جور نار
هل تنجح الحكومة في درء الأسوإ … ؟؟
من أفرغ خزينة الدولة … و من أوصلنا إلى ما نحن فيه؟؟
نشرت
قبل 5 سنواتفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
ماذا يقع في تونس اليوم؟؟ و إلى أين وصلت الأمور و إلى أين يمكن أن تصل خلال قادم الأيام و الأشهر؟؟ هل ستعيش تونس مرّة أخرى ما عاشته بين شهري ديسمبر 2010 و جانفي 2011… و هل يكون حجم الخراب أكبر مما عشناه في تلك الأيام؟؟ تعالوا لنقرأ عمق ما جرى و حقيقة ما وقع بالتفصيل الممل…تعالوا نتحدث عما يمتنع البعض عن الحديث عنه خوفا من تبعاته…

كل ما يقال اليوم عن الأزمة التي تتخبّط فيها البلاد يجانب الصواب، ويعتبر محاولة فاشلة لإيهامنا بغير ما يجب به إخبارنا…و كل ما يدور اليوم من تحاليل و حديث عن الأزمة هو قراءة في كيفية معالجة الأمور التي وصلت إليها البلاد…و لا أحد لملم جرأته ليتحدث عن معالجة الأسباب… المطلوب اليوم و من الجميع هو مناقشة الأسباب و البحث جدّيا في طرق و وسائل معالجتها بعيدا عن التشنج الذي طغى على كل محاولات البحث عن الحلول… فما عشناه منذ وصول نداء تونس سنة 2014 إلى الحكم ليس أكثر من اجتهاد بسيط لمعالجة النتائج و أعراض الازمة التي تعيشها البلاد…و جميعهم غفلوا عن البحث في الأسباب الحقيقية للأزمة…و الغريب أن من جاؤوا للحكم بعد 2019 سلكوا نفس الطريق فجميعهم يخلطون بين الأمور و يضعون النتائج و الأعراض محل الأسباب…فما لم تقع معالجة الأسباب الحقيقية و بشجاعة و توافق بين الجميع لن نخرج مما نحن فيه أبدا…
الأغبياء و وهم عقاب الدولة العميقة…
يحاول بعض الأغبياء من الذين ركبوا ظهر “الثورة” دون بردعة إيهام الرأي العام أن ما يقع اليوم و ما وقع خلال العشر سنوات التي عشناها نتوجّع، هو فقط عقاب من مكونات الدولة العميقة لكل من قاموا بــ”الثورة”، أسأل هؤلاء ماذا ستكسب الدولة العميقة (إن وجدت) من هذا التبرير الغبي؟؟ هل ستعيد للبلاد من حكموها قبل 2011؟؟ لا أظنّ و قد أجزم استحالة الأمر فبن علي رحمه الله دُفن في منفاه…و منظومته السياسية لن تعود أبدا، لأن الأحداث كشفت أن بن علي هو من كان يمسك بكل خيوط اللعبة السياسية لمنظومته، و لولا خيانة بعض من كانوا معه لما نجح الحراك الشعبي في إجباره على الخروج من البلاد، فبن علي لم يخرج بسبب من تجمعوا بشارع بورقيبة، بل خرج بسبب خذلان بعض رفاقه من الذين واصلوا الجلوس في مواقعهم بعد خروجه…كما أن كل التنظيمات أو التجمعات السياسية لمن كانوا سابقا مع منظومته لن ينجحوا في توحيد صفوفهم رغم كل المحاولات التي يأتيها بعضهم…
فالدستوري الحر لا علاقة له بمنظومة بن علي ولا بمنظومة بورقيبة فهو لا يضمّ في صفوفه الأولى أي شخصية سياسية من الصفوف الأولى أو حتى الثانية لمنظومتي بورقيبة و بن علي، فرئيسة هذا الحزب سجنت نفسها طوعا و عن وعي في دائرة مغلقة و لم تنفتح على منظومة بن علي الصامتة و العقلانية التي اختارت الصعود إلى الربوة، لأنها و أقصد رئيسة الحزب لا تقبل المنافسة على قيادة الحزب و هذا قد يكلفها غاليا لو نجحت الشظايا الأخرى لمنظومة بن علي، في توحيد صفوفها بضخ دماء جديدة و خطاب يقطع مع بعض الماضي، و يؤسس لتحديث الخطاب البورقيبي و تطعيمه بنفس ديمقراطي تعددي، يقبل بالتعايش مع جميع مكونات المشهد السياسي الحالي، و هبوط أسهمه يرتبط اساسا بغياب راشد الغنوشي و حركته عن المشهد، و قد يفعلها راشد و يترك المشهد قبل اللحظة الحاسمة لخلط كل الأوراق في بورصة المشهد السياسي، لو شعر حقّا بأننا سنعيد تجربة الاستقطاب الثنائي، فاستقطاب ثنائي بالنهضة و الدستوري الحرّ سيصيب البلاد بالشلل فأحدهما سيكون في المعارضة و الآخر في الحكم و قد لا تجد عبير مع من تتحالف و يقبل بالتحالف معها لنعيش عهدة أخرى أفظع من التي نعيشها اليوم …
أما نداء تونس فقد كان مجرّد “لمّة” جمع فيها قائد السبسي من كل زوجين اثنين بهدف الوصول إلى قرطاج فعقدة الباجي رحمه الله حتى و إن أوهمنا بعكسها هو بورقيبة … و الحديث عن شظايا النداء ممن كوّنوا كتلا و أحزابا لا يجوز فهُم عبارة عن أفراد رأت في صعود كبارها إلى الربوة فرصة لها لتقفز إلى المواقع الأولى و تفاخر بزعامة وهمية لم تنجح في تجاوز أول محطة انتخابية و سقطت مغشيا عليها…هؤلاء لم يكونوا يحلمون بخطة معتمد أو معتمد أول…و كانوا يدفعون من أجل الوصول إليها الغالي و النفيس…خلاصة القول لن تعود منظومتا بورقيبة و بن علي أبدا لأن رجالها الاشاوس خيّروا البقاء بعيدا عن المشهد بعد أن ذاقوا الأمرّين، وسط صمت شبابهم الذي هرول بين الأحزاب بحثا عن موقع تحت قبّة باردو أو خطّة جهوية يفاخر بها بين أصدقاء الزمن القديم…جميعهم يصح فيهم قول “النار تخلّف الرماد”…
قراءة عميقة في الأسباب…
بالعودة إلى ما وقع بالبلاد بعد 14 جانفي و بالوقوف على أهمّ النقاط و الأحداث للمرحلة التي سبقت و تلت انتخابات 23 أكتوبر سنحاول التعمّق في أسباب ما تعيشه البلاد اليوم…فأهمّ النقاط التي تلت يوم 14 جانفي كانت بالتأكيد إصرار بعض المكوّنات السياسية و الحقوقية و التي كانت قبل ذلك التاريخ منسجمة تمام الانسجام مع النظام القائم سرّا و علنا، على محو مرحلة كاملة من تاريخ تونس، و لو كلّف ذلك الأمر انهيار الدولة فمنسوب الحقد الذي كان يُلهب مشاعر بعض النخبة المحسوبة على قوى المعارضة، فاق كل حدود المعقول، فالشباب الذي خرج و تجاوز الخطوط الحمراء من أجل إسقاط منظومة بن علي الحاكمة، ارتأى أن يعود إلى مواقعه بعد أن كان في تصوّره أنه أكمل مهمّته، و بعد أن تداخلت عديد الأطراف الأخرى خارجية و داخلية في التسريع بتحقيق هدفه المعلن دون أن يعلم هو بذلك….أقول عاد الشباب الذي شارك في الحراك إلى مواقعه، مطمئنا على مطالبه، و ترك الأمر بيد النخبة التي انقسمت بين من يريد إسقاط كامل البناء بمن تحته و من يريد الإصلاح، فتحرّك البعض لدرء الأسوإ و إنقاذ جزء هام من الدولة و المتمثّل في تواصلها بشكل أو بآخر…لكن هذا الجزء الذي قاد المرحلة الانتقالية الأولى لم يكن قادرا على إيقاف حملات تخريب الدولة التي بدأتها بعض المكوّنات بلعب دور الضحيّة و انتحال صفة النضالية، فحتى من وقعت نقلته من تونس إلى المهدية أصبح مناهضا سابقا لنظام بن علي، و من كان فاسدا و أجبر على الاستقالة درءا لمحاسبته انتحل صفة المعارض الشرس لمنظومة بن علي …
هؤلاء جميعا انكبوا صحبة “الحقوقية” سهام بن سدرين و بمساعدة بعض الأسماء التي حافظت على مواقعها بعد خروج بن علي رحمه الله في تفكيك مؤسسات الدولة، حسب أجندا فرضتها بعض الأطراف السياسية الأخرى….و الغريب في كل ما وقع أن اليسار الذي كان له الدور الأكبر في إطلاق حملة تفكيك الموجود و إسقاط البناء و رفع شعار”نصب المشانق” لم يفهم أن ما يقوم به لن يكون في صالحه، بل سيخدم شقّا آخر جلس يشاهد من بعيد المشهد التخريبي الذي يصبّ في صالحه….فاليسار ممثلا في حمّة الهمامي و بعض من يحومون حوله تصوّروا أن الساحة أصبحت جاهزة لينقضّوا عليها و مستعدّة للقبول بهم زعماء المرحلة فأخطؤوا خطأ استراتيجيا فظيعا، و انساقوا وراء نداءات حلّ الحزب الحاكم عوض الإصلاح و الاكتفاء بمحاسبة الفاسدين الذين أجرموا في حقّ الشعب…فاتحاد الشغل و كأني به يبحث عن عمل مسرحي ينسينا به أنه كان يعيش تحت جلباب منظومة بن علي، و كان على توافق تام معها، أشعل البلاد من شمالها إلى جنوبها، إضرابات، و اعتصامات، و اشترك مع بعض الخارجين عن القانون في بعث رابطات حماية الثورة في كل الولايات، فكل الرابطات كانت تضمّ عضوا أو أكثر من النقابات الجهوية و المحليّة….هؤلاء و من داروا في فلكهم الثوري جاؤوا بالعديد من الوجوه التي فشلت في مهمتها و كشفت جهلها التام بتسيير شؤون الدولة…كما جاؤوا بالراجحي لوضع يدهم على وزارة الداخلية بمساعدة من بن سدرين و بعض الذين قفزوا على اللحظة لنيل شهادة براءة و مواصلة التعايش و التموقع مع منظومة ما بعد بن علي…
رغم وصول قائد السبسي إلى كرسي القصبة فإنه لم يحاول الوقوف في وجه حملات تخريب الدولة، بل ساهم فيها جزئيا من خلال صمته على ما يقع و ما وقع، فأجزل العطاء لكل من كان يعتصم مطالبا بزيادة أو بمنحة…و لم يحرّك ساكنا أمام ذبح الدولة و سحل هيبتها و اكتفى ببعض التعبيرات الهزلية التي حفظها الشعب عنه و تندّر بها طويلا…خلاصة جلوس الباجي في القصبة هو أنه وجد في خزينة الدولة و مما تركته منظومة بن علي ما يُسكت به الغاضبين و المعتصمين و الخارجين عن القانون و يتقي به شرّ المطالبين بزيادات و منح لا موجب لها….و وقع ما لم يكن في حسبان اليسار و مكوناته و خرج المارد من قمقمه و انقضّ على الغنيمة بعد أن عرف كيف يستقطب من هربوا إليه خوفا من شعار “مشانق” اليسار… فكل ما وقع بعد 14 جانفي لم يخدم اليسار في شيء بل خدم التيّار الإسلامي بمختلف مكوّناته و جعل منه الملجأ الوحيد لأغلب الفئات التي هربت من الشعارات المرفوعة من قوى اليسار الغبي، و التي وجدت في الانتخابات فرصة للثأر منه و معاقبته…فاليسار أهدى أغلى هديّة للتيّار الإسلامي الذي لم يكن ينتظرها بتلك الشاكلة أبدا…لتتواصل بعد الانتخابات عمليات التخريب الممنهجة لمؤسسات الدولة…و يرفع الغنوشي شعار ” من دخل دار الغنوشي فهو آمن”…
الترويكا و التركة الثقيلة و إفراغ خزينة الدولة…
إثر صعود النهضة و مشتقاتها إلى الحكم، و بعد أن عرفوا أنهم أمام مشهد سياسي غير قادر على ردعهم بدؤوا عن جهل في المرحلة الثانية من مخطّط تخريب الدولة رسميا …رغم أنهم لم يستوعبوا و ربما لم يصدّقوا فعلا أنهم نجحوا في الصعود إلى الحكم، و أنهم خرجوا من العمل السرّي الذي كانوا يمارسونه خلال أكثر من ثلاثة عقود…أقول رغم ذلك فإنهم واصلوا عملهم السرّي في عديد الوزارات و المؤسسات و انقضوا بذلك على أغلبها بعد أن اخترقوها طولا و عرضا…ثم التفتوا إلى تحقيق أهم أهدافهم و هو إيصال البلاد إلى مرحلة الانسداد الكلّي و التي تقتضي ترويض الموجود بشكل نهائي إلى منهجهم في الحكم…فبقاء مؤسسات الدولة و ترابطها لن يفيدهم في شيء، لذلك كان هدفهم إسقاط الموجود كاملا من أجل بناء يتلاءم مع تصوّراتهم السياسية التي لا تتوافق مع طبيعة المجتمع التونسي على شاكلته الموجودة، و تتمحور مرحلة الانسداد الكلّي في ثلاثة مظاهر..
أولها: مرحلة هدم الماضي بكل صوره و مكتسباته من خلال شيطنته و تلفيق الأكاذيب بمساعدة من التحقوا بالمسار الانتقامي للنهضة و مشتقاتها و قد ساعدهم في ذلك كثيرا اليسار الغبي و لا يزال إلى يومنا هذا…
و ثانيها: إيصال مؤسسات الدولة إلى مرحلة الهدم الكامل من خلال الاختراقات و تعيين الموالين و إبعاد الكفاءات (فوضى في اتخاذ القرار أو انعدامه أصلا) …
و ثالثها: خلق الغموض الكامل على المشهد المستقبلي للبلاد (لا أحد يعرف أو يتكهّن ماذا يمكن أن يحصل غدا)…
و من خلال هذه المظاهر الثلاثة تنجح النهضة و مشتقاتها في خلق حالة إحباط عامة بين أفراد الشعب و شكّ فظيع في النخبة و مكوّنات المجتمع….فيقبل الجميع أو جزء من الجميع بالأمر الواقع ويتعوّدون على المشهد المجتمعي الجديد الذي تريد أن تفرضه النهضة (رابطات حماية الثورة، أنصار الشريعة، التسفير إلى سوريا… المخدرات…إلخ) …و في طريقها إلى تحقيق هذه الأهداف و إضافة إلى المتغيّرات على الساحة العالمية، أخطأت النهضة أخطاء قاتلة جعلتها تعيد بعض الحسابات، و تخيّر الهروب من الواجهة، و تفكّ ارتباطها بكل من أثار حولها الشبهات، لتحكم عبر قنوات أخرى لا تظهر في المشهد العام…فسحل الشهيد لطفي نقض…ثم اغتيال الشهيد شكري بلعيد… و اغتيال الشهيد الحاج البراهمي كلّها أحداث جعلتها تقرّر الهرب من واجهة الحكم لتختبئ وراء ستار الحوار الوطني، و تهرب من محاسبة منطقية حتى و إن كانت محاسبة سياسية عن جرائم ارتكبت خلال سنوات حكمها فهي المسؤولة سياسيا عن كل ما وقع خلال عهدتها…لكن ماذا تركت النهضة قبل مغادرتها الحكم افتراضيا؟
النهضة قرأت حسابا لكل شيء من خلال تشبّع قياداتها بمنهجيات العمل السرّي، فهي لم تنجح خلال السنوات الأولى بعد خروج بن علي رحمه الله في الخروج من عباءة العمل السري حتى و هي من يجلس على كرسي الحكم…لذلك عملت كل ما بوسعها لتخلق قبل خروجها “أزمة مفاهيم” كبرى في البلاد…فأزمة المفاهيم هذه مسّت كل المؤسسات والقطاعات…فلا أحد اليوم يفهم ما يدور بالمؤسسة الأمنية، و لا أحد يعرف شيئا عن الإرهاب و مكوّناته، و لا أحد يفقه اليوم دور المؤسسة القضائية، فحتى حقوق الإنسان تغيّرت قواعدها بعد صعود النهضة…و لا أحد يعرف شيئا… أين نحن من التنمية و من الاستثمار…كل شيء في البلاد يكتنفه الغموض و لا أحد يعرف كيف تعمل دواليب الدولة؟ و هل مازالت تعمل؟؟ فالنهضة كتنظيم اخترقت كل شيء حتى العائلات…
الاتحاد و تخلصه من جلباب منظومة بن علي…
حاول الاتحاد العام التونسي للشغل و منذ فجر 14 جانفي 2011 التعامل مع الدولة كغنيمة، و لم يرأف بحالها في كل الأزمات التي مرّت عليها، و قد كان يهدف من وراء ذلك الخروج من عباءة كان يلبسها خلال عهد بن علي فالاتحاد كان له نصيبه من كل ما كان بن علي يقرره سواء كان ذلك في الانتدابات، أو في بعض التعيينات في إطار توافق يمكن تسميته بــ”أخطاني نخطاك” …و اتحاد ما بعد 14 جانفي أصبح شريكا بالنصيب الأكبر في الحكم… و وضع يده على أغلب مؤسسات الدولة من خلال سلطة النقابات العامة و الأساسية التي سيطرت على أغلب مفاصل المؤسسات، و أصبحت شريكا في كل القرارات، و شريكا بأكثر من النصف في نتائج أغلب المناظرات و في التعيينات و التسميات في الخطط الوظيفية…
و قد ذهب بعضهم إلى وضع كل حكومات ما بعد 14 جانفي موضع اتهام…فهذه الحكومات حسب بعض المتابعين للمشهد أخطأت في خياراتها و لم تختر طريق الإصلاح ففشلت في إيجاد الحلول الكفيلة بإنقاذ البلاد…و ذهب بعضهم الآخر إلى أن عدم استقرار الوضع و تداول عديد الحكومات على التسيير أفسد كل المخططات التي كانت تهدف إلى النهوض بالبلاد، و الخروج من الأزمة…لكن كل هذه الحجج والتبريرات ليست هي أصل الداء…و ليست السبب الرئيسي في ما نحن فيه اليوم…فالبلاد بدأت في الانحدار إلى أسفل منذ 14 جانفي 2011 حين أطلقنا العنان للمطالب و الترضيات و تسوية الوضعيات…فالزيادات غير المدروسة و الكرم الحاتمي للحكومات المتعاقبة على البلاد من سنة 2011 إلى سنة 2014 أفرغت كل خزائن الدولة، و أغرقت البلاد في الديون… و كل هذا كان بسبب تعنّت الاتحاد و محاولة فرض خياراته على البلاد…فكل اعتصام و ايقاف للإنتاج يقابله سخاء حكومي في زيادة الأجور لتهدئة الأمور، و الهروب من سماع كلمة “ديقاج” و الحفاظ على موقع ضمن دائرة السلطة و الحكم….فالخوف من الشارع بلغ أشدّه، و دكتاتورية الشارع المدعومة بــ”استبداد” بعض النقابات خلقت الرعب في نفوس كل من انتموا للمنظومة السابقة و كل موظفي الدولة، فكان الحلّ الأسهل و الأمثل لمن كانوا يقودون البلاد و الاتحاد، تلبية كل الرغبات و المطالب على حساب موارد الدولة….فالزيادات التي تمّ توزيعها يمنة و يسرة لم تقابلها زيادة في الإنتاج بل انحدرت كل مؤشرات الإنتاج إلى أسفل…و ما زاد الطين بلّة هو “العفو العام” الخيار الذي جاؤوا به لإنقاذ رؤوسهم من الفوضى العارمة التي حلّت بالبلاد…فالعفو التشريعي العام أفرغ جزءا من خزينة الدولة، و أغرق قطاع الوظيفة العمومية بالانتدابات و ضاعف بذلك حجم كتلة أجورها…ثم جاءت حملات تسوية الوضعيات لتواصل العبث بمقدّرات البلاد و تدخلها في مأزق مالي يصعب الخروج منه…و تضاعف عدد الإضرابات العشوائية و الاعتصامات و غلق مواقع الإنتاج مع وصول حسين العباسي إلى ساحة محمد علي، ثم تضاعف مع وصول الطبوبي، و أصبح التصرّف في موارد الدولة مستحيلا بسبب شحّ و انحباس الموارد المالية لتغذية الخزينة العامة للبلاد…فكل المواقع الإنتاجية الحساسة و الهامة كانت معطّلة من طرف النقابات أو من طرف مجموعات مدعومة نقابيا…و لم تجد الدولة غير الاقتراض للمحافظة على استقرار الوضع و صرف مرتبات موظفيها…و رغم ذلك، و رغم دراية الاتحاد بالوضع الاقتصادي السيء، و بما عليه وضع خزينة الدولة واصل هذا الأخير خنق البلاد بحرمانها من التمتع بمداخيل أكبر من مواقع الإنتاج…و كان للاتحاد مواسم ضغط على الحكومة أكثر من ضغطه العادي و اليومي، فقبل كل مؤتمر تتجنّد آليات الحرب الخاصة بالنقابات العامة للاتحاد و تعلن التعبئة في جميع القطاعات للضغط على الحكومة و تحقيق العديد من المكاسب للتقدّم بها في وثيقة التقرير العام للمؤتمر و تكسب بذلك أصوات المؤتمرين… فالبلاد لم تعش هدنة اجتماعية بمعنى الهدنة منذ 14 جانفي 2011 …فالإضراب تلو الإضراب و قطع الطريق تلو الآخر، فأيام العمل الحقيقية بأهمّ مواقع الإنتاج تحسب بالعشرات و ليس بالمئات و ليس بالآلاف منذ 14 جانفي…هذا حالنا منذ 2011 …
وهم الأموال المنهوبة…ووجع الأملاك المصادرة…
خرج علينا ساكن قرطاج بأمر الأموال المنهوبة حسب زعمه…و اجتمع بلجنة ستعيد لنا تلك الأموال حسب زعمه مرّة أخرى…لكن هل لنا ما يكفي من الأموال في بنوك أجنبية تخرجنا مما نحن فيه؟؟ حقيقة الأمر، لا أثر لهذه الأموال فما يعلمه الجميع أن هذه الأموال التي يريد أن يدخل بها ساكن قرطاج سباق التلاعب بهذا الشعب، لا تكفي لبناء ملعب لكرة القدم أو مركب صحيّ لمقاومة الكوفيد…فمن يشتبه في أنهم نهبوا أموالنا و وضعوها في بنوك سويسرا و غيرها من دول الغرب هم أصحاب الأملاك المصادرة، و هؤلاء لم يكونوا أبدا في حاجة إلى تهريب كل أموالهم إلى بنوك سويسرية، بل كانوا يستثمرون النسبة الأكبر من أموالهم هنا في تونس…و أن من جاء ليجلس في مكانهم هم من أفسدوا في الأرض و أفلسوا أغلب المؤسسات المصادرة، لذلك كان من الأجدر أن يلتفت ساكن قرطاج إلى ملف الأملاك المصادرة فالفساد الحقيقي هناك…فمن وضع يده على هذه الأملاك هو من أفلسها…و من أوصلها إلى الوضع الذي أصبحت عليه يا ترى؟؟ هذا أخطر الملفات التي وجب فتحها اليوم…لكن ساكن قرطاج أراد غير ذلك لأنه لا يريد أن يكون طرفا في ما يقع اليوم و لا يريد تحمّل تبعات أي فشل يُحسب على حكومة المشيشي فهو من اختاره لكرسي القصبة و قد يحمله بقية المشهد تبعات كل عثرات ابنه المدلل سابقا المشيشي…
ساكن قرطاج تفطّن بأن بعض الشكوك تحوم حوله في ما يجري بالجهات اليوم فأراد خلط الأوراق بطلبه تطبيق القانون على كل الخارجين عن القانون و هو بذلك يعيد الشكوك إلى الأحزاب التي يريد بعضها خلط الأوراق و تحميله مسؤولية الفوضى التي تعيشها بعض الجهات …فحركة الشعب و التيار الديمقراطي من جهة و ائتلاف الكرامة من جهة أخرى يبحثون عن خلط جديد للأوراق فالتيار الديمقراطي الخاسر الأكبر من سقوط حكومة الفخفاخ لم يُشف إلى حدّ الساعة من الغثيان الذي يشعر به منذ خروجه من الحكومة…و لا يريد أن تهنأ النهضة و لا قلب تونس بثمار أي نجاح لحكومة المشيشي التي يعتبرها عبو حكومة وقع تحويل وجهتها…فالمشيشي يعتبر الابن الضال…لساكن قرطاج…
أما حركة الشعب فهي تريد خلط الأوراق من خلال مبادرة قدمها الاتحاد و يبحث المغزاوي عن موقع في ظلّ هذه المبادرة يسمح له بالعودة إلى صدارة المشهد السلطوي أو الحاكم بقية مدّة العهدة الحالية…كما أن نائبها هيكل المكي و رئيس لجنة المالية بمجلس النواب طالب رئيس الجمهورية بتفعيل الفصل 80 من الدستور و أظنه فعل ذلك من أجل قطع الطريق أمام ابتزاز قلب تونس لساكن القصبة…
أما ائتلاف الكرامة الابن المشاغب لحركة النهضة دوره اليوم هو أن يحوّل وجهة كل أمر يسبب وجعا لحركة النهضة، و هو الدور الذي يبدع فيه منذ سنة تقريبا…كما أنه مكلف بمهمة التشويش على ساكن قرطاج لغاية في نفس ساكن باردو….حتى اشعار آخر… أما بقيّة الكتل المستقلة (الإصلاح و الوطنية) في مجلس النواب فإنها اليوم تتودّد و تتقرّب إلى ساكن القصبة أملا في الحصول على نصيبها من الكعكة التي قرّر ساكن القصبة اقتسامها و توزيعها على من ضمنوا له المرور بمجلس النواب في قادم الأشهر…
النهضة و الهروب المتواصل من تحمّل تبعات أي فشل..
تواصل النهضة من خلال خلطها المتواصل للأوراق الهروب المتعمّد من تحمّل تبعات كل فشل حكومي منتظر، فالنهضة و بالذات الشيخ راشد يدرك أن المشيشي ذاهب لا محالة و فاشل لا جدال…و أن حكومته ستفشل فشلا ذريعا لذلك استبسل في الدفاع عن حقّ قلب تونس في التواجد ضمن حزام حكومة مدلّل ساكن قرطاج سابقا، فالغنوشي يدرك أن نبيل القروي يبحث عن موقع يضمن له عدم العودة إلى السجن مرّة أخرى و غلق ملفاته العالقة …و الغنوشي بما يأتيه يواصل سلك نفس الطريق التي سلكها مع قائد السبسي رحمه الله فالغنوشي نجح في الاختباء وراء نداء تونس ثم الشاهد خلال العهدة السابقة، و خرج و لم يتحمّل تبعات ما وصلت إليه البلاد…و قد وصلت به الجرأة لكشف ذلك في خطابه الانتخابي بمدينة مدنين…و اليوم اختار الغنوشي قلب تونس ليكون كبش فداء هذه العهدة فكل أوجاع هذه العهدة سيتحملها قلب تونس و من هم معه من المنظومة القديمة، خاصة أن قلب تونس يحاول منذ مدّة الفوز بعديد الخطط الجهوية و المحلية في التعيينات القادمة مما يجعله في واجهة من سيتحملون فشل الحكومة المنتظر…كما أن الغنوشي يبحث أيضا لضرب عصفورين بحجر واحد فالمشيشي اختاره ساكن قرطاج، و لم يكن اختيارا للنهضة فإن نجح و لو بشكل جزئي سيخرج علينا الغنوشي ليقول أن الحزام السياسي للحكومة هو من ساهم في نجاحاتها و سيذكر حينها حركته ثم بقية من وضعوا يدهم في يده…و ستحصد النهضة ثمار ذلك في الانتخابات القادمة، و إن فشلت و هو الأمر الأقرب إلى الواقع فسيخرج رافعا عقيرته بالصراخ ليقول أن ساكن قرطاج هو من اختار ساكن القصبة فليتحمّل تبعات فشله…و سيلصق بعض الفشل طبعا في قلب تونس الذي اختاره هو ليكون كبش فداء عوضا عنه و عن حركته…و بالعودة إلى الخطإ الفظيع الذي أتاه المشيشي بإعلانه اعتماد نفس تمشي “الكامور” في بقية الولايات و الملفات العالقة سنجد أن الغنوشي بارك ذلك و طالب ضمنيا بغلق الفانات…و لسائل أن يسأل: هل يبحث الغنوشي عن الإيقاع بالمشيشي بمباركته تصريحه الناسف و الساذج و الغبي؟؟
خلاصة المشهد….
خلاصة الخراب في خزينة الدولة…الباجي رحمه الله و الترويكا و المهدي جمعة أسكتوا الخارجين عليهم بما وجدوه من تركة بن علي فأفرغوا خزينة الدولة حفاظا على مواقعهم و شراء سلم اجتماعية مغشوشة…و الحبيب الصيد و يوسف الشاهد و من جاء بعدهما اضطروا للتداين داخليا و خارجيا لدفع أجور موظفي الدولة و مستحقات البعض الآخر و خلاص ديون الدولة، و أسكتوا الخارجين عليهم بالوعود و المسكنات التي بقيت حبرا على ورق و مثالنا في ذلك اتفاق الكامور…و ستبقى كذلك حتى اشعار آخر…
قد تأتي الأحداث التي تعيشها بعض الولايات على الأخضر و اليابس…و قد تتوسع رقعتها لتصل أكبر مدن البلاد…فلا غرابة إن انضمت إليها بعض الأطراف و بعض المكونات و بعض المنظمات لتسجل حضورها تحسبا لنجاح هذا الحراك في قلب الأوضاع و طمعا في أن تكون شريكا أساسيا غدا…فبعض الأطراف تنتقد الحراك في وسيلة إعلام…و تسانده في أخرى و على الواقع….
ما يجري اليوم أكّد للجميع مقولة التاريخ يعيد نفسه….فمن خرجوا اليوم في العديد من الجهات رفعوا نفس شعارات من قاموا بحراك 2011 …و من خرجوا اليوم ضدّ حكومة المشيشي و المنظومة بأكملها أغلبهم إن لم نقل كلهم خرجوا سنة 2011 ضدّ منظومة بن علي…و هو ما يؤكّد فشل منظومة ما بعد 14 جانفي فهي لم تنجز ما وعدت به، و لم تف بعهودها، و لم تنجح في إيجاد البدائل التي تُنسي الشعب إنجازات و استقرار عهود ما قبل 14 جانفي….فاتهام المنظومة التي سبقت 14 جانفي بأنها السبب الرئيسي لما وصلنا إليه اليوم أصبح غير منطقي و غير مقبول…فمنظومة ما بعد 14 جانفي أخفقت في كل ما جاءت به….و لم تنجح في الغاء 53 سنة من حكم المنظومة السابقة من عقول أغلب التونسيين…فهل يفكّر الجميع جدّيا في معالجة الأسباب الحقيقية للأزمة أم يواصلون تعنتهم و صمتهم عمّن أوصلنا إلى ما نحن فيه؟؟
تصفح أيضا

عبد الكريم قطاطة:
في الفترة ما بين 2004 و 2010 لم تكن الاحداث التي عشتها كمّيا كثيرة وها انا امرّ على ابرزها لاخلص بعدها لقهرة الربيع العبري…

عودة لسنة 2004… في اواسط تلك السنة بدأت رحلة تعاقدي مع جامعة صفاقس كخبير مدرّس للعلوم السمعية البصرية بمعهد الملتيميديا… صاحب المقترح هو مدير معهد الملتيميديا انذاك الزميل والصديق “عبدالحميد بن حمادو” الذي أعرفه منذ درسنا معا في تعليمنا الثانوي بمعهد الحيّ… سي عبدالمجيد فكّر في انشاء مادّة للعلوم السمعية البصرية ببرامج بعض شعب المعهد…تحادث في الموضوع مع زميلي الكاميرامان انذك مفيد الزواغي فأشار عليه بالاتصال بي وكان ذلك… وانطلقت مسيرتي كمدرّس لهذه المادة لمدة عشر سنوات بعد ان طلبت ترخيصا في الامر من رئاسة مؤسسة الاذاعة والتلفزة وتحصلت عليه، شرط ان لا يؤثّر ذلك على واجباتي المهنية… ومنين يا حسرة ؟
في وحدة الانتاج التلفزي كنا نعيش البطالة الدائمة ونتقاضى على ذلك رواتبنا ومنح الانتاج ايضا… وكان كلّما عُيّن مسؤول جهوي أو وطني جديد، قام بزيارة اذاعة صفاقس للتعرّف على احوالها وطبيعيّ جدا ان يزوروا وحدة الانتاج التلفزي… وكنت مطالبا كرئيس مصلحة الانتاج ان استقبلهم وان اقدّم لهم بسطة عن الوحدة وعن انتاجها… وكنت دائما اردّد نفس الاسطوانة التي كم اقلقت المديرين الذين تعاقبوا على رأس اذاعة صفاقس… كنت اقول لضيوفنا الاعزاء (اعني المسهولين): وحدة الانتاج التلفزي فيها كلّ شيء الا الانتاج، وبقية التفاصيل تأتيكم من مديري!…
مقابل ذلك كانت علاقاتي مع منظوريّ في مصلحة الانتاج التلفزي على غاية من الودّ والاحترام … بل ذهب بي الامر الى إعلامهم انه بامكان ايّ منهم ان يتغيّب لكن عليه يكتب لي مطلبا مُسبقا لرخصة غياب دون ذكر التاريخ، احتفظ به عندي حتى يكون وثيقة استظهر بها اداريّا كلّما اقتضى الامر وذلك لحمايتهم وحماية نفسي… وفلسفتي في ذلك تتمثّل في الآتي: مالفائدة في حضور موظفين لا شغل لهم ؟ خاصة انّ بعضهم يقطن عشرات الكيلومترات بعيدا عن صفاقس المدينة… ثمّ اليس واردا للموظّف الذي لا شغل له أن يصبح شغله الشاغل احداث المشاكل مع زملائه ؟ اذن مخزن مغلوق ولا كرية مشومة… لكن في المقابل واذا اقتضت مصلحة الوحدة ان يعملوا 16 و 18 ساعة ما يقولوش (احّيت)…
تلك العلاقة التي وضعت اسسها بيننا كرئيس ومرؤوسين رأيت عمقها يوم مغادرة الوحدة للتقاعد… يومها أحاط بي زملائي ورفضوا رفضا قاطعا ان اكون انا من يحمل بنفسه وثائقه وكلّ ماهو ملكه الخاص الى منزله… وحملوها عني جميعا وبكلّ سعادة مخضّبة بدموع العشرة… والله يشهد اني وطيلة حياتي كمسؤول سواء اذاعيا او تلفزيا لم اقم يوما باستجواب كتابي لايّ كان… ولم اخصم لايّ كان من اعدادهم في منحة الانتاج وفي الاعداد المهنيّة…
اذن وعودة الى علاقتي بجامعة صفاقس كمدرّس للعلوم السمعية البصرية بمعهد الملتيميديا ثم بعده بسنتين بمدرسة الفنون والحرف، حاولت ان اعطي دون كلل لطلبتي… كنت قاسيا معهم نعم… ولكن كان ذلك بحبّ لا يوصف… وبادلوني نفس الحب ان لم تكن دوزته اكبر … كنت الاستاذ والاب والاخ والصديق و كنت ايضا صدرا اتّسع حتى لاسرارهم الخاصة… رغم اني كنت ايضا بوليسا في امور الانضباط وتقديس العلم… وطلبتي الذين هم في جلّهم اصبحوا اصدقاء بفضل الفيسبوك شاهدون عليّ… ولعلّ من الاوسمة التي افتخر بها ما حصل في نهاية السنة الجامعية سنة 2012…
إذ ككلّ نهاية سنة جامعية يقع توزيع شهائد وجوائز للطلبة المتفوقين في جميع السنوات… وفي اخر القائمة سمعت من منشط الحفل يذقول: (الان الجائزة الاخيرة في هذا الحفل وادعو الاستاذ عبدالكريم قطاطة لتسلّمها)… فوجئت حقا بالاعلان… وكانت لوحة رُسمت عليها زيتونة وكُتب فيها (شهادة تكريم للاستاذ عبدالكريم قطاطة نظرا إلى عطائه الغزير لطلبة المعهد)… واعذروني على اعادة جملة تُريحني كلما ذكرتها وهي… “وبعد يجي واحد مقربع ويقلك شكونو هو عبدالكريم اش يحسايب روحو ؟؟” … بل تصوروا انّ زميلة من اذاعة صفاقس بعد حادثة ذلك الفيديو المنحوس حول من هم اعلام العار في نظري سنة 2012 (رغم انّي صححت فيما بعد ماجاء فيه ووضحت انّي لم اعمم وختمت بالاعتذار .. لكن وقت البعض يبدا يستناك في الدورة مهما وضحت وكتبت واعتذرت يكون موقفه”قاتلك قاتلك”)… تلك الزميلة ذهبت الى ادارة مدرسة الفنون الجميلة وطلبت منها فسخ عقدي معهم لاني لا اشرّفهم… وضحكوا منها وقالوا لها فيما قالوا: هاكة موش فقط استاذ الطلبة، سي عبدالكريم استاذنا وشرف لنا ان نكون تلاميذه… ورجعت المسكينة الى منزلها خائبة مذهولة مهمومة وغبينتها غبينة، المغبونة… وانا مسامحها…
قضيت 10 سنوات بمعهديْ الملتيميديا ومدرسة الفنون الجميلة وحتما ساعود الى اشياء عديدة حدثت فيها خاصة بعد قهرة جانفي 2011…
الحدث الاخير سنة 2004 كان دون جدال كُرويّا… تتذكّرو نوفمبر 2004 ..؟؟ وبالتحديد يوم 20 منه ؟؟ تتذكّروا هاكي التشكليطة السافيّة ؟ تتذكّرو زوبا وهو يمشكي في ملاعبية المكشّخة واحد بعد واحد ؟ تتذكّروا كيفاش علّق تيزييه في سقف الملعب ؟؟ انّه نهائي الكأس الشهير… وانه يوم سقوط امبراطورية فرعون الكرة ولد شيبيوب… وانا نعرف انو بعض المكشخّين ماشين عاد يسرسطو ماجاء من سور في كتابهم .. عن بطولاتهم .. عن القابهم وتونس بكلّها تعرف عن محصولهم في الشمبيونزليغ وطبعا ماشين يذكروني بهدف بوتريكة ويختمو بـ (ما تكلموناش احنا ماشين لكاس العالم في امريكا).. لاصدقائي المكشّخين الباهين فيهم وهم قلّة لانّ اغلبهم لا يورّيك ولا يفاجيك .. فقط لاصدقائي نحب نسألكم سؤال وحيد ..توة هدف زبير السافي في هاكي الفينال موش سميّح موش شيء يعمل 5555 كيف؟
موش تقول الواحد صيفا يبدا في يدو مشموم ياسمين وطاولة معبّية بالبطيخ والدلاع والهندي وما ننساوش الفقوس .. وهي تصير كورة من غير فقوس ؟…ويعاود يتفرّج عليه ويعشق العزف متاع زوبا ورقصتو كيف انتوني كوين في زوربا اليوناني ؟ وفي الشتاء يبدا قاعد تحت كوسالة وكاس تاي منعنع ويعاود يتفرّج على زوبا وهو يعزف اشي الحبّ كلّو واشي انت عمري .. واشي انساك ده كلام ويختمها ب ميا موري … نعرف اصدقائي المكشخين الباهيين يعرفوني بليد وماسط وخايب وقت نحكي على مكشختهم ..اما يدبّرو روسهم قلتلهم حبّوني؟… واذا حبوك ارتاح والله… دعوني الان اسرّ لكم بما لا يعرفه اغلب محبّي الفريقين حول ذلك النهائي… واصدقائي ومهما كانت الوان فرقهم يعرفون جيّدا انّي صادق في ما اقول والله شاهد على صدقي…
قبل خوض النهائي كان لنا لاعب معاقب (وسام العابدي)… ولد شيبوب كلّم هاتفيا انذاك احد مسؤولي النادي وقللو نقترح عليك اقتراح لفائدة الزوز جمعيات… قللو نسمع فيك هات… قللو تهبّط وسام يلعب الطرح وانا نقول للملاعبية يسيّبوا الطرح… تربح انت وتعمل شيخة انت وجمهورك وانا نعمل احتراز عليكم وناخذ الكاس… طبعا المسؤول رفض وبشدّة… ولد شيبوب قللو راك ماشي تهبط من غير قلب دفاعك وسام… تعرف اش معناها ؟ معناها ماشي انييييييييييي………… بزوز .. المسؤول ظهر حتى هو قبيّح وقللو .. انا منيش مهبّط وسام واحنا اللي ماشي انننننننننني ……… بزوز … وكلمة عليها ملك وكلمة عليها شيطان ..ولكم ان تعمّروا الفراغ وتربطوا بسهم … لكم حرية التعليق مهما كانت الوان فرقكم لكن مع ضوابط الاحترام …السبّ والشتم والكلام البذيء لا مكان لها في صفحتي! …
ـ يتبع ـ

جور نار
لا تخرّبوا سور وسقف الوطن… فنحن غدا من سيدفع الثمن!
نشرت
قبل شهر واحدفي
15 أبريل 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش:
كنتُ بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مقالي الأسبوعي في جلنار، حين بلغ مسامعي صراخ وألم ووجع عائلات من قضَوْا تحت أكوام حجارة سور معهد المزونة، رحمهم الله.

تمرّد القلم بين أصابعي، ورفض إتمام ما بدأه والانصياع لأوامري، وما أكتب، معلنًا الحداد على من ماتوا، ووُئدت أحلامهم تحت حجارة سور جريح ينزف دم سنوات الإهمال والتخلي.
سور أصابته لعنة “باركينسون” تشريعاتنا المهترئة، فارتعش وجعًا. سور لم يرأف بحاله أحد من القائمين على شؤون ترميمه، وترميم ما يحيط به. سور سال دم جراحه، وأسال دم من مرّوا بجانبه وأمّنوه على أرواحهم. سور توجّع وتألم طويلًا، وبكى… ولم يسمع بكاءه أحد، حتى أبكى أمهات بعض من اعتادوا المرور بجانبه… سور تآكل، وبانت عورته، فغضب وانهار على من كانوا يمرّون بجانبه، يتكئون عليه، ويستظلون به من غضب الشمس وثورة الأحوال الجوية، وهم في طريقهم لطلب العلم.
الغريب ما قرأته بعد الفاجعة، وما سمعته من صراخ من خرجوا يهددون بالويل والثبور وعظائم الأمور. أغلب من خرجوا علينا يولولون، يطالبون بمحاسبة من تسبب في الفاجعة، ويطالبون بتحميل المسؤولية لكل من قصّر في أداء واجبه أو غفل عنه.
هكذا نقفز على كل وجع ومأساة، لنواصل الدعوة إلى الانتقام من كل ما سبق، ومن كل من سبقونا في تحمّل مسؤولية خدمة هذا الشعب… هل يجب أن ننتقم ونثأر بعد كل فاجعة أو فشل ممن سبقونا في تسيير شؤون مؤسسات البلاد؟ هل يجب أن نشيْطن كل من سبقونا في خدمة الوطن بعد كل وجع يشعر به جسد هذه الأمة؟ ألا يجدر بنا أن نعتبر مما حدث، ونبدأ بإصلاح حالنا وأحوالنا؟
أتساءل: ألا يتساءل أحدكم لماذا كل هذا العزوف عن تحمّل المسؤولية؟ أليس للفصل السادس والتسعين من المجلة الجزائية دور كبير في هذا العزوف، الذي أفرغ مؤسساتنا من كفاءات كنّا نفاخر بها، ونطمئن بوجودها على حالنا وحال مؤسساتنا وحال البلاد؟ ثم، أليس للفصل الرابع والعشرين من المرسوم عدد 54 نصيب مما نحن فيه، ومما عشناه ونعيشه؟ فمن كان يرى في السور عيبًا وخطرًا، لن يكتب عن الأمر، ولن يُنبّه لخطورته، خوفًا من أن يُتهم بنشر أخبار زائفة وإشاعات كاذبة…
ألم نغرق اليوم في وحل الفصل السادس والتسعين، ورعب المرسوم الرابع والخمسين؟ لماذا تنشر تشريعاتنا وبعض قوانيننا الخوف والرعب في نفوس كفاءاتنا، ومن يملكون القدرة على تحسين أوضاعنا؟ أيمكن للأمم أن ترتقي وهي تعيش تحت وطأة الخوف والرعب من قوانينها؟ كيف نطلب من بعضنا خدمة الوطن وهم يعيشون رعب القانون، ورعب الحقد، ودعوات الإقصاء والثأر والانتقام من كل قديم، وكل مخالف في الرأي، وكل من لا يعلن لنا البيعة، ولا يقف صارخًا “مزغردًا”، مصفقًا لأخطائنا، ملمّعًا لفشلنا، داعيًا لنا بطول العمر وجزيل الثواب؟
يا من تستمتعون بوجع خصومكم، ومن لا تتفقون معهم، ومن تركوا أثرًا طيبًا وانتصروا عليكم بما حققوه وأنجزوه…الوطن أمانة بين أيادينا جميعًا، فجنّبوه الفتنة، وجنّبوه الأحقاد، وحافظوا على سور الوطن…ولا تخربوا سقفه، فإن انهار سقف الوطن، فنحن، نحن الشعب، من سيدفع الثمن… نعم… نحن الشعب من سيدفع الثمن.


عبد الكريم قطاطة:
في جويلية 2004 انتهت حقبة اذاعة صفاقس مع السيّد عبالقادر عقير رحمه الله وغفر له وعُيّن السيد رمضان العليمي كبديل له وتحديدا يوم 12 جويلية…

والسيّد رمضان العليمي شغل قبل تعيينه على رأس اذاعة صفاقس منصي كاتب عام للجنة تنسيق “التجمع الدستوري الديمقراطي” (الحزب الحاكم وقتها) بقفصة ثمّ مديرا لاذاعة تطاوين… وكعادة ايّ مدير عند تسميته اجتمع بالمسؤولين في الادارة بقاعة الاجتماعات المحاذية لمكتبه… ليعبّر وكأيّ مسؤول عن امتنانه لرئيس الدولة صانع التغيير لتشريفه بتلك المهمة… وعبّر وكسائر المديرين عن سعادته بوجوده في صرح اذاعتنا ونوّه بتاريخها وبالسواعد التي عملت فيها… ودون الدخول في تفاصيل اخرى تعرفون جيّدا تلك الخطابات الممجوجة التي يلقيها المسؤولون في مثل تلك التعيينات…
بعد ذلك تعرّف على المسؤولين فردا فردا… ولمّا حان دوري نظر اليّ السيّد رمضان العليمي وقال: (سي عبدالكريم اشكون ما يعرفوش انه اشهر من نار على علم، وهو بالذات عندي حديث خاص معاه)… وانتهى الاجتماع… وبقيت انتظر ذلك الحديث معه… وطال الانتظار… وكتبت له رسالة مطوّلة لم استجدِه فيها العودة الى المصدح فالحرة تجوع ولا تاكل بثدييها… لكن كان من واجبي ان اعطيه فكرة شاملة لا فقط عن وحدة الانتاج التلفزي حيث اُشرف فيها على مصلحة الانتاج، بل عن اذاعة صفاقس بشكل شمولي… وذلك من خلال ما عشته وعايشت فيها مع زملائي من احداث ناصعة البياض واخرى رماديّة حتى لا اقول سوداء…
هذه المراسلة كانت بتاريح 17 سبتمبر 2004 اي بعد شهرين و5 ايام من تعيينه… وها انا اختار الفقرة الاخيرة من مراسلتي الطويلة علّها تًعطي فكرة واضحة عن هدف تلك المراسلة حيث خاطبته بالآتي: (اخي الفاضل… انّ غيرتي على هذه الاذاعة هي وحدها التي جعلتني اكتب اليك فانا لا اطلب برنامجا او فضاء او ما شابه ذلك… ولكنّ الخطر الكبير يتمثّل في عديد الاسماء التي لا يمكن ان تكون امام المصدح وفي عديد البرامج التافهة تصوّرا وانجازا… وفي بعض الاشخاص الذين لا يملكون الحسّ الاذاعي ولا الكفاءة ومع ذلك يديرون امور هذه الدار على هواهم… اخي الفاضل احببت ام كرهت… الآن انت مدير هذه الدار وقدرك ان تعيد لها هيبتها وجمهورها واشعاعها… وهيبتها لن تعود الا من خلال تطبيق القانون ورفع المظالم … وفقكم الله لتسلّق هذه الجبال من المصاعب واعانكم على ان تكونوا كالميزان في عدالته، الذي لا يهمه ان ارتفع بالفحم او باللحم، بالتبر او بالتين… اليست العدالة هي اساس العمران ؟؟)…
السيّد رمضان العليمي كما ذكر في اجتماعه الاول بالمسؤولين وعد بحديث خاصّ معي… وانتظرت ولم يأت ذلك الحديث الخاصّ… وارسلت له المكتوب الذي حدثتكم عنه ولم يأت ذلك الحديث الخاص وها انا انتظر لحدّ اليوم وعده ولم يات ولن يأتي ولا حاجة لي بأن يأتي… لا لانه غادر الاذاعة ولست ادري ماذا اصبح اليوم وكلّ الرجاء ان يكون في صحة جيّدة مع طول العمر… ولكن لانّ الاجابة عن ذلك الوعد الذي لن يأتي جاءتني من احدى الزميلات في اذاعة تطاوين وهي بالاساس مستمعة لي منذ من البريد الى الاثير … وذلك بعد ستّة اشهر من تعيينه على رأس اذاعة صفاقس… حيث خاطبتني عبر مرسال فيسبوكي خاص بالقول: (لا تنتظر مؤازرة من السيّد رمضان العليمي… انه لا يكنّ لك الودّ وهذا عرفته عندما وددت تكريمك في اذاعة تطاوين ولكنّه عبّر بشكل مباشر انّه لا يطيب بذكرك… لكنّي كنت مصممة على تكريمك واذعن لي لكن لبس عن طيب خاطر)…
انذاك فهمت انّ الحديث الخاصّ معي لن يكون وحتى طيلة عهدته باذاعة صفاقس تحادثنا مرّتين فقط… يوم جاءني لمكتبي بوحدة الانتاج التلفزي ليسأل عن مشاكل الوحدة وندرة انتاجها… اي نعم قلبو وجعو على وحدة الانتاج… وتقولوشي عمل حاجة ؟؟ اقسم بالله وكانّه لم يسمع شيئا مما سردته له… المرة الثانية التي قابلته فيها يوم أقام حفلا خاصا لتكريمي سنة 2006 بعد احرازي على وسام الاستحقاق الثقافي من رئيس الدولة… وهو يصير منو ما يحتفلش بما قرره صانع التغيير؟…
ساعود لموضوع الوسام في ورقات قادمة… سنة 2004 ايضا وبالتحديد في 30 مارس شاء قدر الله ان يحرمني وللأبد من الوجود المادّي لوالدتي عيّادة… كان ذلك يوم اثنين… ولكن في الويكاند الذي سبق يوم الاثنين 30 مارس وتحديدا يوم الاحد 29 مارس كنت والعائلة وبعض من اهلي عائدين من الساحل بعد قضاء نهاية اسبوع باحد النزل… عندما وصلنا الى ساقية الزيت طلبت من سائق السيارة ان يتوقف.. اندهش الجميع لذلك… تصوروا انّ غايتي كان اقتناء قهوة او بعض المكسّرات للسهرة… توقف اذن ونزلت من السيارة وقلت لهم (كمّلوا ثنيتكم انا ماشي لعيّادة نحبّ نطلّ عليها ونبوسها وبعد نجيكم)… اندهش الجميع… يا ولدي اش قام عليك .؟ يا ولدي غدوة امشيلها … يا ولدي الدنيا مغربت .. تي راهي امّك في ساقية الدائر وانت في ساقية الزيت… تي راهو زوز كيلومتر موش شوية… تي هات على الاقلّ نوصلوك…
تعرفوه هاكة البهيم حاشاكم اللي يحرن ؟ اللي يعرفني يعرف انو من طباعي السيّئة وقت نحرن نحرن… وفعلا حرنت وزيد قلت لهم (انا طيلة دراستي الابتدائية كنت نجي من ساقية الدائر لساقية الزيت على ساقيّ… نحبّ نمشي على ساقيّ ونعيش شوية نوستالجيا ذلك الزمن… ايّا امشيو على ارواحكم)… وتوكّلت على الله وخليتهم داهشين في ها المخلوق وفي راسو الكبير وعنادو في احدى تلك اللوحات… صدقا كان هنالك احساس رهيب بداخلي وانا اقطع تلك المسافة… ذكريات… نوستالجيا… سعادة… وحزن لم افهم مأتاه…
وصلت الى مسكن الوالد والوالدة ومعهما اختي نبيهة التي تكبرني بسنة والتي لم تتزوج لإعاقة وُلدت بها ولم تقع معالجتها في زمن كان العلاج الطبّي نادرا جدّا… والتي لازمت الوالد والوالدة طيلة حياتهما، رحم الله الثلاثة… عندما دخلت للمنزل سلّمت على سي محمد… والدي هكذا كنت اناديه لا يا بابا ولا يا بويا ولا يابّا متع جيل توّة… ووجدت اخواتي الثلاث متحلقات حول عيادة… فرحت بي عيادة وباستغراب وقلق عن هذه الزيارة في وقت بدأ الليل يسدل ستائره ونظرت لولدها وسألتني: (يا وليدي لاباس عليكم ؟)… مسكت يدها وقبلتها وقلت لها وراسك الغالي لاباس توحشتك جيت نطلّ عليك اكاهو… تهللت اساريرها ونظرت الى اخواتي وقالت: (ما يعزش بيكم انتوما الكلّ في كفّة وعبدالكريم في كفّة راهو كفّتو تغلب)… وضحك البنات وأجبن (يخخي حتى تقوللنا؟..نعرفوا نعرفوا)… اعدت تقبيل يديها وبشكل جارف، لكأنّ القدر كان يهمس لي… اشبع بيها اليوم لانّها غدا ترحل…
في الغد وانا في مكتبي وكانت الساعة تشير الى الثالثة ظهرا هاتفني احدهم (لم اعد اذكر من هو) وقال لي: امّك مريضة وتحبّ تشوفك… ووجدتني بالنهج الذي تقطن فيه عيّادتي وسي محمد… وتسمّرت ساقاي عن المشي… سيارات رابضة امام المنزل… هذا يعني انّ عياّدة …. نعم دخلت وسالت اخوتي متى ؟ كيف ؟ بالامس كانت في صحة جيدة .. ماذا حدث ؟ لماذا لم تخبروني بما حلّ بها ؟… اجابتني إحداهنّ وقالت… كنا معها نتجاذب اطراف الحديث كما تعرفنا وفجأة قامت وقالت: (صلاتي ابجل من حديثكم سيّبوني نعطي فرض ربّي)… اقامت الصلاة ركعت ثمّ سجدت ثمّ هزّ ربّي حاجتو… وهي ساجدة…
دخلت فوجدتها مسجّاة في لحافها… دلفت اليها بهدوء لم ادر مصدره… رفعت الغطاء عن راسها… قبلت جبينها و قرات عليها نزرا قليلا من سورة البقرة (وبشّر الصابرين الذي اذا اصابتهم مصيبة) الى اخر الاية واعدت تقبيل جبينها و تقبيل يدها الباردة … والتي هي في برودتها وقتها كانت اشدّ حرارة من وهج الصيف في صحرائنا الكبرى… ورفعت يديّ الى خالقي وقلت (يا ربّي يجعلني كيفها)… لقد اكرمها الله بتلك الموتة الرائعة واستجاب لدعوتها الدائمة… يا ربّي يجعلني نهيّر في الفرش ونهيّر في النعش… ولأنّ الله قال في كتابه العظيم، سورة غافر آية 60: (ادعوني استجب لكم) واعاد نفس المعنى في سورة البقرة الآية 186، فالله اكرمها بان لا تقضّي حتّى يوما واحدا مريضة في فراشها…
الحمد لله اوّلا على قضاء الله… الحمد لله ثانيا على انّي نفذت وصيّتها لي بتلحيدها يوم دفنها… كان ذلك بعد اذان صلاة المغرب في المقبرة التي كنت اخاف من المرور بجانبها طيلة حياتي ليلا او نهارا… ولكن واقسم لكم بالله عندما ذهبت لتلحيدها في تلك الساعة، تحوّلت المقبرة امامي الى نور على نور… والحمد لله ثالثا انها رجتني في حياتها الاّ انقطع عن زيارة قبرها بعد وفاتها، وان احكي لها واطمئنها عن كل ما يجري في عائلتي…. وعائلات اخوتي… ووعدتها ولا زلت عند وعدي…
رحم الله عيّادة وابي واخوتي واهلي واصدقائي وزملائي… ورحم الله كلّ امواتكم واطال الله عمركم ومتعكم بالصحة والسلام الروحي …
ـ يتبع ـ


ردا على خسائره الفادحة في مطار اللدّ: الكيان يتبجّح بتدمير مطار وطائرات باليمن… حيث لا مطار ولا طائرات!

ترامب و”القبة الذهبية” وكندا… إما تصبحون الولاية 51، أو تدفعون 61 مليار دولار!!

ورشة عمل حول “تعديل المشهد السمعي البصري في تونس”

دار الإفتاء… العيد يوم 6 جوان

وزارة البيئة تحتفي باليوم العالمي للتنوع البيولوجي 2025
استطلاع
صن نار
- صن نارقبل ساعتين
ردا على خسائره الفادحة في مطار اللدّ: الكيان يتبجّح بتدمير مطار وطائرات باليمن… حيث لا مطار ولا طائرات!
- صن نارقبل 4 ساعات
ترامب و”القبة الذهبية” وكندا… إما تصبحون الولاية 51، أو تدفعون 61 مليار دولار!!
- تونسيّاقبل يوم واحد
ورشة عمل حول “تعديل المشهد السمعي البصري في تونس”
- صن نارقبل يوم واحد
دار الإفتاء… العيد يوم 6 جوان
- بيئة و زراعةقبل يوم واحد
وزارة البيئة تحتفي باليوم العالمي للتنوع البيولوجي 2025
- صن نارقبل يوم واحد
رئيس فرنسا وزوجته بريجيت… أو الصفعة التي طافت حول العالم
- صن نارقبل يومين
غزة… “حرب الاستيلاء على المساعدات” تشتعل بين مسلحي حماس وخصومهم، واتهامات متبادلة بالنهب
- صن نارقبل يومين
من دولة واحدة إلى فسيفساء طوائف وقوميات: بعد كردستان العراق… “كردستان سوريا” يعلن عن نفسه!