تعود بنا الذاكرة إلى اغتيال رئيس بوركينا فاسو الملقب بغيفارا إفريقيا توماس سانكارا حين اغتالته المخابرات الفرنسية في 15 أكتوبر 1987. صحبة كل وزرائه أثناء اجتماعهم.
لم يكن سانكارا مثل بقية جل رؤساء أفريقيا الماكثين في بيت طاعة الاستعمار الفرنسي فقد امم قطاع القطن و نجح في تحقيق الأمن الغذائي لبلاده و نهض بقطاع الصحة و ناهض الهيمنة الفرنسية و ابتزاز خيرات إفريقيا، مما دعا قوى الغدر الاستعمارية إلى تصفيته مع أعضاء حكومته … و رغم أن الجريمة تمت بيد خائن حقير اسمه “بليز كامباوري” كان أقرب أصدقاء الزعيم الكبير، فإن القرار الجبان والتخطيط له والأمر بتنفيذه كان من مخابرات فرنسا التي رأت في سانكارا تهديدا لمصالحها وما تنهبه من موارد القارة كالذهب و المعادن والمنتجات المختلفة بأسعار التراب …
اليوم يعيد الزمان نفسه بأشكال أخرى تنذر بحرب شاملة و إشعال بقية أوطان الأفارقة على شاكلة السودان و ربما أخطر بكثير … ففرنسا هي الخاسر الأكبر من حرب روسيا و اوكرانيا التي حركت منابع دافقة لثورات متعددة ضد المستعمر الفرنسي الجاثم على صدر أفريقيا لافتكاك خيراتها من شعوب ترزح تحت الفقر و الأمراض والتخلف ..
لقد كانت يقظة النيجر بمثابة صدمة للمستعمر الفرنسي الذي يسرق اليورانيوم و الذهب و الغاز من هذه المنطقة من أفريقيا … ولأن نسبة احتياجات فرنسا من اليورانيوم تصل إلى اكثر من 35 بالمائة لإنتاج طاقتها، و لان فرنسا تعد رابع خزان ذهب دون أن تملك في ترابها اي منجم لهذا المعدن النفيس خاصة ان احتياجاتها مرتبطة أيضا بواردات روسية تصل إلى 40 بالمائة و تهدد كل لحظة أيضا بالقطع جراء سياسة باريس الإمبريالية المتوحشة، فقد ترددت فرنسا في اجتياح النيجر لاعادة عميلها الرئيس المخلوع بانقلاب اتبرره متطلبات شرعية اهمها القطع مع الاستعمار الفرنسي واعادة خيرات النيجر للنيجريين …
لقد خسرت فرنسا موطئ قدميها الاستعمارية الجشعة في مالي و بوركينا فاسو و النيجر، فدفعت ببعض بيادقها من رؤساء لدول غرب القارة (السينغال، ساحل العاج، نيجيريا …) وقد لبوا النداء تحت ستار إعادة “ديمقراطية” كاذبة، ودلك خوفا من الطوفان القادم الذي يهدد عروشهم فانضموا لدائرة التهديد بالدخول في حرب ضد النيجر ..كما تحركت فلول الإرهاب الديني صنيعة الإمبريالية بالجارة مالي لدعم الرئيس المخلوع، و معها بعض بلدان أخرى تزعم الدفاع عن الشرعيية و هي في الحقيقة تضرب عرض الحائط بثورة جياع في بلاد تزخر بالخيرات …
لقد تحرك شعب السينغال ووصل إلى أبواب القصر الرئاسي لإعلان تضامنه مع النيجر و مع الانقلاب على سلطة عميلة، كما برزت بنيجيريا خلال هذا اليوم مظاهرات مناهضة للتدخل العسكري في البلد المجاور و تاييدهم للمتغيرات الهامة … وكل هذا إشارات و ادلة على ان طوفان الثورة ضد المستعمر الفرنسي الجاثم على خيرات القارة السمراء سيعم كل أفريقيا ولينضم إلى قطب دولي جديد لفرض تعاون اقتصادي أساسه مصلحة البلدان الأفريقية…
بعض البلدان الافريقية القريبة من فرنسا تهدد بالتدخل العسكري، فيما تهدد سلطات النيجر الحالية باعدام الرئيس المخلوع اذا ما تم اي تدخل لاعادته لرئاسة البلاد … وها أن السلطات الفرنسية في ورطة وتحاول ان تجتنب تدخلا عسكريا منها قد يقود الى تعميق الكراهية و العداوة تجاه فرنسا و يدفع جل البلدان الافريقية المتبقية الى التقارب مع روسيا و الصين، وربما يعطي ذلك شرعية لتدخل عسكري روسي إما بشكل مباشر أو عن طريق قولات “فاغنر” المتواجدة بعد على أديم القارة…
كان عصر سنكارا الذي ثار ضد لصوص افريقيا والذي اغتالته ايدي الغدر و اليوم هاهو ذا التاريخ يأخذ بثأره و باكثر قوة و حدة .لاعادة خيرات قارتنا لشعوبها … كل السيناريوهات مطروحة وتبعث باشاراتها، فهل سيشتعل النيجر وغرب إقريقيا الفرنسي، بعد السودان وشرق إفريقيا البريطاني؟