من قصص نخوتنا نحن العرب والمسلمين قصة تلك المرأة من عمّوريّة وهي تُسحل من طرف جندي رومي فما كان منها الا ان استغاثت بالمعتصم بالله وهي تصيح وامعتصماه ..
وسواء كانت هذه القصة حقيقية او من وحي خيالنا التوّاق للبطولات ..فانّ المعتصم بعث برسالة الى امير الروم في عمّورية قائلا له فيها (من امير المؤمنين الى كلب الروم اخرج تلك المرأة من السجن والا اتيتك بجيش بدايته عندك ونهايته عندي) ولم يُجب امير الروم فنفّذ المعتصم بالله وعده وخلّص المراة من سجنها بعد ان هزم كلب الروم … حرصت على ذكر تفاصيل الرواية وحرصت خاصّة على ذكر واعادة لفظة كلب الروم لاتساءل ..ونحن في اوج عمليّات الاجرام الصهيوني على اهالينا في غزّة هل هنالك رئيس عربي واحد يستطيع ان يتوجّه بمثل هذه النعوت ..فيقول لبايدن كُفّ عن وحشيتك ايها القرد ..؟؟ او لقد كشفناك على حقيقتك يا ماكرون الجرذ..؟؟… والقائمة طويلة للحكّام الغربيين الذين يمكن توصيفهم بانواع كلّ الحيوانات الوحشية …
وللامانة التاريخية هنا لابدّ ان ارفع القبّعة للرئيس التونسي قيس سعيّد الذي لم اكن يوما من انصاره ويصعب جدا ان اكون يوما ما ..لكن أن اختلف معه لا يعني ان اغمض عينيّ على موقفه من القضيّة الامّ … شكرا سيّدي الرئيس ..
آتي الان على ما يحدث في غزّة من مجازر ..انا ومثل الجميع اصبح الوجع والقهر صديقين حميمين لي في يقظتي وفي منامي ان استطعت للنوم سبيلا ..ولكن عندما اراجع تاريخنا نحن البشر اسلّم بانّ الحروب والجرائم الفظيعة ما كان لها ان تكون الا كذلك ..بل هي لم تختصّ يوما بدين ما او شريعة ما ..الم يفعل الدواعش في سوريا خاصة ما اخرجهم عن صفتهم الانسانية ..؟؟ الم يأتوا على الاسرى من بني جلدتهم كما لو انهم خرفان مصطفة الواحد تلو الآخر وبكلّ برودة دم يقومون بذبحهم وبكلّ برودة دم ووحشيّة وساديّة ؟؟
الحروب لم تكن يوما مناسبات لتبادل التحايا والقبلات والورود تماما كما يحدث في اعياد الميلاد (وعيد ميلاد السعد والفرح بالمناسبة وجلّنار تحتفل اليوم الخميس 19 اكتوبر 2023 بإطفاء شمعتها الثالثة) …_ الحروب هي اعياد ميلاد للموت ..وما يحدث في غزة لا يختلف عن ايّة حرب ..وها انا وعلى طريقة امرأة العمورية استنجد بالله فقط واقول واربّاه …لانّ خارطتنا العربية الاسلامية لم يعُد فيها الان لا معتصم ولا متوكّل ولا صلاح الدين …
وواربّاه هذه لا تعني بالمرّة انني سانضمّ الى فيلق الذين ومنذ دهور اكتفوا ومازالوا مكتفين بالدعاء على العدوّ بالقول (اللهم شتت شملهم ..اللهم احرق زرعهم ..اللهم فرّق جمعهم) ..فاذا بشملنا الذي يتزايد تفرّقا يوما بعد يوم وزرعنا يُحرق يوما بعد يوم امّا عن جمعنا فهل هنالك تفرقة اكثر مما نعيشه اليوم ..واربّاه اعني بها ..يا ربّاه نوّر بصيرتنا الى نور العلم والعمل ..وخاصّة بصيرة ابنائنا واحفادنا ..قد يكونون هم المحظوظين يوما بمشاهدة وعيش معادلات اخرى في بلدانهم اوّلا وفي القضيّة الامّ ثانيا …
اختم بالقول وانا اشاهد الآلاف المؤلّفة في بلدي من التلاميذ في الاعدادي وفي الثانوي وهم يزحفون زحف النخوة في الشوارع مردّدين شغارات قد يكونون سمعوها ولم يفهموا كنهها كما ينبغي ..ولكن هم حتما سيكونون من يحمل عنّا نحن المشعل ..نحن جيل الخنوع والخيانات والذلّ في جلّنا … غزّة وفظائع العدوّ الصهيوني اراها في تقديري المتواضع تدخل بالنسبة للاسرائيلين في خانة (يُخربون بيوتهم بايديهم) نعم فبعد ان عشنا سنوات من تجميد القضيّة بل والتطبيع معها سواء علنيا او تحت حسّ مسّ جاء الصهاينة بعملهم الشنيع هذا ليحقّق هدفين ما كانا في الحسبان ..
اوّلهما كشف القناع بصفة كلّية عن الامريكان وحلفائهم في الغرب في باب الديموقراطية وحقوق الانسان وخاصّة كذبة الربيع العربي… وهنا لابدّ من التذكير بانّه في العهد السعيد للترويكا وقع رفض مشروع قانون لتجريم التطبيع عند التصويت في برلمان الثورة وفي رواية اخرى برلمان الغورة والعورة … وللتذكير ايضا 75 عضوا في البرلمان من شقّ النهضة احتفظوا باصواتهم فسقط مشروع القرار في الماء اي في وحل النفاق والانتهازية والولاء لاوليائهم الامريكان والغرب … اي نعم …
…وثانيهما وهو الاهمّ جاءت مجازر غزة لتُعلن ولادة جيل جديد من شباب المدارس ..علّه يكون جيل العزيمة الذي يُنهي مع بذورنا العقيمة ويهزم الهزيمة ..واربّاه ..واربّاه ..واربّاه …