جور نار

هذا الكائن الذي فقد رأسه

“التمثّل بقمم دول الأطلسي أو دول الاتحاد الأوربي ادعاء لا تقدر عليه القمم العربية، لأن قمم الأطلسي والدول الأوروبية تلاقي إرادات تعرف أنها في خدمة الأوطان وليس العكس” م. ح. هيكل (“العربي التائه”)

نشرت

في

تفسير حلم الضياع بالمنام ومعانيه بـ3 روايات ودلالات | وكالة ستيب الإخبارية

من المعلوم أن العلاقات بين الدول (كما الأفراد) محكومة أبدا بالمصالح … وتلك بديهة قالها ماركس قبل الجنرال ديغول بقرن كامل … هكذا يتم التصنيف هذا صديقي وهذا عدوّي (أي صديق أو عدوّ مصلحة بلدي وقضاياه) وعلى هذا الأساس تُبنى المواقف …

<strong>عبد القادر المقري<strong>

إلا عند فصيلة العرب !

في بداية شهر نوفمبر من سنة 1973 كان وزير الخارجية الأمريكي الأسبق والأشهر “هنري كيسنجر” في زيارة إلى مدينة القاهرة … وقد اعترته مشاعر الدهشة وقتها في مناسبتين متلاحقتين … الأولى حين لقي استقبالا حارا من مسؤولي الحكومة المصرية لدى وصوله، والثانية حين وجد استقبالا أكثر حرارة من الرئيس أنور السادات نفسه بعد قليل … ومبعث اندهاش كيسنجر أن تلك الحفاوة البالغة خُصّصت له وهو ممثل دولة كانت منذ أسبوعين فقط تدعم الجيش الإسرائيلي في حربه على مصر بكل ما طلبه من أسلحة قتل بها عسكريين ومدنيين مصريين … ولا حديث عن بقية المسار العبثي والتنازلات العربية المتتالية في تلك الفترة … والتي كان أهمّها إشهار التقرب من الولايات المتحدة والعداوة مع الاتحاد السوفياتي (الذي كان داعما لمصر وسوريا في حربهما) … دون سبب منطقي ولا مقابل…. “حوّس تفهم” (أي حاول أن تفهم) كما يقول جيراننا الدزيرية …

بعد هذه الحادثة بواحد وعشرين عاما، اي في سنة 1994، كان هناك ثائر فينزويلي يدعى “كارلوس” معروف عنه انحيازه للقضية الفلسطينية إلى درجة انضمامه رسميا إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقيامه بعدة عمليات في شتى أنحاء العالم تم تصنيفها على أنها “إرهابية” في حين كان يراها ويراها عديدون مناصرة لقضية الشعب الفلسطيني … وهو ما جعله مطلوبا من المخابرات الأمريكية والأوروبية، ولم يكن له من مأمن في كرّه وفرّه سوى بعض المخابئ أهمّها في الأقطار العربية وجميعها تعلن على رؤوس الملإ بأنها مع فلسطين وكل من يدافع عن فلسطين … ومع ذلك قام الرئيس السوداني عمر البشير يتسليم كارلوس إلى فرنسا في 14 أوت من سنة 1994 … دون سبب منطقي ولا مقابل … حوّس تفهم” مرة أخرى …

وللمقارنة … ظلت فرنسا وبريطانيا وألمانيا وأمريكا وكامل دول المعسكر الغربي (حتى أستراليا !) تؤوي وتستضيف أعتى معارضي “حلفائها” العرب، بمن فيهم متشددون وتكفيريون وجتى متورطون في عمليات إرهابية … ورفضت مجرد سماع مطالب تسليمهم إلى بلدانهم الأصلية، رغم الشبهات والحجج و الأحكام الباتة والمعللة في شأنهم …فضلا عن مجرمي حرب إسرائيليين تلطخت أيديهم بدماء أطفـــال ونساء من شهداء الصفة وغزة وجنــوب لبنــان وحنى حمــام الشط التونسية … لا تسليــم ولا إدانة ولا نقــاش … نو، نون، ناين !

نتقدم قليلا … سنة 2007 كانت هناك انتخابات رئاسية في فرنسا، بين المرشحة الاشتراكية “سيغولين روايال” والمرشح اليميني “نيكولا ساركوزي” … سردية المرشحة اليسارية معروفة كسائر خطابات اليسار، تدعيم الفئات الفقيرة والوسطى، حقوق الأقليات، الجانب الاجتماعي إلخ … أما المرشح ساركوزي فقد انقضّ وقتها على مطالب أقصى اليمين العنصري وتبنّاها كليّا … تحميل المهاجرين كل مشاكل الاقتصاد الفرنسي والمجتمع الفرنسي … محاربة الهجرة (المغاربية أساسا) بكل الأشكال … سياسة خارجية تعتمد الانحياز الأعمى لإسرائيل في جرائمها ضد الشعب الفلسطيني … وتتم الانتخابات ويفوز فيها نيكولا ساركوزي … وها أن الوثائق والفضائح والمحاكمات الأخيرة تشير إلى تورط ساركوزي في قبض تمويلات ضخمة لصعوده إلى سدة الرئاسة وممّن؟ … من النظام الليبي (العروبي والمغاربي !) وبمبالغ تناهز 50 مليون يورو … وهناك من يدلي بأرقام أعلى وأفدح … دون سبب منطقي ولا مقابل … “حوّس تفهم” مرة أخرى …

;وهناك حتى كلام عن دعم ليبي لحملة إعادة انتخاب جورج بوش الإبن في رئاسية أمريكا لسنة 2004، أي مباشرة بعد دخوله العراق واحنلاله إياها في مارس أفريل 2003 … ودعك من البكائيات الليبية والعربية على سقوط بغداد وسجن أبي غريب … فالغريب هو ما فعلوه هم لا ما ارتكبه الأمريكان …

وسلسال الأمثلة بلا حساب ولا استثناء … فمن يستغرب اليوم من استضافة قمة عربية لرئيس أوكراني كثيرا ما قيل عنه عربيا وفلسطينيا ما لا يسرّ …. في حرب يخوضها بالوكالة ضد دولة إن لم تكن دوما مع العرب فهي لم تكن يوما ضدهم؟؟ ،

مرة أخيرة … حوّس تفهم.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version