جور نار
هل خطّط قيس سعيد للانقلاب … منذ جلوسه على كرسي قرطاج؟!
نشرت
قبل 3 سنواتفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashسؤال يطرح نفسه بعد ما قرره أخيرا قيس سعيد، منذ متى بدأ ساكن قرطاج في التخطيط لما قام به؟ فالعقل لا يقبل أبدا بالرواية التي تقول إن ساكن قرطاج أتى ما أتاه بحثا عن حلّ لمشكلات البلاد، وبهدف انقاذ تونس من الوضع المأسوي الذي أوصلوها إليه منذ عشر سنوات ويزيد…فقيس سعيد أحببنا أم كرهنا هو جزء من منظومة “فاسدة” وإن لم يكن فاسدا، أليس هو رئيس البلاد منذ قرابة السنتين؟ أليس هو من اختاره الشعب لقيادة البلاد؟ إذن هو جزء هام وربّما هو أهمّ جزء من منظومة فشلت في تسيير دواليب الدولة وزادت وضعها الاقتصادي والاجتماعي علاوة على السياسي تأزما…
يقول المنطق إن قيس سعيد وهو رئيس البلاد، والضلع الأهم في ثلاثي الحكم، مسؤول كالبقية عمّا وقع بالبلاد، وعمّا آلت إليه الأوضاع بالبلاد منذ جلوسه على كرسي قرطاج، فهو إذن الشريك الأكبر في ما آلت إليه الأزمة، و وجب منطقيا أن يلقى نفس مصير بقية شركاء الحكم فكيف استثنى نفسه من العقاب وأنقذ نفسه من الحساب…فهل استبق غضب الشعب وخروجه على حكامه ليقفز من مركب الفشل إلى ضفّة تجعله في مأمن من محاسبة الشعب؟
تسلسل الأحداث يؤكّد أن مسؤولية قيس سعيد في مثل حجم مسؤولية بقية أطراف الحكم وربّما أكثر، فهو من اختار الفخفاخ رئيسا للحكومة بعد سقوط حكومة الجملي في امتحان مجلس النواب، وهو من اختار المشيشي رئيسا للحكومة بعد استقالة الفخفاخ اثر اتهامه بشبهة تضارب المصالح، وهو أيضا من عرقل نصف حكومة المشيشي بعد التحوير الذي أجراه هذا الأخير على حكومته وابعاده لكل وزراء القصر، ومن اختارتهم ساكنة قرطاج نادية عكاشة، فقيس سعيد ساهم “عن قصد” في وصول البلاد إلى ما هي عليه، ولم يحرّك ساكنا أصلا أمام ما يقع في مجلس النواب، ولم يقف وقفة حازمة لإيقاف مهزلة المجلس وما يجري تحت قبّته بل كان يعرّج على الأمر في كل خطبه بشكل شيطنة لخصومه داخل وخارج قبّة باردو… فلماذا ترك إذن قيس سعيد البناء ينهار على رؤوس الجميع؟ هل فعل ذلك من أجل إيجاد مبررات لتفعيل الفصل 80 من الدستور؟ أم كان شريكا بنصيب كامل في صنع الخطر الداهم الذي يخوّل له تفعيل ذلك الفصل؟ فهل خطّط قيس سعيد لكل ذلك من أجل الاستيلاء على جميع مفاصل الحكم أم كانت الصدفة التي اعترضت طريقه ليصبح الحاكم بأمره في البلاد والعباد؟
المتابع للأحداث وتسلسلها منذ تقديم قيس سعيد لترشحه لكرسي قرطاج يدرك ومن خلال برنامج هذا الأخير أن قيس سعيد كان يبحث منذ يومه الأول عن رئاسة كاملة الأوصاف والصلاحيات ويريد أن يكون صاحب القرار الأول والأخير رغم علمه بتواضع صلاحيات الرئيس في دستورنا الحالي…فالرجل جاء كرسي قرطاج ليكون ملكا على البلاد دون تاج ودون عرش…فهل بحث قيس ومنذ وصوله كرسي قرطاج عن الاستحواذ على جميع السلطات، وهل وفر كل الظروف تدريجيا لذلك؟ فالرجل لم يكن بذلك الحزم الكبير في تعامله مع بقية أطراف الحكم ولم يقترب من بقية أطراف المشهد، بل كان منغلقا على مجموعة داعمة له، ولم يُشعر الشعب ولا المتابعين للمشهد بأنه شريك في ما يقع بالبلاد وجزء من المنظومة، بل روّج من خلال كل ما يـأتيه بأنه خارج السرب، ولا شيء يربطه بمنظومة الحكم الحالي، وكأني به يريد الإيقاع بهم جميعا والتسويق جماهيريا بأنه غير مسؤول عن الأزمات التي تعيشها البلاد سواء كانت الأزمة الصحية أو الاقتصادية والاجتماعية، فالرجل لم يساهم ولو بالنصيحة أو بالاقتراح في حلحلة الأمور، رافضا كل حوار مع أي طرف اجتماعي أو سياسي عرض عليه الأمر، وجلس يشاهد سقوط المنظومة وتصاعد وتيرة غضب الشارع عنها، وتضاعف عدد الرافضين لها، وتراجع شعبية كل الجالسين أمامه من شركاء الحكم، والأغرب أنه لم يحرّك ساكنا ولم يُولِ أهميّة كبيرة للملفات التي هي تحت سلطته وبحوزته، خاصة تلك التي تتعلّق بالتعاون الدولي والعلاقات الديبلوماسية.
كأني بقيس سعيد استشعر ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع وما يمكن أن يقع بالبلاد فاختار توقيت وضع يده على حكم البلاد بعد أن عشنا معه خطبا نارية اتهم فيها كل خصومه وكل من يشاركونه الحكم بالفساد، وهددهم بالويل والثبور وعظائم الأمور لمدّة فاقت السنة ونصف السنة، فالرجل هدّد بالضغط على زر إطلاق صواريخه الدستورية التي كانت تنتظر إشارة واحدة منه لتنطلق من منصاتها، ماذا يعني كل هذا يا ترى؟ هل كان قيس سعيد ينتظر اكتمال مبررات انقلابه على بقية شركاء الحكم؟ وهل ترك الحبل على الغارب ليزيد من غضب الشارع والشعب ويكتمل بذلك شحن الشعب نفسيا ضدّ من يحكمه؟ وهل كان إعلانه للحرب ضدّ المشيشي ومن حوله فقط لإيهام الشعب وأتباعه بأنه ليس منهم وليس شريكا في ما يقع بالبلاد وأن خروج الشعب على هؤلاء أصبح ضرورة مؤكّدة؟ وهل وضع نفسه من خلال قطيعته مع شركاء الحكم في مأمن من غضب الشعب وردّة فعله؟
لاحظ بعض المتابعين للمشهد السياسي بتونس أن ارتفاع حدّة توتّر ساكن قرطاج أصبحت واضحة للعيان مباشرة بعد انقلاب المشيشي عليه وعلى خياراته، وزادت حدّتها بعد ارتماء المشيشي في حضن حزام سياسي وبرلماني تتزعمه حركة النهضة ويضمّ ائتلاف الكرامة وقلب تونس وكتلة الإصلاح في المقام الأول وحركة تحيا تونس وبعض الكتل الداعمة الأخرى في مقام ثان، وتأكّد حينها قيس سعيد أنه لن ينجح في الوفاء بوعوده لمن انتخبوه وأوصلوه إلى كرسي قرطاج من العمود الفقري لقواعده وأتباعه، فهُم من صوّتوا له في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وأدرك أن فرصة إعادة انتخابه لولاية ثانية أصبحت تتلاشى تدريجيا، وكان عليه أن يجد حلاّ ينقذ به مسيرته في قصر قرطاج فالرجل لم يقم بشيء يذكر خلال سنة وأكثر من وجوده بقصر قرطاج، وهذا سيكون وصمة عار لن تمّحي من ذاكرته، وهو الجالس على كرسي جلس عليه الزعيم بورقيبة رحمه الله لحوالي الثلاثين سنة وبن علي رحمه الله لأكثر من عقدين وقاما بكثير من الأعمال وتركا أثرا سيذكره التاريخ بعد مئات السنين. فكيف ينقذ نفسه وتاريخه من ورقة بيضاء لا شيء فيها تجعله مجرّد اسم عابر في سطر يتيم ببعض كتب التاريخ؟
والغريب في أمر ساكن قرطاج هو تحرّكه السريع والكبير بعد 25 جويلية لجلب وتوفير التلاقيح واستجداء المساعدات والهبات والعطايا، فالرجل كان يعلم قبل ذلك الوقت بكثير بما آلت إليه الأمور الصحية بالبلاد، وكان يعلم بعدد من ماتوا بسبب الكوفيد لكنه لم يكن حازما بالشكل الذي كان يجب أن يكون عليه وأوعز لأتباعه بإغراق المشهد الإعلامي بأخبار نفاد الاوكسيجين وعدم توفير التلاقيح، وصدفة تغيّر كل شيء وصمت الجميع عن الاوكسيجين والتلاقيح…وأصبح كل شيء على ما يرام… وقرّر الرئيس أيام التلقيح الجماعي لتتحرّك “ماكينته” الإعلامية وتجعل من اليوم الأول للتلقيح الجماعي حدثا لم يشهده العالم أبدا…فماذا لو تدخّل قبل الانقلاب بأشهر ليقترح ما فعله وليتحرك دوليا من أجل توفير التلاقيح وأجهزة التنفس وشحنات الأوكسيجين؟ فهل وضع قيس سعيد مخططا لكل ما وقع في البلاد من أجل إيجاد مبررات انقلابه على خصومه؟
ماذا كان يريد حقّا قيس سعيد بما قد يكون خطّط له ونفّذه يوم 25 جويلية الماضي وأكمل صياغته القانونية هذا الأسبوع؟ هل كان يريد فقط إصلاح شأن وحال البلاد وانقاذها من الإفلاس والخراب والدمار التي تسببت فيهم كل منظومات حكم ما بعد 14 جانفي، أم كان يبحث عن أمر أكبر من ذلك بكثير؟ لسائل أن يسأل كيف يمكن لقيس سعيد أن يغيّر حال البلاد وهو في سنته الثانية على كرسي قرطاج؟ هل ستكفي ثلاث سنوات ليصلح حال البلاد ويطهّرها من الفساد كما يزعم ويصرخ بذلك في كل خطاب؟ كل عاقل سيجيبنا عن هذا السؤال بــ”لا” فقيس سعيد لن يكون قادرا على فعل ذلك في ثلاث سنوات فقط وفي ظلّ ظروف اجتماعية واقتصادية كالتي تعيشها البلاد اليوم…فماذا يريد إذن؟
الإجابة واضحة للعيان من خلال ما أتاه هذا الأسبوع فما قرره ونشره بالرائد الرسمي للبلاد التونسية يؤكّد بما لا يدع مجالا للشكّ، أن الرجل يبحث عن إطالة مدّة إقامته بقصر قرطاج ويريدها مصحوبة بكل مقاليد الحكم كما كان الشأن بالنسبة لبن علي رحمه الله…فلا أحد سيصدّق أن الرجل فعل كل هذا الذي فعله ليسلّم البلاد إلى غيره أو أحد خصومه بعد أن ينهي تنفيذ ما قرره…فشيطنة خصومه…وإبادتهم الجماعية سياسيا كان مخطّطا لها فهو يدرك أن أكثر من ثُلُثي الشعب التونسي لا يريدون بقاء حركة النهضة في الحكم، ولا حتى عودتها للسلطة وسيسعدون بإبعادها عن الحكم، فاختار أن تكون هي أولى ضحاياه وبذلك كسب تعاطفا واسعا، ومساندة كبيرة من كل من يكرهها وأصبح عند بعضهم “بطل” معركة التحرير من آخر فصائل إخوان الربيع العربي، وتعاطف معه حتى بعض من هم منها ومعها، كما أنه أوجد مشروعية شعبية لحلّ مجلس النواب من خلال تركه الحبل على الغارب وشيطنته اليومية لفساد بعض من هم تحت قبّة باردو دون أدلة وإثباتات تسمح له بوضعهم في السجون…
فالشارع التونسي وبعد أن تمّ شحنه ضدّ كل الأحزاب لم يعُد مهتما بمن يكون قيس سعيد أو بما يريده قيس، أو بخطر وإمكانية تحوله إلى مستبد أو دكتاتور غدا، وسيقول لك لو سألته عن سبب مساندته الكبيرة لقيس سعيد بقوله “ما خَرِّجْ النهضة كَان هُوَ”…وهو نفس ما وقع مع التجمّع بعد 14 جانفي 2011…فالحكاية ليست أكثر من انتقام مكوّنات سياسية من بعضها البعض، ومن انتقام رئيس جمهورية ممن حوّلوا وجهة من اختاره وزيرا أول ومن حرموه من سلطة تامة بدستور وقعت صياغته على مقاس من صاغه…وهذه الرغبة في الانتقام هي من أوجدت الرغبة الجامحة لساكن قرطاج في البقاء أكثر ما يمكن في قصر قرطاج…فكل قراراته التي نشرت في الرائد الرسمي تصبّ في نتيجة واحدة وهدف واحد…انتخابات تشريعية سابقة لأوانها يكون فيها لــ”الشعب يريد” النصيب الأكبر من المقاعد، بعد صياغة قانون انتخابي جديد يسمح للأحزاب بكسب الأغلبية المطلقة التي تسمح لحزب واحد بحكم البلاد، خاصة أنه نجح في تفتيت كل الأحزاب التي يمكن أن تنافسه جدّيا في المحطّة الانتخابية السابقة لأوانها بما أتاه يوم 25 جويلية الماضي، فحتى الدستوري الحرّ سيفقد بريقه بعد أفول نجم النهضة وشيخها وبعد ظهور حزب الرئيس للعلن…ومن خلال “الشعب يريد” يمكن لقيس سعيد أن يواصل الجلوس على كرسي قرطاج بعد انتخابات 2024…فالرجل سيصبح خطابه وخطاب “الشعب يريد” واحدا وبرنامجهما واحدا، سيضمن بذلك ولاية ثانية تسمح له بتغيير كل ما يريد تغييره دستوريا وقانونيا وسياسيا…وسيضمن بأغلبية برلمانية تمرير كل تعديل دستوري دون الحاجة إلى استفتاء شعبي…
لكن هل قرأ قيس سعيد حسابا للأوضاع الاقتصادية للبلاد؟ وهل قرأ حسابا لما ينتظره في السنة المالية القادمة وفي ما تبقى من هذه السنة؟ وهل قرأ حسابا لانتهاء مفعول الخمرة في رؤوس أتباعه؟ فغدا ينتهي مفعول قراراته وما أتاه…وسيعود الشعب وأتباعه إلى شؤونهم وحياتهم وأوجاعهم وما ينتظرونه من وعود قيس سعيد…و سيخرجون ليطالبوه بالدفع على الحساب…فمئات الآلاف سيطلبون تفعيل القانون 38 لسنة 2020…ومئات الآلاف سيطالبون بمورد رزق…وعشرات الآلاف سيطالبونه بتسوية وضعياتهم ورفع المظالم عنهم…ولن يفعل من أجلهم شيئا غير قوله “أصبروا علينا شوية”….حينها قد يقول الشعب “يبطى شوية”…
تصفح أيضا
عبد الكريم قطاطة:
فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …
وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…
وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..
قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …
لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …
وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …
سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…
عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..
وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …
ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …
وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..
في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…
اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…
اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…
لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…
في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…
عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…
اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…
ـ يتبع ـ
محمد الزمزاري:
انطلقت الحملة الوطنية المتعلقة هذه المرة بالتقصي حول الأمراض المزمنة وكان مرض السكري وأيضا مرض ضغط الدم هما المدرجان في هذه الحملة.
يشار إلى أن نسب مرضى السكري و ضغط الدم قد عرفت ارتفاعا ملفتا لدى المواطنين و بالتحديد لدى شريحة كبار السن مما يكسي اهمية لهذه الحملات التي تنظمها وزارة الصحة العمومية بالتعاون المباشر مع هيئة الهلال الأحمر التونسي.. وقد سنحت لنا الفرصة لحضور جزء مهم من الحملة في بهو محطة القطارات الرئيسية بساحة برشلونة، لنقف على تفاعل عديد المواطنين المصطفّين قصد الخضوع لعملية التقصي بكل انضباط وكان جل الوافدين طبعا من كبار السن، كما لوحظ تواجد عدد كبير من ممثلي الهلال الأحمر ومن الأطباء بمكتبين ويساعدهم بعض الممرضين.
الغريب انه لدى تغطيتى العارضة لهذه الحملة المتميزة التي تهدف اساسا إلى توعية المواطنين وحثهم على تقصي الأمراض بكل انواعها بصور مبكرة، بالاعتماد على كافة قنوات الاتصال وأهمها الإعلام الذي لن يكون الا داعما لهذا الهدف الإنساني لكن احد اعوان الهلال الأحمر فتح معي بحثا ان كنت من التلفزة الوطنية ملاحظا ان القناة المذكورة هي الوحيدة المسموح لها بالقيام بالتغطية ولم يكتف بهذا بل أكد ان الأطباء لا يحبون التصوير.
طبيعي اني لم اتفاعل مع هذا الجهل وضحالة المعرفة باهداف الحملة بالإضافة إلى عمليات التقصي الفعلي ..ولما تجاوز في الإلحاح طلبت منه الاستظهار بصفته هل هو منسق الحملة حتى يمكنني أن امر إلى المسؤول عنها بصفتي صحفيا ..وواصلت عملى أمام انكماش هذا العون التابع للهلال الأحمر حسبما يدل عليه زيه.
وبعيدا عن هذا، لا يفوت التنويه بالجهود الكبيرة التي يتحلى بها طاقم الاطباء و الممرضين و متطوعي الهلال الاحمر، الذين يجهدون انفسهم لانجاح هذه الحملة سواء داخل بهو محطة السكك الحديدية او عبر بعض الفرق التي تعمل على التعريف بجدوى التقصي حتى خارج البهو الكبير.
صن نار
- ثقافياقبل 22 ساعة
قريبا وفي تجربة مسرحية جديدة: “الجولة الاخيرة”في دار الثقافة “بشير خريّف”
- جور نارقبل 22 ساعة
ورقات يتيم … الورقة 89
- ثقافياقبل يوم واحد
زغوان… الأيام الثقافية الطلابية
- جلـ ... منارقبل يومين
الصوت المضيء
- جور نارقبل 3 أيام
ورقات يتيم ..الورقة 88
- ثقافياقبل 4 أيام
نحو آفاق جديدة للسينما التونسية
- صن نارقبل 4 أيام
الولايات المتحدة… إطلاق نار في “نيو أوليانز” وقتلى وإصابات
- صن نارقبل 4 أيام
في المفاوضات الأخيرة… هل يتخلى “حزب الله” عن جنوب لبنان؟