هذه الجملة التي نعتصم بها و نلوذ بها من اليأس و الألم كلّما حاولنا أن نعلّق على ما نعيشه في بلادنا منذ سنوات و على الأزمة التي تعمّقت منذ عشرة أشهر….
هذه الجملة التي لطالما علّقنا بها على انزعاجنا من سنوات من التّخبّط بين حكم النهضة و أتباعها وفشلهم في تحقيق الرّخاء لأبناء الشعب الذين انتفضوا ضدّ الظلم و التمييز و سياسة التوافق التي قتلت رغبة الشّعب في التّحرّر و الانطلاق …
هذه الجملة التي لطالما علّقنا بها على سنوات من ضغط الشارع الغاضب و الاحتجاجات و الإضرابات و الاعتصامات و إيقاف الإنتاج و من ضغط صفحات التواصل الاجتماعي و تهديد المعارضين و ابتزاز المذنبين و افتعال القضايا و تلفيق التّهم …
هذه الجملة التي لطالما علّقنا بها كلّما رأينا صراعات النّواب و همجيّتهم و كلّما سمعنا هرطقة أحد الكرونيكورات و تفاهته … و كلّما شعرنا بالانزعاج من هذا الوضع الذي نعيشه و من ضرورة الاختيار بين السيّئ و الأسوأ ..
و لكن هل تساءلنا يوما ، هل فعلا نحن نستحق ما خير ؟… هل نحن فعلا جزء ممن يقال بأنها خير أمة أخرجت للناس ؟ .. هل نحن فعلا جديرون بلقب أصحاب 3000 سنة حضارة ؟؟ هل في سلوكنا و أفعالنا و تعاملاتنا ما يشير حقّا إلى هذه الحضارة و إلى استحقاق هذا الخير ؟
نحن الشعب الذي لا يعمل و يتهكّم على من يعمل و يعطّل من يعمل و يعرقل من يعمل و يحسد من يعمل …
نحن الشعب الذي لا يقرأ و يسخر ممّن يقرأ بدعوى أنّ “اللي قراوا ماتوا و اللي ماتوا قراو عليهم” …
نحن الشعب الذي يمضي وقته في المقاهي و في نشر الإشاعات و الأقاويل و الانتصار لفلان على حساب فلان …
نحن الشعب الذي يتصيّد الأخطاء لغيره و يتلذّذ بسحل خصومه الكترونيا و إعدامهم افتراضيّا …
نحن الشعب الذي يعتنق شعار عدوّ عدوّي صديقي و يتلوّن حسب المصالح و يتموقع حسب المكاسب و ينافق و يهادن و يتمسكن حتى لا يفقد امتيازاته ..
نحن الشعب الذي يعيش بقيم الكره و الإقصاء و الإبعاد و المحاسبة على النّوايا و الضمائر …
نحن الشعب الذي يعتبر كلّ امرأة ناجحة فاسدة و يتهم كلّ امرأة تزعجه أو تتفوّق عليه، في عرضها و شرفها و يعتبر أنّ الشريفة الوحيدة هي أمّه ..
نحن الشعب الذي يؤمن بعصبان أمك سالمة و ببركات برّاد كمال المغربي و بقدرات بلقاسم الخارقة ..
نحن الشعب الذي يضغط على زرّ f2 ليتابع سقوط فستان هيفاء وهبي ، ثمّ يضغط على زرّ ثان لينشر أدعيته الصباحيّة ..
نحن الشعب الذي يسبّ الفهري و مسلسلاته ثمّ يهرع إلى غرفته ليشاهدها خلسة ..
نحن الشعب الذي يشتم المرتشين و لكنّه يدفع الرّشوة لـ ” تسليك” أموره ..
نحن الشعب الذي لا يحترم قانون الطرقات و لا نظافة البيئة و لا حقوق الأقليّات ..
نحن الشعب الذي يروّج فيه حماة البلاد تذاكر المباريات و الحفلات في السوق السوداء و “اللي ما عجبوش يشرب من ماء البحر” ..
نحن الشعب الذي تتحوّل فيه مباراة رياضيّة إلى حلبة صراع و ساحة حرب ..
نحن الشعب الذي يبعد الكفاءات و ينفّرها من العمل و “يهجّجها” من البلاد ..
نحن الشعب الذي يتم فيه التعيين في المناصب العليا وفق منطق الولاء و معيار المعارف و الشّلليّة ..
نحن الشعب الذي يفتي فيه العلمي و يحلّل فيه الداكس و ينظّر فيه شفتر و يقود فيه الرأي العام بلانكو و بن عرفة ..
نحن الشعب الذي يصفّق لرئيس يقول بأن الانتخابات التي أوصلته إلى الحكم غير نزيهة و مع ذلك يتبجّح بأن وجوده على رأس السّلطة شرعيّ
نحن الشعب الذي يبيع صوته بكيلو مقرونة و حكة طماطم ثم يخرج ليشتم نوّابه فيما بعد ..
فمتى ندرك أنّا لم ننل إلا ما نستحقّ
لنا النواب الذين نستحق و لنا المسؤولون الذين نستحق ولنا أهل السياسة الذين نستحق و لنا الرياضة التي نستحق و الاقتصاد الذي نستحقّ .. هم على شاكلتنا .. منّا و … إلينا نتاجنا و بضاعتنا ردّت إلينا ..