باحث مغربي يصنع الحدث في المختبرات الأمريكية … و قد ينتهي خطر الفيروس الأشرس، على أيدي فريقه !
نشرت
قبل 4 سنوات
في
حوار من ترجمة: منصف الخميري
أجرت منذ بضعة أسابيع المذيعة المتألقة سنيا مبروك على موجات إذاعة أوروبا 1 حوارا مهما مع الباحث مغربي الأصل بشير بن محمد المختص في علوم المناعة بمخبر المناعة الخلوية والجزيئية التابع لجامعة كاليفورنيا إيرفين بالولايات المتحدة الأمريكية… هذا أهم ما جاء فيه :
سنيا مبروك:علمنا أنك و فريقك تشتغلون على لقاح شامل ضد فيروس كورونا، هل بإمكانك هنا تفسير عبارة “لقاح شامل”؟
بشير بن محمد : الكوفيد 19 لن يكون الفيروس الأول ولا الفيروس الأخير في سلسلة الفيروسات التاجية، وبالتالي ليس مستحيلا أن يشهد العالم خلال العشر سنوات القادمة كوفيد 25 و كوفيد 27 وكوفيد 30. السؤال الذي يتحتّم على الباحثين طرحه هو ما الذي يجب فعله استعدادا لهذا السيناريو ؟ وما هي الدروس التي يجب استخلاصها من تجربتنا مع الكوفيد 19 ؟
يتلخّص عمل المختبر الذي أشرف عليه في ضرورة عدم تركيز الاهتمام على إنتاج لقاح يصلح فقط لمواجهة الفيروس الحالي بل يتوجّب الاستباق لتوقّع ما يمكن أن يحدث في المستقبل أي الاستعداد لمجابهة الموجات الوبائية القادمة من خلال العمل الدؤوب على تطوير لقاح شامل وعام.
“ليس مستحيلا أن تشهد السنوات القادمة كوفيد 27 و كوفيد 30”
إن القاسم المشترك بين كل الفيروسات التاجية التي شهدها العالم خلال السنوات الماضية هي أنها متأتية من خفاش الليل الذي يعتبر خزّانا لمسبّبات الأمراض pathogènes . أولا لأن الخفاش له جهاز مناعي ضعيف جدا على عكس الكائن البشري، وبالتالي فإن الجراثيم ومسببات الأمراض التي تدخل جسمه تظل هناك لسنوات طويلة جدا. ثانيا وهذا ما اكتشفته شخصيا منذ سنتين فقط أن الخفاش يعيش الى حدود 40 أو 45 سنة فتخيلوا حيوانا يعيش في المغاور والكهوف بخزّانات جرثومية محمولة طيلة هذه العقود كلها ؟
س. م:إذن تتصورون أن هذا الفيروس لم يتسرب من المخابر كما يروج وإنما له علاقة بالخفاش ؟
ب. ب. م : نعم تماما، لقد أثبتت الدراسات العلمية أن الفيروس الذي يعود أصله إلى طائر الخفّاش والذي قفز إلى الانسان من خلال حيوان وسيط هو آكل النمل pangolin باعتبار أن الصينيين يتعاطون كثيرا أكل الحيوانات البرية فقد تم أكل لحم هذا الحيوان من طرف عائلة في يوهان أصيب أغلب أفرادها إثر ذلك بالكوفيد 19.
س. م :هل بإمكان لقاحكم مواجهة السلالات الجديدة ؟
ب. ب. م: نعم، لدينا اليوم 13 سلالة في الجملة واللقاح الذي نُطوّره لا يركز على ما يعرف اليوم بالبروتين “سبايك” الذي اشتغلت عليه لقاحات بفايزر ومودرنا وأسترا زينيكا وجونسون آند جونسون أي أنها استهدفت كلها بروتينا واحدا (بروتين آس أو بروتين سبايك)، لكن لقاحنا يشتغل على 25 بروتين بدلا من واحد فحسب.
س. م:إذن لقاحكم سيكون ثوريا بمعنى ما، باعتباره سيُعوّض كل اللقاحات التي كنت بصدد الحديث عنها ؟
ب. ب. م: ذلك ما نتمناه، هو مشروع موّلته الحكومة الامريكية حيث تحصلنا على 4 مليون دولار وما نقوم به اليوم هو التجارب ما قبل السريرية أي أنه لدينا 15 لقاحا نحن بصدد استعمالها على فئران مخبرية، نلقح الفأر ثم نخضعه الى سلالات مختلفة من الكورونا ثم نلاحظ ما هو اللقاح الأكثر نجاعة في الوقاية من الكوفيد ونعتمده. وهذا اللقاح الذي تم الاحتفاظ به بالنظر الى نجاعته هو الذي سنمر به الى التجارب السريرية ونتمنى أن تكون نهاية 2021 أو على أقصى تقدير بداية 2022 موعدا لوضع اللمسات الأخيرة على هذا اللقاح الشامل وترويجه في الاسواق العالمية.
“نعمل على أن يكون اللقاح الشامل جاهزا في نهاية 2021 أو بداية 2022 على أقصى تقدير”
س. م : أنت تتحدث عن نهاية 2021 ، يعني غدا تقريبا ؟
ب. ب. م : نعم، وذلك لسبب بسيط أن 2020 كانت سنة ثورية على مستوى اللقاحات بالنظر الى التطورات المخبرية الهائلة والتقنيات العلمية المستعملة في هذا المجال والتي تُمكّن من تصنيع لقاحات في ظرف وجيز نسبيا أي خلال 6 أو 10 أشهر فقط مقارنة بالعهود السابقة.
اعتمدنا نفس الاستراتيجية اللقاحية لربح الوقت، والفرق الأساسي هو ان لقاحنا يحتوي على عدة بروتينات.
س. م :وماذا عن مسيرتك الشخصية التي تعتبر مميزة جدا ومحل إعجاب الكثيرين ؟ ولدت بالمغرب وفرضت نفسك في عالم البحث العالمي وتعمل وتعيش في الولايات المتحدة الامريكية. في المغرب يعتبرونك مغربيا وفي أمريكا يفضلون القول إنك أمريكي!!!
ب. ب. م: الإعلام المغربي يقول أنني “مغربي يعيش في الخارج” بينما أنا أقول أنني مغربي أمريكي أو أمريكي مغربي وهذا هو الواقع. تكونت في فرنسا حيث كنت باحثا بمعهد باستور بباريس، وأنا مدين كثيرا لهذا البلد الذي لولاه لما كنت هنا اليوم. غادرت فرنسا لأنه لم يكن لدي نفس الفرص البحثية التي لقيتها هنا. إذن اعتبر نفسي مغربيا فرنسيا أمريكيا وكل ما أتمناه أن نتمكن من إنتاج هذا اللقاح الشامل في القريب العاجل من أجل مساعدة العالم على تجاوز هذا الوباء وخاصة أوبئة المستقبل.
“في الولايات المتحدة الأمريكية يتم تلقيح مليون ونصف مليون مواطن كل يوم”
س. م :قضيت سنوات عديدة بفرنسا التي لم تستطع الاحتفاظ بباحثيها الذين يتمتعون بكفاءة عالية، ما هي الاسباب حسب رأيك ؟
ب. ب. م : نعم للأسف. مثلا لا يوجد اليوم لقاحا فرنسيا 100 بالمائة رغم أن فرنسا هي الأصل لقاحيا ومعهد باستور يعتبر مهد اللقاحات.
الشعب الفرنسي مازال مترددا إزاء تلقي اللقاح ضد الكورونا بينما في الولايات المتحدة الأمريكية يتم يوميا (نعم يوميا) تلقيح ما لا يقل عن مليون ونصف مليون مواطن وسنصل في سبتمبر الى تحقيق ما نسميه بالمناعة الجماعية. فرنسا لها كفاءات عالية نعم بالتأكيد وهنا أحيّي كل الذين تكوّنت على أيديهم والذين بفضلهم وصلت الى هنا. إنه لأمر محزن أن تتكثف هجرة الأدمغة بهذا الشكل نحو الخارج لكن ليس بوسعي التدخل في التوجهات السياسية ومحاولة فهم لماذا تفاقمت هذه الظاهرة باعتباري باحثا فقط.
لكن على الحكومة الفرنسية مساعدة باحثيها ليبقوا هناك باعتبار الاعتمادات الضخمة التي يتم رصدها لتكوين الباحثين خاصة وأن البحث العلمي هو قاطرة الاقتصاد.
س. م: لي سؤال أخير ، وأنت ما الذي يسمح لك يوميا بالتقدم والبحث والتطور… وأيضا التوصل الى نتائج محددة ؟
ب. ب. م : الاشتغال على البحث هو أمر مُثير جدا ويعطيني دافعية خاصة، استيقظ يوميا متسائلا ما الذي سأكتشفه جديدا ؟ ليتني أتوصل الى اكتشاف لقاح شامل من أجل مساعدة البشرية.