تابعنا على

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 25

نشرت

في

‫جمال عبدالناصر‬‎

عبد الكريم قطاطة:

الساقية مسقط رأسي في تلك الحقبة ومن خلال حانوت الحلاّق شكّلت في حياتي نواة لشلّة من الاصدقاء متنوّعة سنّيا، مهنيّا، تعليميّا … وفكريّا … وهذه ميزة كبرى في تجربتي مع الحياة ..

عبد الكريم قطاطة
<strong>عبد الكريم قطاطة<strong>

فاختلاط الفرد بهذه الشرائح على اختلافها هو الكفيل اولا برؤية انسانية بعيدة عن التمييز والتّنخْوب (محاولة اشتقاق من نخبة) ..وثانيا نتعلّم فيها ومنها اشياء لن نجدها في تعليمنا مهما تعلّمنا .. استحالة ….في تلك الشلّة كان هنالك التلميذ والمرمّاجي والحذّاء والبطّال والمهني ..وكانت لقاءاتنا يوميّة وفي كل المناسبات ..يوم الاحد مثلا كان للعب البولاط ومباراة او اثنتين في كرة القدم . في رمضان ننهي مشوار الافطار مع عائلاتنا في دقائق معدودة ونهرع الى حانوت الحلاق لسهرات حتى قرب موعد السحور… طبعا دون نسيان قلق عيّادة من خروجي المبكّر ودخولي المتاخر … وهل تصير تاكزة من غير فحمة ؟؟ ..

في فصل الصّيف نبحث كل ليلة عن حفلات الاعراس لـ “نهُدّ” على اصحابها ونقتحمها طوعا او كرها … وبعدها كنّا كثيرا ما نواصل السهرة حتى شروق الشمس على ضفاف شاطئ بحر سيدي منصور … في محطة قهوة حمزة حيث تلك البرّاكة الجميلة وسط البحر … نتوسّد “الضريع” أي حشائش البحر ..الارض بساطنا والسماء لحافنا وموسيقى خرير المياه تعزف ابهى التقاسيم ….امّا في عيدي الفطر والاضحى فتلك اطباق اخرى …. كنا نستعد لسهرة العيد استعدادا مادّيا فليلتها تعني ليلة القبض على السينما … قاعات السينما في مثل تلك المناسبات وفي اغلبها تبرمج 4 افلام لزوارها بمعدّل فيلمين في بداية السهرة وفيلمين في نهايتها . ازمنة .// deux grands films//..وكانت كل قاعة مختصّة بنوعية معينة من الافلام فقاعة الماجستيك كان اختصاصها الافلام الهندية… وقاعات الهلال والكوكب وبغداد والكوليزيه كانت تختص بالافلام المصرية فيما تبقى الافلام الغربية بانواعها الكاوبوي والبوليسية من مشمولات قاعات النور.. والراكس ..والاطلس ..

شلّتنا ونظرا إلى المستوايات التعليمية المتفاوتة كانت تنتمي الى القاعات الشرقية فاما افلام الثنائي فريد شوقي ومحمود الملّيجي او الافلام الغنائية وخاصة عبدالحليم وشادية او الافلام التاريخية من نوع صلاح الدين الايوبي ورابعة العدوية _وهذا الفلم ابكاني في ذلك الزمن لاوّل مرة في علاقتي بالافلام …وبالذات في فقرته الاخيرة عندما يحضر فريد شوقي في موت رابعة ويقول لها باعين دامعة (سامحيني يا رابعة) وتبدا رابعة او روحها كما صوّرها المخرج بغناء واحدة من اروع الاغاني الدينية لحدّ يوم الناس هذا (الرضاء والنور ) … ومن الافلام ايضا التي شدّتنا في تلك الحقبة وبدرجة مذهلة فلم عنتر وعبلة ..واصبحنا نردّد في كل فوز في البولاط او كرة القدم (عنتر حيّ)…

الحديث عن سينما ليلة العيد تسبقه اشياء … ليلة العيد بصفاقس تعني ثلاثة عناصر لتأثيثها .. السينما كما ذكرت ..كسكروت السهرة على بساطته واحيانا ببطاطا _مخنونة _.وخاصّة .. العنصر الاهم ..نهج الباي ..نهج الباي المنجي سليم حاليا هو اشهر نهج في المدينة العتيقة بصفاقس اولا لانه يربط بين المدينة العتيقة والمدينة العصرية اي من باب الجبلي الى باب الديوان، وثانيا لانه نهج يتكدّس فيه كل ما يحتاجه المواطن ليلة العيد من شراءات …احذية عطور وخاصّة ملابس … ومن العادات التي كانت تسود سكان اهالي صفاقس انهم يستعدّون فقط ليلة العيد لشراء ملابس والعاب الاطفال ..ليلة العيد دون غيرها ..ذلك يعني ان الازدحام ليلتها على اشدّه . … وتلك هي بغية جميع الشُلل ..كان بامكان اي واحد من ايّة شلّة تفادي الزحام عبر المرور بانهج اخرى . للوصول الى باب البحر (المدينة العصرية) _…لكن الم اقل لكم ان الزحام هدفنا ..عفوكم لم نكن يوما من شلّة اللصوص التي تغتنم ولحدّ الان مثل هذه الفرص … باش ادّوّر صوابعها … معاذ الله ..بل كنّا لصوصا من نوع آخر ..

كنا نطمع في تلك الزحمة بالالتصاق بعيدا عن العفوية باي جسد انثوي تضعه الاقدار امامنا … وكل واحد واش تهزّ مغرفتو في تلك الليلة …وكثيرا ما كنّا نُرجم بنظرات مرعبة من امرأة تنتبه الى افعالنا “الخايبة” وهي تحس بشيء ما يوقظ جسدها .من الخلف ….فكنّا نلتفت الى من وراءنا ونصيح فيهم (يزّيو من الدزّان) ثم نعود الى تلك المرأة المرعبة بنظراتها النارية لنقول لها في شبه حياء وكثير من الخبث (خاطيني راهم يدزّو فيّا) ..ولأن تلك المرأة قادرة على فك شفرة مقصدنا فانها تواصل زمجرتها وتصيح: “لا حتى انت حليّس مليّس ..يلعن بو هالفيّة” … وسعيد منّا من يجد امامه واحدة اما انها (عزوزة ما يهمّها قرص) او هي ايضا من عشّاق الزحام لانّها فرصتها الوحيدة (مرّتان في السنة) كي تعيش الزحام .ولذّات الزحام .. وينتهي مشوار نهج الباي وتنتهي فرصة الالتصاق القسري بين بعض “كلاب السوق” امثالنا وبين نساء مزمجرات مرعدات وبين اخريات راغبات متمتعات ..في اتنظار عيد آخر ..والتصاق آخر …

العلاقة مع الشلة لم تكن لتفصلني عن مكونات الساقية من اناس آخرين وسلوكياتهم خاصّة ..كانت العين الرقيبة فيّ حاضرة وبامتياز ..كنت استغرب جدا من احد بائعي المواد الغذائية بانواعها وهو وسخ الهندام ولحيته لا تعرف الحلاق الا مناسباتيا من صنف زوروني كل سنة مرّة .. مبالغة برشة ؟؟؟ طيب خليوها مرّتين ..وما انجمش نطيّح راني مسبّق راس مالي ..وما تلحّوش عليّا برشة …. لذلك كنّا عندما نذكر اسمه نردد فقط: “هاكة اللي يكيّل في الحليب حافي” … احد روّاد الساقية كان يشتغل بمخبزة اختصاصها رحي القمح والشعير وطهي حلويات رمضان في فرنه ..كان في كلمة “تكارّي” وهذه مشتقّة من تكروري ..كانت سيجارته الارتي لا تفارق مبسمه وكان نحيفا وكان ايضا رمادي الملامح من شدّة علاقته غير الودّية بالنظافة . هو.تماما كرماد فرنه ..مما يحكى عنه انه دخل ذات يوم على حين غفلة الى منزله فوجد احدهم باركا على زوجته … خرج مهرولا لاخيه الاكبر والقدوة والقاضي في العائلة اي في القبيلة وهو يشتكي له ما راى فما كان من اخيه الا ان اجابه: اش ماشي نقلّك النساء يعملو . زعمة حتى هو طايح من السلّوم ؟؟؟. ويضيف ..صبّر روحك وخي يخّي ربّي ما قالش كيدهنّ عظيم … فيجييه هذا رايك ؟؟ طأطأ اخوه راسه وقال استرها واستر روحك اما خير والا تعمل فضيحة في ام صغارك ..وبصوت مهموم اجاب صاحب الكوشة ..رايك والبركة ..اللي تقول انت اكهو ..وما ان خرج هذا المركوب على زوجته حتى نظر اليه اخوه واتبعه بتمتمة: “حتى انت اش من دغفة فقت بيها كان تو” …زعمة ثمة منها حكاية حرام المحارم ؟؟..

نفس صاحب الكوشة هذا شاهدته يوما في رمضان وهو يستقبل حرفاءه بصينيات الدرع والڨاطو والمقروض الاسمر لتاخذ مكانها في الفرن حتى تحلّي البيوت في عيد الفطر ..شاهدته وهو يستقبل فتاة بالكاد في ربيعها السادس عشر ولكنّها جسديّا “هسكة” وهي ترمق عينيه اللتين جحظتا في ما تحت وما فوق الميني جيب الذي ترتديه … وبخبث انثوي صبّحت عليه وقالت: “امّي مسلّمة عليك وقالتلك ارميهولي تو” …ما اخيب نيّنكم … راهي تقصد المقروض… الا ان صاحبنا كانت نيّته تماما كنيّتكم ..لم يشأ ان يرد عليها في صبيحة رمضانية و حشيشة الدخان ضاربتلو الطّاسة متاع مخّو … فادار وجهه مستعيذا من الشيطان (الذي بداخله) لان الشياطين في رمضان توصد الابواب في وجهها وتدخل في عطلتها السنوية … الا ان هسكتنا الجميلة جدا والمثيرة جدا والخبيثة جدا تصرّ على اعادة كليبها الصباحي بعد ان عرفت انه فعل فعلته في “رواشك” صاحب الكوشة …وكاد يسيل لعابه من فمه ومن هنالك .. ورددت الاسطوانة (قالتلك امّي ارميهولي تو) نظر اليها صاحبنا وانفجر بتمتمة: “يا بنتي امش على روحك خير ما الواحد يفطر عليك في سيدي رمضان الفضيل” …وحاولوا فقط معي ان تجدوا تفسيرا للعلاقة بين “نفطر عليك” و “سيدي رمضان الفضيل” …

من شقاواتنا كشلّة في تلك الحقبة وفي الساقية، اننا وبعد كل سهرة كنا نقف امام متجر صغير لنكمل السهرة هنالك ..ونختمها بالتبوّل في فتحة مدخل المفتاح (المجليق) ونذهب اليه في الغد ليشكو لنا همومه من كلاب السوق الذين كثيرا ما يعطرون متجره بعطورهم .. رحمه الله وغفر الله لنا تعطيرنا لحانوته ..واحد اخر كان ثريّا جدا (ما يعرفش طرف مالو وين) ولكنّه وكسائر الاثرياء كان واحدا من بخلاء الجاحظ.. وكنّا في فصل اللوز نستمتع جدا بالذهاب الى جنانه الكبير والبعيد عنه وعنّا 3 كلم لنسرق لوزه الفريك ودليلنا في السرقة ابن اخيه… ثم وفي ساعة متاخرة من الليل نذهب الى فيلّته الفاخرة بالساقية ونتربع على فيراندته لنفترس بشهيّة ما سرقناه ونترك له القشور مشتتة على الفيراندا … وقد يداهمنا احيانا اذان صلاة الفجر فنسرع في مغادرتنا المكان باعتباره من المواظبين على صلاتهم بالمسجد …وما ان يصل المؤذّن الى مقولة (الصلاة خير من النوم) حتى يردّ الواحد منّا (حتى النّوم فصيّل ما عندك ما تقول فيه) … وفي الغد ينتشر خبر سرقة جنان ذلك الثّري وخاصّة حرقته وهو يقول لكبار الساقية (لا ومازاهمش سرقوني جاو للفرندا متاعي وكملوا سهريتهم وخلّلاولي القشور.. الله لا تربّحهم اولاد الحرام …وكان كل ذلك يحفّزنا للروبولات او وكما يقول عبالعال (كماااااااااااااااااان) …

في الساقية ايضا عرفت انماطا اخرى من اناس طيبين للغاية… فعلاوة على سي المبروك حمّاصنا الطّيب رحمه الله هنالك الحاج البقلوطي، حائك السراويل التقليدية والبلوزات الرجالية ..هو.دائم الابتسامة وديع الملامح ولم نستطع يوما تحديد عمره… كان كلما سالناه عن عمره يبتسم ويقول 38 سنة ..ولم ندر لحد الان كم يبلغ من العمر ..كان هنالك صاحب كرّيطة، اي “كرارطي” بالمعنى الحقيقي للكلمة لا المجازي (والتي تعني زير نساء)… كان اسمه “الشنّة” ولقبه بربّة … وهما اسما ولقبا غريبان جدا ..لكن ميزته انه كان دائم الغناء وبصوت عال وطربي، لم اره يوما مهموما …ربما هو من القلائل الذين فهموا انه وعلى حد قول اندريه مالرو (الحياة لا تساوي شيئا ولكن لا شيء يساوي الحياة) …او وعلى حد تعبير شابّينا ابي القاسم (خذ الحياة كما جاءتك مبتسما … في كفّها الغار او في كفّها العدم) …

شخصيّة اخرى اشتهرت في الساقية ببّفائيتها ..هو “دلاّل” خاصّة في قطاع الغنم …تقدّم به العمر واصبح بالكاد ينافس السلحفاة في سرعتها …كان كلّما قام بالدلال على نعجة مثلا بدءا بـ”يا باب الله” وتدريجيا يرتفع الثمن من مشتر الى آخر … يحدث ان تمر بجانبه امرأة بسفساريها وتضع يدها على ظهر النعجة فتجده يابسا لا لحرمانها من كبشها بل لسنّها المتقدّم وربّما للاثنين معا فتشير الى صاحبنا الدلاّل بقولها: “تي هذي حطبة” …ويلتقطها من فمها وتصبح دلالته من نوع (راهي حطبة)… وقد ياتي اخر وينعتها بـ “هذي وافية ماشية تموت” … فيردد: “راهي وافية ماشية تموت” _…لماذا يفعل ذلك دون غضب لا من صاحب النعجة الذي امّنه على بيعها، ولا من شرذمة العابثين امثالنا ونحن نتصيّد الفرصة لابداء تعاليق تعدد عيوب بضاعته حتى يرددها بحذافيرها ..؟؟؟

هذه النماذج من متساكني ساقيتي رسّخت في شخصيّتي وفي فكري وفي اعمالي بعد سنوات متقدمة اشياء هامّة جدا… لعلّ ابرزها ان كل فرد ومهما كان سلوكه مهما كانت طبقته الاجتماعية مهما كان مستواه التعليمي هو مهم جدّا وعلينا ان لا نلغيه في كل ما نعمل …

في اواخر السنة الرابعة آدابا حدثان هامان اثّرا جدا على كُريّم ..نعم جدّا … اوّلهما نكسة جوان 67 …انا خرّيج معهد الحي الذي اغلب اساتذته قوميون ..نصحو يوما على الخبر الفاجعة ..هزيمة العرب وبالتحديد عبد الناصر في حرب جوان مع اسرائيل …كانت صدمة لا توصف… كانت مشاعرنا ممتزجة بألم انتصار اسرئيل على العرب ولكن خاصّة بخسارة عبدالنّاصر الريّس الذي كان بالنسبة لنا الزعيم الاسطوري ..خاصّة والاعلام الحربي المصري انذاك يبشّر برمي اسرئيل في البحر …. عبدالناصر ذلك القومي العروبي الى اخمص قدميه لم يتفطن إلى أن رئيس أركانه كان اثناء الهجوم الاسرائيلي في ملاهيه مع برلنتي مزطولا ..؟؟ ولم يتفطن إلى خيانة روسيا له وهي تجهزه بعتاد حربي فاسد .؟؟؟.. ياااااااااااااه كم هو مؤلم وكم كانت الصدمة قوية …

لم نستطع وقتها تحديد موقفنا ..هل ننتفض غضبا على من احببنا ام نشفق عليه ؟؟؟.. وهل باستطاعتنا ان نغضب و نلعن من نحب مهما فعل ..مهما فعل …مهما فعل ؟؟؟ … او هل نثمّن ما قاله بورقيبة في خطاب اريحا …ام نبقى دوما اعداء لبورقيبة حتى ولو كان على حق ؟؟ وبدأت المظاهرات في تونس ..الدستوريون ينددون بالريّس الطاووسي وغير الواقعي سياسيا مفتخرين بالآراء الحصيفة لبورقيبة ..والقوميون منددين باسرائيل وامريكا … دون المس من زعامة عبدالناصر ..اذكر يومها اني كنت من ضمن التلاميذ الذين خرجوا من معهد الحي (ضمن القوميين)واتجهنا الى الليسيه (معهد الهادي شاكر) لنخرج تلاميذه معنا الذين لا حس سياسي لهم انذاك مقارنة بنا نحن ابطال الحي الزيتوني … ولنتوجّه الى المدينة العصرية نجوب شوارعها ونهتف بسقوط اسرائيل وامريكا … وكان جلّ الرجال الكبار ينظرون الينا في صياحنا وهو يسخرون قائلين متهكمين: اش ثمّة ؟؟ اشبيهم هالفروخ يعيّطوا …؟؟؟ … اي انهم كانوا خارج سياق ما يقع في العالم ..وهذه طبيعة اغلب متساكني تونس عموما في تلك الازمنة …اهتمامهم بالسياسة “نيانتي” …مفقود تماما … واحيانا المفقود افضل من الموجود واعني به ذلك الموجود ، المزعج ..الغبي …الانفلاتي .. والمدمّر …

وعندما يخبرهم البعض عن اسباب تظاهرنا ..يواصلون: “وهذوما اش يفهمو فيها تي خ…….هم مازال في ص….. هم” … (صدقا كتبتها كاملة دون نقصان الاحرف ولكن وكقارئ وجدتها “ناتنة ذوقيّا” فاصلحت وحذفت بعض الاحرف ..المهم وصلت الفكرة) … لذلك انا واحد من الذين يتفهمون جيدا خروج تلاميذ المعاهد للتظاهر …في كل الازمنة … انه تدرّب لتكوين الذات ..لنحتها .. للقادم ..شريطة ان تخلو تلك المظاهرات من اي شكل من اشكال العنف، وذلك بتأطير من قادتها … وربّما ما خفّف علينا صدمة نكسة العرب خروج ملايين المصريّين للشارع عندما اعترف عبد الناصر بمسؤوليته الكاملة وبتخلّيه عن الحكم ..يومها خرجت مصر لتقول له انت الريّس وستبقى الريّس … وعاد الريّس ليهيّئ كما ينبغي لحرب العبور …والتي اخذ وسامها السادات …وبقطع النظر عن كل التحوّلات الجذرية التي حدثت لي في ما بعد ايديولوجيّا فاني اعتبر كلاّ من عبد الناصر وبورقيبة وبكل سلبياتهما واخطائهما من افضل الزعماء العرب ماضيا وحاضرا …

الحدث الثاني في اواخر سنتي الرابعة آدابا كان ….هو في الحقيقة لم يكن كان فقط بل هو كمّ هائل من الافعال الناقصة كان صار.. ليس … بات … وكما تعلمون من ميزات هذه الافعال انها ترفع المبتدأ وتنصب الخبر ..فما بالكم اذا كانت تجرّ المبتدا ويصبح الخبر في خبر اصبح … يتبع ؟؟ يتبع ونصف وثلاثة ارباع وخرّوبة …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

العراق: هل يستبق الأخطار المحدقة، أم سيكتفي بتحديد الإخلالات؟

نشرت

في

محمد الزمزاري:

ستنطلق الحكومة العراقية في تعداد السكان خلال هذه الأيام والذي سيأخذ مدى زمنيا طويلا وربما. تعطيلات ميدانية على مستوى الخارطة. العراقية.

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

ويعد هذا التعداد السكاني مهمّا ومتأخرا كثيرا عن الموعد الدوري لمثل هذه الإحصائيات بالنسبة لكل بلد… فالعراق لم يقم بتحيين عدد سكانه منذ ما يزيد عن ربع قرن، إذ عرف آخر تعداد له سنة 1997… ونظرا إلى عوامل عدة، فإن قرار القيام بهذا التعداد سيتجنب اي تلميح للانتماءات العرقية أو المذهبية عدا السؤال عن الديانة ان كانت إسلامية او مسيحية… وقد أكد رئيس الحكومة العراقية أن التعداد السكاني يهدف إلى تحديد أوضاع مواطني العراق قصد رصد الاخلالات و تحسين الخدمات وايضا لدعم العدالة الاجتماعية.

لعل اول مشكلة حادة تقف في وجه هذا التعداد العام، هو رفض الجانب الكردي الذي يضمر أهدافا و يسعى إلى التعتيم على أوضاع السكان في كردستان و في المنطقة المتنازع عليها بين العرب والأكراد و التركمان… خاصة أيضا ان اكثر من ثمانية أحياء عربية في أربيل المتنازع عليها، قد تم اخلاؤها من ساكنيها العرب وإحلال الأكراد مكانهم…

هذا من ناحية… لكن الأخطر من هذا والذي تعرفه الحكومة العراقية دون شك أن الإقليم الكردي منذ نشاته و”استقلاله” الذاتي يرتبط بتعاون وثيق مع الكيان الصهيوني الذي سعى دوما إلى تركيز موطئ قدم راسخ في الإقليم في إطار خططه الاستراتيجية.. وان مسؤولي الإقليم الكردي يسمحون للصهاينة باقتناء عديد الأراضي و المزارع على شاكلة المستعمرات بفلسطين المحتلة… وان قواعد الموساد المركزة بالاقليم منذ عشرات السنين ليست لاستنشاق نسيم نهر الفرات ! ..

أمام الحكومة العراقية إذن عدد من العراقيل والاولويات الوطنية والاستشرافية لحماية العراق. و قد تسلط عملية التعداد السكاني مثلما إشار إليه رئيس الحكومة العراقية الضوء على النقائص التي تتطلب الإصلاح و التعديل والحد من توسعها قبل أن يندم العراق ويلعنوا زمن الارتخاء وترك الحبل على الغارب ليرتع الصهاينة في جزء هام من بلاد الرافدين.

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 89

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …

عبد الكريم قطاطة

وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…

وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..

قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …

لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …

وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …

سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…

عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..

وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …

ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم ..الورقة 88

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …

عبد الكريم قطاطة

وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..

في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…

اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…

اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…

لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…

في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…

عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…

اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

صن نار