جور نار
ورقات يتيم … الورقة رقم 3
نشرت
قبل 10 أشهرفي
عبد الكريم قطاطة:
كان اليوم الاول للدخول الى التعليم الابتدائي في ذلك الزمن بمثابة اعلان ولادة جديدة لأي طفل … سنة 1955 وبمناسبة انعقاد مؤتمر الحزب الدستوري التونسي بصفاقس، وبالتحديد بالحي الزيتوني (معهد 15 نوفمبر حاليا) كانت سنة دخولي لمدرسة فرانكوآراب بساقية الزيت …
ومما اذكره في تلك السنة خروج اهالي الساقية لاستقبال شعبي كبير ترحيبا بالزعيم الحبيب بورقيبة …انذاك كان والدي رحمه الله يحملني على ظهره لا فقط لاتمكن من مشاهدة الزعيم بل خوفا على ولده من ان يداس بين الاقدام وهو الذي كلو على بعضو لا يزن اكثر من 20 كلغ …كنت نحيفا جدا (وبقيت تقريبا على تلك الحال حتى يومنا هذا) وتلك النحافة عرضا وطولا كانت سببا في علاقة عاطفية جد متينة بيني وبين سائر المربين و “شاوش” المدرسة سي محمد الجلاصي هكذا كانوا يسمونه رحمه الله …كان تعاطفهم مع عبدالكريم الصغنن كبيرا (حنية وعطف كبيران) وحتى عندما انتقلت الى مدرسة الفتيات في وادي القراوة انذاك بموجب قرار الاختلاط في السنة الخامسة من التعليم الابتدائي (وانا واحد من التلاميذ العقلاء الدافئين اللي لا ينبشوا لا يخبشوا) … هكذا كان ظنهم وهم والله مخطئون لأنو اتعدى على واد هرهار وما تتعداش على واد ساكت …وياما تحت السواهي دواهي وستكتشفون ذلك في بقية الورقات …
حتى عندما انتقلت الى تلك المدرسة اوصى شاوش المدرسة بالساقية زوجته التي كانت تقوم بنفس المهمة في مدرسة الفتيات، برعاية عبدالكريم او “كريّم” بالشدة فوق الياء، وهو اسمي الشائع في كامل محيطي …حومة واهل واصدقاء واتراب التعليم في كل مراحله … فاطمة زوجة سي محمد الجلاصي رحمهما الله كانت اكثر حنية من زوجها ..كنت واحدا من ابنائها المدللين وكنت سواء معها او مع زوجها ذلك الذي ينعم بأيديهما في الشتاء القارس وهما يفركان يدي حتى يبعثا فيهما الحرارة …واذ احمد الله على شيء فإني وبعد عودتي من فرنسا سنة 1979 وانا احمل بين دفاتري شهادة عليا في العلوم السمعية البصرية اختصاص اخراج، لم اكن مختالا فخورا بما احرزت عليه متناسيا جاحدا لجذوري …بل كان مشروعي الاول ان اعود لهؤلاء وامثالهم لاقبل اياديهم ولاقول لهم لولاكم ما كنت ان اكون ….
وكانت اول زيارة بعد بحث دام اشهر عن عناوينهم كانت لسي محمد وللة فاطمة …وعثرت عليهما بعد لأي بنصرالله بولاية القيروان بعد تقاعدهما … حيث عادا الى مسقط راسيهما …. كان لقاء غير عادي لقاء الاحضان بين اب وام وابنهما بعد 20 سنة …كنت سعيدا بسعادتهما وكنت اكثر سعادة وهما يقولان ..(ربينا وما خبناش) … نفس بحثي عمن وضعوا حجر الاساس لشخصيتي …لحياتي …لنجاحي …كان هدفه اللقاء مع المربي الفاضل السيد بشير شراد معلمي بالثالثة ابتدائي …هذا وايضا بعد لأي وعناء كبيرين وجدته بأريانة …بتونس العاصمة ووجدته كما عرفته قمة الهدوء والبسمة الخفيفة التي لا تفارق محياه .. وهذا الذي كانت والدتي لا تطيق اجوبته وهي تشتكيه من قلة مذاكرتي فيجيبها بنفس الهدوء “خليه يلعب انا فرحان بيه” …
طبعا دون نسيان المربين الاخرين في الابتدائي (المرحومين على الشعري وعلي الطرابلسي) وفي الثانوي استاذي في الآداب العربية، الفاضل محسن الحبيب متعه الله بالصحة والذي اهداني احد مؤلفاته عن تجربته في التعليم وخصص جزءا منها للحديث عن ابنه عبدالكريم ـ الاذاعي ـ عندما كنت احد تلامذته المتفوقين في مادة العربية ….و كذلك استاذي الكبير محمد صالح الهرماسي، استاذ التاريخ والجغرافيا سنة الباكالوريا، والذي كان له تاثير كبير جدا على كل تلاميذ الباكالوريا في نهاية الستينات بمعهد الحي، والذي بحثت عنه في دمشق باعتباره يشتغل في منصب سياسي مرموق جدا …اذ اني لم انس عندما شاركت في دورة تدريبية للاتحاد العربي للاذاعة واللتيفزيون بدمشق سنة 1996، ان اسأل عنه لالتقيه … وذهبت حتى إلى مقر حزب البعث الذي ينتمي اليه ولاسفي الكبير كان في تلك الفترة في سويسرا في مهمة خاصة ..
و كذلك المرحوم رشيد الحبيب استاذ التفكير الاسلامي في سنة الباكالوريا، استاذ الكاريزما واستاذ الغيرة على رسول الله (ذات مرة وهو يقص علينا مآثر خاتم الانبياء لمح تلميذا “يتضيحك” فما كان من سي رشيد الا ان انهال عليه (بصفة شلبوق) لا يقرا لا يكتب، مزمجرا غاضبا صائح: “اتضحك على محمد بن عبد الله ؟؟؟” …. نفس سي رشيد وبعد سن متقدمة هو الذي كنت احيانا اصلي وراءه صلاة الجمعة كامام بجامع المنار … وبعدها وانا اذهب لاسلم عليه كان يلح دوما على ان اتوجه له بملاحظات نقدية حول خطبته …وكنت اخجل من مثل سؤاله …وارد عليه بـ (يا استاذ راني تلميذك وانت الاستاذ) .. .ولكنه كان يقسم باغلظ الايمان انه يريد ملاحظاتي وانه معتز بي كاحد تلامذته الذي اصبحت له مكانة مرموقة ـ حسب تعبيره ـ في المجتمع …
ثم اذ انسى فاني لا انسى معلمي الفاضل الشيخ الامام علي الشعري الذي درسني العربية في السنتين الاخيرتين من مرحلتي الابتدائية، والذي كان ذا كاريزما رهيبة ايضا ..كنا نرتعد خوفا منه ولكننا كنا نحبه كذلك بشكل لا يوصف خاصة عند تدريسه لمادة التاريخ ..هو قمة الروعة باسلوبه الروائي المشوق … ولعل من الاوسمة في حياتي يوم دعاني الى منزله في احد اعياد الفطر …يومها احضر لي كل اولاده وبناته واحفاده وقدمني لهم بقوله (هذا اخوكم الذي لم تلده امكم، هذا الذي يشرفني وافتخر به كلما سمعت نقشاته في المذياع ….وكم حدثتكم عنه) … وتراني اتصبب عرقا من كل ما ذكر واردف بالقول …العفو يا سيدي انتوما الساس وما نحن الا “ياجورة” متواضعة امامكم .ثم يدخل الى غرفته ليخرج لي ورقة (دوبلوفاي) … ويا لقمة سعادتي …انها واحدة من تمارين الانشاء التي كتبتها بخط يدي وانا في سنة السيزيام …وهاوهو سي علي الشعري يحتفظ بها ليقدمها لي كواحدة من اعظم الهدايا التي تحصلت عليها في عمري …
انا من اولئك الذين تألقوا جدا في مرحلتين من عمرهم …الابتدائي والعالي اما مرحلة الثانوية فكانت مرحلة غريبة وعجيبة في حياتي … تلميذ متوسط للغاية والبقية ستأتي …تألقي في الابتدائي كان منذ السنة الاولى من ذلك التعليم …لم ادرس سوى شهر واحد
وتمت نقلتي الى السنة الثانية ؟؟؟؟…….. هكذا قرر الاطار المدرسي انذاك …وكنت طيلة تعلّمي الابتدائي مرسما في كل امتحان الاول وفي اسوأ الحالات الثاني او الثالث … وكانت هديتي في كل شهر (الامتحانات كانت كل شهر) ربع خبزة بالطلوق من عند كوشة الفريخة التهمها التهاما (ڨدمة على ڨدمة) …وبعد اربعة اشهر يدفع ابي 20 مليما ثمن الخبزة .انذاك …والاغرب في كل هذا اني لم اكن (محراث خدمة) كما يعبرون عن اولئك الذين يذاكرون ليلا نهارا … وعلى ذكر محراث قراية اعرف واحدا من هؤلاء كان لا يمارس اي نشاط لا رياضي ولا ثقافي خارج اوقات الدراسةا همه الوحيد والاوحد الانكباب الكلي على حفظ كل ما يدرس عن ظهر قلب ….ومن المضحكات والتي هي فعلا مبكيات انه حتى في دراسته العليا (حقوق) كان يسهر ليلا نهارا لحفظ كتب القانون …نعم يحفظ الكتب عن ظهر قلب … __بهيم متاع قراية __وبما ان الاحمرة على بعضها تقع …. فانه تقلد فيما بعد اعلى المسؤوليات …ولكن ….اين الغرابة في ذلك ؟؟…اليست عديد المسؤوليات قديما وحديثا هي اقرب للاحمرة منها الى من يستحقون ؟؟؟….
كنت في الابتدائي اركز كثيرا في القسم … وهز ايدك من المرق لا تتحرق …وربما من هنا تتفهمون انشغال والدتي بمصيري وانا الذي لا اذاكر الا نادرا ونادرا جدا وهي التي عقدت آمالها على الولد الوحيد لا فقط في عائلتها بل في كامل قبيلة الحوش الذي نقطنه ..الوحيد الذي دخل للمدرسة، في العائلة … وحتى ابن عمي وهو الوحيد ايضا في عائلته الذي دخل المدرسة (في فلسفة القبيلة °المدرسة محرمة على الاناث)… ابن عمي لم يحالفه الحظ ولم ينجح في نيل شهادة السيزيام … كان كثير الاستمرار في كل فصل ..هو يكبرني بـ3 سنوات و ووصلنا معا في نفس السنة لنجتاز مناظرة السيزيام… دخلناها معا …ولم يكن من الناجحين …مما حول الحوش الى مأتم عوض الفرح نجحت انا حيث اخفق هو …اذن كيف نفرح وابن العم لم ينجح ؟؟؟…. وحتى جريدة الصباح (المصدر الاعلامي الوحيد للاعلان على نتائج السيزيام في ذلك العهد) كنا في عائلتي نخفيها عن الاعين حتى لا تبدو فرحتنا شماتة لعائلة عمي ….
في الابتدائي لم اكن من التلاميذ المشاكسين على عكس الثانوي وما تلاه …بل كنت اخاف جدا من المربين رغم حنيتهم معي …ذات يوم وانا في الثالثة ابتدائية (سنة ختاني) نعم اجهزوا على كريم بعد ان انتظروا اخا له حتى يتم ختان الاثنين معا … لم تكن العائلة ماديا قادرة على ذلك ولكن ماديا ثم وهو ربما الامر الايجابي الوحيد، العائلة كانت تدخر لمثل تلك المناسبات حتى يكون الاحتفال في قيمة الحدث … ونظرا إلى سني المتقدمة فاني اذكر تفاصيل تفاصيل الاحتفال بذلك اليوم الاغر والاغبر …فرقة سي محمد الدريدي رحمه الله التي انتصبت وسط الحوش تشدو باعذب الاغاني وابي يتمايل مع الاهل والاصدقاء من المولعين بشفيق جلال واغنيته البوز انذاك (اشلوننا) وخاصة بموالها الشهير (يا غدار يا زمن). واذكر جيدا الوليمة التي اعدت للضيوف والتي فيها ما لذ وطاب من مآكل يصح عليها القول (زوروني كل سنة مرة) … ظروف يا سيدي الرئيس… وهذا الاخ لم يات الا بعد ثماني سنوات من عمري … وصحة ليه رحمه الله لم يعش ولم يذق مرارة وقساوة والم ما عشته .وعلى كل ورغم قساوة الطهار العربي بن عبدالله رحمه الله … احمد الله على ان اخي لم يتاخر الى سن الخامسة عشر مثلا ..ربما انذاك قاموا بختاني وتزويجي في نفس المناسبة …. محظوظ اليس كذلك ؟؟؟
اعود الى ذلك اليوم وانا في الثالثة ابتدائي حيث شعرت بالحاجة للذهاب الى مراحيض المدرسة …كنت اتعصر واحاول ان اؤخر عمل اليوم الى الغد __اقصد غائط التو الى ما بعد __لأني كنت اخاف ردة فعل المعلم …رغم انه لا شيء يوحي بغلظته …وتعسفت على معدتي وجهازي الهضمي طالبا __بونيس __من الوقت في انتظار انتهاء الدرس …وخيل لي اني نجحت في جلب عطفهما …. الا اني فوجئت بشلال __هذه اقرؤها باللغتين العربية والعامية مع المعذرة للمتقززين __فوجئت بذلك الشلال يكتسح الحواجز ويبلل ويعطر سروالي القولف ……يا للفضيحة ….وانا كريم المدلل يعبق بتلك العطور امام الاتراب وسيدي المعلم ….نظرت حوالي وجمعت شجاعتي بكلتا يدي كما يقول المثل الفرنسي واستأذنت من سيدي الخروج الى بيت الراحة تركت محفظتي بالقسم وتسللت كجرذ ملوث الى هنالك …هنالك اكتشفت حجم المصيبة وعبثا حاولت بماء الحنفية ان انظف ما علق بالسروال من آثار جريمة لم ارتكبها قلت عبثا لانه ومن عيوبي وكم هي كثيرة وستكتشوفنها اني لا اجيد اطلاقا كل ما هو يدوي …فتحولت حملة التنظيف الى حملة تلويث لساقي وملابسي وكل ما يحيط بي …كيف اعود الى القسم وانا اشبه شيء ب __كنايفي __ وهو الذي كان يقوم بافراغ الكنيف __شبه فستقية صغيرة مغطاة ومتصلة بالمراحيض في الحوش عبر قنوات لتخزين الغائط ثم وعند الامتلاء يقوم الكنايفي باخراجه ليتم استعماله كسماد للغراسات …_عملا _بالقاعدة الذهبية في علم الفيزياء للافوازيه رغم انها ايمانيا لا تصح __ القاعدة التي تقول لاشيء يفني لا شيء يخلق من عدم __ كيف لي ان اخرج من مرحاض المدرسة وانا على تلك الحالة …__مرسي الزناتي اتهزم يا رجالة __ ارتأيت ان الازم مرحاضي __حتى اش يعمل ربي __ وانتهت الدروس …
وبارح التلاميذ المدرسة …وبارح المربون …وبارح المدير … وعادل امام يعيط ….وانا على عكس عادل امام … لابد.. صامد …هامد ….. تسللت الى قاعة الدروس وحملت محفظتي وغادرت المدرسة …كان الوقت __ظليمة مغرب __ وكنت اسارع الخطى حتى لا ينخلع قلب عيادة __والدتي __و انا الذي لم اتاخر يوما على عودتي في توقيتي المعهود ..وحتى لا ينخلع قلبي من خوفي الرهيب من الظلام ….ثم ماذا ارى ؟؟؟؟؟ انه والدي الذي خرج ليبحث عني __الاكيد بعد الحاح كبير و__تقرقير اكبر من والدتي __ وهي ملكة التقرقير __تشد ما تسيب __ …..ولي عودة لذلك التقرقير عندما __زعمة زعمة كبرت شوية __ماكاد يقترب مني حتى اعمت بصيرته روائحي العطرة المنبعثة مني …وبدأت الطريحة التي لم تنته الا وانا ادخل باب حوشنا … كل ثلاث خطوات لعنات مختومة بضربة هنا وهنالك __وين تصب تنفع __ في مدخل حوشنا انذاك افتكتني خالتي فطومة رحمها الله من يده الغليظة وهي تزمجر في وجه ابي باعتبارها لا فقط زوجة اخيه الاكبر واخت امي الكبرى ولكنها باعتبارها ايضا الخالة العجوز التي __يختشي منها الجميع __ كانت تزمجر وتصيح __والله عيب عليك يا محمد اش فيه ما يتضرب هالتنتوفة …__ واسرعت والدتي لبيت الاستحمام وسآتي في ورقة قادمة على تفاصيلها هي وكل كنوز الحوش….اسرعت لتسخين الماء وللقيام بغسلي في مرحلة اولى ثم لاطلاق عنان البخور __جاوي و وشق __ علهما يعطران الاجواء ….
الحادثة الاخيرة وقبل انتقالي لمرحلة التعليم الثانوي والتي بقيت عالقة في ذهني والتي كان لها تأثير كبير على مستقبل دراستي فيما بعد حادثة كانت مع معلمي في اللغة الفرنسية في سنة السيزيام __السادسة __هو فرنسي الجنسية __موسيو دوميناتي __ كان شابا في الثلاثين وكان وسيما جدا ويمتلك دراجة نارية __فاسبا __ وكان من المربين الذين لهم عطف خاص على كريم __تصوروا انه كان ينتظرني كل يوم بجانب __القنطرة __التي كانت وسط الساقية حتى اصل كي يحملني معه وراءه على الفيزبا للوصول الى مدرسة الفتيات بوادي القراوة . __واشكون كيفي عاد ؟؟؟ امير الامراء ..كان من ضمن مشمولاته البيداغوجية الرياضة علاوة على النحو والصرف والانشاء والاملاء والحساب باللغة الفرنسية وكانت الرياضة انذاك “الكرة السجينة ” (بالون بريزونييه) … وكنا مختلطين كما ذكرت آنفا وكانت جل الفتيات (الهسكة واختها) اعني مكتملات البنية الجسدية اذ انه مع اجبارية التعليم وقع تسجيل التلاميذ انذاك حتى وهم في سن الثانية عشرة في السنة الاولى ابتدائي …وتخيلوا فقط تلميذة في السادسة ابتدائي وهي في سن ال18 ….. لي ثقة في خيالكم حتى ادخر الوصف لامور اخرى ….
وكان موسيو دوميناتي ابدا ان يترك حصة الرياضة تمر دون لمسهن ومداعبتهن …والرغبة طبعا مشتركة …وكنت وانا __التنتوفة جسدا وعمرا __ ارقب ذلك بعين خجولة ….ولكن متفطنة …وكان موسيو دوميناتي يعرف اني اعرف وانا اعرف انه يعرف اني اعرف دون النبس ببنت شفة ….ربما كذلك لانه كان يحبني وينتظرني __ اي واحدة بواحدة انت تصمت وانا اجازيك .__..اقول ربما … لانه ربما ايضا لاني كنت متفوقا في دراستي باللغة الفرنسية عنده تماما كما اللغة العربية وهي التي شغفت فيها بمطالعة الكتب منذ الرابعة ابتدائي __ كامل الكيلاني عبدالمجيد جودة السحار في البداية ثم التدرج بعدها الى غراميات احسان عبدالقدوس في السادسة ابتدائي ….ذات يوم ونحن في تمرين حساب عند السيد دوميناتي من كتاب __الف وثلاث مائة مشكل __ كان ابن المدير السيد الدشرواي هو التلميذ الذي اتقاسم معه الطاولة الاولى في القسم …كان المشكل عسيرا بالنسبة لابن المدير فالتجأ خلسة الى الكتاب الاحمر لالف وثلاث مائة مشكل حيث فيه الحلول …قام بنسخ الحل واعدنا التمرين الى موسيو دوميناتي …يوم اعادة التمارين باعدادها نظر دوميناتي الى ابن المدير نظرة استغراب __انه يعرف تلاميذه جيدا و يعرف مقدرة وكفاءة كل واحد منهم __واستجوبه عن السر في التوصل الى الحل …
براف … اعترف التلميذ بفعلته ونال ما كتب له من عقاب __والعقاب انذاك ضرب بانماط مختلفة ولعل افظعها حسب ما اشاهده من توجع التلاميذ الضرب بالعصا على اطراف الانامل واليد ملتفة …بعدها نظر لي سي دوميناتي وسألني ..هل شاهدته وهو يستعمل الكتاب الاحمر ؟؟؟ ولاني لم اكذب يوما على اي معلم في الابتدائي__ على عكس الثانوي الذي اذا لم يوجد الكذب لكنا اخترعناه __اجبت اذن بصدق وعفوية نعم …نظر الى بغضب وقال .. لماذا لم تبلغني بفعلته ؟؟؟؟ لم اجبه ولكني لم اكن يوما قوادا ثم حتى اذا كان لي ذلك هل اقود بابن المدير ….ولم استفق من غفوتي الا و__داودي __يهبط على خدي ……….. كانت الواقعة بحجم الدمار دماااااااااااااار دمرني فتك بي اشقاني واتعسني …انا الذي لم تمتد اليه يد طيلة حياتي التلمذية …ثم من عند من ؟؟؟ من موسيو دوميناتي بالذات …..وكانت نقطة القطيعة مع مادة اللغة الفرنسية ومع مادة الحساب طيلة تعليمي الثانوي …
ياااااااااااااااااااااااااااااااااه كم هي جميلة تلك الايام وكم احس باليتم وانا اعود لروادها واضيف: رحمهم الله … …
ـ يتبع ـ
تصفح أيضا
عبد الكريم قطاطة:
لم انس ما فعله معي المرحوم صلاح الدين معاوي في حلحلة المظلمة التي تعرضت لها بعد عودتي من فرنسا وانا احمل معي ديبلوم الدرجة الثالثة للعلوم السمعية البصرية سنة 1979 دون أن يشفع لي نجاحي اوّل في تلك الدفعة …
لم اجاز على ذلك الا بتلكؤ كلّ الادارت التي تعاقبت والتي وبخطأ منها رسمتني في قائمة المهندسين… وهذه كانت بالنسبة لي جناية في حقّ كل من ينتمي لذلك الاطار في الوظيفة العمومية لانّي لم ادرس يوما لاتخرّج مهندسا ..وامام رفضي لهذه الوضعية رغم اغراءاتها المادية وقع تجميد ملفّي 9 سنوات كاملة… حتى اقدم السيّد صلاح الدين معاوي على فتح ملفي من جديد وفي ظرف وجيز قام بالتسوية… لذلك وامام اقتراحه بتكليفي بمهمة الاشراف على اذاعة الشباب من اجل ادخال تطويرات عليها، خجلت من نفسي ان انا رفضت… ولكن وللشفافية المطلقة قلت له طلبك على عيني سي صلاح لكن بشرط ..ابتسم لي وقال (ايّا اعطينا شروطك يا كريّم .. اما ما تصعبهاش عليّ) ..
قلت له (اعترافا منّي بالجميل لك ولن انسى جميلك ساقبل الاشراف على اذاعة الشباب ولكن ضمن رؤيتي الخاصة لكيف يجب ان تكون اذاعة الشباب) .. لم يتركني اكمل واجاب على الفور ..انا اعرفك منذ سنوات ..واعرف ثوابتك ..ومن اجلها اخترتك لتكون مشرفا عليها وبنفس تلك الثوابت ولك منّي الضوء الاخضر والدعم الكلّي ..شكرته واردفت (سافعل كلّ ما في وسعي لارضاء ضميري ولاكون في مستوى ثقتك ..لكنّي لم اتمّ حديثي) .. ودائما بوجهه الباسم قال: (هات ما عندك) ..قلت اوّلا اشرافي على اذاعة الشباب يجب الاّ يبعدني عن المصدح ..المصدح هو عشق وانا لا استطيع التنفس لا تحت الماء ولا فوقه دون ذلك العشق…
ودون انتظار منّي قال سي صلاح ..واشكون قلك ابعد عن المصدح ؟؟ مازالشي حاجة اخرى يا كريّم ؟ … قلت له نعم هي حاجة اخيرة ..ساقبل على هذه المسؤولية بكلّ ما اوتيت من معرفة وجدّية وحبّا في بلدي لكن ساتخلّى عن هذا الدور بعد سنة للشروع في التوجّه الى الاعمال التلفزية كمنتج وكمخرج ..ضحك هذه المرّة سي صلاح وقال لي (يقولولي عليك راسك كاسح وما تعمل كان اللي يقلك عليه مخّك ..ويبدو انهم عندهم حقّ… المهمّ الان توكّل على الله ثمّ لكلّ حادث حديث) …
وفعلا شرعت بداية في الاستماع لبرامج اذاعة الشباب والتي تبثّ يوميا من الساعة السابعة الى التاسعة ليلا باستثناء يوم الاحد حيث تبدأ من الثانية ظهرا حتى السادسة مساء .. لآخذ فكرة عن واقعها ولاصلح ما يمكن اصلاحه… ولعلّ ابرز ما لاحظته في استماعي شهرا كاملا انّ عديد الاصوات التي كانت تعمّر اذاعة الشباب لا علاقة لها البتّة بالعمل الاذاعي ..ثم حرصت في نفس تلك الفترة على التعرّف على هويّة منشطيها فادركت انّهم في جلّهم من المنتمين الى التجمّع …وهنا عليّ ان اشير الى احترامي دوما لتوجّهات الفرد في اختياراته لكن شريطة ان لا يتحوّل المصدح الاذاعي لخدمات مصالحه الحزبية الضيقة ..المصدح كان وسيبقى في خدمة البلد لا في خدمة الاشخاص والاحزاب …
وامام هذه الحالة قررت ابعاد العديد من المنتمين لاذاعة الشباب انذاك امّا لاسباب مهنيّة بحتة (اي هم لا يصلحون للعمل الاذاعي لا صوتا ولا حضورا) او لوضوح مطامح البعض منهم وبشكل انتهازي لاجندة الحزب الحاكم ..وفي الاثناء كان عليّ ان اجد البديل ..اتجهت رأسا لبرامج الاطفال التي كانت تبث باذاعة صفاقس لدرايتي بالخبرة التي اكتسبها عديد براعمها مع منتجي تلك البرامج وعلى راسهم الكبير سي عبدالرحمان اللحياني حفظه الله ..وفعلا وجدت في تلك البرامج اسماء في بداية سنّ الشباب …وقمت ايضا بكاستينغ اخترت فيه اسماء جديدة قادرة على ان تكون ضمن اذاعة الشباب ..ووزّعت هذه الاسماء على فرق وكلّفت بعض الزملاء ذوي التجربة والكفاءة برئاسة تلك الفرق … وانطلقت مع الجميع في برمجة جديدة هدفها الاهتمام اليومي بمشاغل الشباب دون استعمال آلات الايقاع وعلى رأسها البنادر .. كان الشعار الذي اتبعناه انذاك (نحن معا نبحث عن الحقيقة كلّ الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة) ..ونجحت اذاعة الشباب في استقطاب جمهور عريض ..ونجح العديد من براعمها في نحت اسماء مازالت لحدّ الان تعمل بنجاح ..لانّها تعوّدت على الجدّية وعشق المصدح ..والالتزام بان لا شيء يعلو فوق الوطن ..
وبعد سنة يوما بيوم قدّمت استقالتي امام دهشة الجميع ..كان الجميع على علم بشرطي المتمثّل في مغادرة اذاعة الشباب بعد سنة ..لكنّ العديد منهم كان يتصوّر ذلك مجرّد تسويق كلام ..حتى حصل ما كان في الحسبان ..وكُلّف الزميل عبدالقادر السلامي رحمه الله بالاشراف عليها بعد مغادرتي حتى وقع حلّها عندما فُتح المجال لاذاعة الشباب بتونس لتصبح الضرّة التي قتلت ضرّتها ..وما اكثر ضرائرنا عندما يتعلّق الامر بصفاقس ..
قبل ان اصل الى التسعينات لابدّ من العودة الى نهاية الثمانينات لاشياء عشتها سواء اذاعيا او صحفيا ..في بداية جانفي 1988 كنت استعدّ للدخول الى الاستوديو لتقديم الكوكتيل في الاصيل… توقيتا كانت الساعة تشير الى الثالثة والربع ليتّصل بي موزّع الهاتف قائلا هنالك مستمعة اتصلت بك عشرات المرات لحاجة شخصيّة ملحّة ..هي معي على الخطّ هل امررها لك .قلت مرحبا ..جاءني صوت شابة يقطر حزنا وخذلانا ..لم تتأخّر عن الكلام وقالت بصوت متهدّج ..انا اسمي مروى من الساحل ..مشاكلي لا تُحصى ولا تُعدّ ولذلك قررت وضع حدّ لحياتي وسيكون برنامجك اخر شيء استمع اليه ..وانقطع الخطّ ..
للامانة انا كنت ومازلت اعوّل على احساسي بصدق الاخرين ..احسستها صادقة وكان عليّ ان افعل شيئا ما… قلبت البرنامج في محتواه المقرّر له… الغيت كلّ الاغاني المبرمجة مسبقا وعوضتها باغان تدعو للامل والتشبث بالحياة … كان سباقا ضدّ الساعة ..دخلت الاستوديو وبسطت الامر على المستمعين في سؤال للجميع ..هل باماكننا انقاذ مروى وثنيها عن قرارها ..وتهاطلت مكالمات المستمعين بكلّ حرقة وروح انسانية عالية… وقبل ان اغادر الاستوديو خاطبت صديقتنا مروى بقولي (انا ساغادر الاستوديو الان ولكن لن اغادر مقرّ الاذاعة حتى ياتيني هاتفك ليقول لي ولكلّ المستمعين انّك عدلت عن قرارك) …
نعم وكان ذلك…وبقيت متسمّرا في الاذاعة حتى منتصف الليل ليرنّ الهاتف بمكتبي وياتيني صوت مروى الباكي والمبشّر بشكرها وامتنانها للبرنامج وللمستمعين الذين اعادوا لها الامل في الحياة..ورجوتها ان تطمئننا من حين لاخر عن حياتها وفعلا فعلت… بل وهو الامر الذي اسعدني وأسعد المستمعين، حياتها استقرّت وتزوجت وانجبت اطفالا وهي تنعم بالسعادة والامان ..ما ذكرته لا يعني بالمرة استعراضا لبطولة ما وافتخارا بها، بل كنت ومازلت اؤمن انّ المنشط ان مات اوتجمّد في داخله الانسان لا يستحقّ وجوده امام المصدح .. ما قيمة الانسان ان مات في داخله الانسان .. انه اشبه بالدمية التي لا روح فيها ولا عطر ولا حياة…
ـ يتبع ـ
محمد الزمزاري:
… من ذلك رأينا آلاف الاكشاك المنتصبة على الطرقات بصور مشبوهة و نشاطات هي أيضا خارجة على الذوق والصحة والقانون…
وفي هذا الإطار نجحت عمليات توسيع الترويج بكامل البلاد عن طريق عصابات جهوية ومحلية لم تتورع حتى عن مراودة تلاميذ المدارس الابتدائية. كما دخلت للسوق انواع جديدة من المخدرات زيادة عن القنب والتكروري والماريخوانا وشتى مستحضرات الهلوسة… ونظمت العصابات المافيوزية صفوفها بدعم متواطئ من أطراف فاسدة وتوسعت عمليات الترويج والاستهلاك تبعا لتوسع شبكات التهريب التي كانت مستقوية كما ذكرنا بسياسات لم تكن تعنيها مخاطر التهريب او الترويج او انتشار الاستهلاك في كل الأماكن مدنية او ريفية او مدرسية وربما جل الشرائح بنسب متفاوتة ومنها شريحة كبار السن…
جدير بالتذكير لإعطاء كل ذي حق حقه، ان والي اريانة الأسبق كان اول من تفطن إلى “خيوط العنكبوت” القذرة التي تحاول مد شبكات التهريب و تدمير الشباب و حتى أطفال تونس… وكانت له الشجاعة والوطنية لكنس جل الاكشاك المدرجة ضمن منهجية واضحة المعالم… فما كان من الانتشار الاجرامي المتمثل في ترويج عدد من أصناف المخدرات إلا أن انكمش في جحوره ..
اليوم هناك شعور جدي بأن الحرب على المخدرات قد انطلقت بفضل قرارات لا تقل صرامة عن مواجهة الإرهاب… لكن هل ان ايقاف بعض المروجين وحشرهم بالسجن سيقضي على الآفة بالبلاد؟؟ ان من يعرف بدقة عقلية المهربين و السلسلة الممتدة من الاباطرة المروجين إلى باعة التفصيل بالأحياء الشعبية والمرفهة وحتى الريفية كما ذكرنا، يدرك حجم الجهد الذي ينتظر الإطارات الأمنية و الجمركية و المصالح الاستخباراتية للانتصار على آفة هي الأشد خطورة بين كل الآفات… لذا، صار لزاما لإنجاح هذه المقاومة الباسلة التي تشنها أجهزتنا:.
اولا، ضرورة مراجعة التشريعات المتعلقة بالتهريب لا سيما في ما يتعلق بتهريب المخدرات والاسلحة والأموال، وهذه المراجعة المطلوبة يجب أن تستبعد منها اية صيغة صلحية.
ثانيا، تحديد عتبة دنيا للخطايا لا يقل عن 30 الف دينار ولو كانت الكمية صغيرة.
ثالثا، مصادرة كل أملاك المروّج او المهرب للمخدرات واملاك اصوله وفروعه وقرينه الا ما ثبت عن طريق قانوني.
رابعا، ترفيع الأحكام السجنية إلى اقصى ما في القانون الجنائي للأفراد، أما بالنسبة لمحلات بيع التفصيل فإنه يستوجب الغلق حال إثبات التهمة، زيادة على الخطايا الباهظة والعقاب البدني،
خامسا، تكثيف المراقبة على الحدود وتفتيش نقط العبور الرسمية وغير الرسمية وجمع أكثر ما يمكن من المعلومات حول شبكات إدخال المخدرات وترويجها ووضع المعنيين تحت المتابعة الأمنية مهما كانت صفتهم أو صفة من يحتمي بهم أو من يدافع عن “حقوقهم” تحت أي عنوان.
سادسا، إجراء رقابة صارمة على الأعمال الفنية التي تمجّد ترويج أو زراعة أو صناعة أو استهلاك المواد المخدرة، أو تطبّع مع هذه الظواهر أو تطنب في عرض مشاهدها أو سيرتها مهما كانت الذريعة التي يتم الاستناد إليها، وإجبار هذه الأعمال على اختصار تلك المشاهد أكثر ما يمكن والاقتصار غالبا على الإيحاء، مع إدانة ذلك بجلاء في الحوار والسيناريو، والحرص على عدم تحويل المروّجين والمدمنين إلى أبطال ونجوم يقتدي بهم الشباب.
سابعا، اي تخاذل من جهة رسمية أو توفير غطاء او تمرير للمخدرات يجب أن يقود إلى حبس الأعوان أو الإطارات المتورطة و قبله الطرد من الخدمة، مع تحديد خطايا موجعة ومتناسبة مع خطورة الجرم
وفي صورة توفر هذه العناصر واكتمالها، يمكن للبلاد أن تتخلص يصفة كبيرة من داء معشش بين ثناياها، وبذرة شيطانية تعاقبت على زرعها أجيال من أفسد الحكام وأبغض المحتلين… وكانت ذروة هؤلاء، المؤامرة العظمى التي فتكت بشعبنا بين سنتي 2011 و2022.
محمد الزمزاري:
التاريخ:
ترسخ وجود المخدرات منذ القرن السابع عشر وربما قبل ذلك بقليل وسجل مزيدا من التطور أيام الدولة الحسينية بأماكن عديدة من تونس والمغرب العربي في ظل تخلف حكم البايات الذي كان اهتمامه الأكبر بالجباية و محق كل قرية او قبيلة ترفض دفع الضريبة السنوية.
وقد جند البايات لذلك فرقا وقيادات دموية متوحشة. من ذلك تم تدمير بلدتين كاملتين بالجنوب التونسي رفض أو عجز أهلها عن دفع الضرائب المسلطة (طرة و جمنة من ولاية قبلي التي كانت تابعة إلى عمالة توزر)… في نفس الفترة ازدهر المجون لدى الطبقات الأرستوقراطية بالبلاد كما انتشرت زراعة “التكروري” في عديد الجهات وسط مزارع الطماطم والفلفل والتبغ… ولم يكن ذلك ممنوعا بل انه بداية من احتلال تونس سنة 1881 شجع المستعمر تداول واستهلاك التكروري في جميع الجهات بالبلاد وربما اهمها مناطق الوطن القبلي وبنزرت والجنوب التونسي، لكن الإدمان على”الزطلة” او الحبوب المخدرة او الماريخوانا او غيرها لم تصل إلى تونس وقتها …
موقف بورقيبة من المخدرات:
خلال سنة 1957 اي في بدايات الاستقلال اقترح بورقيبة وضع او تغيير تشريعات بخصوص استهلاك المخدرات وخاصة “التكروري” وهدد بالسجن لمدة خمس سنوات كاملة كل مروّج او مستهلك للتكروري إيمانا منه باضرار المخدرات على الاجيال التي ستصنع تونس. وقام بورقيبة بمبادرة ناجعة للقضاء او على الاقل للتقليص من زراعة التكروري او ترويجه او استهلاكه، عبر تكوين فرق جهوية ومركزية تجمع اطارات ومتفقدين من وزارة المالية و الداخلية (حرس وطني خاصة) وتقوم هذه الفرق بتفقدات وأبحاث فجئية للبساتين وحقول الزراعات الكبرى لاصطياد المخالفين ورغم ان آفة التكروري عندها لم تنقطع، فإن الخوف من العقاب المتعلق باستهلاك او زراعة التكروري قد عم البلاد رغم التجاء البعض الي زراعة المخدرات المذكورة بالابار والسطوح والجبال.
ماذا عن عهد بن علي؟
عرفت فترة حكم بن على عودة قوية لانتشار المخدرات و شهدت البلاد نقلة نوعية متمثلة في ولادة عصابات منظمة داخليا و خارجيا بالتعاون الوثيق مع المافيا الإيطالية. ولعل مقتل منصف شقيق بن علي كان في إطار ما نسب لصراع العصابات العالمية لدى البعض فيما يعتبره آخرون تصفية داخل هذه المافيات. ازدهرت المخدرات وتفاقم انتشارها و برزت عصابات منظمة للتهريب و الترويج و توسعت بؤر البيع عبر أنحاء البلاد الا انها تبقى محدودة مقارنة مع الوضع الذي وصلت فيه بعد ثورة 2011.
بعد بن علي:
خلال أيام الانتفاضة سنة 2011 سادت حالة الفوضى العارمة التي عمت البلاد و فتحت الحدود البرية والبحرية على مصراعيها أمام المهربين من كل الأصناف من استجلاب المخدرات إلى ترويجها بكل المدن و دخول كميات كبيرة من الأسلحة التركية من بندقيات الصيد التي تباع بصور شبه علنية بمئات الدنانير وبعض انواع المسدسات (بيريتا) رغم الجهود اللاحقة من المصالح الأمنية و الديوانية…. وشهدت أشهر ما بعد الانتفاضة عمليات ممنهجة لترويج السموم في كل مكان من البلاد في ظل ضعف السلطة التنفيذية و السياسية خاصة…
ـ يتبع ـ
استطلاع
صن نار
- ثقافياقبل 4 ساعات
صاحب دور “يوزرسيف” في تونس
- جور نارقبل 19 ساعة
ورقات يتيم … الورقة 86
- ثقافياقبل يوم واحد
الإبداع الأدبي والفكري التونسي في الصالون الدولي للكتاب بالجزائر
- صن نارقبل يوم واحد
الحوثيون يستهدفون قاعدة للاحتلال قرب حيفا
- ثقافياقبل يومين
كسرى: الدورة الثالثة لملتقى “سينما الذاكرة”
- جور نارقبل يومين
آفة المخدرات بتونس: التاريخ… والتوسع… والحلول (2)
- رياضياقبل يومين
معين الشعباني يواصل تصدر البطولة المغربية
- صن نارقبل يومين
اختتام المؤتمر الدولي للطب وعلوم الرياضة