتى نسي الأولاد و الأحفاد المالك الأصلي هنا و هناك.. بينما اليوم تتعامل مع أقرب أقاربك و تتحصن بصك و بوثيقة ممضاة و مسجلة في القباضة المالية.. و لا تسترجع حقوقك إلا بعد اللهث في المحاكم …
قد يبدو الكلام سوداويا فيه مسحة من التشاؤم: لكنه واقعنا.. و اسألوا المحامين عن عدد القضايا الخاصة بالصكوك … عائلات متصاهرة و أقارب خسروا العلاقة الدموية نتيجة زيد أو عمرو لم يف بوعده.. أجدادنا لم يعرفوا الأنترنات و الفايس بوك و القنوات الفضائية و التعريف بالإمضاء … لكن أخلاقهم لم تكن لتسمح لأحدهم أن يخون الأمانة أو ألا يفي بوعده.. ثم يدعي أحدهم أن الدنيا تغيرت..!! هي لم تتغير يا ابني بل نحن الذين أضعنا بوصلة الأخلاق فانقلبت القيم .