جور نار

هل تصبح تونس سادس المطبعين مع إسرائيل … بعد ليبيا إن وصل حفتر للرئاسة؟

نشرت

في

يوم 17 سبتمبر الماضي، وبمناسبة الذكرى الأولى لــ”اتفاقيات أبراهام”، وخلال اجتماع افتراضي دعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الدول العربي إلى التطبيع والاعتراف بإسرائيل…وكان بين الحاضرين في هذا الاجتماع الافتراضي وزير الخارجية الاسرائيلي يائير لابيد، والإماراتي عبد الله بن زايد، والمغربي ناصر بوريطة، والبحريني عبد اللطيف الزياني…وخلال ذلك الاجتماع قال بلينكن “سنشجع المزيد من الدول على أن تحذو حذو الإمارات والبحرين والمغرب…لأننا نريد توسيع دائرة الدبلوماسية السلمية”. واليوم تعيش الدول العربية على وقع تحركات ديبلوماسية كثيفة بين العديد من الدول العربية وإسرائيل لتوسيع قائمة الدول التي ستنضم خلال قادم الأشهر إلى “اتفاقيات أبراهام”.

<strong>محمد الأطرش<strong>

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو “ما الذي يجبر بعض الدول العربية على الهرولة إلى حضن إسرائيل؟” والإجابة في غاية البساطة فالعديد من الدول الخليجية تعيش توترا مع الجارة الكبرى إيران وترى في تقاربها وتطبيعها مع إسرائيل فرصة لتأمين حدودها وأمنها وسلاحا فعالا ضدّ أطماع طهران، وهذا الأمر هو الذي أوعز لإسرائيل التقرّب من عديد الدول الخليجية التي تعيش توترا مع ايران وقد يكون التوتّر مفتعلا أو “بفعل فاعل” لغاية في نفس تل أبيب، فإسرائيل نفسها تعيش رعبا من ايران وبرنامجها النووي، وتقاربها وتطبيعها مع دول الجوار الإيراني العربية سيدعم أمنها ويمكنها من التعامل مع الملف الإيراني براحة كبيرة…فإسرائيل هي أكبر مستفيد من التطبيع مع دول الخليج اقتصاديا وأمنيا أيضا…

لكن ما الذي يجعل إسرائيل تبحث عن موطأ قدم في شمال افريقيا بعد أن ضمنت بعض الدول الخليجية، وفي انتظار انضمام أغلبها في قادم الأشهر والسنوات؟؟ فبعد أن ضمنت تل ابيب تطبيعا مع المغرب واستئنافا للعلاقات ومفاوضات التطبيع الكامل مع السودان بدأ الحديث مؤخرا عن تقارب قادم مع ليبيا…فقد كشف مؤخرا أحد وزراء حكومة نتنياهو عن لقاءات سرّية حول التطبيع مع قيادات سياسية بارزة في دولة عربية، وقد تمّ أخيرا كشف طبيعة هذه اللقاءات حيث أكّدت العديد من المصادر عن لقاءات سرّية مع قيادات ليبية خلال سنوات حكم العقيد القذافي رحمه الله في جزيرة رودس تمحورت أساسا حول التطبيع…

واليوم أيضا تأكد أن المشير حفتر ينوي فعلا التطبيع مع إسرائيل حال فوزه بالانتخابات الرئاسية التي سيترشّح لها خلال قادم الأيام، فقد كشفت صحيفة “إسرائيل اليوم” مؤخرا أن مرشحي الرئاسة، خليفة حفتر وأيضا سيف الإسلام القذافي، استأجرا خدمات مستشار إعلامي إسرائيلي كبير، له تجربة غنية في إدارة حملات الانتخابات في دول في أفريقيا، وفي شرق أوروبا وفي البلقان وهو ما يؤكّد نيتهم في التقارب مع إسرائيل مباشرة بعد فوز أحدهما بكرسي الرئاسة الليبية…وأضافت الصحيفة عن حفتر قوله لبعض مقربيه، “إن من سينتصر في الانتخابات لرئاسة ليبيا سيضع الاتجاه الذي ستسير فيه الدولة، وهو من سيحدد السياسة العامة لها”، كما توقعت “إسرائيل اليوم”  أن يعيّن حفتر ابنه صدام في منصب كبير وهام ومتقدّم في الحكم الليبي إذا ما فاز في الانتخابات لضمان تفعيل برامجه التي يتفق فيها معه، فهو من أرسله إلى تل أبيب لمناقشة توطيد العلاقات بين البلدين في صورة فوزه برئاسة ليبيا يوم 24 ديسمبر القادم…فحفتر يعوّل على التطبيع والتقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية ليعود بليبيا إلى الاسرة الدولية حسب قوله، وهو الأمر الذي سيضمن له المساعدات اللازمة والقروض المالية لإعادة اعمار البلاد، وضمان تعامل اقتصادي واسع عبر دول البحر المتوسط، كما يتطلّع حفتر إلى ضمان تأييد واشنطن والاتحاد الأوروبي لسياساته الخارجية في صورة فوزه برئاسة ليبيا…

لكن هل سيتوقّف زحف التطبيع عند ليبيا لو وقع أم سيتواصل ليصل قرطاج؟ تقول بعض المصادر الإعلامية في إسرائيل أن تونس قد تكون الأقرب إلى التطبيع بعد ليبيا في صورة وصول حفتر إلى السلطة، فتونس في عيون بعض الإعلاميين بتل أبيب والقدس هي أول ديمقراطية في الدول العربية قبل أن ينقلب عليها الرئيس قيس سعيد وهذا طبعا ما أوردته العديد من الصحف الإسرائيلية بعد 25 جويلية الماضي… فتونس حسب بعضهم هي اليوم في أشدّ الحاجة إلى مساعدات اقتصادية خارجية، وقربها السياسي والاقتصادي من الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الأوروبي سيكون عاملا مهمّا في تقارب منتظر مع اسرائيل، قد يصل في نهاية المطاف إلى تطبيع كامل في حال فشل السلطة القائمة اليوم في تونس في الخروج من الأزمة الحادّة وابعاد الدولة عن حافة الإفلاس، علما بأن تونس شهدت في التسعينات إقامة تمثيل ديبلوماسي اقتصادي إسرائيلي قبل وبعد اتفاقيات أوسلو …

 والواضح أن إسرائيل وأمريكا وبعض الدول العربية التي طبّعت مع إسرائيل تعمل على إيجاد طريقة للتقريب بين وجهات نظر السلطة القائمة في تونس وإسرائيل من أجل تطبيع اقتصادي تحتاجه تونس للخروج من أسوأ وضع اقتصادي عرفته منذ استقلالها…والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هل يفعلها قيس سعيد ويرضخ لابتزاز إسرائيل والدول المطبّعة والدول والمنظمات المانحة التي تعمل على إعادة الروح لعلاقات اقتصادية بين تونس وإسرائيل تمهيدا للتطبيع الشامل والكامل؟…فإسرائيل ومن معها يعوّلون على الوصول بالتطبيع إلى قرطاج لمحاصرة الدولة الوحيدة الرافضة للتطبيع شكلا ومضمونا أي الجزائر … فالجزائر هي الدولة العربية الأكثر معاداة لإسرائيل بين دول شمال افريقيا وهي الدولة الوحيدة في شمال افريقيا التي أبقت على علاقات وثيقة مع ايران وسوريا، وهي أيضا الدولة العربية الوحيدة التي رفضت التقارب مع إسرائيل خلال اتفاقيات أوسلو… 

لكن هل تشهد خريطة التطبيع توسعا آخر في قادم السنوات، خاصة أن موريتانيا ربطت علاقات ديبلوماسية كاملة مع إسرائيل بعد اتفاقيات أوسلو ثم قطعتها عند الانتفاضة الفلسطينية الثانية…وقد تتراجع وتعود إلى حضن التطبيع لو انضمت أغلب البلدان العربية إلى اتفاقيات ابراهام…وفي الجزيرة العربية ينتظر أن تنضمّ السعودية أو عُمان في قادم الأشهر إلى الاتفاقية. فوفقا لصحيفة “إسرائيل اليوم” فاجأ وزير الخارجية السعودي العالم كله بمدحه لإسرائيل من واشنطن وأمام الجميع، قائلا: “إسرائيل أسهمت في إحلال السلام والاستقرار في المنطقة”، كما أن تلميحات بإمكانية تطبيع اليمن مع إسرائيل صدرت أخيرا عن رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في جنوب اليمن عيدروس الزبيدي الذي قال إجابة عن سؤال حول التطبيع مع تل أبيب “مسألة التطبيع مع إسرائيل لا تعني مطلقا التخلي عن القضية الفلسطينية”…فهل تنضمّ اليمن بعد الخروج من أزمتها إلى دول التطبيع وهل يكون تطبيع اليمن مقابل مساعدته على الخروج مما هو فيه اليوم، خاصة أن خروج اليمن مما هو فيه حسب إسرائيل يعني خسارة ايران على أرض اليمن؟

وخلال مؤتمر بعنوان “السلام والاسترداد” برعاية منظمة أمريكية في إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي، دعا أكثر من 300 عراقي، بمن فيهم شيوخ عشائر من الطائفتين السنية والشيعية، إلى تطبيع العلاقات بين العراق وإسرائيل…وفي نفس هذا الإطار أعرب وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، عن ترحيبه بالدعوات قائلا إن الحدث “يبعث بالأمل في أماكن لم نفكر فيها من قبل، نحن والعراق لدينا تاريخ وجذور مشتركة في المجتمع اليهودي”…

فهل ترضخ الدول العربية الرافضة للتطبيع للأمر الذي بدأ ينقلب إلى واقع وتنضمّ إلى “اتفاقيات أبراهام”، أم تعيش اضطرابات أخرى تحت عنوان ربيع آخر أو خريف أو شتاء عربي جديد يأتي بمن يقبلون بأوامر الماما ومدللتها إسرائيل، ويقبلون بزيارة تل أبيب والقدس ويخطبون في الكنيست ويشربون خمر حيفا؟

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version